بعد إعلان النتيجة.. «الأطباء» تعلن موعد انعقاد أول اجتماع مجلس بتشكيله الجديد    13 أكتوبر 2025.. مكاسب محدودة للبورصة اليوم    وزير الشئون النيابية: الرئيس السيسي يولي اهتمامًا بالغًا لقضية الزراعة والغذاء    دمياط تستعد للشتاء بحملات تطهير وترميم شبكات الصرف الصحي    موعد صرف مرتبات شهر أكتوبر 2025 للعاملين بالدولة بعد بيان وزارة المالية    فيديو.. أحمد موسى يعلق على تأخر ترامب عن حضور قمة شرم الشيخ: ليست المرة الأولى    ترامب: على إسرائيل التفكير في أشياء أخرى غير الحرب    خيتافي يجدد اهتمامه بالتعاقد مع إبراهيم عادل    الأهلي: النصاب القانونى لانتخاب مجلس جديد يكتمل بحضور 5 آلاف عضو    نجم ريال مدريد يدخل حسابات باريس سان جيرمان    إصابة 8 أشخاص في تصادم سيارتين بمحور العصار بشبرا الخيمة    الأرصاد: طقس الغد مائل للحرارة نهارا مائل للبرودة في آخر الليل.. والعظمي بالقاهرة 28    16 ديسمبر.. الحكم في استئناف 3 متهمين بالانضمام لجماعة إرهابية بالمرج    استديوهات صفاء حجازي والبرنامج العام يواصلان تغطية قمة شرم الشيخ على مدار الساعة    قبل يومين من إغلاقه.. إقبال كبير على زيارة المتحف المصري الكبير    الليلة بمسرح السامر.. قصور الثقافة تطلق ملتقى شباب المخرجين في دورته الرابعة    بعد تعرضه للاختراق.. أحمد زاهر يعلن استرجاع حسابه على «إنستجرام»    «صحة شمال سيناء»: ختام فعاليات البرنامج التدريبي للحماية المدنية بديوان عام المديرية    جهاز تنمية المشروعات يضخ 2.1 مليار جنيه بالإسكندرية خلال 11 عام    رئيس جامعة بني سويف التكنولوجية يستقبل وفد المعهد الكوري للاقتصاد الصناعي والتجارة    قمة شرم الشيخ.. الآثار الإيجابية المحتملة على الاقتصاد المصري بعد اتفاق وقف الحرب في غزة    المجلس الإعلامي الأوروبي يدين مقتل الصحفيين في غزة    بعد طرده خلال كلمة ترامب.. أبرز المعلومات عن النائب العربي بالكنيست أيمن عودة    طارق الشناوي عن عرض «آخر المعجزات» في مهرجان القاهرة: «دليل على انحياز الرقيب الجديد لحرية التعبير»    بالصور.. تطوير شامل بمنطقتي "السلام الجديد والتصنيع" في بورسعيد    الصحة تشارك في المؤتمر الدولي للطبيبات    فحص 1256 مواطنًا وإحالة 10 مرضى لاستكمال العلاج ضمن القافلة الطبية بكفر الشيخ    جامعة عين شمس تستقبل وفدا من أبوجا النيجيرية لبحث التعاون    وزير الري: مصر كانت وما زالت منبرًا للتعاون والعمل العربي والإسلامي المشترك    أحمد ياسر يعتذر لطارق مصطفى بعد تصريحاته الأخيرة: حصل سوء فهم    حسام زكى: نهاية الحرب على غزة تلوح فى الأفق واتفاق شرم الشيخ خطوة حاسمة للسلام    نتنياهو: ترامب أعظم صديق حظيت به إسرائيل فى البيت الأبيض    ترامب: ويتكوف شخص عظيم الكل يحبه وهو مفاوض جيد جلب السلام للشرق الأوسط    دار الإفتاء توضح حكم التدخين بعد الوضوء وهل يبطل الصلاة؟    