الغرفة المركزية لحزب الجبهة الوطنية تتابع سير انتخابات مجلس النواب في ال 19 دائرة    تحديث أسعار السلع الأساسية في مصر: انخفاض في معظم المنتجات الغذائية    مصر وتونس تعقدان الاجتماع الرابع للجنة الفنية لتعزيز التعاون الاستثماري    ملك البحرين أمام قمة التعاون الخليجي: ضرورة استكمال خطة السلام في غزة (فيديو)    مدرب تونس: طوينا صفحة الخسارة أمام سوريا وجاهزون لفلسطين    صلاح يبحث عن ضم سندرلاند لقائمة ضحاياه    جوليان ألفاريز يدخل اهتمامات برشلونة رغم تعقيدات الصفقة المالية    بالأسماء.. «الصحة» تغلق 8 مراكز غير مرخصة لعلاج الإدمان في مدينة الشروق    محافظ الجيزة يتفقد نسب التنفيذ بمشروع تطوير حديقة الحيوان    احتفاءً بنجيب محفوظ.. معرض القاهرة للكتاب يطلق مسابقة فنية لإعادة تصميم أغلفة رواياته    هكذا أحيت ريهام عبدالغفور الذكرى الثانية لوفاة والدها    في عيد الكاريكاتير المصري الخامس.. معرض دولي يحتفي بالمتحف المصري الكبير    تحذير من انتشار «التسويق القذر»| أمين الفتوى يوضح مخاطره وأثره على الأخلاق والمجتمع    الكشف على 916 مواطنا ضمن قافلة طبية مجانية فى الإسماعيلية    مصر السلام.. إيديكس 2025.. رسائل القوة بقلم    هيئة البث الإسرائيلية: التصعيد العسكري ضد لبنان مسألة وقت    الأرصاد: استمرار انخفاض درجات الحرارة الملحوظ على مختلف أنحاء البلاد.. فيديو    الداخلية تضبط المتهمين بالاستعراض بتروسيكل    الداخلية تضبط سيدة توزع أموالا على الناخبين فى طهطا    دمشق: تأييد 123 دولة لقرار الجولان يعكس الدعم الكبير لسوريا الجديدة    حتى الآن.. 60 طعنا أمام الإدارية على نتيجة المرحلة الثانية لانتخابات النواب    السيدة انتصار السيسي تحتفي بيوم أصحاب الهمم: قلوب مليئة بالحب    مراسل إكسترا نيوز: 18 مرشحا يعودون للمنافسة فى الفيوم بعد قرار الإلغاء    دونالد ترامب يحضر قرعة كأس العالم 2026    بداية شهر رجب 1447 هجريًا... الحسابات الفلكية تكشف موعد ظهور الهلال    رئيس الوزراء يهنئ منتخب مصر للكاراتيه    أطعمة تعالج الأنيميا للنساء، بسرعة وفي وقت قياسي    الصحة تعلن ضوابط حمل الأدوية أثناء السفر| قواعد إلزامية لتجنب أي مشكلات قانونية    لاول مرة فى مستشفي شبين الكوم بالمنوفية..استخراج ملعقة من بطن سيدة مسنة أنقذت حياتها    ستوري بوت | لماذا احتفى الشعب المصري والعربي ب «دولة التلاوة»؟    