لن تكون مظاهرات 30 يونيه أول ولا آخر مظاهر الثورة والرفض التى اجتاحت مصر طوال السنوات الثلاث الماضية، قبل وأثناء وبعد 25 يناير. حتى 25 يناير كانت المظاهرات تتسم بالسلمية الكاملة من قبل المتظاهرين، والعنف الشديد من قبل النظام الحاكم. فى منتصف نهار 28 يناير انكسرت القاعدة بفضل الحشود الهائلة التى استطاعت أن تواجه غاز وهراوات ورصاص الداخلية وأن تبادلها عنفا بعنف، بالرغم من أن الغالبية العظمى من المتظاهرين ظلوا مؤمنين بالسلمية ورافضين التورط فى مواجهة العنف بمثله. يومها، عندما استسلمت الشرطة بعساكرها وضباطها وراحوا يبكون من الخوف أمام المتظاهرين لم يكن رد فعل الكثيرين سوى احتضانهم وطمأنتهم على حياتهم وأبدانهم، بالرغم أنه فى حالات وأماكن بعينها كان رد الفعل الطبيعى هو العنف المضاد ومواجهة الرصاص بالرصاص. غنى عن الذكر التطورات التى لحقت بطبيعة المظاهرات فى عهد المجلس العسكرى، والتى عرفت أشكالا من العنف غير مسبوقة كما حدث فى ماسبيرو، من استعانة ببلطجية وقتلة مأجورين بجانب رجال الجيش، أو كما حدث فى محمد محمود ومجلس الوزراء من تورط عناصر بعينها داخل الجيش فى ارتكاب مذابح – لن نعرف الآن على الأقل أسماء المسئولين عنها، ولكن فى يوم ما ستتكشف حقائقها المخيفة. أما فى عهد الإخوان، فقد تراجع الجيش تماما مخليا ساحة العنف للعناصر المتواطئة مع الإخوان فى الداخلية بجانب العناصر الإخوانية نفسها، فيما شكل أول مشاهد للحرب الأهلية المحتملة فى مصر!
معركة الاتحادية كانت فاصلة فى حياة الثورة المصرية، ذلك أن القواعد التقليدية التى تعلمها ثوار مصر من مواجهة عنف الدولة ومؤسساتها بالسلمية لم تعد تجدى ولم يعد لها محل من الاعراب فى قاموس الثورة ضد الإخوان، خاصة مع زيادة جرعة العنف والوحشية التى أظهرتها شرطة وميليشيات الإخوان عند القصر الرئاسى.
العنف الإخوانى تحديدا هو المسئول عن أى عنف أبدته الثورة وقتها وفيما بعد.. وأى عنف سيأتى فى المستقبل ضد الإخوان أو النظام.
لكن العنف- كما نعرف- يظهر فقط عندما تقل أعداد المتظاهرين لسبب أو لآخر. إذا كنت تنفر من العنف وتتمنى أن تكون مظاهرات 30 يونيه القادم سلمية تماما، فإن أفضل شىء تفعله هو أن تنضم لرفاقك فى الشوارع وألا تتخلى عنهم تحت أى ظرف، لأن مغادرتك للميدان هى التى يمكن أن تعرض حياتهم للخطر. الأعداد الكبيرة من شأنها أيضا أن ترعب بلطجية وأتباع الجماعة وأن تردعهم عن التفكير فى استخدام العنف ضد المتظاهرين.
المتظاهرون – ولعلها المرة الأولى فى مصر أيضا- مستعدون هذه المرة لمواجهة العنف بالعنف، ولم يعد سرا أن هناك مجموعات مسلحة عديدة تشكلت لحماية المتظاهرين السلميين من اعتداءات الإخوان ومواجهة أى عنف بمثله. للأسف يبدو أن هذه هى اللغة الوحيدة التى يفهمها نظام الإخوان والعصابات المتحالفة معه.
وبالرغم من كل الشحن والتهديدات التى يتبادلها الطرفان، فالأرجح أن العنف فى 30 يونيه سيكون محدودا جدا لعدة أسباب، أولها الأعداد الكبيرة للمتظاهرين كما ذكرت، وثانيا لأن هناك هدفاً محدداً يتمسك به الثوار والمتظاهرون وهو رحيل النظام كله، وبالتالى لن يكون هناك مجال كبير للمناورات.. مع ذلك فعلى الجميع الانتباه لعقلية المناورة التى يتمتع بها الإخوان، فهم يجبنون عن المواجهة غالبا ويعتمدون على أساليب وضيعة من نوعية دس عناصرهم داخل المتظاهرين، مثلما فعلوا بفرق المتحرشين التى أرسلوها إلى ميدان «التحرير» كثيرا، ومثلما يفعلون هذه الأيام بتشكيل مجموعات هدفها شق الصف الثورى وافتعال المعارك والخلافات بين المتظاهرين وبعضهم البعض.
