يسعى المرشح الاشتراكي فرنسوا هولاند الفائز بالدورة الاولى للانتخابات الرئاسية الفرنسية والرئيس نيكولا ساركوزي الذي اعترض الفرنسيون بتصويتهم على ادارته للازمة منذ الاثنين الى كسب اصوات الوسط واليمين المتطرف التي ستكون مفتاح الفوز في الدورة الثانية في 6 ايار/مايو. وغداة انتخابات حققت فيها الجبهة الوطنية (يمين متطرف) بزعامة مارين لوبن نتائج تاريخية، بدأ المرشحان الاساسيان مواجهة غير مباشرة على امل الفوز في الدورة الثانية. وسيحاول هولاند الذي يحظى بدعم كل اليسار مع انضمام الشيوعيين وانصار البيئة، ان يجتذب اصواتا من خارج معسكره خلال تجمع في بروتانيه (غرب). وامضى هولاند "الواثق" من قدرته على ايصال اليسار الى الحكم بعد غياب دام 17 عاما، قسما من الليل وهو يعد خطابه. وصرح هولاند "لم احقق النصر بعد لكنه قريب، ولا يبعد سوى بضعة ايام". وسيواجه هولاند ساركوزي في الدورة الثانية التي لا تزال نتائجها غير محسومة ولو ان المرشح اليساري يمكنه ان يعتمد على تجيير اصوات من اليسار المتطرف ومن انصار البيئة بينما يبدو احتياطي الرئيس اقل حجما. من جهته، سيتوجه ساركوزي الى تور (وسط) حيث يواجه معادلة صعبة في الايام ال15 المقبلة اذ عليه ان يكسب تاييد ناخبي الوسط واليمين المتطرف في آن معا. اما مرشح الوسط فرنسوا بايرو الذي ركز على الغاء ديون واعادة احياء القطاع الصناعي في فرنسا، فاعلن انه سيتوجه الى المرشحين الاساسيين وانه سيحدد موقفه بناء على ردودهما. وكتبت صحيفة "لو فيغارو" ان "ساركوزي بحاجة الى دفع اولا من ناخبي لوبن الذين سيجدون انفسهم لوحدهم في الدورة الثانية وذلك على الرغم من النجاح الذي حققته مرشحتهم ... واي امتناع عن التصويت سيشكل بالطبع دفعا للمرشح الاشتراكي". الرئيس الفرنسي المنتهية ولايته نيكولا ساركوزي بعيد صدور نتائج الدورة الاولى في باريس في 22 نيسان/ابريل 2012 وبحسب النتائج شبه النهائية التي نشرتها وزارة الداخلية، فان هولاند حصل على 28,63% من الاصوات امام ساركوزي (27,08%) الذي خسر رهان حزبه بالفوز من الدورة الاولى وبالتالي الاعداد لانطلاقة جديدة بحلول الدورة الثانية. وحلت لوبن في المرتبة الثالثة مع 18,01% يليها مرشح اليسار المتطرف جان-لوك ميلانشون (11,13%) ومرشح الوسط فرانسوا بايرو (9,11%). ولم يتجاوز المرشحون الخمسة الباقون عتبة ال5% ونتائجهم كالتالي: ايفا جولي (بيئة) حصلت على 2,28% ونيكولا دوبون اينيان (سيادي) 1,80% وفيليب بوتو (تروتسكي) 1,15% وناتالي ارتو (تروتسكية) 0,57% واخيرا جاك شوميناد (مستقل) 0,25%. واظهرت عدة استطلاعات للراي اجريت خلال المساء ويجب بالتالي التعامل مع نتائجها بحذر ان هولاند سيفوز في الانتخابات الرئاسية مع 53,56% من الاصوات امام الرئيس المنتهية ولايته. من جهته، اعرب ساركوزي ايضا عن "ثقته" واقترح اجراء "ثلاث مناظرات" مع منافسه بين الدورتين تشمل "المسائل الاقتصادية والاجتماعية والشؤون الدولية". الا ان هولاند رفض مفضلا الاكتفاء بمناظرة واحدة كما هي