ككل شيء جميل انتهى رمضان، كل عام وأنتم بخير ومع كل رمضان فى الدراما يكون فيه فائزون وخاسرون وقضايا واشتباكات، كان نصيب دراما هذا العام كبيرا ولها حظ من الدعاوى القضائية بدأت مع مسلسل سرايا عابدين الذى أصدر الأمير أحمد فؤاد الثانى نجل الملك فاروق الوحيد وحفيد الخديو إسماعيل بيانا وزعته بحفاوة غريبة وكالة رويترز، وهى أن ملك مصر والسودان- تقصد الأمير أحمد فؤاد- ونسيت أن السودان انفصل عن مصر فى 1956. المهم البيان قال إنه تابع بكل الأسف المسلسل المسمى سرايا عابدين ظنا منه أنه سيكون منصفا لتاريخ الخديو إسماعيل باشا الذى يعتبر واحدا من أهم وأعظم حكام مصر فى عصرها الحديث والشريك الأساسى لجده محمد على فى بعث النهضة بالوطن، ولكن للأسف بدلا من إبراز الأعمال والإنجازات التى قام بها الخديو اهتم منتجو العمل بجانب لا وجود له إلا فى خيالهم ولا يمت للواقع بصلة، وأبسط ما يقال عنه أنه مهين لذكرى هذا الرجل العظيم الذى أحب بلده وبذل كل ما فى وسعه لرفعة شأنه وأن العمل ملىء بالمغالطات التاريخية والجغرافية والخلط فى الشخصيات، الأمر الذى ينم عن جهل شديد بتاريخ تلك العائلة وأن هذا العمل تجارى رخيص لا يهدف سوى للربح المادى على سمعة من رحلوا فلا يستطيعون الدفاع عن أنفسهم وشرفهم. وأردف أحمد فؤاد أن وضع عبارة دراما مستوحاة من قصة حقيقية فى مقدمة الحلقات أمر لا يعفى أصحاب المسلسل من المسئولية والإهانة والاتهامات المخلة بالشرف وهو أمر لا يمس سمعة الخديو إسماعيل فقط بل سمعة وشرف مصر كلها.
وحقيقة الأمر أن الأمير - وأنا مصرة على لقب أمير وليس ملك - محق فيما قاله، فعلى سبيل المثال المسلسل يبرز والدة الخديو خوشيار هانم التى تجسدها يسرا بأنها سيدة مستبدة لا هم لها سوى العكننة على زوجات ابنها، وتتحكم فى كل شيء بالقصر ومحاولات التخلص من الجارية التى يحبها الخديو وقتل سايس الخيل الذى أحبته عمة الخديو والحقيقة أن تلك السيدة اشترت فى 1864 تقريبا أرض مسجد قديم من أيام الدولة الفاطمية اسمه مسجد الذخيرة والأماكن المجاورة لزاوية الرفاعى فى ميدان القلعة من جهات الزاوية وأمرت ببناء الجامع والاحتفاظ داخله بزاوية سيدى على أبى الشباك الرفاعى، وأن يبنى له ضريح وضريح آخر لسيدى يحيى الأنصارى وأن يكون الجامع مدافن لها ولمن يموت من ذريتها وبنى جامع الرفاعى وتأخر البناء لوفاتها فاستغرق (34) عاما وانتهى فى 1907 وتكلف 132500 جنيه على مساحة 1767 مترا تقريبا وليس كما صور المسلسل أن يدفنوا داخل حديقة قصر عابدين.
أما حريم الخديو إسماعيل فوصلوا لحوالى 14 زوجة تحدثت عنهم الدكتورة لميس جابر قائلة إن زوجاته كن زوجات ومستولدات يعنى جوارى فلو الجارية حملت وأنجبت تحصل على لقب هانم ولكن ابنها لا يمكن أن يكون وليا للعهد، وشفق نور هانم التى جسدت دورها مى كساب كانت كذلك ولأن توفيق كان أكبر الأبناء وكان لا بد وأن يكون وليا للعهد تزوجها الخديو إسماعيل شرعيا فى وقت متأخر وليست من الباب العالى كما صورها المسلسل وأنجبت توفيق فقط بدون بنات على خلاف المسلسل أن لديها بنتين.
