كان نبات البردى ينمو بكثرة فى مستنقعات الدلتا فى العصور القديمة، ولقد استفاد المصرى القديم منه، حيث توصل إلى إحدى الصناعات المهمة التى تعتبر من أعظم ما أسدته مصر للحضارة البشرية ألا وهى صناعة الورق، وبالرغم من انقراض نبات البردى من مصر حاليا إلا أن بعض الأنواع الضئيلة. ويوجد أنواع منتشرة من نبات البردى بالسودان حتى الآن، ويتراوح طول الساق من مترين إلى ثلاثة أمتار، وقطر الساق 4 سنتيمترات، وهو مكون من غلاف خارجى صلب بداخله نسيج رخو، وتتخلص طريقة عمل البردى فى قطع السيقان، ونزع الغلاف الخارجى، وتقطيع الجسم الرخو الداخلى إلى شرائح، وتوضع هذه الشرائح جنبا لجنب بحيث تغطى أحرف القطع بعضها.
وفوق هذا توضع طبقة ثانية من الشرائح فى اتجاه متعامد على اتجاه الشرائح السُفلية، وبعد أن تُغطى الطبقة العليا الطبقة السفلية وتُضغط الطبقتان معا، وتدق بمطارق من الخشب، ولذلك على سطح مستو، وربما كان الصانع يضع تحت هذه الشرائح وفوقها قطعا من القماش لتمتص العصارة الزائدة من الشرائح.
وبعد أن تندمج الشرائح معا تُترك لتجف، وبذلك تُصبح صالحة للكتابة عليها، ولما كانت الحاجة تستدعى باستمرار استعمال أكثر من قطعة واحدة لذلك العامل يلصق الصفحات معا لعمل ملف طويل منها بعد تهذيب القطع الزائدة، وقد يبلغ طول هذه الملفات نحو مترا، كان الكتبة يستعملونها باستمرار فى تسجيل مراحل العمل الحكومى فى إدارات الدولة المختلفة، وتخزن بعد كتاباتها فى أوان خاصة.
واعتبرت مصر مركزا لهذه الصناعة المهمة، وأخذت تُصدِّر جزءا كبيرا من إنتجاها إلى بُلدان العالم القديم، وظلت مُحتفظة بهذه المكانة فى صناعة الورق مدة طويلة، على أن استعمال ورق البردى فى مصر كثيرا ما كان يتجه إلى سد مطالب الجهاز الحكومى ثم الكتب الدينية وخاصة ما يُسمى بكتاب الموتى، بجانب اعتماده على الورق البردى فى أغراض أخرى وأولها القوارب الصغيرة التى كانت تصنع من سيقان البردى المحزومة والمربوطة معا على شكل قارب بسيط.