مُنذ أيام صرح نيافة الأنبا أرميا "الأسقف العام" فى ندوة بالمركز الثقافى القبطى بأنه رافض لتغيير المادة 3 من دستور 2012 وأكد أن حديثه هذا كان تعقيباً على ما قاله محمد بدران رئيس إتحاد طلاب مصر وعضو لجنة الخمسين ، بأن الأنبا بولا مُمَثل الكنيسة فى ذات اللجنة طالب بتعديل المادة الثالثة لتُصبح "مبادئ شرائع المصريين لغير المُسلمين المصدر الرئيسى للتشريعات المنظمة لأحوالهم الشخصية وشؤونهم الدينية وإختيار قيادتهم الدينية والروحية" وأكد نيافته أن تصريحاته هذه قالها بإعتباره مواطن مصرى وبصفته الشخصية وعلى حد تعبيره لأن تغييرها يضر بالمُسلمين والمَسيحيين !! وتابع الأنبا أرميا، أنه رد على «بدران» قائلاً: «لي تعليق على المادة 3 بعد إذنك، مع إحترامي لنيافة الأنبا بولا هو أستاذنا جميعاً، وأنا كنت طالب في الكلية حينما كان أسقفاً، فأنا تعلمت منه الكثير، لكن أنا أتكلم بصفتي الشخصية كمواطن مصري أحترم الأديان المسيحية والإسلام واليهودية، ودول اللي بنقول عليهم كمصريين الأديان السماوية . أولاً : يا نيافة الأنبا أرميا وبالطبع لك كل الإحترام والتوقير كأسقف لِزاماً علينا إحترامه حتى لو كانت آرائك غير صائبة أو غير مُرضية لنا ، كما هو لِزاماً عليك إحترام وتوقير من هم أعلى منك فى الرُتبة الكَهَنُوتية كقداسة البابا أو المطارنة أو الأساقفة الأقدم منك فى الأسقفية وهذا حسب التقليد الكنسى .. أقول لك إن كنت تتحدث كمواطن مصرى كما تقول فإذا لا المكان ولا الزمان مُناسبين لهذا الحديث وهذا لسبب بسيط أن مصر تمر بمرحلة حَرجة ولا داعِ للسعى نحو الإنقسام وهذا من ناحية الزمان ، أما من ناحية المكان فإن كنت حقاً تتحدث من مُنطلق أنك مواطن مصرى فهنا كان يجب عليك الحذر أثناء تلاوة تصريحك وأن تتنحى جانباً أثناء إدلاءك به مما قد ينتج عنه من بلبلة ، بمعنى أن لا يكون رأيك هذا أثناء ندوة عامة بالمركز الثقافى الذى يوجد بالكاتدرائية فقولك لهذا التصريح بالكاتدرائية كافِ أن يجعله يُحتسب عليك كأسقف وليس كمواطن مصرى ، فالمواطن العادى لا يدلى برأيه فى مؤتمر صحفى أو ندوة عامة !! كما أنك عندما تريد أن تطرح رأى بصفتك مواطن مصرى وليست بصفتك أسقفاً فيجب عليك هنا أن تخلع عمامة الأسقفية " قبل الحديث فى أمر سياسى . - نيافتك تقول أن الأنبا بولا أستاذك وأنك كنت طالب حينما كان أسقفاً ، لذا فكان يجب عليك أن تلتزم الصمت طالما أن الكنيسة قامت بإختياره ليُمثلها بلجنة الخمسين ومن البديهى أن يقوم نيافة الأنبا بولا بعرض أى إقتراحات خاصة بالدستور على قداسة البابا ليُعطيه الموافقة عليها قبل مُناقشتها باللجنة ، وقد صرح قداسة البابا بالأمس مع الإعلامى خيرى رمضان أن الإقتراحين رهن التشاور والمُناقشات، فلماذا إذن تريد أن تظهر بمظهر المُعارض فى الرأى وكأنك تسعى لإصطناع خلاف على نهج " خالف تُعرف" !! ، فكنت تستطيع أن تقترح هذا الإقتراح وتنقل رأيك لقداسة البابا دون أن تظهر للرأى العام أنك تُخالف الكنيسة فى الرأى أو تخالف الأنبا بولا مندوب الكنيسة بلجنة الخمسين !! - فأرى موقفك هذا لا يَنُم إلا على السعى نحو إحداث إنقسام وبلبلة وإنشقاق داخل الكنيسة وتقسيمها إلى أحزاب ، ومن الخارج إحداث تأليب شريحة ما من المُجتمع ضد الكنيسة يستهويها أن لا تصبح مصر دولة مدنية خالصة ويروق لها أن لا يأخذ الآخر حقوقه بل إن إستطاعت هذه الشريحة أن تقصى الأقباط أو تلغى الديانة المسيحية من قاموس مصر لفعلت ذلك بلا تردد ، وعلى رأسهم السلفيين وبقايا الإخوان !! فمن الغريب أن أشعر أن هناك صفات تجمع بينك وبينهم وهى محاولة إقصاء الآخر !! ، كما أراك أيضاً تحاول إظهار الأنبا بولا وهو المنوط له هذا الأمر بتكليف من قداسة البابا بمظهر المُخطئ لكن بصورة مُستترة ولذلك قمت بعمل مُقدمة فى أُستاذية الأنبا بولا قبل أن تدلى بتصريحك ، فربما تكون جاءت هذه المقدمة بنتيجة عكسية عن ما تريد تأكيده ، لأننى شعرت بين طيات كلامك وتأكيدك على إحترامك للأنبا بولا والكلام عن أُستاذيته لك بأنك أردت أن تنال من شخصه فجاء كلامك إعتراضاً عليه وليس إعتراضاً على تعديل المادة!! وكأنه هو صاحب الإقتراح ، ولا سيما ان الأنبا بولا حسب رده على تصريح نيافتك قال بالنص أن الأنبا أرميا تحدث عن عدم معرفة بل جهل بالأمور لأنه أفترض أننى تقدمت بهذا المُقترح وهو إستبدال عبارة "المسيحيين واليهود" بعبارة "غير المُسلمين" كما أضاف أنه كان أولى بالأنبا أرميا أن يسألنى قبل أن يتسرع وأن يتذكر مقولة " كثيراً ما تكلمت وندمت ، أما عن الصمت فلم أندم أبداً"وأستطرد نيافته مؤكداً أن ماكتبته وقدمته بلجنة الدستور فيما يخص المادة الثالثة هى " عبارة اليهود والمسيحيين" ولم أذكر "غير المسلمين" وأثناء النقاش فوجئنا بتيار جارف يطالب بإضافة " غير المُسلمين" بسبب صورة مصر بالخارج حتى لا يقال أن مصر تكتب دستوراً عنصرياً .. وأكد أنه كان مستعدا للتنازل عن رأيه من أجل مصلحة مصر وصورتها قائلاً : فتنازلى عن رأيى كان من أجل الإجماع وإذا كان هذا الأمر يسبب مشكلة لإخوتى المُسلمين فلا نريد عبارة " غير المُسلمين" - وهذا معناه أنك حاولت إلصاق أمر تعديل المادة للأنبا بولا رغم أن حسب تصريحاته لم يكن هو صاحب الإقتراح بل عندما صمم عدد كبير من الموجودين وأغلبهم من الأعضاء المُسلمين إضطر للرضوخ لرأى الأغلبية .. وأنا أحترمهم جميعاً لإحترامهم حقوق الإنسان وحقه فى إختيار مصيره ودينه أو عقيدته . - ثانياً : نيافة الأنبا أرميا أريد أن أقول لك أننا كمسيحيين ذُقنا الأمرين لننال أبسط حقوقنا وعدم التمييز ضدنا .. فلماذا تريد من غيرك أن يُعانى ما كنا نعانيه فمن الذى يشعر بالمَظلوم أو المُنتهك حقوقه سوى من ذاق الظلم وأنتهكت حقوقه .. فعجباً يارجل الدين .. عجباً لك يارجل الله!!!!!!!!! ثالثاً : يقول الأنبا أرميا مُبرراً تصريحاته بأن تعديل المادة ستضر بالمسيحيين والمُسلمين ضارباً المثل قائلاً ( فلما أقول "لغير المُسلمين" هتحصل مشكلة كبيرة جوه مصر، وهيعاني منها المُسلم والمَسيحي، إفرض جاني واحد شيعي أو بهائي وإنت بتدي له الحرية في الدستور، وعايز يطبق شريعته، فهيحصل خلاف ومشاكل كثيرة، طيب بلاش ديه ولا ديه دخل لك (عباد الشيطان) اللي كانوا اتمسكوا قبل كده، وقال لك أنا من حقي أمارس العبادة ديه.. تعمل إنت إيه. - لا أدرى كيف تضر عبارة "لغير المُسلمين" بالمَسيحيين والمُسلمين فالديانة المسيحية موجودة مُنذ أكثر من ألفى عام والديانة الإسلامية موجودة مُنذ أكثر من ألف ورُبعمائة عام ولم يتأثرا بأى عبادات آخرى ومازال الجميع يتعبد فى الكنيسة والمسجد . رابعاً : يا نيافة الأنبا أرميا أن الشيعة مذهب من مذاهب الديانة الإسلامية وليست بديانة فالشيعة هم مُسلمون أيضاً ، وقد تأكدت من ذلك من المُتحدث الرسمى لهم ، كما أكد ذلك أيضاً أكثر من إعلامى وأبرزهم الإعلامى محمود سعد ولاسيما أثناء وقوع المجزرة التى حدثت ضدهم فى آخر عهد المعزول ، إذن سَيُطبق عليهم دستورياً ما سَيُطبق على سائر المُسلمين ، وإذا كانت هناك مواد ستوضع بالدستور