يظل الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، الذي نمر اليوم بذكرى وفاته ال 44 ، رمزاً نابضاً في قلوب المصريين والعرب، ومازالت افكاره وتوجهاته وسياساته الأكبر تأثيرا في العالم العربي.
وكان أكثر ما تميز به ناصر شعوره بالفقراء الذي أرجعه الكثيرون لأنه ولد من رحم الفقر، فكان دائماً ما يسعى منذ بداية فترة حكمه إلى تحقيق العدالة الاجتماعية، وإزالة أي فوارق طبقية بين الشعب، فضلاً عن اصدار قرار بإلغاء الاقطاع وقانون الاصلاح الزراعي، الذي أتاح للفلاحين امتلاك من 3 إلى 5 أفدنة.
وعلى الصعيد العربي كان ناصر رائداً لتحقيق فكر القومية العربية، وعدم تبعية الدول وبناء نهضتها بفضل قياداتها وأبناءها.
وتمر السنين ويظل "ناصر" الرئيس الذي تصدى بكل بسالة وشجاعة لقوى الصهيونية والاستعمار، والرئيس الذي اصطفت الجماهير العربية من حوله تدعمه وتسانده .
وفي الذكرى ال 44 لوفاة الراحل جمال عبد الناصر، تستعرض "الفجر" أهم وأبرز مراحل حياة الزعيم بدءً من ميلاده حتى وفاته .
"ناصر" الابن والزوج
كان الابن الأكبر ل "جمال حسين عبد الناصر سلطان على عبد النبي"، ولد في 15 يناير عام 1918بحي باكوس بالإسكندرية، وهو من أصول صعيدية، حيث ولد والده في قرية بني مر في محافظة أسيوط، ونشأ في الإسكندرية، وعمل وكيلا لمكتب بريد باكوس هناك.
وتزوج من والدة عبد الناصر السيدة "فهيمة" فى عام 1917 التي ولدت في ملوي بالمنيا، وكان ناصر أكبر الأبناء ، وأنجبا ولدين من بعده، وهما عز العرب والليثي وشوقى .
وكانت الأسرة تسافر في كثير من الأحيان بسبب عمل والد جمال، ففي سنة1921، انتقلوا إلى أسيوط، ثم إلى الخطاطبة فى عام 1923.
التحق عبد الناصر بروضة الأطفال بمحرم بك بالإسكندرية، ثم التحق بالمدرسة الإبتدائية بالخطاطبة في الفترة ما بين سنتي 1923 و1924، وفي سنة 1925 دخل جمال مدرسة النحاسين الابتدائية بالجمالية بالقاهرة، وأقام عند عمه خليل حسين أفندى لمدة ثلاث سنوات، وكان جمال يسافر لزيارة أسرته بالإسكندرية فقط أثناء العطلات الدراسية.
كان عبد الناصر يتبادل الرسائل مع والدته، ولكن الرسائل توقفت في أبريل 1926، وعندما عاد إلى الخطاطبة علم أن والدته قد ماتت قبل أسابيع بعد ولادتها لأخيه الثالث شوقي، ولم يملك أحد الشجاعة لإخباره بذلك.
وتعمق حزن داخل عبد الناصر عندما تزوج والده قبل نهاية هذا العام، وبعد أن أتم جمال السنة الثالثة في مدرسة النحاسين بالقاهرة، أرسله والده في صيف 1928 عند جده لوالدته فقضى السنة الرابعة الابتدائية في مدرسة العطارين بالإسكندرية، والتحق بعدها بالقسم الداخلي في مدرسة حلوان الثانوية وقضى بها عاماً واحداً، ثم نقل في العام التالي (1930) إلى مدرسة رأس التين بالإسكندرية بعد أن انتقل والده للعمل في الخدمة البريدية هناك.
وقد بدأ نشاطه السياسي فى هذا الوقت، حيث رأى مظاهرة في ميدان المنشية بالإسكندرية، وانضم إليها دون أن يعلم مطالبها، وقد علم بعد ذلك أن هذا الاحتجاج كان من تنظيم جمعية "مصر الفتاة"، وكان هذا الاحتجاج يندد بالاستعمار الإنجليزي في مصر، وذلك في أعقاب قرار من رئيس الوزراء حينئذ إسماعيل صدقي بإلغاء دستور 1923، وألقي القبض على عبد الناصر واحتجز لمدة ليلة واحدة، قبل أن يخرجه والده.
