بلغت "حرب وكالات الإعلام" أوجها في ألمانيا بعد سلسلة من التصريحات القوية والشكاوى القضائية، مع احداث الوكالة الجديدة "دي إيه بي دي" هزة في هذه السوق حيث المنافسة مستشرية، التي تريد ان تجلعها منصة للانتقال الى بلدان أخرى، منها فرنسا. قام مدراء صندوق الاستثمار الذي كان يملك وكالة "دي دي بي" الناجمة عن عملية دمج مع الوكالة السابقة في ألمانياالشرقية "إيه دي إن" والتي تضم 150 صحافيا، نهاية العام 2009 بشراء الخدمة الألمانية للوكالة الاميركية "أسوشييتد برس" (إيه بي) وابقت على صحافييها الثمانين مع نفاذ واسع على اخبار وكالة الانباء الدولية هذه. وباتت وكالة "دي إيه بي دي" الجديدة المنافسة الرئيسية للوكالة الأولى في ألمانيا "دي بي إيه" التي يمكلها كبار ناشري الصحف في البلاد وأول مزود للمعلومات بلا منازع. واستحالت المنافسة المحتدمة في سوق تضم أيضا وكالة فرانس برس وفرعها المخصص للرياضة "سيد" ووكالة تومسون-رويترز، فضلا عن وكالتي "كي إن إيه" و"إي بي دي" إلى "مساع ترمي إلى اخراج إحد الاطراف (من المعادلة). ولم تكن الحال كذلك سابقا"، على ما قال مايكل سيغبرز المدير التنفيذي ل "دي بي إيه" لوكالة فرانس برس في إشارة إلى "نبرة جديدة (..) اكثر حدة". وقد عززت وكالة "دي إيه بي دي" الفريق التحرير بنحو 380 صحافيا وطورت قسم الرياضية وظفرت بجزء من الاتفاق الذي كانت "دي بي إيه" قد أبرمته مع وزارة الخارجية، وتوصلت الى زيادة ملحوظة في قيمة اشتراك المستشارية الالمانية. وبات المنافسان غارقين في سلسلة من الدعاوى القضائية تقدمت "دي إيه بي دي" بغالبيتها، على ما تؤكد "دي بي إيه". لكن الناطق باسم الوكالة الجديدة توبياس لوبيه أكد أن "+دي إيه بي دي+ لا تشن في أي شكل من الاشكال حربا مطلقة وشرسة ... ونحن نقوم بالدفاع عن انفسنا عندما يتم انتهاك الحق في المنافسة المشروعة". غير أن النزاع القائم بين الوكالتين على وشك التحول إلى "بؤرة مشاجرات"، على ما اعتبرت مؤخرا صحيفة "سودويتشيه تسايتونغ". وتعتبر بياته شنايدر الأستاذة المحاضرة في المدرسة العليا لوسائل الإعلام في هانوفر ان "التوقيت ليس في محله"، وتقول ان "صحفا كثيرة، لا سيما المحلية منها، تعتزم التخلي عن وكالات الإعلام بصورة تامة. فالمسألة بالنسبة إلى كثيرين ليست الاختيار بين "دي بي إيه" و "دي إيه بي دي" بل هي مسألة "الإبقاء على الوكالة أو التخلي عنها". وتعتد "دي إيه بي دي" بأنها أرخص من منافساتها لكن مايكل سيغبرز أكد أن "دي بي ايه" لم تخسر أي مشترك كبير من وسائل الإعلام لصالح منافستها. غير أن هيمنة "دي بي إيه" على سوق يصل حجم أعمالها السنوي إلى 170 مليون يورو باتت على المحك، وفق المجموعة الاستشارية "غولدميديا" التي أعدت مؤخرا تقريرا عن هذا الموضوع. فقد سجلت "دي إيه بي دي" العام الماضي رقم أعمال وصل إلى 32 مليون يورو. أما "دي بي إيه" فهي قد ناهزت 88 مليون يورو في العام 2010. والمليارديران مارتن فورديرفولبيكيه وبيتر للو اللذان يمتلكان "دي إيه بي دي" متخصصات في شراء الشركات المتعثرة وإعادة بيعها بعد تصحيح اوضاعها مع تحقيق أرباح طائلة. وذكرت صحيفة "سودويتشيه تسايتونغ"، ان دوافع الرجلين تتخطى مجرد جني الارباح. وقد أقر مارتن فورديرفولبيكيه في مقابلة أجرتها معه بوابة "ميديا" في كانون الثاني/يناير بأن الهدف من "وكالات ليس جني الأرباح". وتابع هذا الكاثوليكي المؤمن "نعمل في +دي إيه بي دي+ من أجل المصلحة العامة". ووسعت الوكالة نطاق أعمالها ليشمل فرنسا حيث اشترت وكالة الصور "سيبا" في العام 2011 وأعلنت خلال الأسابيع الأخيرة عن استحواذها على الخدمة الفرنسية لوكالة "إيه بي" ووكالة "ديورا نيوز" التي توفر خدمات للهواتف الخلوية. وقال مدير "دي إيه بي دي" مرارا وتكرارا إن وكالته تعتزم تأسيس "وكالة صحافة عامة في فرنسا". وقد ندد ب "المبالغ الطائلة" التي تخصصها برأيه الدولة الفرنسية لتمويل وكالة فرانس برس التي تعتبر الاولى في مجالها في فرنسا. ورفعت وكالة "دي ايه بي دي" شكوى في بروكسل في شباط/فبراير 2010 ضد وكالة فرانس برس. واقر البرلمان الفرنسي بصورة قانونية بمهمة المصلحة العامة التي تقوم بها وكالة فرانس برس ومن شأن هذا الاعتراف أن يمهد الطريق لحل مع المفوضية الاوروبية في بروكسل. وبعد أكثر من 170 عاما من العمل في هذا المجال، تجابه وكالة فرانس برس منافستها "دي إيه بي دي" "بهدوء استمدته من باعها الطويل"، على ما قال مديرها التنفيذي إيمانويل هوغ خلال مقابلة أجريت معه في مطلع آذار/مارس. وهو أضاف "نعمل منذ بدايتنا في مجال تستشري فيه المنافسة. ونحن لا نخشى المنافسة. فللمعلومة ثمنها ونحن لا نخلط بين +الثمن العادل+ و+الثمن المنخفض+". وقد أوضح توبياس لوبيه من جهته أن السوق الفرنسية ليست إلا "خطوة أولى على طريق العالمية ... فلا مستقبل لأي وكالة وطنية بحتة". ووفق بعض المصادر، وضعت "دي إيه بي دي" نصب عينيها كل من الوكالة الهولندية "إيه إن بي" واليونانية "إيه إن إيه" والبولندية "بي إيه بي".