جامعة بنها تتلقى 4705 شكوى خلال 9 أشهر    ضبط صانع محتوى في الإسكندرية نشر فيديوهات بألفاظ خادشة لتحقيق أرباح    محافظة بورسعيد: جارٍ السيطرة على حريق بمخزنين للمخلفات بمنطقة الشادوف    هتافات وتكبير فى تشييع جنازة الصحفى الفلسطيني صالح الجعفراوى.. فيديو    بدء أولى جلسات استئناف المتهمين بقضية الدارك ويب فى شبرا الخيمة    تموين الفيوم تلاحق المخالفين وتضبط عشرات القضايا التموينية.. صور    فيديو توضيحى لخطوات تقديم طلب الحصول علي سكن بديل لأصحاب الإيجارات القديمة    فحص 1256 مواطنا وإحالة 10 مرضى لاستكمال الفحوصات بقافلة طبية فى مطوبس    بعد منحها ل«ترامب».. جنازة عسكرية من مزايا الحصول على قلادة النيل    محمد رمضان يوجّه رسالة تهنئة ل«لارا ترامب» في عيد ميلادها    «لم أرَ شيئًا كهذا في حياتي».. ترامب يعلق على التزام حماس بإطلاق سراح الرهائن    10 آلاف سائح و20 مليون دولار.. حفل Anyma أمام الأهرامات ينعش السياحة المصرية    جامعة عين شمس تفتح باب الترشح لجوائزها السنوية لعام 2025    تشكيل منتخب فرنسا المتوقع أمام آيسلندا في تصفيات كأس العالم 2026    مواعيد مباريات اليوم الاثنين 13 أكتوبر والقنوات الناقلة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 13-10-2025 في محافظة قنا    أوقاف السويس تبدأ أسبوعها الثقافي بندوة حول المحافظة البيئة    بالفيديو.. الأرصاد: فصل الخريف بدأ رسميا والأجواء مازالت حارة    مصطفى شوبير: لا خلاف مع الشناوي.. ومباريات التصفيات ليست سهلة كما يظن البعض    عفت السادات: مصر تستقبل زعماء العالم لإرسال رسالة سلام من أرضها للعالم    إعلان أسماء مرشحي القائمة الوطنية بانتخابات مجلس النواب 2025 بمحافظة الفيوم    رئيس «الرعاية الصحية» يتفقد مجمع الفيروز بجنوب سيناء استعدادًا لقمة شرم الشيخ    هل يجوز الدعاء للميت عبر وسائل التواصل الاجتماعي؟.. «الإفتاء» توضح    حسام حسن: أتشرف بالتأهل لكأس العالم لاعبا ومدربا.. وصلاح شقيقي الأصغر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خير الهدي هدي محمد
نشر في الفجر يوم 22 - 06 - 2013

