قالت مجلة الإيكونومست إنه بعد شهر من فوز عبد الفتاح السيسي برئاسة مصر -في انتخابات وصفتها بأنها كانت دون معارضة حقيقية- لا زالت سياساته غير واضحة، وتطرقت لثلاثة احتمالات قد تتكشف عنها توجهاته. وتساءلت المجلة نقلا عن أصوات مصرية التابعة لرويترز، عما إذا كان تولي قائد الجيش السابق المشير السيسي للسلطة يذكر بصعود نابليون بونابرت بعد الثورة الفرنسية قبل أكثر من مئتي عام، وعما إذا كان بدلا من ذلك يعد علامة على تأسيس الجمهورية الثانية، كبديل أكثر تماسكا وربما أكثر ديمقراطية من تلك التي تأسست في 1952 ودامت حتى إسقاط مبارك عام 2011.
وتساءلت المجلة أيضا عما إذا كان السيسي "حلو اللسان" ببساطة وجه جديد للنظام القديم.
وتقول المجلة إن هناك أدلة على كل الاحتمالات الثلاثة السابق ذكرها، فالسيسي "بدا حقا كالإمبراطور في حكمه الجديد، يشاهد مواكب احتفالات ضخمة بتخرج طلاب عسكريين ومن الشرطة، قال في أحدها إن مشاكل مصر تستوجب تضحية كل مواطن، معلنا عن رفضه الموازنة المقترحة من حكومته بسبب تبزيرها مطالبا بخفضها، ومعلنا في أداء بونبارتي عن التنازل عن نصف راتبه ونصف الثروة الموروثة من والده لصالح البلاد".
وتشير المجلة أيضا لزيارة السيسي لسيدة تعرضت للتحرش الجنسي الجماعي، وإعجاب وترحيب الجماهير الفقيرة بها "الذين قد يصبحون أقل ترحيبا بتفعيل خفض الإنفاق المزمع عبر زيادة أسعار الطاقة التي يقارب مبلغ دعمها حجم العجز في الموازنة المقدر ب 12.5%".
وتقول الإيكونومست إن الاقتصادين وكذلك المستثمرين معجبون عموما بتقدير السيسي الواقعي لمصاعب الاقتصاد المصري الكبيرة، "لكنهم قلقون من أسلوبه الشعبوي، ووصفاته الدولتية بما في ذلك منح مشروعات الأعمال العامة الكبرى للجيش".
وترى المجلة أنه "على الأرجح سيشارك قليلون بالتبرع لحساب التنمية الوطني الذي أعلن عنه السيسي، على الرغم من اندفاع متوقع لشخصيات عامة طموحة على خطى السيسي بالتعهد بالتضحية من أجل الصالح العام".
وتقول المجلة إن "علامات زحف الديكتاتورية تتضح باطراد"، مشيرة إلى تزايد القلق حتى بين من أيدوا السيسي في البداية ورحبوا بإسقاطه جماعة الإخوان المسلمين، قائلة إن "هناك تقديرات بأنه سجن من أعضائها وأنصارها نحو 40 ألف خلال عام مضى، ودلائل متزايدة على انتهاكات جسيمة في أماكن الاحتجاز الشرطية".
وتشير أيضا إلى سجن نشطاء من غير التيار الإسلامي، والحكم بالسجن على صحفيين بينهم أجانب "بتهم ملفقة بالإرهاب".
وتقول المجلة "إن المحاولات لخنق المعارضة تشمل إقصاء آلاف من خطباء المساجد، وإغلاق قنوات تلفزيونية ومنع برامج مستقلة، وإلغاء إصلاح جامعي تم بعد الثورة كان أتاح إجراء انتخابات لمناصب رؤساء وعمداء كليات الجامعات الحكومية، وجعلها مجددا بالتعيين كما كان الأمر في عهد مبارك".
وترى المجلة أن الآمال لا تعول كثيرا على أن انتخاب برلمان جديد –متوقع في نهاية الصيف –سيعيد كثيرا سلطة مساءلة الحكومة، قائلة إن "قانونا جديدا معقدا ينظم إجراء الانتخابات....وآخذين في الاعتبار حظر جماعة الإخوان والافتقاد إلى أحزاب قوية، يبدو القانون معدا من أجل استمرار النفوذ التشريعي للعشائر القوية ورجال الأعمال المحليين...مجلس النواب المقبل سيسعى على الأرجح لكسب ود السيسي - كما كان الأمر في عهد مبارك- بدلا من معارضة سياساته ".