الأمن يضبط قضايا إتجار فى العملات الأجنبية تتجاوز 3 ملايين جنيه    زيارة دبلوماسية يابانية إلى فلسطين لتعزيز جهود الإعمار وتحقيق حل الدولتين    وزير قطاع الأعمال: الروابط الراسخة بين مصر والإمارات ركيزة أساسية للتنمية والاستثمار    على رأسها رونالدو.. صراع مشتعل على جائزة مميزة ب جلوب سوكر    وزيرا التخطيط والمالية يناقشان محاور السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية    «مشوفتش رجالة في حياتي».. أبرز تصريحات زينة    وزير البترول والثروة المعدنية يستعرض إصلاحات قطاع التعدين ويبحث شراكات استثمارية جديدة    العربية للتصنيع توقع مذكرة تفاهم واتفاقية تعاون مع شركة "Sofema" الفرنسية في صيانة وعمرة محركات الطائرات    محافظ القاهرة يوجه بوضع خطة عاجلة لتطوير الحديقة اليابانية بحلوان    مذكرة تفاهم بين غرفة صناعة الملابس الجاهزة والوكالة الألمانية لدعم تطوير القطاع الصناعي    طلاب ثانية إعدادي يؤدون اختبار مادة العلوم لشهر نوفمبر بالقاهرة    موعد صلاة الظهر.... مواقيت الصلاه اليوم الأربعاء 3ديسمبر 2025 فى محافظة المنيا    هالاند: الوصول ل200 هدف في الدوري الإنجليزي؟ ولم لا    3 ديسمبر 2025.. أسعار الخضروات والفاكهة بسوق العبور للجملة    مجلس حكماء المسلمين يشارك بجناح خاصٍّ في معرض العراق الدولي للكتاب 2025    محافظ الإسكندرية يتفقد لجان الاقتراع بدائرة الرمل    «غني بالمعادن ومضادات الأكسدة».. الفوائد الصحية للعنب    احتفاءً بأديب نوبل، القاهرة للكتاب والوطني للقراءة يطلقان مسابقة لإعادة تصميم أغلفة روايات محفوظ    «ميدوزا»: كفاءة عالية رغم سوء الأحوال الجوية    مركز المناخ يحذر من نوة قاسم: تقلبات جوية عنيفة وأمطار من الخميس حتى الاثنين    «الشؤون النيابية» تحيي اليوم العالمي لذوي الإعاقة: قيمة مضافة للعمل الوطني    الأمم المتحدة تعتمد قرارا يطالب إسرائيل بالانسحاب من الجولان وسط اعتراض أمريكي-إسرائيلي    مواعيد مباريات اليوم.. مهمة محلية لصلاح ومجموعة مصر في كأس العرب    الرئيس الكولومبي يحذر ترامب: مهاجمتنا تعني إعلان الحرب    دعاء صلاة الفجر اليوم.. فضائل عظيمة ونفحات ربانية تفتح أبواب الرزق والطمأنينة    «السيدة العجوز» تبلغ دور ال8 في كأس إيطاليا    «الوطنية للانتخابات»: إعادة 19 دائرة كانت قرارًا مسبقًا.. وتزايد وعي المواطن عزز مصداقية العملية الانتخابية    وكيل الأوقاف: المسابقة العالمية للقرآن الكريم حدث فريد يجمع الروحانية والتميز العلمي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمد الباز يكتب : سامى عنان رئيسا لمصر بدعم سلفى ومباركة أمريكية
نشر في الفجر يوم 30 - 11 - 2013