شهر ربيع الأول؛ هذا الشهر الذي ولد فيه سيد الخلق وأكمل البشر نبينا محمد صلى الله عليه وسلم؛ الرحمة المهداة والنعمة المسداة، خليل الرحمن وصفوة الأنام، أعظم الناس أمانة، وأصدقهم حديثًا، وأسخى الناس نفسًا، وأطيب الناس ريحًا، وأجودهم يدًا، وأعظمهم صبرًا، وأكثرهم عفوًا ومغفرةً؛ {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ} [الجمعة: 2].

إنه رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي أخرجنا الله به من الظلمات إلى النور، ومن الضلالة إلى الهداية، ومن الشقاء إلى السعادة، ومن الذلة إلى العزة، ومن الظلم والظلمات والجهل والشتات إلى العدل والنور والكرامات.

لم يعرف التاريخ رجلاً أسدى منه، ولا أتقى منه، ولا أخشى منه، ولا أعظم منه، ولا أجلّ منه صلى الله عليه وسلم؛ {وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى * مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى * وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى * عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى * ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى * وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى * ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى * فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى * فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى * مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى * أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى * وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى * عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى * عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى * إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى * مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى * لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى} [النجم: 1-18].

إنه رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي مدحه ربه بمدح العبودية، وبعثه لإصلاح البشرية وهداية الإنسانية؛ {وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا} [الجن: 19]. أعطى الدعوة ماله وكيانه ودمه ودموعه وليله ونهاره، حتى أقام لا إله إلا الله نشهد شهادة جازمة أنه بلَّغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في الله حق جهاده حتى أتاه اليقين من ربه.

عباد الله، إن أصدق الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم، وإن الطريق الوحيد الذي ضمن الله لأهله النجاح وكتب لأهله الفلاح هي طريقة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكل الجماعات وكل التكتلات وكل الأحزاب والحزبيات وكل الخطوط والطرقات في ضلال وضياع ومتاهات إلا طريقة رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ {أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [المجادلة: 22]، {وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ} [المائدة: 56].

كل الطرق مسدودة، وكل الأبواب مغلقة، وكل الخطوط مفصولة غير موصولة إلاَّ الخط الذي مشى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم مشى عليه أصحابه من بعده، ثم مشى عليه التابعون ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "والذي نفسي بيده، لتفترقن أمتي على ثلاث وسبعين فرقة، فواحدة في الجنة واثنتان وسبعين في النار. قيل: يا رسول الله، من هم؟ قال: من كان على مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابي".

يقول عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: خطَّ لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم خطًّا وقال: "هذا سبيل الله". ثم خط خطوطًا عن يمينه وعن يساره وقال: "هذه سُبُل، على كل سبيل شيطان يدعو إليه"، ثم قرأ: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [الأنعام: 153].

إن بين أيدينا كنزًا لا ينفد، ومنهلاً عذبًا لا ينضب؛ كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأين نحن من العمل بهما والمطالبة بتطبيقهما والانقياد لهما والامتثال لأمرهما والاستجابة لنهيهما؟ يقول الله جل جلاله في كتابه العظيم: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا} [الأحزاب: 36]. ويقول سبحانه وتعالى: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [النور: 63]. يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "تركتكم على المحجة البيضاء ليلها كنهارها، لا يزيغ عنها إلا هالك".

إن المأمن الأمين والحصن الحصين هو في التمسك بكتاب الله وما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فالاقتداء به مخرج من كل فتنة، ونجاة من كل محنة، تمسكوا بهديه تمسكًا صادقًا، واعرضوا أعمالكم وأقوالكم وأفعالكم ومعاملاتكم وجميع شئون حياتكم على منهجه وطريقته، تعيشوا سعداء وتموتوا أوفياء.

عباد الله، إن الواجب علينا تعظيم الوحيَيْن الشريفين تعظيمًا يمنعنا من مخالفتهما، أو الالتفات إلى شيء من الأنظمة أو المناهج غيرهما، أو السكوت على من يجترئ عليهما أو يستهزئ بشيء مما جاء فيهما، ومن سبّ الله أو سب رسول الله أو استهزئ بشيء من دين الله أو تلاعب بالنصوص القرآنية أو الأحاديث النبوية، فلنقف ضده وقفة الغيور على ملته، المحامي عن شريعته وعقيدته؛ {إِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ} [محمد: 38].

إن مجتمعنا اليوم تتجاذبه موجات وحملات وبدع وضلالات ومحاولات وتدخلات وفتن عاتيات لا مخرج منها إلا بالتمسك الشديد بوحي الله الذي أوحاه إلى رسوله صلى الله عليه وسلم، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "فإنه من يعش منكم فسيرى اختلافًا كثيرًا، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، عضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور؛ فإن كل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار".

