عبد المجيد : لا يوجد بالقانون ما يمنع قيام الأحزاب على أساس ديني الفضالي : مصير"النور" والأحزاب الدينية أصبح في يد لجنة شئون الأحزاب سامي : الدستور واضح.. ولا تقنين لأوضاع الأحزاب التي أقيمت على أساس دينى المُغازي : حل "النور" سيكون خطأ سياسي فادح
تُعد الأحزاب الدينية التي أقيمت بعد ثورة 25 يناير ويأتى على رأسها حزبي الحرية والعدالة الذراع السياسي لجماعة الأخوان المسلمين، وحزب النور السلفي، هي المستفيد الأول من هذه الثورة التى سمحت بتعدد الأحزاب وإنشاء الأحزاب ذات المرجعية الدينية،وتسجيلها بطريقة رسمية بدلاً من أن تعمل في الخفاء كما كان في السابق.
وتشكلت في هذه الآونة أيضاً أحزاب البناء والتنمية والأصالة والوسط ومصر القوية والجماعة الإسلامية والفضيلة، وغيرهم من الأحزاب المحسوبة على تيار الإسلام السياسي، ونظراً لأن الشعب المصري لديه نزعة دينية شديدة قامت تلك الأحزاب باستغلالها حيث فأكتسبت شعبية كبيرة في الشارع قامت من خلالها بتوظيف تلك المكاسب لخدمة مصالحها السياسية.
حل الحرية والعدالة
وقد شكل حكم حل حزب الحرية والعدالة تحديا جديداً أمام بقاء واستمرار الأحزاب الدينية في مصر، خصوصاً مجموعة الأحزاب التي يتشكل منها تحالف دعم المعزول محمد مرسي، وذلك لأن الحيثيات التي بني عليها حكم حل الحرية والعدالة تنطبق على الرؤية التي تبنتها الأحزاب التي شكلت ذلك التحالف منذ ثورة 30 يونيو وحتى الذكرى الأولى لفض اعتصامي رابعة والنهضة.
وقد دفع الكثيرون بوجوب حل الأحزاب الموصوفة ب"الدينية "، تطبيقا لنص المادة 74 من الدستور، التي تنص على " أنه لا يجوز مباشرة أي نشاط سياسي، أو قيام أحزاب سياسية على أساس ديني، أو بناء على التفرقة بسبب الجنس أو الأصل أو على أساس طائفي أو جغرافي ".
لكن مستقبل الأحزاب الدينية الفاعلة في الشارع المصري قد لا يرتبط فقط بتطبيق هذه المادة، وذلك لأن برامج هذه الأحزاب لا ينطوي بالضرورة على خلط الدين بالسياسة، ولا يوجد ما يثبت أن أي منها تم تأسيسه على أساس ديني، مثل أحزاب "النور، مصر القوية، الوطن، الوسط" خاصة وأن بعضهم لم يرتكب عنف، وبعضها الآخر قرر النزول من سفينة تحالف دعم المعزول وقرر خوض الانتخابات البرلمانية المقبلة.
الحكم يحرج شئون الأحزاب وقد استند مضمون حيثيات حكم حل الحرية والعدالة، إلى أن "الحزب خرج عن المبادئ والأهداف التي يجب أن يلتزم بها كتنظيم وطني شعبي ديمقراطي، وأن المنتمين له خرجوا عن وحدة الوطن والعمل على انقسامه وعدم استقراره، فنشروا الفوضى، وأشاعوا العنف بديلاً عنه، وقد تقتصر دائرة تطبيق حيثيات هذا الحكم على أحزاب" الإصلاح، والفضيلة السلفي، والراية السلفي، والحزب الإسلامي الذراع السياسي لتنظيم الجهاد، والاستقلال، والتوحيد العربي، والعمل الجديد، والبناء والتنمية "، وهي الأحزاب التي تشكل تحالف دعم مرسي، والتي تتبنى حتى الآن نفس الرؤية التي شكلت حيثيات حل حزب الحرية والعدالة. وقد أصبحت لجنة شئون الأحزاب في حرج بعد ارتكاب أنصار أحزاب تحالف دعم الشرعية لعمليات خارجة عن القانون مثل حرق بعض المقار الحكومية و حرق بعض أتوبيسات النقل العام وترويع المواطنين في ذكرى فض رابعة والنهضة، وذلك باعتبارها الجهة الوحيدة ذات الصفة التي تحرك الدعاوي الخاصة بخروج الأحزاب عن السلمية لمحكمة القضاء الإداري، بالتالي قد تتقدم لجنة شئون الأحزاب بدعوة قضائية تتضمن حيثيات حل حزب الحرية والعدالة إلى المحكمة الإداريةلإصدارحكم مماثل بحل تلك الأحزاب، باعتبارها فقدت شروط استمرارها إعمالا لحكم حل الحرية والعدالة.