الخطة بدأت من مطروح.. والإخوان لن يترددوا فى تأييدها

سلفيو مرسى مطروح كانوا أول من أعلن تأييد عنان كمرشح فى الانتخابات الرئاسية.. والأمريكان لن يمانعوا فى إعادة سيناريو الرئيس العسكرى والحكومة الإسلامية

فى واحدة من المناسبات الكثيرة التى أصبح سامى عنان يحضرها لتحضير نفسه كمرشح رئاسى فى الانتخابات القادمة، التف حوله عدد من الموجودين، ليسألوه عن جديته فى ترشيح نفسه رغم أن هناك من الشارع المصرى اتجاهات كثيرة ضده، إلا أن سامى استخف بهذا الكلام، وأكد لسائليه أنه بالفعل سيرشح نفسه، وأنه واثق من الفوز، ولما سأله أحدهم: وكيف تضمن الفوز؟ رد سامى وبسرعة: هناك من يقفون خلفى ولن يتركونى.

وقتها خمن البعض أن سامى عنان يقصد رجال الأعمال الذين جلس إليهم ووعده بعضهم أنهم سيمولون حملته وسيقفون إلى جواره، لكن الجنرال الغامض لم يكن يقصد هؤلاء على الإطلاق، بل كان يعنى ما يقصده، بأن هناك كثيرين يقفون خلفه، وهؤلاء أقوياء جدا للدرجة التى يمكن أن يصلوا به إلى كرسى الرئيس.

لقد أدرك سامى عنان مبكرا أن هناك رقماً صعباً جدا فى معادلة السياسة المصرية الآن، هذا الرقم يمثله السلفيون، الذين يقفون فى المنطقة الرمادية، فهم من ناحية لم يقفوا إلى جوار الإخوان المسلمين، بل كانوا متواجدين وبقوة فى جلسة إعلان عزل محمد مرسى بما يعنى أنهم باركوا الثورة عليه، ومن ناحية أخرى هم لا يرضون كل الرضا عما يحدث، فيجمعون بين تأييد من أيدوا الثورة ودعم من يغضبون عليها.

ثم أنهم وفى مساحة خاصة جدا يعملون على الأرض، بينما تتصارع كل القوى المدنية على مكاسب صغيرة وحقيرة، لقد ترك الإخوان المسلمون وراءهم أكثر من 400 أسرة فقيرة فى قرى ونجوع وكفور مصر، كانت الجماعة تتكفل بهم، وعندما زالت الجماعة وزال حكمها شعرت هذه الأسر باليتم والقهر، وكان من المفروض أن تلتفت إليها الحكومة، أو على الأقل يعمل رجال الأعمال المساندون للثورة على سد هذه الثغرة، لكن كان أن تراجع الجميع، فتقدم السلفيون ليسدوا هذه الثغرة، وليضمنوا ولاء هذه الأسر، وولاء من يعجبهم ما يقوم به السلفيون.

تقريبا لا أحد يستعد للانتخابات البرلمانية ومن بعدها أو من قبلها الانتخابات الرئاسية إلا مجموعات السلفيين الذين يتعاملون مع أنفسهم على أنهم الوريث الشرعى والمستحق لميراث الإخوان المسلمين، لكنهم أذكى من الإخوان، رغم أن الجماعة كان لها سابق عمل بالسياسة، ولذلك لن يتقدموا برئيس فى الانتخابات الرئاسية، لأنهم يدركون تماما أن رئيساً يحمل صبغة الجماعات السياسية الإسلامية لن يكون مرضيا عنه ولا مرحبا به، ولن يمنحه الناس ثقتهم ولا تأييدهم ولا أصواتهم بعد ما أحدثه محمد مرسى ومن خلفه جماعة الإخوان المسلمين بالشعب المصرى، وعليه فإن التقدم بأى مرشح متأسلم فى الانتخابات الرئاسية سيعنى نهاية لحلم السلفيين فى السلطة.

السلفيون فعليا أنعم من الإخوان المسلمين، وأكثر قدرة على التعامل مع الجماهير ثبت هذا خلال العام الذى حكم فيه مرسى، والذى اقتنص فيه الإخوان نسبة كبيرة من المقاعد البرلمانية، ثم أنهم وهذا هو المهم ليست لديهم عقدة السلطة، فهم لم يعانوا مثلما عانى الإخوان المسلمون، ولذلك لن يأتوا إلى الحكم وهم يحملون ثأرا يريدون أن يخلصوه من الداخلية أو الجيش أو الشعب، ولذلك فإن أعصابهم أهدأ كثيرا وهم يعملون ولا يتعجلون جنى الثمار، وإن كانوا مصرين على جنيها.

لكل هذه الأسباب كان السلفيون الحليف الأنسب لسامى عنان، والذين عقد معهم اتفاقا بالفعل على أن يكونوا سنده وظهيره فى الانتخابات الرئاسية، وهو اتفاق لن يتوقف عند المساندة والدعم والتأييد، ولكن سيحصل السلفيون على المقابل بحيث يحتلون عددا من المناصب الوزارية، فهم حتى الآن لا يفكرون فى رئاسة الحكومة، بل يمكن أن يتركوها لآخرين.

