عيار 21 يتراجع الآن لأدنى مستوياته.. سعر الذهب والسبائك بالمصنعية اليوم في الصاغة    بورصة الدواجن اليوم.. أسعار الفراخ والبيض اليوم الإثنين 29 أبريل 2024    انخفاض جديد.. أسعار الحديد والأسمنت اليوم الإثنين 29 إبريل 2024 في المصانع والأسواق    خسائر فادحة.. القوات الأوكرانية تنسحب من 3 مواقع أمام الجيش الروسي |تفاصيل    صحف السعودية| مطار الملك خالد الدولي يعلن تعطل طائرة وخروجها عن مسارها.. وبن فرحان يترأس اجتماع اللجنة الوزارية العربية بشأن غزة    أمير هشام: تصرف مصطفى شلبي أمام دريمز الغاني ساذج وحركته سيئة    بعد موقعته مع كلوب.. ليفربول يفرط في خدمات محمد صلاح مقابل هذا المبلغ    مواعيد مباريات برشلونة المتبقية في الدوري الإسباني 2023-2024    ميدو: هذا المهاجم أكثر لاعب تعرض للظلم في الزمالك    «أمطار رعدية وتقلبات جوية».. الأرصاد تحذر من حالة الطقس اليوم الإثنين في مصر    بعد وفاة والدتها.. رانيا فريد شوقي فى زيارة للسيدة نفسية    مصنعو السيارات: الاتحاد الأوروبي بحاجة لمزيد من محطات شحن المركبات الكهربائية    إصابة 13 شخصا بحالة اختناق بعد استنشاق غاز الكلور في قنا    مصرع شخص وإصابة 16 آخرين في حادث تصادم بالمنيا    علييف يبلغ بلينكن ببدء عملية ترسيم الحدود بين أذربيجان وأرمينيا    أسألكم الدعاء بالرحمة والمغفرة.. روجينا تنعى المخرج عصام الشماع    ختام فعاليات مبادرة «دوّي» بكفر الشيخ    خالد الغندور يوجه انتقادات حادة ل محمد عبد المنعم ومصطفى شلبي (فيديو)    عمره 3 أعوام.. أمن قنا ينجح في تحرير طفل خطفه جاره لطلب فدية    هيثم فاروق يوجه رسالة لحمزة المثلوثي بعد التأهل لنهائي الكونفدرالية| تفاصيل    مجتمع رقمي شامل.. نواب الشعب يكشفون أهمية مركز الحوسبة السحابية    سامي مغاوري يكشف سبب استمراره في الفن 50 عامًا    رابطة العالم الإسلامي تعرب عن بالغ قلقها جراء تصاعد التوتر في منطقة الفاشر شمال دارفور    «مسلم»: إسرائيل تسودها الصراعات الداخلية.. وهناك توافق فلسطيني لحل الأزمة    نتنياهو يعيش في رعب.. هل تصدر محكمة العدل الدولية مذكرة باعتقاله؟    