وعندما نقل والده إلى القاهرة في عام 1933، انضم ناصر إليه هناك، والتحق بمدرسة النهضة الثانوية بحي الظاهر بالقاهرة.
وكان لدى ناصر عدد من المواهب الفنية حيث قام بالتمثيل في عدة مسرحيات مدرسية، وكتب مقالات بمجلة المدرسة، منها مقالة عن الفيلسوف الفرنسي فولتير بعنوان "فولتير، رجل الحرية".
وتزوج "ناصر" من السيدة تحية في 29 يونيو عام 1944، والتي أنجبت له كلا من: "منى، هدى، خالد، عبد الحكيم، وعبد الحميد".
بداية حياة "ناصر" العسكرية والتحاقه بالكلية الحربية
في سنة 1937، تقدم عبد الناصر إلى الكلية الحربية لتدريب ضباط الجيش، ولكن الشرطة كان قد سجلت مشاركته في احتجاجات مناهضة للحكومة، فمنع من دخول الكلية، فالتحق بكلية الحقوق في جامعة الملك فؤاد (جامعة القاهرة حاليا)، لكنه استقال بعد فصل دراسي واحد وأعاد تقديم طلب الإنضمام إلى الكلية العسكرية، واستطاع عبد الناصر مقابلة وزير الحربية إبراهيم خيرى باشا، وطلب مساعدته، فوافق على إنضمامه للكلية العسكرية في مارس من نفس العام.
ركز ناصر على حياته العسكرية منذ ذلك الحين، وأصبح يتصل بعائلته قليلاً، وفي الكلية، التقى عبد الحكيم عامر وأنور السادات، وتخرج من الكلية العسكرية في شهر يوليو 1937، وبعدها تم ترقيته إلى رتبة ملازم ثاني في سلاح المشاة، ثم حصل على وظيفة مدرب في الأكاديمية العسكرية الملكية بالقاهرة فى شهر مايو 1943، وتم قبوله في كلية الأركان العامة في وقت لاحق من ذلك العام .
تشكيل مجموعة "الضباط الأحرار" واختيار "نجيب" قائداً للثورة
كان ناصر بدأ بتشكيل مجموعة من ضباط الجيش الشباب الذين يملكون مشاعر القومية القوية، والذين كان على اتصال مع أعضائه خلال عبد الحكيم عامر، وبعد أن عاد من حرب فلسطين عام 1948 استجوبه رئيس الوزراء إبراهيم حجازي عن ذلك التشكيل.
بعد سنة 1949، قام عبد الناصر بتنظيم "اللجنة التأسيسية للضباط الأحرار"، وتألفت من أربعة عشر ضابطاً من مختلف الخلفيات السياسية والاجتماعية، بما في ذلك ممثلين عن الشباب المصريين، والإخوان المسلمين، والحزب الشيوعي المصري، والطبقة الأرستقراطية، وانتخب ناصر رئيسا للجنة بالإجماع.
وفي مايو 1952، علم ناصر بأن الملك فاروق قد عرف أسماء الضباط الأحرار وسيقوم بإلقاء القبض عليهم، فقام على الفور بتوكيل مهمة التخطيط للاستيلاء على الحكومة إلى زكريا محي الدين، بمساعدة وحدات الجيش الموالية للجمعية.
واختار عبد الناصر محمد نجيب ليكون قائدا للثورة (اسمياً)، وانطلقت الثورة يوم 22 يوليو وأعلن نجاحها في اليوم التالي، فاستولى الضباط الأحرار على جميع المباني الحكومية، والمحطات الإذاعية، ومراكز الشرطة، وكذلك مقر قيادة الجيش في القاهرة.
يوم 18 يونيو سنة 1953، تم إلغاء النظام الملكي وأعلن قيام الجمهورية في مصر، وكان نجيب أول رئيس لها، وتم تشكيل مجلس الوزراء بأكمله من المدنيين، وحكم الضباط الأحرار باسم "مجلس قيادة الثورة" عن طريق محمد نجيب رئيساً وجمال عبد الناصر نائباً للرئيس.
بداية الاستقلال والاصلاح .. والصدام مع "نجيب"
قام عبد الناصر بالعديد من الإصلاحات كقانون الإصلاح الزراعي، الذي أعطى مجلس قيادة الثورة هويته وحول الانقلاب إلى ثورة، بالإضافة إلى إلغاء النظام الملكي، وإعادة تنظيم الأحزاب السياسية.
