1400 طالب يوميًا يستفيدون من دروس التقوية في مساجد الوادي الجديد    طرح لحوم بلدية بأسعار مخفضة في الوادي الجديد استعدادًا لعيد الأضحى    كمين لقوة إسرائيلية في "جباليا" وسقوط 11 جنديًا بين قتيل وجريح    قوات الاحتلال الإسرائيلي تقتحم المستشفى الإندونيسي في شمال غزة    فلسطين.. 5 شهداء في قصف للاحتلال جنوب مدينة غزة    بعد مفاوضات الزمالك.. مصطفى فتحي يكشف مستقبله مع بيراميدز    عاجل.. اتحاد الكرة يعلن طاقم تحكيم نهائي كأس مصر بين الزمالك وبيراميدز    مجلس الاتحاد السكندري يرفض استقالة مصيلحي    «الحاجة الكبيرة اتحققت».. بيراميدز يكشف مفاجأة بشأن رحيل إبراهيم عادل    مصطفى فتحي: يورتشيتش عوض غياب الجماهير.. وطريقة الحكام تغيرت معي بانضمامي لبيراميدز    السيطرة على حريق نشب بنخل بجوار مخزن مشروبات غازية بقليوب    الوادي الجديد تعلن نتائج النقل وتمنح الشهادات مجانًا لطلابها    تعرف على وجبة عشاء وزير خارجية إيران مع وزراء مصر السابقين ب خان الخليلي (خاص)    ترامب ينتقم من نتنياهو ويقيل مسؤولين كبارا "مؤيدين لإسرائيل" في إدارته    الداخلية توضح حقيقة الفيديو المتداول لسير سيارات في مسار الأتوبيس الترددي    صرف 11 مليون جنيه منحة عيد الأضحى ل7359 عاملًا بالوادي الجديد    عيار 21 الآن يعود للارتفاع.. سعر الذهب اليوم الثلاثاء 3 يونيو في الصاغة (تفاصيل)    سعر الدولار أمام الجنيه والعملات الأخرى قبل بداية تعاملات الثلاثاء 3 يونيو 2025    البيت الأبيض يعلن استعداد ترامب للقاء بوتين وزيلينسكى    ماذا لو قررت المحكمة الرياضية منح الدوري لبيراميدز؟ أحمد دياب يرد    أسطورة ميلان: الأهلي سيصنع الفارق بالمونديال.. وما فعله صلاح خارقًا    مصطفى فتحي: عشت أسوأ يوم في حياتي مع الزمالك    تقارير: ميلان يحلم بالتعاقد مع لوكا مودريتش    منتخب فلسطين يكرم وسام أبو علي بلقب الدوري المصري    طقس ربيعي.. «الأرصاد» تكشف حالة الطقس اليوم في المنيا والصعيد    أخبار 24 ساعة.. برنامج جديد لرد أعباء الصادرات بقيمة 45 مليار جنيه في الموازنة    عامل يتهم 3 أشخاص بسرقة شقته في الهرم    الصلح والتسامح وخصوصية العائلة.. أبرز ما جاء في بيان ورثة المرحوم شريف الدجوي    أفضل أماكن الخروج في عيد الأضحى المبارك 2025 بالمنوفية    إصابة 10 سيدات في حادث «أتوبيس» بمحافظة المنيا الجديدة    الكشف عن تمثال أسمهان بدار الأوبرا بحضور سلاف فواخرجي    تزوج فنانة شهيرة ويخشى الإنجاب.. 18 معلومة عن طارق صبري بعد ارتباط اسمه ب مها الصغير    4 أبراج «بيعرفوا ياخدوا قرار»: قادة بالفطرة يوزّعون الثقة والدعم لمن حولهم    حين يتعطر البيت.. شاهد تطيب الكعبة في مشاهد روحانية    سعد الهلالي: كل الأضحية حق للمضحي.. ولا يوجد مذهب ينص على توزيعها 3 أثلاث    النيابة الإدارية تُشكيل لجنة لفحص واقعة الحفر والتنقيب عن الآثار بقصر ثقافة الأقصر    أزال التاتو ويتعلم تجويد القرآن.. خالد الجندي يكشف تفاصيل توبة أحمد سعد    التنظيم المركزي بالجبهة الوطنية تعقد أول اجتماعاتها برئاسة النائب أحمد رسلان    محافظ قنا يدعو أصحاب الصيدليات الخاصة للانضمام للتأمين الصحي لصرف الأدوية للمرضى    أمين الفتوى يحسم حكم توزيع لحوم أو مال بدلاً عن الأضحية    موعد أذان فجر الثلاثاء 7 من ذي الحجة 2025.. ودعاء في جوف الليل    القومي للبحوث يقدم نصائح مهمة لكيفية تناول لحوم العيد بشكل صحي    محمد ثروت يكشف كواليس مشاركته في «ريستارت»: الضحك رسالة الفيلم (فيديو)    شريف سلامة يكتب: رؤية اقتصادية.. التحول نحو الاقتصاد الرقمي.. أين تقف مصر؟    مدير تلال الفسطاط يستعرض ملامح مشروع الحدائق: يتواءم مع طبيعة القاهرة التاريخية    الجوزاء.. تعرف على صفات برج الفرعون المصري محمد صلاح    أرامكو السعودية تنهي إصدار سندات دولية ب 5 مليارات دولار    الإصلاح والنهضة: 30 يونيو أسقط مشروع الإخوان لتفكيك الدولة ورسّخ الوعي الوطني في مواجهة قوى الظلام    ضربات الشمس في الحج.. الأسباب والأعراض والإسعاف السريع    في رحاب الحرم.. أركان ومناسك الحج من الإحرام إلى الوداع    عبد الرازق يهنىء القيادة السياسية والشعب المصري بعيد الأضحى    رئيس جامعة بنها: تبادل التهاني في المناسبات الدينية يؤكد التماسك    «صحة الاسكندرية» تعلن خطة التأمين الطبي لاحتفالات عيد الأضحى    الرئيس السيسى يستقبل مدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية    تخريج 100 شركة ناشئة من برنامج «أورانج كورنرز» في دلتا مصر    حزب السادات: فكر الإخوان ظلامي.. و30 يونيو ملحمة شعب وجيش أنقذت مصر    رئيس الوزراء يُتابع جهود اللجنة الطبية العليا والاستغاثات خلال شهر مايو الماضي    هيئة الشراء الموحد: إطلاق منظومة ذكية لتتبع الدواء من الإنتاج للاستهلاك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. رشا سمير تكتب : قزم فى بلاد الأقزام!
نشر في الفجر يوم 22 - 02 - 2014