العادة في فرنسا. واعتبرت صحيفة "ليبيراسيون" ان الخيار الذي يطرح امام الناخبين الفرنسيين الان هو "ايجاد مخرج مشرف من الازمات الاقتصادية والاجتماعية والاخلاقية مع ادراك ما يمكن ان يكون عليه مستقبل البلاد، بدل الاستمرار في احياء اسطورة فرنسا التي تعيش على امجاد تاريخها فتستعيد ماضيها وتعزز حدودها". من جهتها، شككت الصحف الاوروبية بفرص ساركوزي في البقاء في الحكم، وشددت كلها على نتائج لوبن في الدورة الاولى. واعتبرت صحيفة "ذي غارديان" البريطانية ان هولاند "يتصدر موجة اليسار" الا ان النتائج "المفاجئة" التي حققتها لوبن خففت من الحماس. وجاء عنوان افتتاحية الصحيفة "انتصار حلو مر لليسار". وابدت الصحف البريطانية قلقا في حال فوز هولاند خصوصا وانه اعلن عن حملة على القطاع المالي. اما الصحف الالمانية فقد رات في نتائج الدورة الاولة "تصويتا بدافع الغضب". ءواعتبرت "لا ريبوبليكا" اليسارية الايطالية ان ساركوزي "تلقى صفعة في السباق الى الرئاسة"، وجاء عنوان صفحتها الاولى "هولاند في الصدارة واعصار لوبن". وسخرت صحيفة "كومرسانت" الروسية الصادرة الاثنين قائلة ان الفرنسيين امام خيار بين "شرين" يحتم عليهم اختيار "الاقل سوءا"، في اشارة الى المرشح الاشتراكي هولاند. واعتبرت "فيدوموستي" ان "ساركوزي هو الرئيس الاول في الجمهورية الخامسة الذي يخسر في الدورة الاولى"، الا انه "لا تزال امامه فرصة للفوز". وقالت لوبن ان "معركة فرنسا بدات للتو" وان "الامور لن تعود ابدا كما كانت عليه"، معتبرة انها "زلزلت النظام". وتعتبر النتيجة التي حققتها الاعلى لاي سياسي من اليمين المتطرف قد تمنحها وزنا اكبر خلال الدورة الثانية وفي الحياة السياسية عموما في السنوات المقبلة. وقال المقربون منها انها ستعلن في الاول من ايار/مايو موقفها قبل الدورة الثانية، الا ان موقف ناخبيها موضع تدقيق واهتمام خاص. فقد اظهر استطلاعان (ايبسوس وهاريس انتراكتيف) اجريا مساء الاحد ان بين 44 و69% من ناخبيها سينتقلون الى ساركوزي وبين 17 و18% الى هولاند. في الماضي، لم يعط اليمين المتطرف اي توصيات حول التصويت في الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية. واكدت نتيجة هولاند (57 عاما) توقعات استطلاعات الراي التي اشارت منذ اشهر الى فوزه فوزه بفارق كبير في الدورة الثانية التوقعات، اذ بات في موقع قوة ليصبح الرئيس الاول من اليسار منذ عهد فرنسوا ميتران (1918-1995). وركز هولاند الذي يفتقد الى الخبرة الوزارية، على الرصانة مشيرا الى انه يريد ان يجسد رئاسة "عادية". وفي هذا الاطار، حدد هولاند خطه القائم على اولويتين هما توظيف الشباب والنمو بدون أن يثير حماسة حاشدة، غير انه بقي ثابتا في برنامجه، وقد نجح في تحويل الانتخابات الى استفتاء ضد ولاية "الرئيس الطاغي الحضور". في المقابل، حاول ساركوزي الذي تراجعت شعبيته الى ارقام قياسية طيلة اشهر، ان ينأى بنفسه عن حصيلة ادائه الداخلي والتخلص من صورته ك"رئيس للاثرياء" من خلال الاقرار بالذنب مرات عدة.