إن علينا في زحمة الأحداث وتسارع المتغيرات وفي خضم التداعيات وكثرة النوازل والمستجدات وتنوع الأطروحات والتحليلات أن نلتفت إلى الرؤية الشرعية التي جاء بها نبينا صلى الله عليه وسلم بيضاء نقية، وأن ندقِّق النظر في فقه السنن الكونية، وأن نقرأ الأحوال التاريخية والحضارية، فقد زلَّتْ أقدام وضلَّتْ أفهام وأخطأت أقلام واحتار كثيرٌ من المفكرين والمثقفين وأرباب الإعلام؛ لأنهم لم ينطلقوا من المنطلق الذي انطلق منه نبينا محمد صلى الله عليه وسلم؛ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} [الأحزاب: 70، 71].

عباد الله، إننا في هذه الأيام العصيبة نعيش وسط زوابع يموج بعضها في بعض، وفي ثنايا نوازل تتلاطم كموج بحر لجي يغشاه موج من فوقه موج من فوقه سحاب، ظلمات بعضها فوق بعض إذا أخرج يده لم يكد يراها، ومن لم يجعل له نورًا فما له من نور.

ولأجل هذا كان لزامًا علينا أن نحذر من الحملة المسعورة الشعواء التي يديرها أعداؤنا علينا من خلال تشكيكنا بسمو رسالتنا، والطعن في عقيدتنا، وإقناعنا بتغيير ديننا ومنهجنا، ونزع عقيدة الولاء والبراء من قلوبنا، ومن استجاب لهم في شيء من ذلك فقد وقع في خيانة عظمى وجنون لا عقل معه، وجرم ما بعده جرم، يستحق صاحبه قول الله عز وجل: {إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ * ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ * فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ * ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ} [محمد: 25-28].

روى الإمام أحمد في مسنده وحسنَّه الألباني أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أتى النبي صلى الله عليه وسلم بكتاب أصابه من بعض الكتب، قال: فغضب وقال: "أَمُتَهَوِّكُونَ فِيهَا يَا ابْنَ الْخَطَّابِ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَدْ جِئْتُكُمْ بِهَا بَيْضَاءَ نَقِيَّةً... وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ أَنَّ مُوسَى كَانَ حَيًّا مَا وَسِعَهُ إِلاَّ أَنْ يَتَّبِعَنِي".

فالحمد لله الذي أنعم علينا فجعلنا من أمة النبي صلى الله عليه وسلم، ومن أتباع النبي صلى الله عليه وسلم، ومن خير أمة أخرجت للناس. والحمد لله الذي منحنا هذه الشريعة المحمدية الغراء التي تنير لنا الطريق في السراء والضراء، فيجب علينا أن نشكر الله على هذه النعم العظيمة بالتمسك الصادق بكتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهما المعجزة الباقية والعصمة الواقية والحجة البالغة؛ {قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ} [يونس: 58].

عباد الله، إننا لن ندرك غايتنا إلا بهداية الله، ولن نحقق أهدافنا إلا بمعونة الله، ولن نخرج من البلايا والرزايا إلا بإعزاز دين الله وتحكيم شريعة الله والغيرة على محارم الله، يجب علينا جميعًا أن نتحلى بالصدق في الانتماء لديننا وعقيدتنا، ونصرة منهج رسولنا صلى الله عليه وسلم.

أمَّا أن ندَّعِي محبته ونحن نصادم سنته، ونخاصم شريعته، ولا نُحكِّم منهجه، ولا نلتزم هديه، ولا نحب محبوباته ولا نبغض مبغوضاته، فهذا هو الحب الكاذب؛ {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [آل عمران: 31]، {فَلا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [النساء: 65]، {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر: 7].

ليس من تعظيمه صلى الله عليه وسلم أن نبتدع في دينه، أو نزيد في شريعته، أو نحتفل بمولده صلى الله عليه وسلم، وليس من تعظيمه صلى الله عليه وسلم أن نتشبه باليهود والنصارى في هديهم وتقاليدهم، ونترك التشبُّه به صلى الله عليه وسلم في هديه وسننه، وليس من تعظيمه صلى الله عليه وسلم أن نتسول الشرق والغرب ونجرِّب مناهج أهل الشرق والغرب ومنهجه صلى الله عليه وسلم بين أيدينا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.