عندما بدأت علامات الاستقلال عن مجلس قيادة الثورة تظهر على نجيب، حيث نأى بنفسه عن قانون الإصلاح الزراعي وتقرب إلى الأحزاب المعارضة لمجلس قيادة الثورة مثل: جماعة الإخوان المسلمين وحزب الوفد، فكر ناصر في تنحيته، وفي يونيو ، سيطر ناصر على منصب وزير الداخلية عن طريق عزل الوزير الموالي لمحمد نجيب.
وفي 25 فبراير 1954، أعلن نجيب استقالته من مجلس قيادة الثورة بعد أن عقد مجلس قيادة الثورة لقاء رسمياً دون حضوره قبل يومين، وقبلها ناصر وقام بوضع نجيب تحت الإقامة الجبرية في منزله، وعين مجلس قيادة الثورة ناصر قائداً لمجلس قيادة الثورة ورئيساً لمجلس الوزراء، على أن يبقى منصب رئيس الجمهورية شاغراً.
"الإخوان" ومحاولة اغتيال "ناصر"
في 26 أكتوبر 1954، حاول محمود عبد اللطيف أحد أعضاء جماعة الإخوان المسلمين اغتيال عبد الناصر، عندما كان يلقى خطاباً في الإسكندرية للاحتفال بالانسحاب العسكري البريطاني، وأطلق ثماني طلقات، ولكن جميع الطلقات لم تصب ناصر، وحينها صاح ناصر بكلمته الشهيرة :" حياتي فداء لكم، دمي فداء لكم، سأعيش من أجلكم، وأموت من أجل حريتكم وشرفكم، إذا كان يجب أن يموت جمال عبد الناصر، يجب أن يكون كل واحد منكم جمال عبد الناصر، جمال عبد الناصر منكم ومستعد للتضحية بحياته من أجل البلاد".
تعالت صيحات التشجيع ل"عبد الناصر" في مصر والوطن العربي، وأتت محاولة الاغتيال بنتائج عكسية، وبعد عودته إلى القاهرة، أمر عبد الناصر بواحدة من أكبر الحملات السياسية في التاريخ الحديث لمصر،فتم اعتقال الآلاف من المعارضين، ومعظمهم من أعضاء جماعة الإخوان المسلمين والشيوعيين، وتمت إقالة 140 ضابطا موالياً لنجيب.
عزل "نجيب" وترشح "ناصر" للرئاسة
تم عزل محمد نجيب من رئاسة الجمهورية ووضعه تحت الإقامة الجبرية، ولكن لم تتم محاكمته، وأصبح عبد الناصر الزعيم بلا منازع في مصر، وفي يناير 1955 عين رئيساً لمجلس قيادة الثورة.
مع تعزيز موقعه الداخلي إلى حد كبير، أصبح ناصر قادرا على ضمان أسبقيته على زملائه في مجلس قيادة الثورة، واكتساب سلطة صنع القرار من دون منازع نسبيا، وخاصة في السياسة الخارجية.
وفي عام 1956، ترشح عبد الناصر لمنصب رئاسة الجمهورية، وطرح الدستور الجديد للاستفتاء العام يوم 23 يونيو، وحاز كلاهما على الموافقة بأغلبية ساحقة، وأنشئ مجلس الأمة الذي يتضمن 350 عضوا، وأجريت الانتخابات في يوليو سنة 1957، وتزامنا مع الدستور الجديد ورئاسة عبد الناصر، حل مجلس قيادة الثورة نفسه كجزء من الانتقال إلى الحكم المدني.
الإعلان عن قرار تأميم قناة السويس والصدام مع فرنسا وبريطانيا
وبعد صدامات مع المملكة المتحدةوفرنسا وبريطانيا، وقرارهم سحب عرضهم لتمويل بناء السد العالي بأسوان، اتخذ ناصر القرار النهائي لتأميم قناة السويس في 23 يوليو، بعد دراسة المسألة والتباحث مع بعض مستشاريه من مجلس قيادة الثورة المنحل.
وفي 26 يوليو 1956، قدم ناصر خطابا في الإسكندرية أعلن فيه تأميم شركة قناة السويس كوسيلة لتمويل مشروع سد أسوان في ضوء انسحاب القوات البريطانية الأمريكية.
ووسط حديثه، ندد ناصر بالإمبريالية البريطانية في مصر والسيطرة البريطانية على أرباح شركة القناة، وتمسك بحق الشعب المصري في السيادة على الممر المائي، خاصة وأن 120,000 مصري قد مات في سبيل إنشائه.