شاهد صور زواج مصطفى شعبان وهدى الناظر تثير السوشيال ميديا    شقيقة الفلسطيني باسم خندقجي ل«الوطن»: أخي تعرض للتعذيب بعد ترشحه لجائزة البوكر    سامي مغاوري عن صلاح السعدني: «فنان موسوعي واستفدت من أفكاره»    بعد عامين من انطلاقه.. برلماني: الحوار الوطني خلق حالة من التلاحم    تموين الإسكندرية: توريد نحو 5427 طن قمح إلى الصوامع والشون    برلمانية: افتتاح مركز البيانات والحوسبة يؤكد اهتمام الدولة بمواكبة التقدم التكنولوجي    التهديد الإرهابي العالمي 2024.. داعش يتراجع.. واليمين المتطرف يهدد أمريكا وأوروبا    بعد طرح برومو الحلقة القادمة.. صاحبة السعادة تتصدر ترند مواقع التواصل الاجتماعي    فراس ياغى: ضغوط تمارس على الأطراف الفلسطينية والإسرائيلية للوصول لهدنة في غزة    تحرك عاجل من الخطيب ضد السولية والشحات.. مدحت شلبي يكشف التفاصيل    أيمن يونس يشيد بتأهل الأهلي والزمالك.. ويحذر من صناع الفتن    إخلاء سبيل سائق سيارة الزفاف المتسبب في مصرع عروسين ومصور ب قنا    الأرصاد الجوية تكشف حالة الطقس اليوم الإثنين وتُحذر: ظاهرة جوية «خطيرة»    السفيه يواصل الهذيان :بلاش كليات تجارة وآداب وحقوق.. ومغردون : ترهات السيسي كلام مصاطب لا تصدر عن رئيس    فيديو.. سامي مغاوري: أنا اتظلمت.. وجلينا مأخدش حقه    من أرشيفنا | ذهبت لزيارة أمها دون إذنه.. فعاقبها بالطلاق    هل مشروبات الطاقة تزيد جلطات القلب والمخ؟ أستاذ مخ وأعصاب يجيب    فهم حساسية العين وخطوات الوقاية الفعّالة    العناية بصحة الرموش.. وصفات طبيعية ونصائح فعّالة لتعزيز النمو والحفاظ على جمالها    «حياة كريمة».. جامعة كفر الشيخ تكرم الفريق الطبي المشارك بالقوافل الطبية    ضربة للمحتكرين.. ضبط 135 ألف عبوة سجائر مخبأة لرفع الأسعار    ربان الكنيسة السريانية الأرثوذكسية في مصر يحتفل بعيد الشعانين ورتبة الناهيرة    البابا ثيودروس الثاني يحتفل بأحد الشعانين في الإسكندرية    الإفتاء توضح حكم تخصيص جزء من الزكاة لمساعدة الغارمين وخدمة المجتمع    دعاء في جوف الليل: اللهم جُد علينا بكرمك وأنعم علينا بغفرانك    3 حالات لا يجوز فيها الإرث شرعًا.. يوضحها أمين الفتوى    وزير الاتصالات: 170 خدمة رقمية على بوابة مصر الرقمية    الاستعداد للعريس السماوي أبرز احتفالات الرهبان    بالصور.. الوادي الجديد تستقبل 120 طالبًا وطالبة من كلية آداب جامعة حلوان    مصرع شاب في انقلاب سيارة نقل بالوادي الجديد    طريقة تحضير بودينج الشوكولاتة    محمد أبو هاشم: حجاج كثر يقعون في هذا الخطأ أثناء المناسك    في أحد الشعانين.. أول قداس بكنيسة "البشارة" بسوهاج الجديدة |صور    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سامى شرف يكتب : عبد الناصر .. صانع الرجال
نشر في الفجر يوم 28 - 04 - 2013