أحزاب دعم الشرعية أوضح مجموعة من الخبراء والسياسيين ل"الفجر" حينما طرحنا عليهم تساؤلاً عن موقف تلك الأحزاب خلال المرحلة المقبلة خاصة بعد صدور حكم حل حزب الحرية والعدالة، أن الأحزاب الدينية لم يصبح لها أي وجود خاصة وأن الدستور يمنع قيام مثل هذه الأحزاب.
ومن جانبه أوضح الدكتور وحيد عبد المجيد، أستاذ العلوم السياسية ونائب رئيس مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أنه لا يوجد أساس للحديث عن الأحزاب على أساس ديني، وذلك لعدم وجود قانون ينص على عدم جواز قيام اي حزب على أساس التفرقة في الدين أو الجنس أو العقيدة، وأن تعبيرعدم جواز قيام الحزب على أساس ديني موجود في الدستور الجديد فقط، لكنه لم ينتقل إلى القانون بعد، لافتاً إلى أن هذا الأمر عبارة عن نص دستوري مُعطل مثله مثل معظم نصوص الدستور، بمعنى أنه نص دستوري لا يجوز تطبيقه مباشرة ولا يتم تفعيله الا من خلال القانون.
وأضاف عبد المجيد في تصريح خاص، أن النص الدستوري لا قيمة له ما لم ينعكس على النظام القانوني، مطالباً بإصدار قوانين جديدة في هذا الشأن أو تعديل القوانين القائمة في ضوء النصوص الدستورية الحالية.
وشدد على ضرورة أن يتم حل جميع الأحزاب التي تستخدم الدين في السياسة، موضحاً أنه لا يُشترط أن ينطبق ذلك على الأحزاب الدينية فقط، ومشيراً إلى أن الحزب الوطني في نظام الرئيس المخلوع حسني مبارك كان أعضاؤه يستخدمون الدين والمساجد في حملاتهم الإنتخابية، مؤكداً على ضرورة أن تكون هناك قاعدة عامة تخص الأحزاب التي تستخدم الدين في السياسة وأن لا ترتبط بنوع مُعين من الأحزاب وانما تطبق على كل الأحزاب.
وتوقع عبد المجيد عدم انتهاء أحزاب التيار الإسلام السياسي ، مؤكداً أنه ما زال لها شعبية ومن الممكن ان تزداد اذا ما لم يتم حلها ومن الممكن ان تقل كذلك، مستطرداً :" ان الإعتقاد بأن شيء انتهى أو تبخر نوع من الوهم".
وشدد المستشار أحمد الفضالي، منسق تيار الاستقلال، على ضرورة أن تخضع الأحزاب التي ترفع راية الاسلام هو الحل والرؤية الشرعية والقواعد الشرعية وما شابه ذلك من إقحام الدين في السياسة ، إلى قانون الاحزاب السياسية ،الذي يجرم ويحذر الاحزاب السياسيه من ادخال الدين في السياسة .
ولفت في تصريح خاص ل"الفجر" إلى أن حكم المحكمة الإدارية العليا بحل الحرية والعدالة كانت فحواه رفض أي حزب يقام على أساس ديني وينشر الفوضى والعنف، لأن أي حزب يخرج عن العمل السياسي عادةً ما يشرع الإرهاب ويشرع الاعتداء والصراع.
وقال الفضالى ان جميع الاحزاب الدينية ينظرفي شأنها الآن إذا كان هذا الحزب أو ذك يقوم على اساس ديني، فإذا كان ما زال يمارس عمله على هذا الأساس ولم يتخلى عنه ولم يقوم بتوفيق أوضاعة وتصويب الموقف القانوني له سوف يتم حلة وفقا للقانون مؤكداً ان حزب النور يجب ان يخضع لتقييم الأجهزة ولجنة شئون الأحزاب لانها من شأنها ان تقرر مصيرة قانونيا.