كان يا مكان يا سعد يا إكرام ولا يحلى الكلام إلا بذكر النبى عليه الصلاة والسلام..

يُحكى أنه فى بلاد الأقزام.. رزق الله أبناء تلك المملكة الكرام.. بحاكم قالوا عنه أنه هُمام.. يزعُم أنه فى كل الأمور يمتلك الزمام.. رجل جاء ليحقق كل الأحلام.. وشعاره فى الحياة لا تراجع ولا استسلام.. رجل لا يقول إلا معسول الكلام.. والسيف يكتب كلمته من بين كل الأقلام.. وقيل لهم وقتها أنه هدية الرحمن إليهم لإنقاذ كل الاقزام..

لكن وبخلاف كل التوقعات، فوجئ كل المنتظرين بالمكان المتشوقين لوصول الهُمام، بشخص قصير القامة قليل الحجم تافه الجوهر أسود الوجه قادما إليهم مُترجلا على قدميه.. لا يمتلك سيفا ولا رمحا ولا حتى مضرب دبان!

فتعجب واحد منهم وقال:

«ده قزم زينا وكمان جاى ماشى مش راكب حصان.. يعنى إزاى قزم وجاى يقهر الفرسان ويرجع حقوقنا اللى ضاعت من زمان؟».

وهتف آخر:

«يعنى منين قزم ومنين جاى ينقذ كل الأقزام؟».

شعر القزم المُحتال بضآلة حجمه وسوء موقفه، فقرر أن يرسم دور الشرير القادر على إيذاء كل من يعارضه الرأى والقول.. ولكى يغير من مظهره الضعيف ويُدارى قصر قامته، أطلق شاربا كثا حتى يرسم لنفسه هيبة مُزيفة وحكمة غائبة..