فى أعقاب الأزمة حول الديمقراطية والديكتاتورية وعودة جمال عبدالناصر إلى رئاسة مجلس قيادة الثورة تفجرت أزمات كثيرة كان محورها فى الغالب هو الصراع حول من يملك اتخاذ القرار السياسى فى الدولة، وكان من أبرز هذه الأزمات الصدام الذى وقع بين محمد نجيب ومجلس قيادة الثورة بعد أن ثبت أن محمد نجيب يعمل على جر الثورة وحركة التغيير ككل للارتماء فى أحضان قوى النظام القديم التى كانت قد شكلت جبهة عمل سياسى ضمت الإخوان المسلمين والشيوعيين والأحزاب القديمة والإقطاعيين وعناصر ارتبطت بقوى خارجية، وكذا الأزمات التى وقعت بعد ذلك مع الأحزاب القديمة وبعض التيارات الأيديولوجية كالإخوان والشيوعيين، والتى عجزت عن التكيف مع أهداف الثورة ورفضت توفيق أوضاعها مع المتغيرات الجديدة.

ومع نهاية 1954 كانت الأمور قد استقرت لصالح قوة الثورة بقيادة عبدالناصر الذى انطلق لتحقيق أهداف الثورة على الصعيدين الداخلى والخارجى، وانطلق فى الوقت نفسه للبحث عن أهل الخبرة والكفاءة لتوفير قوة الدفع اللازمة لمخططات الثورة، وكان المعيار الرئيسى الذى تحكم فى الاستعانة بهذه الكفاءات هو مدى قدرة الشخص على التجاوب مع الهدف الاستراتيجى والمساهمة فى إنجاحه وفقا لمواصفات المهمة المطلوبة فى كل موقع.

كان عبدالناصر حريصا على الفصل بين الجيش والسياسة، ففى أكتوبر 1953 جمع كل الضباط الأحرار فى مبنى كلية أركان الحرب بكوبرى القبة وقال لهم: «من هذه اللحظة الكاكى هنا - وأشار بيده إلى الجانب الأيمن للقاعة-، والمدنى هنا.. الكاكى يتفضل يروح الجيش لاتعرفنى ولا أعرفك.. ماليش دعوة بيك خالص ومالكش دعوة بى.. ولو تدخلت أو عملت أى حاجة ليست فى اختصاصك حايكون فيه محكمة عسكرية.. المدنى يفضل مدنى ويلتزم بما يوكل إليه من مهام».

لقد بدأت الثورة تستعين بأهل الخبرة وذوى الكفاءات والفكر دون تفرقة بين مدنى وعسكرى، وكان يجرى تصحيح الموقف باستمرار كلما بدت ملامح قصور، ولم يمنع ذلك بالطبع من حدوث هذا القصور بل والانحرافات، ولقد اعترف عبدالناصر بوقوع الانحرافات التى اكتشف بعضها فى حينه ولم يكتشف البعض الآخر إلا بعد فوات الأوان.

من واقع كروت الترشيحات التى كانت تعد وتجدد باستمرار فى سكرتارية الرئيس للمعلومات وهى محفوظة فى أرشيف هذه السكرتارية فى منشية البكرى.

عبدالعزيز حجازى - اختير وزيرا سنة 1968: (ليس من أهل الثقة والعسكر) اقتصادى سياسى - نشط- ديناميكى- ملتزم- لديه القدرة على تحليل الأمور بعقلية سياسية متطورة- برز من خلال عمله كأستاذ وعميد لكلية التجارة جامعة عين شمس- قاد العمل السياسى فى هذه الكلية من خلال تنظيم طليعة الاشتراكيين وبمعاونة أعضاء التنظيم فى الكلية وفى الجامعة - له رؤية مستقبلية عملية وعلمية- قادر على العطاء وحسن الأداء- شخصية قيادية هادئة وحاسمة فى نفس الوقت نظيف اليد - من أبناء بيان 30 مارس 1968- اختاره وأشركه عبدالناصر فى الوزارة فى 20 مارس 1968 لتجسيد إرادة التغيير التى كانت هى عصب ومحور بيان 30 مارس.

