لا شك أن قطر هى الدولة العربية الوحيدة التى تجمع بين كيانين نقيضين: أمريكا والإخوان. من الملاحظ أن دول الخليج الأخرى تدرك أن جماعة الإخوان المسلمين تمثل خطرا حقيقيا يهدف الى تدمير أنظمتها واستبدالها بنظام آخر ومن ثم فإن هذه الجماعة لا تجد ذات التعاطف فى دول مثل المملكة السعودية والإمارات المتحدة وباقى دول مجلس التعاون. لعل القارئ يتساءل لماذا يعتبر الإخوان وأمريكا نقيضين؟ ولماذا تفتح قطر أبوابها للإخوان؟ والى متى سيستمر هذا التحالف القطرى الاخوانى؟ من المؤكد أن قطر التى تبلغ مساحتها حوالى 437و11كم2 تسعى للمحافظة على بقائها فى منطقة محفوفة بالمخاطر من خلال الجمع بين شيئين متناقضين: القواعد الأمريكية والإخوان المسلمين. لا شك أن قطر بها أكبر قاعدة أمريكية فى المنطقة هى قاعدة العديد الجوية التى تقع غرب الدوحة. وهذه القاعدة تضم القيادة المركزية للقوات الأمريكية فى المنطقة وقيادة القوات الجوية الأمريكية. ولعلنا نتفق مع برنارد هيكل حين يقول فى صحيفة "نوريف" الصادرة فى فبراير 2013 إن السياسة القطرية تتسم بالغرابة وبصعوبة توقعها. فالأمير ليست لديه أيديولوجيات دينية أو سياسية محددة إنما يتحرك بدافع إضفاء الحماية على إمارته الصغيرة. وهذا يوضح أسباب التحالف القطرى الأمريكى.
أما الإستراتيجية الأخرى التى انتهجتها قطر فتتمثل فى رعاية الإخوان المسلمين. الجدير بالملاحظة أنه لا يوجد توافق مذهبى بين قطر وهذه الجماعة التى تسعى للحكم باسم الله بينما قطر تتبنى النزعة الوهابية والمذهب الحنبلى الذى يؤكد على ضرورة الخنوع للحاكم. ما يثير الدهشة أن قطر تتعاطف مع تنظيم الإخوان الذى يسعى إلى إزالة أنظمة الحكم القائمة فى الدول العربية بما فى ذلك الأنظمة الملكية السائدة فى الخليج والتى تتعاون مع القوى الغربية. ومن هذا المنطلق نستطيع أن نؤكد أن هنالك ثمة تناقض فى المواقف القطرية المتمثلة فى تحالفها مع الولاياتالمتحدة وفى تبنيها لمذهب دينى يرفض الأنشطة السياسية التى لا يقرها الحاكم.
لا شك أن قطر تستضيف أبرز أعضاء تنظيم الإخوان منهم الشيخ القرضاوى والشيخ عبد المعز عبد الستار والشيخ أحمد العسال والدكتور كمال ناجى وغيرهم. وكما حدث فى المملكة السعودية فإن جماعة الإخوان المسلمين استطاعت استقطاب الكثير من القطريين الذين لم يتحولوا بعد إلى أعداء للنظام. ولخوف النظام على وجوده إذا استيقظ الوحش الذى يسكن داخله ولمعرفة النظام بنفوذ الإخوان وصلاتهم وعلاقاتهم المتشعبة حول العالم فقد رأى أن يدير أنشطة وطاقات الإخوان فى الدول الأخرى من دون أن يسمح لهم القيام بأية أنشطة داخل قطر.
لقد قام النظام القطرى بتوفير وسائل إعلامية لنشر ايدولوجيتهم وأفكارهم ومن هنا جاءت فكرة إنشاء قناة الجزيرة التى تفتح أبوابها للإخوان وتتصدر شاشتها قيادات الإخوان وعلى رأسهم الشيخ القرضاوى. وكذلك قام النظام بتوفير مواقع الكترونية لنشر الأفكار الإخوانية: اسلام اون لاين واسلام وب. من المرجح أن قطر تكتسب نفوذا وسطوة من خلال الإخوان المسلمين وحلفائهم ومريديهم حول العالم. وهذا ربما يجيب على السؤال الذى يتعلق بأسباب تأييد قطر للإخوان.
لعلنى اتفق مع رأى فريدا جيتيس الوارد فى صحيفة السياسة الدولية الصادرة فى 11 يوليو 2013 تحت عنوان "رهان قطر الكارثى على الإخوان" حيث يشير الكاتب إلى أن سياسة قطر إبان ثورات الربيع العربى تمحورت حول تأييد قوى للإخوان المسلمين. ويستطرد الكاتب قائلا إن سقوط الإخوان فى مصر أوقع الدوحة فى مأزق لا تحسد عليه. من المؤكد أن هذه الأوضاع الجديدة سوف تدفع قطر إلى إعادة النظر فى توجهاتها ومواقفها السياسية تجاه كافة الدول خاصة مصر.