فكر طويلا.. كيف يضع كل المُحيطين به من مُعارضين ومُؤيدين فى قبضة يده؟.. وأخيرا توصل إلى الحل الأكيد.. وهو أن يبحث لحلفائه عن نقاط الضعف ويستثمرها.. ثم يبحث لأعدائه عن نقاط القوة ويدمرها..

بحث القزم الواهم عن حاشية تقف فى ضهره لتسانده فى إشاعة الفساد..

فاستعان بقزم كان قد نام طويلا فى كهفه المهجور فى خنوع واستسلام بلا دور فعال، وعرض عليه أن يُخرجه إلى النور ويوكل إليه أعمالا تبدو وكأنها فى ظاهرها مهام جسام، وهى فى الحقيقة هُراء رخو بلا قوام.. والمُصيبة أنه حتى لا يمتلك فيها حق اتخاذ القرار لأن وجوده فى الصورة مثل فارس لا يمتلك الجواد.. والرجولة صفة لا يمتلكها الأغوات!.. فبات القزم الضعيف مُهددا بالعودة إلى قباء الظلام لو قرر يوما الحياد عن طريق الفساد.

وعاد القزم الواهم يبحث من جديد.. عن قزم آخر تكون لديه نقطة ضعف علها تصبح أداة للضغط عليه وقت اللزوم.. فوجد قزما غارقا فى الملذات، عبدا للمسكنات مما جعله ذليلا للقرش فلم تعد المبادئ بالنسبة له شيئاً يستحق الحرب، لأنه قرر وبدون تردد أن يبيع لمن يدفع أكثر! فأصبح مثل الراقصة التى تُعرى جسدها كلما زادت صيحات الرجال، التى لا تُبالى بنظرات الذين يشتهونها حين تنحنى لتلم النُقطة من على الأرض.

وفى رحلة بحثه الطويلة.. وجد القزم المكير قزماً آخر مُختلف الهيئة، فقرر أن يضمه لأعوانه، إنه قزم بصديري! ووافق القرد (عفوا أقصد القزم)! أن يتعلم الدرس ويصبح مُطيعا، فالمعلم يجب أن نقف له تبجيلا.. والقزم أبوصديرى ارتضى أن يجرى ليلتقط الفُتات إذا رماها لها سيده.. فالرضا درس تعلمه والسير بجوار الحائط طريق اختاره، وأذنه التى وظفها لنقل الكلام أصبحت سلاحه الوحيد فى معركة فرسانها أقزام لا يحملون رماحا ولا يركبون خيولا.. ولكنهم يرتدون فوق رءوسهم طراطير مزركشة!..

وهذا قزم آخر اختار أن يمسك الصاجات ويقرع الطبول ويرقص للترفيه عن سيده كلما شعر بالملل أو كلما بحث سيده عن ترفيه لم يجده فى مجالس الأنس التى احترف البحث عنها فى أحضان العاهرات! فالرقاص دائما يحتاج إلى طبال، ومن إذن غير هذا اللص الظريف قادر على ضبط إيقاع رقص السُفهاء؟

وبقيت وظيفة أخيرة شاغرة تقدم لها ألف قزم وقزم.. وهى وظيفة القائم على تستيف الأوراق المسمومة.. إلا أن القزم الأكثر جحودا ووصولا وتدليسا وتخليا عن مبادئه كان هو من فاز بالوظيفة! فما كان منه الا أنه باع الجميع وساوم الجميع وحاور الجميع.. وفى النهاية خسر الجميع.. وقبل الجميع وبعد الجميع خسر نفسه!..

فى الركن البعيد وقف باقى أقزام المملكة ينظرون إلى القزم الفاسد ولا ينطقون، صاروا مثل تماثيل الحجارة فى بلد تعبد الاصنام.. يمصمصون الشفاه ويتحسرون عن بُعد لكنهم لا يتحركون، لأنهم فى النهاية صُم عُمى لا يسمعون ولا يرون.. والأدهى من هذا وذاك.. أنهم بُكم لا يتكلمون!

استطاع قزم الأقزام أن يخلق من حوله حاشية تُشعره بالقوة وهو ضعيف، وتهتف باسمه وهو فاشل، وتروج لأفكاره العطنة حتى ابتلعها الجميع متصورين أنها فاكهة الجنة وهى فى الواقع سُم محموم..