المفاجأة أن الاتفاق بين سامى عنان والسلفيين ليس مجرد اتفاق داخلى، ولكنه تم بمباركة ورعاية أمريكية، وهذه قصة لها عدة أطراف يمكن أن نفصلها على النحو التالى.

الطرف الأول: هو سامى عنان الذى راق للأمريكان بعد ثورة يناير، والذى بشرت به صحف أمريكية عديدة بأنه سيكون الرئيس الأنسب لمصر، ولن يتكون أمامه عوائق كثيرة إلا أن الثوار يمكن أن يتعاملوا معه على أنه أحد رجال مبارك، لكن هذا لم يمنع طرحه كرجل يمكن أن تتفاهم معه الإدارة الأمريكية.

الطرف الثانى: وهم السلفيون والذين قاموا بفتح خط مباشر مع الأمريكان، وهو ما اعترف به الدكتور سعد الدين إبراهيم، فقد طلبوا منه وبشكل مباشر أن يجلسوا مع المسئولين الأمريكان، فهم لا يريدون أن تكون معرفة البيت الأبيض بهم من خلال الإخوان، ولأن الجماعة كانت قد باعت سعد الدين إبراهيم، ولم تلتفت له، ولم تدعه من الأساس إلى افتتاح مقرها فى المقطم الذى لا يبعد إلا خطوات عن مركزه ابن خلدون، رغم أنه من فتح الطريق للإخوان للتواصل مع الأوروبيين ومن بعدهم الأمريكان، فقد تحمس سعد وذهب السلفيون إلى أمريكا بدعمه وتحت رعايته، وكان هذا سببا مباشرا فى حالة الاحتقان الشديدة التى جمعت بين الإخوان والسلفيين، فقد اعتبرت الجماعة أن السلفيين يقدمون أنفسهم كبديل للإخوان، بعد أن ضجت الجماهير من الجماعة وقررت أن تخلعها.

الطرف الثالث: كانت هناك خطة أمريكية وضعت بذورها مبكرا جدا، وهى أن يكون الرئيس عسكرياً (وكان عنان مرشحاً للرئاسة فى هذه الخطة) وتكون الحكومة إسلامية (وكانت جماعة الإخوان هى المرشحة لتولى المسئولية)، وكانت الخطة مقاربة تماما للنموذج الباكستانى الذى جاءت آن باترسون التى كانت سفيرة لأمريكا فى باكستان لتنفيذه، لكن جماعة الإخوان المسلمين لم تستسلم لهذا السيناريو، فبعد أن اكتسحت الانتخابات البرلمانية وأدركت أنها قادرة على أن تقود الجماهير إلى حيث تريد عرضت نفسها للتولى القيادة بشكل كامل، فلا حاجة ليكون هناك رئيس عسكرى، طالما أن الجماعة ستقدم للأمريكان كل ما يريدون، فلم يكن من الأمريكان إلا أنهم استبعدوا سامى عنان وبلا رحمة، بل ونكلوا به عندما باركوا عملية طرده من منصبه هو والمشير طنطاوى، بعد زيارة لوزيرة الخارجية الأمريكية السابقة هيلارى كلينتون قالت فيها بعد أن قابلت طنطاوى: إنه متعب ولابد أن يستريح.

يبدو وبشكل واضح أن هذا السيناريو يعود الآن وبقوة، فالرئيس يمكن أن يكون عسكرياً أمريكا لا تمانع فى ذلك على الإطلاق، وقد تكون محاولات الفوضى المتتابعة التى تحدث الآن هدفها الوحيد هو حرق الفريق أول عبد الفتاح السيسى وإبعاده عن المنافسة الانتخابية، وذلك لإفساح الطريق أمام عنان، الذين يمكن أن يسانده السلفيون ويقفون إلى جواره فى مقابل مكاسب سياسية تمكنهم من أن يكونوا الأغلبية فى الحكومة.