من الصعب التنبؤ بما سيحدث فى 30 يونيه أو بعده، ولكن بشكل عام لا تقلق من النزول ولا تخشى من دعايات وأساليب ترهيب الإخوان،واطمئن إلى أن الثورة هذه المرة توفر لنفسها الحماية ضد العنف ربما أكثر من أى مرة سابقة، ولا تخشى من المؤامرات والحيل فمعظمها جربها الثوار من قبل وتعلموا كيفية مواجهتها.
الإخوان وحلفاؤهم سيتبعون فى الغالب وسيلتين لا يعرفون غيرهما: الارهاب بالعنف والتخويف من الفوضى والحرب الأهلية، وذلك من خلال استعراض أقصى ما لديهم من قدرة على الحشد والعنف كما فعلوا فى موقعة الاتحادية، وكما فعلوا فى مظاهرة ميدان «رابعة» مؤخرا، ولو لاحظت فإن قدرتهم على حشد الأتباع والتخويف تقلصت كثيرا بسبب انفضاض أنصارهم عنهم واستقالة الكثيرين من الجماعة أو عدم اطاعة أوامر قادتهم. صحيح أن هناك الكثير من «الخدم» الذين انضموا للجماعة وحزبها أملا فى مكافأة أو منصب أو مصلحة ما، ولكن هذه النوعية من الانتهازيين ستكون أول من يقفز من المركب حين تتعرض للخطر، كما فعل الملايين الثلاثة الذين كان يتباهى بهم الحزب الوطنى!
الوسيلة الثانية التى سيلجأ إليها الإخوان بالتأكيد، كما يفعلون دائما، هى دس أتباعهم ومرتزقتهم وسط الثوار. فى اعتصام وزارة الثقافة مثلا لاحظت وجود بعض الصبية والشباب الصغير الذين يبدو أنهم لا علاقة لهم بالثقافة أو التعليم والذين يحفظون بعض أغانى وهتافات الألتراس، وهم رغم قلة عددهم يتجمعون معا فى أوقات معينة، ويقومون بالتشويش على الهتافات الأخرى بهتافات لا علاقة لها بالاعتصام، مثل هتافهم «الشعب يريد اعدام المشير» (!!) أو الهتاف ضد الشرطة أو جبهة الإنقاذ، أو الاعتداء على أحد المشاهير ممن يطلقون عليهم «فلول»، مثل رئيس الوزراء الأسبق عصام شرف. هذه الحيل الرخيصة الوضيعة غالبا ما ينشأ عنها بعض الفوضى والمشاجرات الصغيرة، مما يخيف البعض خاصة غير المعتادين على نزول المظاهرات والتجمعات الكبيرة.
أهم شىء يجب أن يضعه كل متظاهر فى ذهنه هذه المرة هو عدم السماح لأحد أو لمجموعة بالايقاع بين المتظاهرين، لأن من سينزلون هذه المرة يشكلون أطيافا كثيرة وغير منسجمة من المصريين: الثوار، أنصار نظام مبارك، أنصار الجيش، الليبراليين، المحافظين، الفقراء جدا، المتعلمين من أبناء الطبقة العليا.. صحيح أن هذا التنوع الكبير يثرى المظاهرات ويقويها، ولكن لا يجب السماح للاخوان بشق الصفوف، وتأجيل الاختلافات والخلافات لما بعد رحيل مرسى، على أمل الوصول لعقد اجتماعى جديد يحقق التوافق بين فئات المجتمع المختلفة.
هناك بعض الشائعات أن الإخوان سيلجأون إلى حيل مثل توزيع مياه ملوثة على المتظاهرين تصيبهم بالاسهال. الأفضل أن تحضر معك مياها وطعاما، أو الاستماع إلى التوجيهات والنصائح التى ستصدر فى حينها بخصوص تلك الشائعات.
على كل حال إذا كنت تنزل فى مظاهرة لأول مرة فمن المؤكد أن النصائح التالية المستمدة من صفحة حركة «تمرد» وصفحات الأخرى سوف تفيدك كثيرا:
1- النزول بموبايل مشحون كهرباء ومشحون رصيد، ويفضل أن تنقل أرقام هاتفك و«الداتا» الشخصية الخاصة بك على جهاز الكمبيوتر حتى لا تضيع فى حالة فقدان هاتفك.
2- النزول بملابس عادية وواسعة، تسهل عليك الحركة وتخفف من حرارة الطقس.
3- سوف يتم نشر وتوزيع ارقام هواتف بعض المحامين والمراكز الحقوقية للاتصال بهم فى حالة اعتقالك من قبل أى شخص.
4- اكتب ورقة وضعها فى جيبك تحمل رقم موبايل اقرب شخص يمكنه الوصول إليك فى حالة تعرضك لخطر من أى نوع.
