بدأ "مهدى عاكف" المرشد السابق لجماعة الإخوان المسلمين, بضبط مكبر الصوت الموضوع أمامه على المكتب لإلقاء البيان، ثم يبدأ فى تلاوته ويتلو أسماء أعضاء مكتب الإرشاد المختارين، ويصمت فترة زمنية أطول قليلا قبل النطق باسم الدكتور محمد مرسي رئيس الجمهورية , نظرا لتشابه الأسماء بينه وبين أحد أعضاء مكتب الإرشاد السابقين له وهو الدكتور "محمد عبدالرحمن المرسى" الشهير ب"محمد المرسى"، نائب مسئول المكتب الإدارى للجماعة بمحافظة القليوبية. وكان نص البيان "أيها الإخوة والأخوات، سلام الله عليكم ورحمته وبركاته، تعلمون جميعاً أننا أجرينا انتخابات تشكيل مكتب إرشاد جديد لجماعة الإخوان المسلمين فى الأيام القليلة الماضية؛ وذلك بعد استطلاع رأى مجلس الشورى العام، وكان رأى أغلبية المجلس أن يجرى انتخاباً كاملاً لمكتب الإرشاد، وكذلك كان رأى الأغلبية أن يتم انتخاب مكتب الإرشاد الآن؛ نزولاً على رأى مجلس الشورى واحتراماً للشورى كمبدأ إسلامى أصيل وإعمالاً للائحة والمؤسسية، فقد قمت شخصيّاً بتشكيل لجنة لإجراء هذه الانتخابات من أعضاء مجلس الشورى تحت إشرافى، وتمت بحمد الله هذه الانتخابات بالطريقة المناسبة، رغم الظروف التى نعيش فيها، وكانت نتيجتها كالتالى: يتشكل المكتب الجديد من كل من الإخوة التالية أسماؤهم وفقاً للترتيب الأبجدى، أولا: أسامة نصر الدين، ثانيا: جمعة أمين عبدالعزيز، ثالثا: رشاد البيومى، رابعا: سعد عصمت الحسينى، خامسا: عبدالرحمن البر، سادسا: عصام العريان، سابعا: محمد بديع، ثامنا: محمد سعد الكتاتنى، تاسعا: محمد عبدالرحمن المرسى، عاشرا: محمد مرسى، حادى عشر: محمود أبوزيد، ثانى عشر: محمود حسين، ثالث عشر: محمود عزت، رابع عشر: مصطفى الغنيمى، خامس عشر: محيى حامد، سادس عشر: محمود غزلان".
كان هذا محتوى مقطع فيديو كانت قد نشرته بوابة الوطن الإليكترونية , اليوم الأربعاء , وهو لم يُذَع من قبل حيث أنه من كواليس البيان الذى سجله مرشد الإخوان السابق مهدى عاكف فى ديسمبر 2009 ,أى قبل عامين ونصف العام فقط من تولى "مرسى" كرسى الرئاسة.
وقد جاء بالفيديو أيضاً أنه بالرغم من تأكد "عاكف" من ذكر الأسماء السابقة بالترتيب الأبجدى ,إلا أنه حدث أكثر من خطأ مما دفع الحاضرون إلى تنبيهه إليهم بعد أن انتهى من التسجيل، حيث قال له أحدهم "انت قلت تاسعا وعاشرا فيها خطأ يا ريس (والمقصود محمد المرسى ومحمد مرسى)"، وعلق آخر: "وقلت محمود غزلان فى الآخر"، وبناء عليه علق عاكف قائلاً: "معلش بقى.. أهو ده راجل نقدر عليه"، دون أن يوضح من هو الرجل من بين الثلاثة المذكورين.
وفي نفس السياق قام "عاكف" بالسؤال عن بيان آخر متعلق بنفس الموضوع الموجّه إلى الإخوان، فيقوم بأمر أحد الوقفين قائلا له نصاً: "استعجل لى محمد مرسى، وقول له فين البيان بتاع الإخوان"، ليعلل للحاضرين البيان الثانى قائلا: "البيان الجاى للإخوان.. نعتذر لهم عن الغلب اللى شافوه أثناء صمتنا، والإعلام عمال يقطع فينا، البكاء يأتينى من أسوان وأنا مش قادر أرد"، وبعد ذلك يقوم "عاكف" بمدح الحاضرين قائلاً : "أنا كل ما أبص لكم كده يا ولاد أزداد ثقة فى مستقبل الجماعة".
ثم يدخل محمد مرسى غرفة المرشد , بعد إنتهائه من وصلة مدحه ويظهر مرتديا البدلة الكحلية اللون ويتضح عليه آثار ثقل وصعوبة الحركة فى الجانب الأيمن فى فمه بوضوح ، ثم يسأله عاكف: "فين البيان يا محمد؟"، ليناوله مرسى البيان فيعلق عاكف: "اعملهولى على المكنة (يقصد أن يقوم بكتابته على الكمبيوتر)"، فيطلب منه "مرسى" أن يقرأه أولا للموافقة عليه.
ويظهر بالمشهد القيادي "سيد نزيلى"، عضو مجلس شورى الإخوان مسئول مكتب الجيزة الأسبق، بجوار المرشد السابق لمراجعة البيان الذى كتبه مرسى، ليظل مرسى واقفا بين الكرسيين لمدة تجاوز الأربع دقائق التى تجمعه بمرشده، يميل بجسده على المكتب لقراءة البيان .