هل ظهرت لهذا السيناريو أى دلائل على الأرض حتى الآن؟

هناك بالطبع الكثير من الدلائل، ولعلكم تذكرون الضجة التى صاحبت زيارة سامى عنان إلى مرسى مطروح من عدة أسابيع، وهى الزيارة التى قيل فيها إن عنان رشح نفسه للانتخابات الرئاسية، إلا أنه عاد وسريعا جدا لينفى أن يكون صرح بشىء من هذا، وإنما هناك من يريد أن يدفع به إلى السباق مبكرا حتى يتم حرقه.

بعض ما قاله سامى عنان كان صحيحا، وبعض ما قاله لم يكن كذلك، فصحيح أنه لم يعلن بنفسه أنه سيرشح نفسه فى انتخابات الرئاسة القادمة، لكن وفى مرسى مطروح كان السلفيون هم من أعلنوا ذلك مؤكدين دعمهم الكبير له، وضاع هذا التقارب بين السلفيين وعنان تحت ظلال الضجة الكبيرة التى صاحبت ما قيل عن ترشحه، حيث بدا أن قطاعات كثيرة وتحديدا من الشباب يرفضون ترشحه محملين إياه مسئولية الأحداث التى شهدتها الفترة الانتقالية ومن بينها ماسبيرو ومحمد محمود ومجلس الوزراء وبورسعيد، وهى الأحداث التى سقط فيها شهداء كثيرون من الصعب أن ينسى أحد دماءهم التى لم يحاسب أحد عليها حتى الآن.

الاتفاق الواضح بين السلفيين وسامى عنان سيكون فى صالحه تماما، ليس لأنه سيضمن له أصوات السلفيين فقط، ولكن لأنه سيضمن له أصوات كتل كثيرة من أعضاء الجماعات الإسلامية، لن تجد أمامها فى النهاية إلا أن تنضم على معسكر الإسلاميين الذى يمكن أن يختلفوا فى التفاصيل لكنهم فى النهاية يمكن أن يجتمعوا على الهدف الأكبر وهو الوصول إلى السلطة ولو من أبواب خلفية.

الجماعة الإسلامية التى بدأت الانشقاقات تضربها الآن لن تكون بعيدة عن الفريق سامى عنان، خاصة أن هناك سابقة تقارب بينهما، فقبل الانتخابات الرئاسية الماضية اجتمع عدد من قيادات الجماعة الإسلامية مع أحد المقربين من المجلس العسكرى وقتها، وطلبوا منه بشكل رسمى أن يسأل قيادات المجلس العسكرى عمن يؤيدون فى الانتخابات الرئاسية، واقترح بعضهم فى هذا الاجتماع أنهم على استعداد لمساندة المشير طنطاوى أو الفريق سامى عنان إذا ما رشحوا أنفسهم فى الانتخابات الرئاسية، لكن المجلس العسكرى لم يتواصل معهم وقتها ولم يستجب لعرضهم.

لكن الآن يمكن أن تمتد حبال الود بين سامى عنان والجماعة الإسلامية من جديد، خاصة أنه يحاول الآن أن يتقدم بأوراق اعتماده لدى الجميع، من خلال إظهاره حالة من العداء والخصام والخلاف مع الفريق أول عبد الفتاح السيسى الذى يتعامل معه الإسلاميون على أنه عدوهم الأول.. ولن يتعاونوا معه أبدا، ولذلك سيكون من السهل عليهم أن يتعاونوا مع من يبدى معه اختلافا.

بأصوات الإسلاميين سيكون سامى عنان رقما صعبا جدا فى الانتخابات الرئاسية القادمة، ولن يتورع الرجل عن التعاون مع هؤلاء الذين لفظهم المصريون قبل ذلك، لكنه سيكون بذلك سلم مصر مرتين لمن يريدون أن يعودوا بها إلى الوراء.

