كنت أتابع أحد البرامج الحوارية فى إحدى القنوات الفضائية العربية، وكانت الحلقة تدور حول الجماعات الإسلامية الجهادية حين نوهت مقدمة البرنامج إلى أن ضيفها سوف يكون هو الدكتور محمد حمزة رئيس منتدى الشرق الأوسط للدراسات الإستراتيجية، وحين ظهر الضيف فوجئت بأنه هو الدكتور سمير غطاس الذى سبق أن شاهدته فى قنوات عديدة، بما فى ذلك تلك القناة ذاتها، حيث كان يبهرنى دائما بسعة إلمامه بالحركات الجهادية الإسلامية عموما، وبالجماعات الفلسطينية خصوصا، وقد توقعت أن يقوم الدكتور سمير غطاس بتصحيح الاسم الذى قدمته به المذيعة وتوضيح أنه غطاس وليس حمزة، لكنه وياللعجب لم يفعل، بل راح يتكلم وكأن اسمه د محمد حمزة فعلا، وكلما سألته المذيعة: يادكتور محمد هل تتكرم وتوضح لنا أسباب كذا وكذا، كلما سألته المذيعة مثل هذا السؤال راح يجيب وكأنه الأستاذ محمد بالفعل !!!.. وقد دفعنى هذا الموقف الملغز إلى أن أبحث فى شبكة الإنترنت عن العلاقة بين: «سمير غطاس» و«محمد حمزة»، وسرعان ما زالت دهشتى حين عرفت أن سمير غطاس باحث مصرى التحق بصفوف الثورة الفلسطينية بعد زيارة السادات للقدس، وتحديدا بصفوف منظمة فتح، وأنه من موقع اتباعه للتقاليد التى جرى عليها العمل فى: «فتح»، فقد اتخذ لنفسه اسما حركيا هو محمد حمزة!!.. فإذا ما قدر لك عزيزى القارئ أن تستمع يوما ما إلى مذيع ما يقدم لك الدكتور: «محمد حمزة»، ثم فوجئت بعد ذلك بأنك تشاهد الدكتور غطاس، فلا تندهش مثلما سبق أن اندهشت أنا، لأن حمزة هو غطاس. ***
حرصت على مشاهدة الحوار الذى أجراه الإعلامى المعروف مفيد فوزى مع الدكتور مراد وهبة، لأن الدكتور مراد لديه ما يقوله، ولديه ما هو جدير بأن يصغى إليه، وقد لفت نظرى على مدى الحوار كله أن الأستاذ مفيد ينطق كلمة: «فيلسوف» مقدما اللام على الياء، أى هكذا: «فليسوف»، ربما لأنه يتصور أنه مادامت اللام تأتى بعد الفاء مباشرة فى كلمة: «فلسفة» فلابد أن تأتى بعدها مباشرة أيضا فى سائر الكلمات المشتقة منها، (وهو تصور غير صحيح بطبيعة الحال)، المهم أن الدكتور مراد قد كرر الكلمة بنطقها الصحيح عشرات المرات على مسمع الأستاذ مفيد، لكن الأستاذ مفيد لم يلتفت إلى النطق الصحيح وظل مصمما على أنها: «فليسوف».. وهو ما يؤكد لنا أنه لايجدى كثيرا أن تلفت إلى الصواب من عاش طول عمره متمسكا بالخطأ.
***
قرأت فى أحد الأعمدة مقالا حافلا بالأخطاء يتكلم عن المجادلات البيزنطية وينسبها إلى السوفسطائيين، كما ينسب إليهم أنهم عاشوا فى أثينا فى منتصف القرن الخامس عشر قبل الميلاد (ظهر السوفسطائيون بعد ذلك التاريخ بعشرة قرون تقريبا، كما أن أحدا منهم لم يؤثر عنه أنه سافر إلى بيزنطة أو عاش فيها!!).. الحقيقة أن المجادلات البيزنطية تنسب إلى قساوسة بيزنطة الذين كانوا فى عام 1453م، يجتمعون فى كنيسة «أيا صوفيا» لكى يتجادلوا فى أمور من قبيل: هل الملائكة ذكور أم إناث.. . هل من الممكن لأجنحة الملائكة أن تكون سوداء ؟.. . هل السيد المسيح كان ناسوتا خالصا فى لحظة ولادته ثم حلت فيه الطبيعة الإلهية بعد ذلك، أم أنه منذ البداية كان مزيجا من الناسوت واللاهوت ؟.. الخ.. الخ، كل هذا وجيوش القائد العثمانى: «محمد الفاتح» تطوق القسطنطينية (العاصمة البيزنطية)، ثم تستولى عليها وعلى كنيسة أيا صوفيا ذاتها وهى الكنيسة التى حولها محمد الفاتح بعد ذلك إلى مسجد، ثم قام أتاتورك فى القرن العشرين بتحويل المسجد إلى متحف.