وقال محمد سامي رئيس حزب الكرامة وعضو لجنة الخمسين التي وضعت الدستور، ان الاحزاب الدينية لا مكان لها في المستقبل، لافتاً أن الدستور الجديد واضح في هذا الشأن، مضيفاً ان قانون الأحزاب حظر الأحزاب ذات المرجعية الدينية وكذلك الدستور الحالي الصادر في العام الحالي. وأكد أنه لا يجوز لهذه الأحزاب تقنين أوضاعها لأن المحظور لا يمكن تصحيح مساره ومواد الدستور والقانون واضحة ، مشيراً إلى نفي حزب النور الدائم كونه حزب ذو مرجعية دينية وأنه حزب مدني غير صحيح واصفه ب"التدليس"، مُتابعاً : " إذا رجعنا بالذاكرة للأنتخابات البرلمانية الماضية في 2012 كان حزب النور يضع في أوراق الدعاية الخاص به بدلاً من صورة المرأة "وردة" فكيف يقول أنه حزب مدني لا يقوم على اساس ديني". وأكد ان حزب النور والأحزاب الدينيه مصيرها سيكون مثل الحرية والعدالة الحل نهائيا.
وشدد الدكتور عبدالله المُغازي، أستاذ القانون الدستوري والبرلماني السابق، على ضرورة حل جميع الأحزاب المسماه بتحالف دعم الشرعية والتي ساندت حزب الحرية والعدالة الذراع السياسي لجماعة الأخوان المسلمين، وكونت ميليشيات مسلحة ووقفت ضد الدولة وأعلنت أن ما يمارسه الأخوان حق شرعي، وتحالفات ضد الشرعية، مؤكداً أنه لابد أن تحل مثلما تم حل حزب الحرية والعدالة لأنهم استخدموا منهج العنف وهو منهج لا علاقة له بمنهج الأحزاب السياسية.
وأوضح المُغازي في تصريح خاص ل"الفجر" أن وضع حزب النور يختلف كثيراً عن أحزاب تحالف دعم الشرعية، مشيراً إلى أنه يعترف بإرادة الشعب والدولة المدنية، وانه حتى وان كان على مضد وقف مع الشعب خلال ثورته ضد النظام الأخواني في ثورة ال 30 من يونيو وظهر في الصورة رغماً من انه ليس حزباً ثائراً، وشارك في وضع الدستور وكان له دور حتى ولو كان البعض يوجه له انتقادات الا انه كان يعمل في إطار الدولة والحفاظ على شكلها . وفي السايق ذاته أكد المغازي ان حل حزب النور يعد خطأ سياسي فادح يرتكبه النظام الحالي في حال حدوثه، موضحاً خلال تصريحه : " لما يكون عندنا حزب أو تيار من الممكن ان ينصهر في الجماعة الوطنية أعتبر من الخطأ السياسي ان يتم حله، وهو ما يؤدي إلى أن يعمل في الظلام على الرغم من وجود بوادر أمل مثل ظهوره في 30 يونيو ومشاركته في وضع الدستور والانتخابات الرئاسية".
وتابع : " حل حزب النور ومعاملته معاملة من وقف ضدنا خطأ سياسي فادح، يجعله يذهب في أحضان من كفروا النظام وخصوصا انه نفسه طالما اعترف بالدستور وشارك فيه هو ما يعني أنه خاضع للدولة المدنية". وقال المُغازي ان حيثيات حكم المحكمة الإدارية بحل حزب الحرية والعدالة اتهمته بأنه كون ميلشيات مسلحة، مؤكداً أن الحكم نفسه لا ينطبق على حزب النور، انما ينطبق على أحزاب دعم الشرعية التي تدعوا دائماً للعنف وارتكاب جرائم. وشدد على ضرورة أن ينتبه الجميع وان لا تأخذهم الغلواء إلى ارتكاب أخطاء سياسية قد يندموا عليها، لافتا إلى حل حزب النور، لأن هذا يعتبر من الاخطاء الفادحة ، خاصة وان الحزب تطور كثيراً.