الثانية نور فلك هانم أنجبت السلطان حسين كامل، الثالثة فريال أنجبت الملك فؤاد والرابعة مثل ملك هانم أنجبت الأمير حسن باشا والخامسة جانانيار هانم أنجبت الأمير إبراهيم حلمى وزينب هانم، والسادسة جهان شاه قادين أنجبت الأميرة توحيدة والأميرة فاطمة إسماعيل التى تبرعت بأرضها ومصاغها لبناء جامعة القاهرة، الثامنة مثل جهان قادين أنجبت الأميرة جميلة فاضل، التاسعة نشئة دل قادين أنجبت الأميرة أمينة، العاشرة بزم عالم ولم تنجب، الحادية عشرة جشم آفت هانم ولم تنجب، الثانية عشرة حورجنان قادين، الثالثة عشرة أنجبت الأمير رشيد، والرابعة عشرة جمال نور قادين أنجبت الأمير على جمال باشا ولقب قادين يطلق على الزوجة الشرعية أو المستولدة أى الجارية التى تلد صبيا، وحكام مصر بعد إسماعيل الخديو توفيق ابن إسماعيل الذى احتل الإنجليز فى عهده مصر ثم عباس حلمى الثانى ابن توفيق ثم السلطان حسين كامل بن إسماعيل ثم السلطان فؤاد بن إسماعيل ثم الملك فاروق بن فؤاد وقانون وراثة العرش عدله الخديو اسماعيل وأصبح أولياء العهد من نسله وبالتالى القاعدة على الأكبر من نسله يعنى لو حفيده أكبر من ابنه يبقى الحفيد يورث العرش لذلك بعد توفيق حكم ابن توفيق عباس حلمى وعمه السلطان حسين كامل.
أما نازلى هانم بنت محمد على وعمة الخديو فهى من زوجة محمد على الأولى أمينة نصر تلس التى أنجبت إبراهيم باشا ثم طوسون الذى توفى بالطاعون ثم إسماعيل ومات فى السودان ثم توحيدة زوجة محرم بك قائد الأسطول المصرى ثم الأخيرة نازلة التى هربت من مصر فى عهد عباس الأول وتركت مصر وعاشت وماتت ودفنت فى اسطنبول وليس كما يصورها المسلسل، الحقيقة عند الأمير أحمد فؤاد كامل الحق.
أما إنجازات إسماعيل فهى فى كتب التاريخ والجميع يعرفها وإذا تحدثنا عن المقارنة بين سرايا عابدين وحريم السلطان فالحقيقة هناك الكثير جدا الذى أخرج منه بملحق أقول أعجبنى ديكور وتصوير وتمثيل وبذخ العمل الدرامى لكن مع الأسف أضاعه لعب المؤلفة بتاريخه الذى واتتها فرصة عمرها وكان يمكن أن تدخل التاريخ من أوسع أبوابه لو كانت كتبت التاريخ الحقيقى، ولكانت صنعت لنفسها مجدا لا يقل عن مجد لميس جابر عندما كتبت مسلسل الملك فاروق الذى عكفت عليه سنوات حتى يخرج بهذا الشكل بدون غلطة تاريخية وقدمت تلك الحقبة على صحاف من ذهب لذا عندما غيرت نظرة الناس للملك فاروق للأفضل لم يهاجمها أحد لأنها كانت محقة، أما الأخت هبة فجعلت كل إنجازات تلك الحقبة ملخصة فى شوية كيد نسا وحنان خديو يغدق على الحريم بالجواهر وأضاعت عظمة ذلك الرجل، فى التاريخ نصفه التاريخ فظلمته وفاروق ظلمه التاريخ فأنصفته الدراما.
والحقيقة لو أن الستين حلقة القادمة التى لم تصور بعد ستسير بهذا النهج فحرام مليون حرام الافتراء والعبث بالتاريخ وأعراض وشرف الناس ويجب فعلا وقفه.