وكان في استقبال إعلان تأميم القناة تأييد واسع من قبل الجمهور في مصر، وفي جميع أنحاء الوطن العربي، نزل الآلاف إلى الشوارع مرددين هتافات داعمة لهذا القرار، وفي اليوم نفسه، أغلقت مصر القناة أمام الملاحة الإسرائيلية، وهو القرار الذي أزاد من شعبية ناصر.
الغزو الثلاثي بعد قرار تأميم القناة
في رد فعل على قرار التأميم، عقدت المملكة المتحدة، وفرنسا، وإسرائيل بعد وقت قصير، اتفاقا سريا للاستيلاء على قناة السويس، واحتلال أجزاء من مصر وإسقاط عبد الناصر.
وفي 29 أكتوبر 1956، عبرت القوات الإسرائيلية شبه جزيرة سيناء، وسرعان ما تقدمت إلى أهدافها، بعد ذلك بيومين، قصفت الطائرات البريطانية والفرنسية المطارات المصرية في منطقة القناة، وأمر ناصر القيادات العسكرية بسحب الجيش المصري من سيناء لتعزيز دفاعات القناة.
على الرغم من الأمر بانسحاب القوات المصرية من سيناء، فقد قتل نحو 2000 جندي مصري خلال الاشتباكات مع القوات الإسرائيلية، وتم القبض على 5000 جندي مصري تقريبا من قبل الجيش الإسرائيلي، اقترح وقتها عبد الحكيم عامر وصلاح سالم طلب وقف إطلاق النار، وطلب سالم أيضا من ناصر تسليم نفسه للقوات البريطانية، فوبخهما ناصر، وقال أن الجيش لن يستسلم.
تولى ناصر القيادة العسكرية، وأذن بتوزيع حوالي 400000 بندقية على المتطوعين المدنيين ومئات من الميليشيات التي تشكلت في جميع أنحاء مصر، أرسلت كتيبة المشاة الثالثة والمئات من عناصر الحرس الوطني إلى بورسعيد لتعزيز الدفاعات المصرية هناك، وسافر ناصر والبغدادي إلى منطقة القناة لرفع الروح المعنوية للمتطوعين المسلحين.
وحينما هبطت القوات البريطانية والفرنسية في بورسعيد في 5-6 نوفمبر، تحول القتال للشارع ،وتمكنت القوات البريطانية والفرنسية من الاستيلاء على معظم أجزاء المدينة في 7 نوفمبر، وقتل من 750 إلى 1000 مصري في معركة بورسعيد.
وبحلول نهاية شهر ديسمبر، بعد ادانة الغزو الثلاثي، انسحبت القوات البريطانية والفرنسية تماما من الأراضي المصرية، في حين أنهت إسرائيل انسحابها في مارس 1957 وأطلقت سراح جميع أسرى الحرب المصريين.
في يوم 8 أبريل، أعيد فتح القناة، وتم تعزيز الموقف السياسي لعبد الناصر بشكل كبير بسبب فشل الغزو ومحاولة الإطاحة به.
"ناصر" والوحدة العربية .. والانفصال بعدها عن سوريا
لم يكتف الزعيم جمال عبد الناصر بالإصلاح الداخلي في مصر، ولكنه تبنى مشروع الوحدة الوطنية والقومية العربية، كما ساند الحركات الثورية في الوطن العربي منها الثورة الجزائرية واليمنية والعراقية، فضلاً عن إعلانه الوحدة مع سوريا في فبراير عام 1958، ورأس الوحدة حينها، وبعد ممارسة ناصر سياسة ارتجالية ومتفردة بإدارة شؤون سوريا، ظهر معارضون للوحدة، وفي يوم 28 سبتمبر 1961، شنت وحدات انفصالية من الجيش معلنة انفصال سوريا عن الجمهورية العربية المتحدة، وقبل ناصر الانفصال في 5 أكتوبر.
نكسة 76 والإطاحة ب"عامر" وانتحاره
في أوائل سنة 1967، تلقى ناصر تحذيرا من التواطؤ الإسرائيلي الأمريكي لجر مصر إلى الحرب، وقال ناصر أنه إذا هاجمت إسرائيل، ستكون لمصر ميزة كثرة القوى العاملة والأسلحة، مما يمكنها من درء القوات الإسرائيلية لمدة أسبوعين على الأقل، مما يسمح ببدء الجهود الدبلوماسية لوقف إطلاق النار، وكانت هناك ضغوط متزايدة للتحرك العسكري من قبل كل الجماهير العربية والحكومات العربية المختلفة.
