عدلت باريس قانون البغاء الفرنسي فارضة تشديدا على ممارسة الجنس مقابل المال، من خلال فرض الغرامات على الزبائن، من دون التعرض لبائعات الهوى، اللواتي بدأن الاستياء من تراجع أعمالهن. أقر مجلس النواب الفرنسي إدخال تعديل على قانون البغاء بفرض غرامات مالية على الزبائن، في اجراء غايته تشديد الضوابط على تجارة الجنس، ما أحدث انقسامًا بين الفرنسيين وأثار غضب بائعات الهوى. وصوت غالبية النواب لصالح قيود على البغاء تعتبر من الأشد صرامة في اوروبا، وقال مراقبون إن الضوابط الجديدة تشكل ابتعادًا جذريًا عن موقف فرنسا المتسامح تقليديًا مع البغاء. ويواجه الزبائن الآن غرامة قدرها 1500 يورو، في حين أن القانون بصيغته الجديدة لا يفرض أي عقوبة على بائعة الهوى لترويجها بضاعتها. تراجعت أعمالهن
وقالت وزيرة حقوق المرأة نجاة بلقاسم، المغربية الأصل، إن البغاء بكل اشكاله غير مقبول، "وهدف الحكومة الاشتراكية للرئيس فرانسوا هولاند منع تجارة الجسد بأكملها". ويشير مؤيدو القيود الجديدة على البغاء إلى تزايد المتاجرة بالبشر من بين أسباب أخرى وراء تشديد القانون.
وتبين الأرقام الرسمية أن زهاء 90 بالمئة ممن يُقدر عددهن بنحو 40 ألف عاهرة في فرنسا هن ضحايا شبكات نيجيرية وصينية ورومانية للمتاجرة بالبشر. وتُشكل هذه الأرقام طفرة بالمقارنة مع الوضع قبل عشر سنوات، عندما كانت 20 بالمئة فقط من بائعات الهوى أجنبيات، ولم تكن عصابات المتاجرة بأجسادهن منتشرة كما هي اليوم. لكن القانون الجديد كشف انقسامات داخل المجتمع الفرنسي بعد أشهر على التظاهرات الضخمة التي خرجت احتجاجًا على السماح بزواج المثليين. واعرب وزراء فرنسيون، بينهم وزير الداخلية مانويل فالس، عن شكهم في إمكانية تنفيذ القانون بصيغته الجديدة.
وقالت بائعات هوى إن القانون، الذي يجب أن يوافق عليه مجلس الشيوخ ايضًا، سيحرمهن من مصدر رزقهن. ونقلت صحيفة غارديان عن امرأة قدمت نفسها باسم سارة، تعمل بائعة هوى في ضواحي باريس، قولها إن زميلاتها في المهنة بدأن يشعرن بوطأة القانون منذ اسبوعين. واضافت: "الزبائن توقفوا عن المجيء، والقلة الذين يأتون يسألونني سؤالًا واحدًا هو: هل دخل القانون حيز التنفيذ؟".
قوانين اوروبا
يشكل قانون البغاء الفرنسي صيغة وسطية بين قوانين هولنداوالمانيا، حيث تدفع بائعة الهوى المسجلة ضريبة وتتلقى خدمات صحية، وبين القانون المعمول به في السويد التي تستهدف الزبائن بالعقوبة وليس بائعة الهوى. وكانت السويد رائدة في معاقبة من يدفع مقابل الجنس منذ العام 1999 بالسجن ستة أشهر وبدفع غرامة مالية بحسب دخل الزبون. وفيما تشدد فرنسا موقفها من البغاء، فإنه أصبح في المانيا قضية سياسية ملتهبة بعد 11 عاما على إجازة البغاء وشمول بائعات الهوى بالتأمين الصحي والتقاعد. فالمانيا تجيز المواخير لكنها تمنع السمسرة بالاكراه.
واقتدت النرويج بمثال السويد في العام 2009 فارضة عقوبة السجن ستة أشهر على الزبون، مع امكانية تشديدها إلى سنة إذا كان فعل الجنس مهينا بصفة خاصة. واختفت بائعات الهوى من المشهد في أوسلو بعد تطبيق القانون، لكنهن بدأن العودة تدريجًا إلى شوارع العاصمة. وفي ايسلندا، يمكن حبس من يدفع مقابل الجنس سنة كاملة، إذا كانت بائعة الهوى بالغة، وسنتين إن كانت قاصرًا.