وكان على القزم أيضا أن يضمن بقاءه على قمة السفح الذى تصور واهما أنه جبل النجاح، فكانت درجاته هى تلك الجُثث المتهالكة من الطامعين والمشتاقين.. فأطعم الجعان منهم بالحرام، وداوى المريض منهم بالباطل، وكسى العارى منهم بلباس الزور.. فكسر نفوسهم وأزل كبرياءهم وسجنهم فى سجون الانكسار.. وحين لفظوا أنفاسهم الأخيرة اعتلاهم سُلما للصعود إلى الأسفل!

وفى خضم فساد الحاشية نسى قزم الأقزام مظالم الفقراء ودعوات المحتاجين، وأغلق ديوان المظالم فى وجه المتضررين، وداس بجشع على كل مصالح رعيته ونسى فى خضم جبروته الزائف أن دعوة المظلوم تصل دون حجاب إلى عنان السماء، ونسى أن دولة الظلم لو انتصرت ساعة فدولة الحق لسوف تنتصر كل ساعة.

واكتشف القزم صدفة وسط أعوانه الأقزام، أن هناك مجموعة من العمالقة يعيشون فى قصر منيف على أطراف المدينة.. حاول الأقزام قهرهم مرارا ففشلوا.. وحاولوا توريطهم كثيرا فيئسوا.. وحاول اغتيالهم فرد الله كيدهم فى نحورهم فسقطوا.

وقف القزم الصغير أمام أحد العمالقة ممسكا بسيف من ورق، وسأله وهو يرتجف على الرغم من شاربه الكث وتاج المملكة الذى يضعه فوق رأسه ولا يراه سواه:

«كيف أصبحتم أنتم عمالقة فى بلاد كل من فيها أقزام؟»

رد العملاق باسما راضيا مُستهينا به:

«لقد طالت قامتنا وارتفعت رءوسنا بما نمتلك من قوة منبعها الصدق وثبات أصله العدل»

«ومن أين لكم بهذا القصر المنيف الذى تحتمون به؟»

«إن حوائط القصر ترتفع كل يوم بكلمة حق تشبثنا بها وكلمة باطل تصدينا لها، وحروب من أجل الحرية خضناها دون خوف ولم نتراجع عنها برغم كل الضغوط».

ألقى القزم سيفه بعيدا ونكس رأسه وانصرف.. وعلى الرغم من أنه لم يفهم المعنى الحقيقى لكلمات العمالقة، إلا أنه فى تلك اللحظة فقط أدرك الحقيقة التى خفيت عنه طويلا.. وهى أنه.. مُجرد قزم ولو شب على أطراف أصابعه.. قزم ضئيل بلا كيان.. ويبقى عزاؤه الوحيد أنه قزم فى بلاد الأقزام.

وتوتة توتة فرغت الحدوتة.

هذه القصة ليست من وحى خيال كاتب محترف.. ولا أسطورة تاريخية قرأتها فى كُتب الأساطير الإغريقية.. لكنها قصة وطن.. وقصة أفراد كانوا ومازالوا جزءاً من حكاية هذا الوطن..

فالأقزام حولنا مازالوا يعيشون ويرتعون.. يبحثون عن مأوى فى دولة الحُلم الزائف..

أنا هنا أتحدث عن طبيب فاشل وسط أطباء محترمين.. أو رئيس دولة فاشل فى دولة تستحق الحياة.. أو مدير مؤسسة فاشل وسط رعية وشللية تحتضن فساده.

والحقيقة المُرة.. أن كلهم أقزام.. فالأقزام يا سادة مازالوا يعيشون بيننا بسيوفهم المعقوفة ودروعهم الورقية وأضغاث أحلامهم فى أن يصبحوا عمالقة فى بلاد الأقزام.

ولكن هيهات.. فالقزم وسط الأقزام عملاق.. ولكنه بين العمالقة مُجرد صرصار!.

ستبقى المعركة بيننا دائرة.. ولن تخمد أبدا.. طالما كان هناك ليل يعقبه نهار.. وباطل يقهره حقٌ.. وظلم يكسره عدل.. وحرب يهزمها سلام.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.