لا زالت قصص وحكايات الوفاء التي يسطّرها التاريخ، هي الأكثر ملامسةً لقلوبنا؛ وعلى الرغم من أنها أصبحت قليلة ونادرة في وقتنا الحالي إلا أنها تبقى مثيرة وملفتة خاصةً حينما تتعلق بالحيوانات ووفائهم تجاه أصحباهم البشر، وهُنا في المجتمع السعودي تكثر هذه القصص بين الإنسان والحيوان من الكلاب والأسود والقطط. أما في هذه القصة فكانت الإبل هي عنوانها الأول، وبما أن الأغلب في دول الخليج العربي، يسمع عن وفاء "سفينة الصحراء"، من خلال قصة رواها أحد كبار السن، أو حتى من خلال ما يتم تناقله في المجالس، إلا أننا في هذه المرة نراها على الحقيقة، كان بطل هذه القصة، محمد بن شويشان السبيعي أحد ملاك الإبل، الذي كان يمتلك ناقةً يبدو أنها عانت كثيراً من غيابه عنها وزادها الشوق للقاء به حرقة، بعد أن قام ببيعها لمالك آخر.
وبعد غياب استمر قرابة 7 أشهر، حدث ما لم يكن متوقعاً لمن كانوا يتواجدون في مسيرة للإبل، فقد كان بن شويشان حاضراً حينما رأته ناقته السابقة صدفةً حتى بدأت باحتضانه، وبما أن الإبل أو كما يحب أن يطلق عليها أهل البادية ب"عطايا الله"، لا تستطيع فعلاً الإحتضان كما هو حال البشر، كانت طريقتها الخاصة آسرةً للقلوب، فما إن رأت هذه الناقة مالكها السابق الذي سهر معها الليالي وأخذ يسرح بها فجراً في الصحراء، ويراها تزداد صحةً وقوة، حتى بدأت بلف رقبتها الطويلة حوله مغمضةً عيناها، وكأنها تقول هذه دموع الفرح ستسقط لحظة لقياك.
وتواصلت "العربية.نت" مع مالك الإبل محمد بن شويشان السبيعي، الذي تحدث عن هذه الحادثة قائلاً: "كنت أحضر أحد المسيرات لإبل الشيخ عبدالمحسن الراجحي في مزاين أم رقيبة، وهو الشخص الذي بعت عليه هذه البكرة قبل قرابة 7 أشهر، وخلال حديث جمعني مع الأصدقاء، سمعت الناقة صوتي، وبدأت تعبر من بين السيارات التي كانت تفصل بيننا، حتى توقفت عندي".
ويضيف السبيعي، "عند توقفها لفت رقبتها على جسدي حتى قمت برفع يدي واستسلمت لحضنها، الأمر الذي جعلني أمر بلحظة من المشاعر والذكريات عندما كنت أطعمها الخبز. وتابع، "اتصل بي الشيخ عبدالمحسن الراجحي وأخبرني أنه في حال أردتها هي وجميع الإبل فهي لي، وكان يمازحني بذلك".