5- ضع كل تركيزك مع ميكروفون سيارة الهتاف او اﻻعلام الخاصة بكل مسيرة والتى ستعلن حركة «تمرد» عنها خلال الساعات القادمة
6- استمع إلى توجيهات ونصائح مجموعة التنظيم والتأمين التى ستصاحب كل مسيرة.
7- إذا سمعت هتاف «سلمية» اعرف أن هناك مجموعة تهاجم أو خطراً ما يهدد المسيرة ولو لم تكن تنوى الاشتباك أو الدفاع عن نفسك وعن المسيرة ابق فى الأمان وسط المسيرة ولا تعدو خارجها.
8- إذا سمعت هتاف «ايد واحدة» اعرف ان هناك مندسين وسط المظاهرة يحاولون تهدئة ايقاع الهتافات وبالتالى لا تردد هتاف «ايد واحدة» وراءه ولو استطعت إسكاته فلتفعل.
9- مطلوب الالتزام الكامل بالهتافات التى يرددها قائد المسيرة، ولا تنجرف وراء، أو تنزعج من، محاولات المندسين لتغيير نوعيات الهتافات.
10- إذا حدث اشتباك فى المسيرة اذهب وراء العلم اﻻسود المكتوب عليه باللون اﻻحمر «المجد للشهداء» فهذه ستكون نقطة اﻻمان.
11- إذا حدث هجوم من الشوارع الجانبية ينبغى السير فى مجموعات وليس فرادى.
12- وقت اﻻشتباكات انظر لأعلى دائما وراقب مكان نزول الطوب او المولتوف حتى لا تصاب وتحمى من حولك.
13- لو حصل ضرب خرطوش ستجد أن هناك مجموعة تتراجع للوراء كل المطلوب منك أن تحيط بهم لأن هؤلاء هم مجموعة اﻻشتباكات تجهز أدواتها وسوف تنطلق للدفاع عن المسيرة بعد لحظات.
14- كن على اتصال دائم بقائد مجموعتك او منطقتك أو حركتك.
15- عندما تصل لمكان اﻻعتصام سيكون هناك اجتماع بين قادة المجموعات وسوف يصدرون تعليمات اﻻعتصام وجداول بأسماء وتوقيتات البقاء والمغادرة.
16- وقت اﻻعتصام سيكون هناك هتافات وخطوات تصعيدية أخرى مثل قطع الطرق أوتجهيز وسائل الدفاع عن النفس حالة حدوث هجوم من بلطجية.
17- هدفنا توحيد الصفوف والأفضل ألا تفتح أو تدخل فى مناقشات حول سيرة مبارك أو العسكر أو الداخلية أو البرادعى أو حمدين لأن هناك مندسين سيحاولون زرع الشقاقات داخل الصفوف بالهتاف ضد بعض هؤلاء.
18- لو حصل ضرب غاز احمى عينك ولكن بدون أن تدعكها بيديك ولا تضع الماء عليها وتنفس من أنفك فقط وليس فمك ببطء وهدئ أعصابك وحاول أن تذرف بعض الدموع فهى تقلل تأثير الغاز.
19- لا تحاول الامساك بقنبلة الغاز بيدك حتى لا تحترق.
20- لا تحاول رمى المولتوف حتى لا تؤذى نفسك أو أحد المحيطين بك.
21- إذا حدثت اصابات فمن المهم العودة بها للخطوط الخلفية ومهمتك المساعدة على توصيل المصابين للمستشفى الميدانية التى سيعلن عن مكانها.
22- لو ستقوم برمى طوب فى اﻻشتباكات عليك بالتقدم للخطوط الأمامية فى المواجهة حتى لا تصيب زملاءك.
23- فى حالة اﻻصابة بخرطوش ثبت المصاب حتى لا يتحرك البلى فى موقع الاصابة حتى يصل المسعفون لنقله إلى سيارة الاسعاف أو المستشفى الميدانى.
وبجانب هذه النصائح العملية هناك نصائح أخرى عامة من أهمها أن تترك الخوف وأن تحاول ضبط النفس والهدوء وعدم الاستجابة للاستفزاز. عندما تسمع بعض الهتافات المريبة من قبل البعض فكر على الفور فى احتمال أنهم من المندسين والمأجورين الذين سيرسل بهم الإخوان. أفضل وسيلة للتعامل مع هؤلاء هى التجاهل التام.
النصيحة الثانية هى عدم البدء بالعدوان خاصة ضد الجيش أو الشرطة لأن الاحتمال الأكبر أن يكون هناك فخ أو مكيدة، ولو حدث اعتداء من شخص أو أشخاص يرتدون زى الشرطة أو الجيش واضطررت إلى التعامل ضدهم فليكن ذلك فى أضيق الحدود حتى تتضح الحقائق حول الأمر، وفى كل الأحوال لا تبادر أنت بالاعتداء ضد أى مجموعة.