قالت امرأة رواندية قد جُلبت الى شقة في جنوبلندن وأجبرت على ممارسة البغاء ويجمع الرجل الذي يحتجزها ما تكسبه من نقود "اعتقد أنهم لن يعودوا اذا عرفوا الحقيقة." فهل يعبأ مئات الرجال الذين مارسوا الجنس مع "أليشيا" اذا عرفوا أنها كانت أسيرة لدى احد من يمارسون تجارة البشر، وانه اغتصبها وأجبرها على ممارسة البغاء... وأنها أصيبت بالفيروس المسبب لمرض نقص المناعة المكتسب (الايدز). لكن المرأة التي طلبت استخدام اسم مستعار؛ خوفا من أن يتعقبها مستغلوها، استطردت قائلة "ذلك لا يشغلهم في نهاية الامر.. لقد دفعوا مالا وحصلوا على مقابل ما دفعوه." والتزايد في أنشطة الاتجار في البشر لاستغلالهم في الجنس يدفع الكثير من الدول لاعادة التفكير في قوانينها الخاصة بالبغاء، واعادة فحص الاطر القانونية التي تعاملت لعقود من الزمن مع شراء الجنس على أنه ضرر اجتماعي أو "جريمة بلا ضحايا". واقترحت حكومة النرويج- قبل أسبوع- تغريم زبائن العاهرات أو سجنهم لمدد تصل الى ستة أشهر في محاولة للقضاء على الاتجار في البشر، قائلة ان القانون سيطبق على مواطنيها في النرويج وخارجها. ويظهر بحث أجرته الحكومة البريطانية أنه كان هناك ما يقدر بحوالي أربعة الاف ضحية للاتجار في البشر بغرض البغاء في بريطانيا في عام 2003. وتزايد الرقم الى ثلاثة أمثاله منذ عام 1998 حسبما تشير بيانات وزارة الداخلية. والزبائن الذين دفعوا لاليشيا لم ينتهكوا أي قوانين بريطانية؛ فالرجال قد يحاكمون لملاحقة العاهرات، لكن الدفع مقابل الجنس في شقة خاصة ليس جريمة. ولاثبات الاغتصاب يتعين على الشرطة أن تتبين أن الزبون كان على علم بأن أليسيا لم تكن راغبة. وتريد فيونا ماك تاجارت وهي وزيرة سابقة ومن أعضاء البرلمان عن حزب العمال الحاكم تغيير هذا. وتقول "الرجال الذين يدفعون مقابل ممارسة الجنس مع امرأة هي ضحية للاتجار في البشر يدفعون أساسا مقابلا للاغتصاب." وماك تاجارت عضوة في مجموعة من أعضاء البرلمان من حزب العمال ترغب في فرض عقوبات جنائية على عاهرات الشوارع مع وضع برامج مشورة لاخراجهم من النشاط وتجريم دفع أموال مقابل ممارسة الجنس. وتدرس وزارة الداخلية البريطانية قوانين دول أخرى، بينما تجري مراجعة في المدى القصير لمعرفة ما يمكن عمله للتعامل مع الطلب على الدعارة. واحتدم الجدل بعد مقتل خمس عاهرات مدمنات للمخدرات في عام 2006 في أنحاء بلدة أبسويتش على يد سائق رافعة حكم عليه بالسجن مدى الحياة في فبراير/شباط الماضي. وتمثل مقترحات تاجارت تحولا جذريا عن التفكير السابق. وقبل سنوات قليلة كانت عضوة في حكومة عمالية لمحت الى أنها قد تتحرك لتقنين الدعارة. والذين يؤيدون جهود معاقبة الرجال الذين يشترون الجنس يريدون تقليص الدعارة بالتعامل مع جانب الطلب بدلا من العرض. ويمضي التبرير قائلا انه اذا عرف الرجال قدرا أكثر عن العنف المصاحب لتجارة الجنس، وواجهوا احتمالا للمعاقبة أكثر مصداقية؛ فانهم سيكونون أقل عرضة لاغراء الدفع مقابل الجنس. وقال روجر ماثيوس استاذ علم الاجرام في جامعة ساوث بنك في لندن "بعد 15 عاما من اجراء مقابلات مع عاهرات، لا أظن أنني قابلت قط امرأة لم تكن واقعة في لحظة ما من حياتها تحت رحمة رجل تلتف يداه حول رقبتها، أو مهددة بسكين، أو تعرضت للضرب، أو الاغتصاب." واستهلت السويد هذا الاتجاه في أوروبا بتجريم الدفع مقابل الجنس في عام 1999. وسافر مسؤولون من وزارة الداخلية البريطانية الى بلدان من بينها السويد لدراسة القوانين. وتختلف القوانين من مكان لاخر في أرجاء أوروبا.. ففي هولندا التي تشتهر بمنطقة دعارة في امستردام البغاء مشروع، وهو يقتصر على مناطق تخضع للسيطرة وان كانت المدينة تريد التراجع جزئيا عن التقنين الكامل الذي طبق في عام 2000 لانه لم يحقق الغرض منه باخراج المهنة من الظل وحماية محترفات الجنس. وقننت الدنمارك الدعارة في عام 1999، والدعارة مشروعة في ألمانيا ولكن الدعارة الاجبارية جريمة. وفي فرنسا، فان الدعارة ليست مجرمة كما هي الحال في بريطانيا ولكن التجوال على الطرق السريعة العامة والقوادة جريمتان. وتزدهر الدعارة في ظل خليط من القيود التي تطورت على مر السنين. ففي بريطانيا المواخير محظورة قانونا، ولكن "حمامات البخار" و"بيوت التدليك" وكثيرا منها واجهات مستترة للدعارة حسبما تشير الشرطة تعمل بموجب تراخيص تصدرها السلطات المحلية. وحقيقة ان عددا كبيرا جدا من النساء اللاتي كن ضحايا للاتجار في البشر يرغمن على ممارسة الدعارة أضافت للنقاش الحاحا جديدا. وتقول الاممالمتحدة ان ثورة في النقل الممكن تحمل تكلفته والاتصالات الفورية زادت من الاتجار في البشر خلال العقد المنصرم حيث تقدر قيمة النشاط الآن بحوالي 30 مليار دولار. ويقدر أن حوالي 85 في المئة من النساء اللاتي يعملن في مواخير بريطانية من خارج بريطانيا وهو انقلاب عما كان عليه الوضع قبل عشر سنوات حيث كان 85 في المئة منهم بريطانيات. وهناك نساء يرين أن من حقهن بيع الجنس وأن محاكمة الزبائن سيجعل النشاط أكثر خطورة وحسب. ومن بين المعارضين لاي تجريم للنشاط أماندا بروكس وهي عاهرة سابقة من تكساس بالولاياتالمتحدة ألفت كتابا بعنوان "دليل الانترنت". وقالت "اتفهم لماذا تريد المدافعات عن المرأة تقليص الطلب. وانني مؤيدة بشدة. انني فقط اعتقد أن هناك حاجة لان نكون واقعيين قليلا. وحتى في الولاياتالمتحدة التي تجرم كلا من شراء الجنس وبيعه؛ فانه يظل صناعة مزدهرة." ولا يوجد رضا في حالة أليشيا. والآن أصبحت حرة بعد أشهر من الاستغلال وتحاول البدء في التغلب على تجربتها. وتقول "تعتقدون دائما أنني لو كنت أقوى واذا بحت بسري واذا صرخت في العالم؛ فانهم قد ينصتون... كل ما كنت أفكر فيه هو أنني أريد أن اقتل نفسي، ولكنني الآن أن هناك ما يستحق لان أحيا لأجله." (رويترز)