ضياء الدين داود- اختير وزيراً سنة 1968 ليس من أهل الثقة والعسكر كان محامياً وأمين الاتحاد الاشتراكى فى دمياط وعضو مجلس الأمة تابع عبدالناصر نشاطه بداية من هيئة التحرير مروراً بالاتحاد القومى فالاتحاد الاشتراكى كما تابع مناقشاته فى مجلس الأمة، بعد هزيمة 67 وإصرار عبدالناصر على التغيير الشامل والتقاط الكوادر الوطنية ذوى التوجه القومى - قادر على أن يقول لا عند اللزوم- ساهم فى إنشاء ناد للفلاحين فى تفتيش زراعة الأمير محمد عبدالحليم ونجح فى إنشاء رابطة لهم للحفاظ على حقوقهم وعدم الإذعان للظلم حضر ندوة فى أخبار اليوم حضرها إحسان عبدالقدوس ومحمود العالم وأحمد القصبى وأحمد سعيد ومحمود أبووافية وعلوى حافظ وعبدالمولى عطية، وكان ضياء فى هذه الفترة أمينا للجنة الحريات فى مجلس الأمة، وفى هذه الجلسة هاجم علوى حافظ الثورة ورد عليه ضياء الدين داود حول خطأ مفهومه للثورة وأبان الفروق بين الثورة ومبادئها أو بين الأشخاص، كما وضح الفارق بين النقد للهدم من خارج صفوف الثورة والنقد من داخل الثورة انطلاقاً من الإيمان بها- قرر عبدالناصر أن يستعين به فى موقع وزارى وكان مرشحاً لتولى وزارة الدولة لشئون مجلس الأمة وبعد مناقشة الرئيس له فى جلسة المفاتحة لتولى الوزارة قرر أن يسند إليه وزارة الشئون الاجتماعية،

محمد حلمى مراد- اختير وزيراً سنة 1968 ليس من أهل الثقة والعسكر فى أعقاب أحداث الطلبة بعد 1967 وفى بداية 1968 كان القرار بضرورة التغيير فى الأسلوب والأشخاص والأداء، وكان حلمى مراد رئيساً لجامعة عين شمس، كان عضواً فى التنظيم الطليعى للجامعة التى كانت تتبع جغرافيا منطقة شرق القاهرة التى كنت أتولى قيادتها- وكانت هذه الجامعة من المراكز الاستراتيجية المهمة على المستويين الفكرى والجماهيرى علاوة على أن منظمة الشباب كانت فى هذه الجامعة ذات طابع مميز ومؤثر وناجح بشكل لافت للنظر وكان العمل السياسى يسير فى الجامعة بشكل منسجم ومتكامل بأسلوب ديمقراطى مما شكل نسيجاً أو سيمفونية ناجحة، كان موقف حلمى مراد أثناء أحداث الجامعة وبمعاونة التنظيمات السياسية فيها متماسكاً واستطاع أن يحتوى الأزمة بأسلوب ديمقراطى وكسب القاعدة الطلابية بعيدا عن الوسائل الأمنية.

فى جلسة مفاتحته لتولى الوزارة، وهى مسجلة تحدث حلمى مراد ضاحكاً وقال: «سيادة الرئيس أنا كنت فاكر إنى حأتعين وزيراً للتعليم العالى»، فرد عبدالناصر شارحاً له وجهة نظره التى سبق أن عبر عنها من قبل، وقال له إن التعليم الأساسى مهم وعليك يا دكتور أن تصلح المنبع بما لديك من خبرات جامعية وآراء أثرتها حول مستويات الطلبة الذين يصلون إلى التعليم الجامعي.

بعد رحيل عبدالناصر كتب د. محمد حلمى مراد فى العدد 3234 بتاريخ 16 أكتوبر 1996 تعقيباً لمجلة آخر ساعة على مقال نشر فى شهر أكتوبر 1996 حول حوار تم معى عن كيفية اختيار عبدالناصر لمعاونيه خاصاً به واختياره وزيراً للتربية والتعليم وكيف خرج منها فقال: «تناولتم فى نهاية الحلقة الأولى كيف اختارنى الرئيس الراحل جمال عبدالناصر وزيراً للتربية والتعليم فى وزارته عند إعادة تشكيلها عام 1969 وكيف خرجت منها، وذلك وفقاً لشهادة السيد سامى شرف سكرتيره الخاص.

