الشعراوى.. الدعوة أحب إليه من مشيخة الأزهر

«آخر ما أحب أن أقوله لك، ولعل هذا آخر لقائى بك، إذا كنت قدرنا فليوفقك الله، وإذا كنا قدرك فليعنك الله». كلمات قالها الشيخ محمد متولى الشعراوى، إلى الرئيس السابق حسنى مبارك فى آخر لقاء جمع بينهما، بعد نجاة مبارك من حادث الاغتيال فى أديس أبابا.
لم يكن منافقا يوما، فهو لا يخاف فى الله لومة لائم، فحتى وإن كان أمام رئيس الجمهورية، فلا يقول إلا حقا.
عرف «الشعراوى» بأسلوبه العذب البسيط فى تفسير القرآن الكريم، وتركيزه على النقاط الإيمانية، ما جعله يقترب من قلوب الناس، نتيجةَ أسلوبه الذى ناسب جميع المستويات والثقافات، وهو ما جعله أشهر من حاول تفسير القرآن الكريم فى العقود الأخيرة.
تزوج وهو طالب فى الثانوية الأزهرية، بناء على رغبة والده الذى اختار له زوجته، ووافق الشاب على اختياره، لينجب ثلاثة أولاد هم: «سامى وعبدالرحيم وأحمد»، وبنتين هما: «فاطمة وصالحة»، وكان الشيخ يرى أن أول عوامل نجاح الزواج هو الاختيار والقبول من الطرفين.
ولد «الشعراوى» فى 15 إبريل 1911، بقرية دقادوس، مركز ميت غمر فى محافظة الدقهلية، وحفظ القرآن الكريم فى الحادية عشرة من عمره، ولم يكن يعلم أنه سيلقب يوماً ب«إمام الدعاة»، تتويجا لمسيرة بدأت عام 1926 بالالتحاق بمعهد الزقازيق الابتدائى الأزهرى. كان رافضاً لفكرة السفر إلى القاهرة، للدراسة فى الأزهر الشريف، بعد إنهاء دراسته فى الثانوية، إلا أن والده أصر على سفره، واصطحبه بنفسه للعاصمة، ودفع مصروفاته الدراسية، ليدرس بكلية اللغة العربية، جامعة الأزهر، سنة 1937.
بعد تخرجه فى الأزهر الشريف، تدرج الشيخ الشاب فى الوظائف الدينية، حتى وصل لمنصب وزير الأوقاف فى عام 1976، ثم تم تعيينه عضواً بمجمع البحوث الإسلامية عام 1980. وعرض عليه تولى مشيخة الأزهر، إلا أنه اعتذر، مفضلا التفرغ للدعوة. بدأ «الشعراوى» فى تسجيل خواطره عن القرآن الكريم، على شاشة التليفزيون، فى أواخر السبعينيات، ولاتزال تلقى إقبالاً من المشاهدين، مع كل إعادة لها، لهذا تعيد فضائيات عدبدة بثها، مع رمضان من كل عام.
فى مذكراته يوضح منهجه فى التفسير، قائلا: «خواطرى حول القرآن الكريم لا تعنى تفسيراً للقرآن، وإنما هى هبات صفائية، تخطر على قلب مؤمن فى آية أو بضع آيات، ولو أن القرآن من الممكن أن يفسر، لكان رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أولى الناس بتفسيره، لأنه عليه نزل وبه انفعل وله بلغ وبه علم وعمل، وله ظهرت معجزاته، ولكن رسول الله اكتفى بأن يبين للناس على قدر حاجتهم من العبادة، التى تبين لهم أحكام التكليف فى القرآن الكريم، وهى «افعل ولا تفعل».
عشق الشيخ الشعراوى اللغة العربية، وعرف ببلاغة كلماته مع بساطة فى الأسلوب، وجمال فى التعبير، ولقد كان للشيخ باع طويل