كان يجمع معلومات عن شخصيات مصرية مهمة

ملف تجسس السفير التركى على مصر

كان الخبر سعيدا ما فى ذلك شك، الحكومة تتخلى عن ترددها ونطاعتها وتصدر قرارا بطرد السفير التركى من القاهرة باعتباره شخصا غير مرغوب فيه... اعتقد من هللوا للقرار للوهلة الأولى أنه سياسى، فالحكومة التى تقرأ وتشاهد استفزازات أردوغان كل يوم فاقت من نومها وغفوتها وغفلتها، وأخذت أخيرا قرارًا ينسجم مع موجة الرأى العام.

لكن الحقيقة التى يمكن أن تعتبرها مؤلمة أن الحكومة لم تتحرك من تلقاء نفسها، ولو ظل أردوغان على وضعه وبذاءاته ما تحرك الببلاوى ورجاله أبدا، لكن التحرك كان بعد أن وضعت الجهات الأمنية يدها على ملف متخم بالأوراق والوقائع التى لا تشير إلى إساءة السفير التركى حسين عونى التصرف أو الإخلال بمهام وظيفته الدبلوماسية، ولكن تؤكد أنه كان جاسوسا مكتملا على مصر، وأنه كان ولا يزال يعمل من أجل جماعة الإخوان المسلمين.

أشارت التقارير الصحفية التى تابعت خروج حسين عونى من مصر مطرودا ذليلا إلى أنه كان يجمع معلومات عن شخصيات مصرية مهمة، وبديهى جدا أن هذه الشخصيات كانت تناهض الإخوان المسلمين، ولن يكون بعيدا أيضا أن جمع المعلومات عنها كان بقصد تصفيتها، خاصة أن المخابرات التركية متورطة فى أحداث الفوضى التى تشهدها مصر منذ ثورة يونيو، ولم تكن بعيدة بأى حال من الأحوال عن عمليات الاغتيال التى قصدت رجال الجيش والشرطة.

هذه التهمة كانت كافية جدا لمساءلة السفير التركى قبل ترحيله إلى بلاده، لكن المفاجأة أن الملف المتخم بالأوراق يشير إلى أن عونى كان متورطا حتى أذنيه فى أنشطة أخرى، ويكفى أن نشير إلى واقعتين فقط، أعتقد أنهما كافيتان جدا للتأكيد على أن هذا الرجل ما كان يجب أن يخرج من مصر، وكان يجب القبض عليه، خاصة أن الأدلة على تجسسه موجودة ومؤكدة وموثقة.

الواقعة الأولى تشير إلى أن حسين عونى تقريبا كان يقوم بنفس الدور الذى كانت تقوم به السفيرة الأمريكية آن باترسون فى مساندة ودعم جماعة الإخوان المسلمين، لكن عونى كان قد وصل إلى مرحلة من التآمر غير مسبوقة، فقبل ثورة 30 يونيو كان قد التقى بمحمد مرسى وهو يحمل معه خطة متكاملة الأركان لإجهاض الثورة وتفتيت قوة الجيش.

كانت الخطة التى يحملها عونى تقوم على الخبرة التركية فى التعامل مع الجيش، وهى أن يقوم محمد مرسى بالإطاحة بكل قيادات الجيش العليا، وأن يضحى تماما بقيادات الأفرع، ويقوم بعد ذلك بتصعيد القيادات الوسيطة إلى المناصب العليا، فيحتفظ بولاء هؤلاء له ولنظامه، ويكون فى الوقت نفسه قد تخلص من القادة المناوئين له.

لم يستطع محمد مرسى أن ينفذ الخطة التركية، ليس لأن القيادات العليا فى القوات المسلحة أيقنت إلى ما يريده الرئيس الإخوانى، ولكن لأن القيادات الوسيطة فى القوات المسلحة كانت داعمة تماما لما تقوم به القيادات العليا، بل كانت هى المحرضة على الوقوف فى وجه الإخوان، لأنهم كانوا الأكثر إحساسا بالخطر من اختطاف الإخوان المسلمين لمصر.