وتصويباً لبعض وقائع ما نشر فى هذا الشأن ووضعاً للأمور فى نصابها للحقيقة والتاريخ فىما يلى بالحقائق التالية:

إن أحداً لم يفاتحنى فى شأن الاشتراك فى وزارة الرئيس عبدالناصر قبل مقابلتى له شخصياً، ومفاتحته لى مباشرة وعلى انفراد فى شأن تولى منصب وزير التربية والتعليم فى التشكيل الجديد للوزارة التى يرأسها، وأعتقد أن هذا الترشيح جاء نتيجة الحوار الذى دار بينه وبينى حول المظاهرات الطلابية التى اندلعت عقب صدور الأحكام فى المحاكمات العسكرية التى أجريت لبعض قادة سلاح الطيران فى الاجتماع الذى دعا إليه رؤساء الجامعات المصرية بقصر القبة.

لم يكن اعتذارى عن عدم قبول المنصب الوزارى الذى عرضه عليّْ الرئيس عبدالناصر راجعاً إلى رغبتى فى تولى منصب وزارى آخر، وهو منصب وزير التعليم العالى حسبما جاء فى رواية السيد سامى شرف بل لما أوضحته للرئيس عبدالناصر من أننى أفضل خدمة بلدى من خلال منصبى الذى أشغله وهو مدير جامعة عين شمس حيث إنه معادل فى درجته المالية لمنصب الوزير، ويفوقه فى أنه لا يقتصر من الاختصاص على الإدارة التعليمية بل يختص بالإشراف على أكثر من مجال آخر كالإسكان بإشرافه على المدن الجامعية، والصحة الطلابية من خلال المستشفيات الجامعية، والاهتمام بالرياضة وتربية الشباب النسبة للأنشطة الرياضية الاجتماعية، هذا فضلا عن أن شاغله يتولاه حتى بلوغ سن التقاعد ولا يعتبر منصباً سياسياً مؤقتاً كمنصب الوزير.. غير أن الرئيس عبدالناصر لم يقتنع بوجهة نظرى مقرراً أن اختيارى للاشتراك فى الوزارة يعتبر تكليفاً وليس أمراً متروكاً لاختيارى حيث إنه لا يقبل ممن ينتقدون الأوضاع القائمة أن يعتذروا عند دعوتهم للعمل على تحقيق ما يطالبون به من إصلاح.

وفيما يختص بتنفيذ بيان 30 مارس الذى قمت بالمشاركة مع الدكتور عبدالعزيز حجازى وزير المالية بوضع البرنامج التنفيذى له، وكلفت بتقديم تقارير دورية عما تم تنفيذه منه على مستوى الوزارات المختلفة، فقد قدمت تقريرين غير منشورين للرئيس عبدالناصر بنتيجة قيامى بهذه المهمة، وكنت حريصاً على أن أرسل صورة من كل تقرير بصفة شخصية إلى الوزير صاحب الشأن حتى يعرف ما كتبت عن وزارته فى هذا الشأن مستنداً إلى ما تلقيته منهم من تقارير حول ما قاموا بتنفيذه دون السماح بإذاعة ما احتوته هذه التقارير فى الصحف.

أما عن الحوار الذى دار بين الرئيس عبدالناصر وبينى فى جلسة مجلس الوزراء الأخيرة التى حضرتها، فقد جرى حول خطابين مرسلين منى لسيادته ومكتوبين بخط يدى دون أن يطلع عليهما أحد فكان يتعلق أولهما بالخلاف الذى نشب بين نادى القضاة وبين وزير العدل وقتئذ الأستاذ السيد أبونصير الذى كنت أنصح فيه بألا ينتهى هذا الخلاف إلى ما حدث بعد خروجى من الوزارة مما اصطلح على تسميته بمذبحة القضاء.. وكان الخطاب الثانى يتعلق باحتجاجى على منع نشر حديث صحفى كنت قد أدليت به إلى مجلة روزاليوسف حول تنفيذ بيان 30 مارس باعتبارى المكلف رسمياً بمتابعة هذا التنفيذ ولم يتضمن أى مساس بأحد من السادة الزملاء الوزراء، ولكن الرئيس عبدالناصر لم يكن راضياً على مخاطبته برسائل كتابية مفضلاً أن يخطر بما جاء فيها عن طريق مقابلته شخصياً أو الاتصال تليفونياً، وخرج غاضباً من الجلسة معلناً أن التعاون معى أصبح أمراً غير ممكن.. وهو ما سوف أتناوله تفصيلاً مع نشر هاتين الرسالتين التاريخيتين فى الكتاب الذى أراجعه حالياً لإصداره بإذنه تعالى بعنوان «16 شهراً فى وزارة عبدالناصر».