وفي صباح يوم 5 يونيو، ضرب سلاح الجو الإسرائيلي القواعد الجوية المصرية، ودمر جزءاً كبيراً من القوات الجوية المصرية، قبل انتهاء اليوم الأول من الحرب، كانت وحدات مدرعة إسرائيلية قد اخترقت خطوط الدفاع المصرية واستولت على مدينة العريش، وفي اليوم التالي، أمر عامر بانسحاب فوري للقوات المصرية من سيناء، مما تسبب في سقوط غالبية الضحايا المصريين خلال الحرب.
وفي يوم 9 يونيو، أعلن ناصر على شاشات التلفزيون للمواطنين في مصر الهزيمة، مُعلناً استقالته، وتنازله عن السلطات الرئاسية إلى نائبه آنذاك زكريا محيي الدين، الذي رفض هذا المنصب.
وتدفق وقتها مئات الآلاف من المتعاطفين مع ناصر إلى الشوارع في مظاهرات حاشدة في جميع أنحاء مصر وجميع أنحاء الوطن العربي رفضا لاستقالته، هاتفين: "نحن جنودك، يا جمال!"، الأمر الذي أدى إلى تراجع ناصر عن قراره في اليوم التالي.
وفي يوم 11 يوليو، عين ناصر محمد فوزي كقائد عام للقوات المسلحة بديلا عن عامر، ووضع عامر وحلفائه خطة للإطاحة بناصر 27 أغسطس، ولكن عامر انتحر في 14 سبتمبر، وعلى الرغم من توتر علاقته مع عامر، تحدث ناصر عن فقدانه "الشخص الأقرب إليه".
محاولات الاستعادة وحرب الاستنزاف
بدأ عبد الناصر حرب الاستنزاف لاستعادة الاراضي التي احتلتها إسرائيل، في يناير 1968، وأمر بشن هجمات ضد مواقع إسرائيلية شرق قناة السويس ثم حاصر القناة،
ردت إسرائيل على القصف المصري بغارات الكوماندوز، عن طريق القصف المدفعي والغارات الجوية، وأدى ذلك إلى نزوح المدنيين من المدن المصرية على طول الضفة الغربية لقناة السويس.
أوقف ناصر جميع الأنشطة العسكرية وبدأ برنامجا لبناء شبكة من الدفاعات الداخلية، في حين تلقى الدعم المالي من مختلف الدول العربية، واستأنفت الحرب في مارس 1969.
وفي يناير 1970 عرضت مبادرة لوقف اطلاق النار، من قبل روجرز برعاية الولاياتالمتحدة، وافترض ناصر أن أي محادثات سلام مباشرة مع إسرائيل هي بمثابة الاستسلام، وبعد قبول عبد الناصر المبادرة، وافقت إسرائيل على وقف إطلاق النار، وهدأ ناصر في القتال لنقل صواريخ أرض-جو نحو منطقة القناة.
نوبة قلبية تتسبب في وفاة "ناصر"
وفي يوم 28 سبتمبر 1970، عانى ناصر من نوبة قلبية، ونقل على الفور إلى منزله، حيث فحصه الأطباء، وتوفي بعد عدة ساعات، في حوالي الساعة السادسة مساء.
ووفقاً للتقارير الطبية كان السبب الأرجح لوفاة عبد الناصر هو تصلب الشرايين، والدوالي، والمضاعفات من مرض السكري منذ فترة طويلة.
وعمت حالة من الصدمة في مصر والوطن العربي، بعد الاعلان عن وفاته التي كانت في الأول من أكتوبر، والتي حضرها ما يقرب من خمسة إلى سبعة ملايين مشيع، بالإضافة إلى حضور جميع رؤساء الدول العربية، باستثناء العاهل السعودي الملك فيصل.
وفي الجنازة بكى الملك حسين، ورئيس منظمة التحرير الفلسطينية ياسر عرفات علنا، وأغمي على معمر القذافي من الاضطراب العاطفي مرتين..
وحضر عدد قليل من الشخصيات غير العربية الكبرى، منها رئيس الوزراء السوفيتي أليكسي كوسيغين ورئيس الوزراء الفرنسي جاك شابان دلماس.