الواقعة الثانية التى تشير إلى تجسس السفير التركى حسين عونى أنه كان يدعم مجموعة إرهابية بالمال والمعلومات، ورصدت الأجهزة الأمنية أن هذه المجموعة تخطط بالفعل لتفجيرات فى أماكن شعبية عديدة من بينها منطقتا الحسين والسيدة زينب، وأن هذه الواقعة على وجه التحديد هى التى جعلت الجهات الأمنية ترفع تقاريرها وتطالب بسرعة التصرف مع السفير التركى.

طبقا للمعايير الدبلوماسية فإن الحكومة ما كانت لتقدر على فعل شىء آخر مع السفير التركى، تبلغه فقط بأنه غير مرغوب فيه، تستدعيه إلى وزارة الخارجية لتبلغه بالقرار وينتهى الموضوع، ورغم أن هذا ما حدث فعلا، لكن السؤال هو لماذا لم تلق السلطات المصرية القبض على السفير التركى، لماذا لم تعلن بشكل واضح وصريح عن الوقائع التى تثبت تجسس هذا الرجل وتقدمه للمحاكمة.

أعرف أن الحكومة المصرية لم تقرر بعد قطع العلاقات مع تركيا، فأردوغان فى النهاية ليس إلا جملة اعتراضية سرعان ما ستنتهى، ولذلك فلا داعى للتصعيد إلى نهايته ويكفى ما يحدث، فقد تكرر هذا الأمر أكثر من مرة، دولة تمسك بسفير دولة أخرى لديها متهما بالتجسس، فتكتفى بأن تطلع دولته على ملف تجسسه ثم تقوم بترحيله وينتهى الأمر.

لا أريد بالطبع أن تعلن مصر الحرب على تركيا، فقد انتهى زمن الحروب المباشرة، ولكن كان من الأولى بالحكومة والتى حصلت على ملف السفير التركى واطلعت على وقائع تجسسه أن تعلنها على الرأى العام المصرى، وعدم الاكتفاء بالإشارات والتسريبات السريعة التى من شأنها أن تثير الشكوك فى النفوس، وبدلا من أن تكون حاسمة تدخلنا فى متاهات... لكنها على أية حال عادة الحكومة ولن تشتريها.

قد يكون هذا كلام السياسة والدبلوماسية وهو مقبول على هذا المستوى، لكنه ليس مقبولا على المستوى الشعبى، فعندما يقول وزير الداخلية فى مؤتمر صحفى إن عناصر كثيرة من بين الذين نفذوا العمليات الإرهابية الأخيرة فى مصر تلقوا تدريبات مكثفة فى تركيا، وطبيعى أن يكون هذا التدريب تم تحت رعاية الحكومة التركية، وطبيعى أكثر أن يكون السفير التركى على علم بمعسكرات التدريب، فهو من سهل الدخول والخروج للإرهابيين.

على أية حال قد يكون الحكم الشعبى كافيا الآن جدا على السفير التركى وعلى الذين يشغلونه، بأنهم مجموعة أمن الجواسيس الذين يريدون تخريب مصر ولا يتورعون عن ارتكاب كل الخطايا من أجل الوصول إلى هدفهم، وأعتقد أن حالة الجفوة والجفاء التى تشكلت بين مصر وتركيا على المستوى الشعبى ستستغرق سنوات طويلة، ولن يتم تذويب الجليد بسهولة بين البلدين.


■ عونى قابل مرسى قبل ثورة يونيو ووضع أمامه خطة إقالة قيادات الصف الأول فى الجيش وتصعيد القيادات الوسيطة حتى يضمن ولاء الجيش

■ دعم مجموعة إرهابية بالمال والمعلومات كان هدفها تنفيذ عدة تفجيرات فى منطقة الحسين والسيدة زينب


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.