وقد امتنعت بعد هذه الجلسة لمجلس الوزراء المنعقدة فى 7/7/1969 عن الذهاب إلى مكتبى بوزارة التربية والتعليم، غير أننى لم أر أن أرسل للرئيس باستقالة كتابية من الوزارة كما فعلت فى مرة سابقة ولم يقبلها متمسكاً باستمرارى فى الوزارة ثقة منه فى شخصي، بل وطلب منى إعلان ذلك على الملأ.. وذلك حتى لا تتكرر الاستقالات من جانبى مما قد يظهرنى بمظهر غير الراغب فى الاستمرار فى أداء رسالتي، وحتى أعطى الرئيس الفرصة لكى يتخذ قراره بنفسه بإعفائى من منصبى موضحاً أسباب الإعفاء.. وهو ما تم فى اليوم الرابع الموافق العاشر من يوليو 1969 بنشر قرار إعفائى من منصبى الوزارى ولكن دون بيان لأسباب هذا الإعفاء.

إن ما ذكر على لسان السيد سامى شرف من أن الرئيس عبدالناصر كلفه بأن يكون على اتصال دائم بى بعد إعفائى من منصبى الوزاري، وهو ما يقرر أنه كان يقوم به أسبوعياً إلى أن انقطعت عن الاتصال به فإننى لم أخطر بهذا الأمر ولم يتم عملاً ولعل الأمر كان يخص شخصاً خلافى، واختلط الأمر على قائله نظراً لانقضاء ربع قرن من الزمان على ذلك، وإن كان ذلك لا يمنع من أن أقرر أنه حرص على منحى جواز سفر دبلوماسى للسفر إلى جميع بلاد العالم بعد خروجى من الوزارة عندما علم بعدم تمكينى من السفر إلى الخارج لحضور مؤتمر بصفتى رئيساً لاتحاد الاقتصاديين العرب وقتئذ.

توقيع «محمد حلمى مراد».

وزير التربية والتعليم الأسبق

وقد قمت من جانبى بالرد على تعليق الدكتور محمد حلمى مراد بالرسالة التالية والتى بعثت بها لمجلة آخر ساعة ونشرت فى العدد 3236 بتاريخ 30 أكتوبر 1996 وكان نصها: «نشرت مجلة آخر ساعة فى عددها رقم 3234 بتاريخ 16 أكتوبر 1996 فى الصفحة الخامسة عشرة مقالاً بعنوان «الدكتور حلمى مراد يكشف: خطابان بخط يدى إلى الرئيس عبدالناصر سبب إقالتي» وتضمن المقال توضيحاً من وجهة نظر الزميل الأستاذ الدكتور محمد حلمى مراد وزير التربية والتعليم الأسبق، الذى أكن له كل التقدير، حول اختياره وخروجه من الوزارة وفقاً لشهادتى باعتبارى سكرتيراً خاصاً للرئيس جمال عبدالناصر.

وقد أخذت على نفسى ألا أرد على ما يكتب بالسلب أو بالإيجاب رغم أن كل الوقائع التى عاصرتها بتفاصيلها محفورة فى ذاكرتى وقد دونتها فى مذكراتى وخروجاً على هذه القاعدة أحب أن أضع أمام القراء الحقائق التالية:

أولاً: لقد كان منصبى هو سكرتير الرئيس للمعلومات بدرجة وزير إلى أن عينت وزيراً للدولة.

