بات أمير قطر الجديد الشيخ تميم بن حمد آل ثاني البالغ من العمر 33 عامًا فقط على رأس بلد حوله والده الشيخ حمد بن خليفة إلى أكبر مصدر للغاز المسال في العالم وإلى لاعب أساسي على الساحة الدبلوماسية العالمية.
من جهته، قال مصدر خليجي مقرب من دوائر الحكم في قطر: إن "تسليم تميم السلطة خطوة جريئة جدا"، ما قد يتسبب ببعض المخاوف لدى دول الخليج المتمسكة بقوة بتقاليد انتقال السلطة المحافظة، الا انها "مخاوف في الشكل وليس في المضمون".
وبحسب هذا المصدر، فان رئيس الوزراء حمد بن جاسم "يقول منذ مدة للمقربين منه إنه سيغادر منصبه" إلا انه "من الصعب جدا تخيل انتهاء (دور) هذا الرجل البالغ التأثير والنفوذ، والذي كان الشخص الأساسي في الاستثمارات القطرية في الخارج"، وبالتالي "قد يبقي له دورا في الكواليس".
وتمكن تميم الطويل القامة والقوي البنية، خلال السنوات الأخيرة من فرض نفسه بشخصيته القوية مستندا إلى ثقة والده ووالدته الشيخة موزة بنت ناصر المسند البالغة النفوذ والأناقة في آن واحد، بحسب ما أفادت مصادر دبلوماسية وسياسية.
وكان الشيخ حمد وصل إلى السلطة في 1995 إثر انقلاب غير دموي على والده، وعين في بادئ الامر نجله الاكبر من الشيخة موزا الشيخ جاسم وليا للعهد، الا انه في ما بعد عين مكانه الشيخ تميم الذي بدأ نجمه يلمع في السنوات الأربع الأخيرة تزامنا مع قرار اتخذه الشيخ حمد في قرارة نفسه بالتخلي عن السلطة بحسب مصادر مطلعة.
والشيخ تميم خريج مدرسة ساندهيرست العسكرية البريطانية الشهيرة، وله زوجتان وست أبناء، سن الكبرى بينهم سبع سنوات. أما نجله الذكر الأكبر فيبلغ من العمر خمس سنوات.
وكولي للعهد، كان الشيخ تميم يتولى قيادة القوات المسلحة بالنيابة عن والده، ورئاسة اللجنة الأولمبية، كما أنه نائب رئيس المجلس الأعلى للشئون الاقتصادية والاستثمار، إضافة إلى أنه شغوف بالرياضة ويشرف على ملف مونديال العام 2022 الذي تستضيفه قطر.
ويعشق الشيخ تميم التراث والإرث الثقافي الخليجي وقد بنى لنفسه قصرا تراثيا ساحرا في الصحراء.
ومن المتوقع ان يتزامن تسلم الشيخ تميم زمام الأمور في هذا البلد الذي فرض نفسه على الخارطة العالمية وبات أغنى بلد من حيث دخل الفرد، مع انتهاء دور شخص محوري آخر في السياسة القطرية هو رئيس الوزراء النجم والنافذ الشيخ حمد بن جاسم ال ثاني، بحسب مصادر متطابقة.
ومن المفترض بحسب مصادر سياسية ودبلوماسية ومسئولين قطريين أن يشكل الشيخ تميم حكومة لا يرأسها الشيخ حمد بن جاسم الذي يرأس مجلس الوزراء منذ 2007 ويشغل أيضا منصب وزير الخارجية.
وقال المحلل السياسي المتخصص في شئون الخليج نيل بارتريك لوكالة فرانس برس إن الشيخ تميم يمسك منذ مدة "بملفات سياسية خارجية حساسة"، وان والده "جس النبض الداخلي والدولي إزاء إمكان وصول ابنه الى منصب الأمير أو على الأقل ليتولى منصب رئيس الوزراء النافذ".
من جهته، قال مصدر دبلوماسي غربي لوكالة فرانس برس: إن "الشيخ تميم تسلم تدريجا الملفات الامنية والعسكرية والخارجية خلال السنوات الثلاث أو الاربع الماضية".
وذكر هذا المصدر الذي طلب عدم كشف اسمه أن "تميم قوي الشخصية تمكن من فرض نفسه ضمن الأسرة، خصوصا انه لم يكن ولي العهد الأول ولا الخيار الأول لولاية العهد".
وللشيخ تميم أخوة أكبر منه سنا بما في ذلك من أم أخرى.
وبحسب المصدر الدبلوماسي، "يتمتع تميم بعلاقات ممتازة مع الغرب، خصوصا مع واشنطن وباريس"، وهو من محبي فرنسا والثقافة الفرنسية شأنه شان والده، كما أنه أيضا يتكلم الفرنسية بطلاقة.
وفي السياق الإقليمي، يتمتع الشيخ تميم بحسب هذا المصدر بعلاقات جيدة مع السعودية "وهو امر أساسي لاستمرار لعب قطر دورا سياسيا قياديا في المنطقة" على قول المصدر.
وكانت علاقات قطر والسعودية متوترة جدا في بداية عهد الشيخ حمد، الا ان الاخير تمكن في النهاية من تحقيق مصالحة تاريخية مع الشقيقة الكبرى بين 2007 و2008، وهو أمر صب على عكس توقعات الكثيرين في رصيد النفوذ القطري الذي لم تعد تراه السعودية معاديا لدورها.
وأكد المصدر الدبلوماسي أنه "ليس من المتوقع أن يشكل صعود تميم إلى السلطة أي تغيير في سياسة قطر أو تموضعها الإقليمي".
وأوضح بارتريك في هذا السياق انه "ليس من المتوقع أن يتخذ الشيخ تميم قرارات كبيرة بدون العودة الى والده".
كما ذكر أن الشيخ حمد سبق أن أنجز تغييرا أساسيا في تموضع بلاده في المرحلة الأخيرة عبر الابتعاد عن إيران في الملف السوري، "بالرغم من حقول الغاز المشتركة الضخمة بين البلدين".