صرح الدكتور صلاح جودة، الخبير الاقتصادى، أن السياسة الخارجية الفرنسية فى تحالفها مع الولاياتالمتحدة فى حربها "الكاذبة" ضد الإرهاب مختلفة جذريا عن سياساتها منذ عشرة أعوام حين اتخذت الاتجاه المعاكس للموقف الأمريكى فى احتلال العراق . وأضاف جودة، فى تصريحات خاصة ل"الفجر"، أن الانحياز الفرنسى إلى الولاياتالمتحدة فى توجيه ضربات عسكرية على تمركزات التنظيم الإرهابى "داعش" فى سورياوالعراق راجع إلى ثلاثة أسباب، أولا ما تمثله سوريالفرنسا كمنطقة نفوذ قديمة، كما أن فرنسا لها تطلعات فى المشاركة عبر شركاتها للمقاولات فى إعمار سوريا عقب التدمير المأمول فى البنية التحتية للدولة حال شن ضربات عسكرية، وفرنسا لها تطلعات فى النفط العراقى فى إطار الخطة المأمولة فى تدمير البنية التحتية للعراق من خلال توجيه ضربات عسكرية مماثلة والتى تستدعى خطط اقتصادية مماثلة لإعمار العراق.
وتابع جودة، أن السبب الآخر هو أن الحرب الأنجلو أمريكية ضد العراق منذ ما يزيد على العشرة أعوام تمت فى إطار سياق زمنى مختلف، حيث كانت الولاياتالمتحدة تعيش حالة من الهيمنة وذلك بسبب انهيار الاتحاد السوفيتى القطب الآخر، أما الآن فالواقع الدولى أصبح مختلفا حيث استطاعت روسيا احتواء أزماتها وارتبطت بعدة محاور اقتصادية وسياسية على رأسها مجموعة بريكس قفزت من خلالها إلى معدلات تنمية مكنتها من العودة بقوة إلى الساحة الدولية.
وأضاف أنه تزامن ذلك مع تنامى تكتلات اقتصادية وسياسية منافسة للاقتصاد وللسياسة الأمريكية وعلى رأسها مجموعة بريكس التى من المتوقع أن تتصدر الكيانات الاقتصادية العالمية فى غضون عشرة أعوام من الآن ليحتل الإيوان الصينى المركز الأول عالميا يليه العملة الهندية ليتراجع الدولار الأمريكى إلى المركز الثالث، مؤكدا أن جنوح العالم إلى النمط التعددى خصم كثيرا من النفوذ الأمريكى وبالتالى فرنسا لها تطلعات فى استثمار الضعف الأمريكى للحصول على مكتسبات لم تكن لتحصل عليها منذ عشرة أعوام وقت أن كانت امريكا مهيمنة.
وأوضح جودة أن السبب الثالث لتناغم الموقفين الفرنسى والأمريكى هو التراجع الاقتصادى الذي تعانى منه فرنسا على وجه الخصوص ومنطقة اليورو عموما.
وأكد جودة أن روسيا تملك الكثير من أدوات الضغط على الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي، موضحا أن الصفقة التى تمت مؤخرا بين روسيا وألمانيا والذى تم بمقتضاها الاتفاق على توريد الطاقة الروسية إلى المانيا بالروبل الروسى دلالة على تراجع النفوذ الأمريكى على أوروبا.