خاصة بكل مذهب من المذاهب الإسلامية المُختلفة على حِدة فبالطبع ومن المفروض أن يُأخذ فى الحِسبان هذا المذهب أيضاً ، إذن لا مجال للتحدث عنهم فى هذه المادة أو ضرب مثال بهم .. فذكرتنى بالحادث البشع الذى نفذه الإخوان فى حق الشيعة مُنذ شهور قليلة بعد أن حرض الرئيس المعزول مُرسى ومن معه عليهم أثناء خطاب من خطاباته الأسطورية !! فأنك تفعل نفس الشئ وتحرض بشكل غير مباشر على من يختلف معك فى العقيدة مع إفتراض حُسن النوايا !! - فما الضرر فى أننا نأخذ حقوقنا ويأخذ الآخر حقوقه .. فنحن نسطر دستوراً لكل المصريين والمُفترض أن يتناسب مع جميع شرائح وطوائف ومُعتقدات المُجتمع دون إقصاء لأى فصيل .. وإلى متى نعلن أنفسنا أوصياء على الآخر وكأننا آلهة سَنُحاسب البشر ، وإلى متى نفكر فى مصالحنا فقط فطالما سنحصل عليها فليذهب الآخر للجحيم .. كيف تفكر بهذا المنطق .. يارجل الله !! – فلا تنسى أن سيدك ومُعلمك أوصاك قائلاً على لسان الرسول بولس " مُقدمين بعضكم بعضاً فى الكرامة".. ولا تنسى أن السيد المسيح له كل المجد كان يَستَعب جميع الناس ، فتعامل مع السامرية وكان معروف عن اليهود وقتئذ التعصب وعدم التعامل مع السامريين أو غيرهم من المُختلفين معهم فى العقيدة فكان يتعامل له كل مجد بالمحبة والمُساواة مع كل الناس لأنه أتى من أجل كل البشرية ، فلا تنسى أنه قال " تعلموا منى لأنى وديع ومتواضع القلب تجدوا راحة لنفوسكم" – أما عن ضربك للمثل بالبهائيين فأتعجب !! فالبهائيين هم طائفة موجودة بالفعل سواء كان لهم دستور يحتكمون له فى شرائعهم أم لا فهذا لا يغير من الأمر شيئاً .. فهل لو تم تجاهلهم فى الدستور هل هذا سَيَمنع من أذهانهم هذا المُعتقد .. ونفس الشئ بالنسبة لعَبدِة الشيطان فهل لو تجاهلهم الدستور سيمنع إنتزاع الفكر الشيطانى من عقولهم .. بالطبع لا .. فالأهم من أن ننظر للأمور بسطحية أن ننظر لها بشكل عملى وبأكثر عُمقاً .. ومع ذلك نستطيع أن نحمى المُجتمع من الأفكار الغريبة بمادة تضاف للدستور بمنع أو حظر أى عبادات تندرج تحت عبادة الشيطان كعبادة الوثن أو الصنم أو الكواكب والنجوم أو عبادة الشيطان ذاته أوما شابه ذلك أى منع أى عبادة يبدو عليها أنها عبادة لغير الله وبهذا نحافظ على مُجتمعنا الدينى وعلى مدنية الدولة فى نفس الوقت ، رغم أن حماية مُعتقداتهم دستورياً من عدمه لن يؤثر فى شئ فلن يُغير من إتجاهاتهم الفكرية فى شئ كما أنهم لن يؤثرون على المسيحيين والمُسلمين فى شئ والدليل على هذا أنهم موجودين بيننا بالفعل ومع ذلك لم نستيقظ يوماً من نومنا فوجدنا نصف المصريين يقدمون القرابين للآلهة والنصف الآخر يتعبد ويسجد للشيطان !!! - آخيراً أرجو من نيافتك أن تأخذ الأمر بعين الجدية وتبتعد عن الأمور السياسية والخوض فى أمور ضررها سيكون أكثر من نفعها كترشيحك مثلاً لشخصيات بعينها لمجلس الشعب وهم غير أكفاء أو لا يوجد لديهم ألف باء سياسة أو خبرات سياسية سابقة لتستفيد منهم الكنيسة فى حل مشاكل الأقباط وهذا هو الهدف الرئيسى لوجودهم بالمجلس ، كما فعلت فى المجلس السابق!! والبعد عن الكلام الذى يكون الخوض فيه أشبه بإضرام النار بالهشيم ، فالمفروض أن نيافتك رجل دين أو بالأحرى رجل الله فأرجو أن تتفرغ للعبادة والخدمة والأعمال الروحية والرعوية التى سُيمتَ من أجلها أُسقفاً ولن أقول لنيافتك فقط كما قال الأنبا بولا " تكلمت كثيراً فندمت أما عن الصمت فلم أندم أبداً" فحسب بل سأقول لك أيضاً أحياناً " إن كان الكلام من فضة فالسكوت من ذهب"