ويبدأ المرشد فى قراءة البيان بصوت عالى ليتأكد من قدرة مرسي في التشكيل ومخارج الجمل،قائلاً: "الإخوة والأخوات.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. تعلمون جميعا أن جماعة الإخوان المسلمين -الهيئة الإسلامية العالمية الجامعة- تمضى فى طريقها وتمارس عملها منذ عشرات السنين بمنهجها الإسلامى الوسطى المعتدل لتحقيق مصلحة الوطن والأمة الإسلامية دون تقصير وباقتدار ومضاء للمستقبل بغير تهور ولا حيود عن الوسطية والاعتدال"،وهنا يتوقف عاكف عند كلمة "حيود"، يحاول نطقها فى أول الأمر فلا يستطيع، ليقترب منه مرسى ليساعده قائلا: "عايز إيه يا مولانا؟"، ليشير عاكف إلى الكلمة التى ينطقها ويكرر نطقها من بعده، وبمجرد أن ينطقها، يصدر صوت تبرم وانزعاج من الكلمة لصعوبتها اللغوية، وهنا يستمر مرسي في محاولة قراءتها مرة أخرى لعاكف لتسهيلها، فيشطبها المرشد السابق بقلمه قائلا: "نخليها لأ مش عايزها.. بغير تهور ولا انحراف عن الوسطية.. ولا أقولك بغير تهور ولا تراجع عن الوسطية".
ويستطرد عاكف قراءته : "وقد نالها ما تعلمون على مرّ السنين من العنت والقرح"،و يكرر الكلمة متعجبا: "القرح!!"، يصمت قليلا ويكررها ثالثة: "من العنت والقرح!!"، ثم يعدلها قائلاً "بلاش القرح.. خليها الابتلاء", ثم يكمل سيد نزيلى قراءة البيان ,ليردد مرسي الكلمات وراء "نزيلى" لتأكيد الكلمات.
والغريب والملفت للنظر أن مرسى فى بيانه يقر بمبدأ البيعة وأهميتها، وأكد أن التزام شباب الإخوان بأصول الجماعة وأركان "البيعة" التى بايعوها للمرشد هو الدافع الذى ألهمهم الصبر على الوقوف أمام الاضطرابات التى صاحبت فترة اختيار أعضاء مكتب إرشاد الجماعة؛ حيث يقول بقية البيان: "نالها ما تعلمون على مر السنين من العنف والابتلاء فلم يفت ذلك فى عضدها، وكم تعرضت الجماعة للمشاق وكم مرت بظروف وأزمات، والحمد لله ما زادها ذلك إلا قوة واستعصاء على كيد الكائدين وظلم الظالمين. وتحرص الجماعة دائما على الشورى فى كل أعمالها وفى إدارة شئونها وتقوم عليها مؤسساتها بكل عزيمة وبالأخلاق الإسلامية الراقية. أيها الإخوة والأخوات.. لقد مرت علينا جميعا فى الأسابيع القليلة الماضية ملابسات وأحداث كثيرة صبرنا عليها وعانيتم أيها الإخوان منها ومن تضارب التصريحات فيها ومن المناخ العام الذى أوجدته، ولكنكم وبفضل الله صبرتم عليها وأعانكم على هذا الصبر التزامكم بأصول وأعراف الجماعة وبأركان بيعتها التى أرساها الإمام المؤسس حسن البنا، رحمه الله، فلكم منى ومن إخوانكم فى مكتب الإرشاد كل التحية والتقدير والاعتزاز والدعاء الدائم والرجاء فى الله، عز وجل، أن يوفقكم ويزيدكم حرصا وثباتا على طريق الدعوة حسبة لله تعالى".
ويتابع مرسى فى بيانه المكتوب بخصوص إجراءات الطعن على نزاهة اختيار مكتب الإرشاد: "وكلمتى لإخوانى الذين لهم وجهات نظر واقتراحات وآراء أو حتى طعون واعتراضات أن يتقدموا بها"، الجدير بالذكر أن المرشد السابق شطب هذا الجزء ، فصدر بيان الإخوان وقتها فى 21 ديسمبر دون تلك الجملة ,بينما ضم هذا الاجتماع عددا من قيادات الإخوان الذين ظهروا جالسين طوال الفيديو على عكس محمد مرسى الذي ظل واقفاً، مثل "محمد عبدالغنى"، عضو مجلس شورى الإخوان مسئول قطاع إدارى فى الشرقية، و"حسين إبراهيم"، أمين عام حزب الحرية والعدالة حاليا، و"أحمد عبدالرحمن"، عضو مجلس شورى الإخوان، بالإضافة إلى "مسعود السبيحى"، أحد الموظفين بمكتب الإرشاد , بينما شارك "مرسى" الوقوف "محمد أسامة"، سكرتير مهدى عاكف، و"عبدالجليل الشرنوبى"، رئيس تحرير موقع "إخوان أون لاين" السابق، و"جمال نصار"، المستشار الإعلامى لمرشد الإخوان السابق.
وكان البيان الصادر من قبل عاكف قد تضمن الإطاحة بكل بعبدالمنعم أبوالفتوح ومحمد حبيب، مما أثار جدلا عبر وسائل الإعلام وقتها فيما عُرف باستبعاد الإصلاحيين من مكتب الإرشاد، وهنا إضطر "عاكف" إلى إصدار تصريحات لموقع "إخوان أون لاين" وقتها يقول فيها: إن عبدالمنعم أبوالفتوح قامة كبيرة وشخصية مرموقة فى الإخوان المسلمين والمجتمع بأسره، وإن استبعاد "أبوالفتوح" من انتخابات مكتب الإرشاد لأن الدكتور أبوالفتوح لديه مهام كبيرة وعظيمة يقوم بها فى خدمة دعوته ومهنته، وإنه هو الذى أعلن فى أكثر من وسيلة إعلامية أنه لا يريد أن يكون عضواً فى مكتب الإرشاد أو مرشداً عاماً.