عالم دين ووزير أوقاف مصري سابق، عمل على تفسير القرآن بطريقة سلسة وعامية، ما جعله يقتحم قلوب وعقول لشريحة أكبر من المسلمين في جميع أنحاء العالم العربي ، إنه محمد متولي الشعراوي، إمام الدعاة، الشيخ الجليل، أشهر مفسري معانى القران الكريم، منارة العلم وخير مثال لرجل الدين الوسطى في العصر الحديث، ولد 15 أبريل 1911، ووفاته المنية في 17 يونيو 1998. ولد بقرية دقادوس مركز ميت غمر بمحافظة الدقهلية، وحفظ القرآن الكريم في الحادية عشرة من عمره، وفي عام 1922 م التحق بمعهد الزقازيق الابتدائي الأزهري، وظهر نبوغه منذ الصغر في حفظ الشعر والمأثور من القول والحكم، ثم حصل على الشهادة الابتدائية الأزهرية سنة 1923م، ودخل المعهد الثانوي الأزهري، وزاد اهتمامه بالشعر والأدب، اختاروه رئيساً لاتحاد الطلبة لما حظى به من مكانة خاصة بين زملائه، ورئيساً لجمعية الأدباء بالزقازيق. كانت نقطة التحول في حياة إمام الدعاة، عندما أراد والده إلحاقه بمؤسسة الأزهر الشريف، وكان الشيخ الشعراوي يود أن يبقى مع إخوته لزراعة الأرض، ولكن إصرار الوالد وصلابه موقفه دفعه لاصطحابه إلى القاهرة، وتنفيذ رغبته . التحق الشيخ الشعراوي بكلية اللغة العربية سنة 1937م ، وانشغل بالحركة الوطنية والحركة الأزهرية، فثورة سنة 1919م اندلعت من الأزهر الشريف، ومن قلب الأزهر خرجت المنشورات التي تعبر عن غضب المصريين ضد الاحتلال الإنجليزي . تعرض للاعتقال أكثر من مرة، فكان يتوجه وزملائه إلى ساحات الازهر وأروقته ويلقى الخطب وكان وقتها رئيساً لاتحاد الطلبة سنة 1934م . بدأ الشيخ محمد متولي الشعراوي تفسيره على شاشات التلفاز قبل سنة 1980م بمقدمة حول التفسير ثم شرع في تفسير سورة الفاتحة وانتهى عند أواخر سورة الممتحنة وأوائل سورة الصف وحالت وفاته دون أن يفسر القرآن الكريم كاملاً. يذكر أن له تسجيلاً صوتياً يحتوي على تفسير جزء عم (الجزء الثلاثون). يوضح الشيخ محمد متولي الشعراوي منهجه في التفسير، قائلاً: "خواطري حول القرآن الكريم لا تعني تفسيراً للقرآن. وإنما هي هبات صفائية. تخطر على قلب مؤمن في آية أو بضع آيات.. ولو أن القرآن من الممكن أن يفسر. لكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أولى الناس بتفسيره. لأنه عليه نزل وبه انفعل وله بلغ وبه علم وعمل. وله ظهرت معجزاته. ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم اكتفى بأن يبين للناس على قدر حاجتهم من العبادة التي تبين لهم أحكام التكليف في القرآن الكريم، وهي "أفعل ولا تفعل ". من أشهر كلماته ، في زيارة قام بها وفد من علماء الدين الإسلامي والمسيحي في مصر للرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك لتهنئته على نجاته من محاولة اغتيال استهدفته على يد الجماعات الأصولية في العاصمة الإثيوبية "أديس أبابا" في عام 1995م ، عندما كان في طريقه لحضور مؤتمر القمة الإفريقي. وظهر في هذا اللقاء الشيخ الشعراوي مخاطباً الرئيس مبارك متكئاً على عصى مرضه، وقال الشعراوي: "إني يا سيادة الرئيس أقف على عتبة دنياي لأستقبل أجل الله، فلن أختم حياتي بنفاق، ولن أبرز عنتريتي باجتراء، ولكني أقول كلمة موجزة للأمة كلها، حكومة وحزباً، معارضة ورجالاً وشعباً، آسف أن يكون سلبياً، أريد منهم أن يعلموا أن الملك بيد الله، يؤتيه من يشاء، فلا تآمر لأخذه، ولا كيد للوصول إليه. واستكمل إمام الدعاة كلامه : "إذا كنت قدرنا فليوفقك الله، وإذا كنا قدرك فليعينك الله على ما تتحمل". كان أول الثائرين على الفساد عندما قدم استقالته من منصبه كوزير للأوقاف في عهد الرئيس الراحل أنور السادات، ولم يخش في الحق لومة لائم، الذي وجه رسالة قوية إلى الجماعات التي قالت إن مصر دولة كافرة، بعدما ترك للمصريين والأمة الإسلامية تفسيرًا من أقوى تفاسير القرآن الكريم، وعشرات الكتب والمؤلفات التي ما زالت تدرّس في جامعة الأزهر ومدارس التعليم الأساسي، ويستعين بها طلاب العلم من كل حدب وصوب. انتهت كلمات الشيخ، لمبارك، واقتربت حياته من الانتهاء أيضًا والذي رفض أن ينهيها بنفاق، كما أوضح للحاضرين، حتى فارق الحياة في 18 يونيو 1998، لكن كلماته ما زالت حاضرة، خاصة أنها تصلح للتعليق على ما يحدث الآن، وكأن الشيخ تنبأ بالثورة، فترك للمصريين وصيته، فيقول "إن الثائر الحق يهدم الفساد، ثم يهدأ ليبني الأمجاد".