ثانياً: كنت مسئول تنظيم طليعة الاشتراكيين عن منطقة شرق القاهرة التى كان يتبعها أعضاء هذا التنظيم فى جامعة عين شمس ومن ضمنهم الأستاذ الدكتور محمد حلمى مراد، وأساتذة آخرون وطلاب أكثر.

ثالثا: المعايير التى تم بناء عليها ترشيح واختيار الأستاذ الدكتور محمد حلمى مراد للوزارة هي: كفاءته وقدراته ونظافة يده، عضويته الفاعلة فى تنظيم طليعة الاشتراكيين، رغبة الرئيس جمال عبدالناصر فى دفع عناصر جديدة للعمل فى قمة المسئولية السياسية والتنفيذية، موقف الأستاذ الدكتور محمد حلمى مراد- باعتباره رئيساً لجامعة عين شمس الرافض لمظاهرات الطلبة ومعالجته الأمور بطريقة سياسية.

رابعاً: إن مفاتحة الأستاذ الدكتور محمد حلمى مراد تمت على مرحلتين، الأولى تمت تليفونياً منى أنا شخصياً ومن مكتب السيد على صبرى بحضور السيد شعراوى جمعة وحضر سيادته إلى مكتب السيد على صبرى فى مبنى الاتحاد الاشتراكى العربى بكورنيش النيل وكان سعيداً بالترشيح، وبناء عليه تحدد له الساعة السابعة من مساء نفس اليوم لمقابلة الرئيس جمال عبدالناصر فى منزله بمنشية البكرى لمفاتحته رسمياً. وكان الذين سيفاتحون فى ذلك اليوم الأساتذة الدكتور عبدالعزيز حجازى عميد كلية التجارة بجامعة عين شمس فى ذلك الوقت، والدكتور عبدالعزيز كامل والدكتور محمد صفى الدين أبوالعز من أساتذة جامعة القاهرة والأستاذ ضياء الدين داود وآخرين بعضهم لم يدخل الوزارة.

وليس من المنطقى أن يستدعى مسئول لمقابلة الرئيس فى مرحلة تعديل وزارى دون أن يكون لديه علم مسبق بذلك، وهو ما قمنا به نحوه.

خامساً: جلسات مفاتحة الرئيس جمال عبدالناصر لجميع المرشحين، والتى تمت لكل على انفراد، مسجلة ومحاضرها محفوظة فى أرشيف سكرتارية الرئيس للمعلومات بمنشية البكري.

سادساً: تمت ثلاث مواجهات بين الرئيس والأستاذ الدكتور محمد حلمى مراد فى جلسات ثلاثة لمجلس الوزراء، وهذه الجلسات مسجلة ومحاضرها محفوظة فى أرشيف سكرتارية الرئيس للمعلومات بمنشية البكري، علاوة على أن أغلب شهود هذه الجلسات من الزملاء الوزراء على قيد الحياة أطال الله فى أعمارهم وهم على سبيل المثال الأساتذة:

الدكتور عزيز صدقي، والدكتور عبدالعزيز حجازي، والدكتور محمد صفى الدين أبوالعز، والسيد أمين حامد هويدى، والسيد محمد فائق، والفريق أول محمد فوزى، والسيد ضياء الدين داود.

كما سجل هذه الجلسات بخط يده السيد عبدالمجيد فريد، والذين أتمنى أن ينشطوا ذاكرة الأستاذ الدكتور محمد حلمى مراد حول ما دار فى هذه الجلسات.

سابعاً: أحد السادة الوزراء، وهو حى يرزق، اصطحب الأستاذ الدكتور محمد حلمى مراد إلى حديقة الميريلاند بمصر الجديدة بعد أول مواجهة فى مجلس الوزراء ونصحه فى حديث طويل تناول الأسلوب الذى يتعامل به الوزراء فى مجلس الوزراء إما مع الرئيس أو مع الزملاء الوزراء من أعضاء مجلس الوزراء.

ثامناً: الأستاذ محمد حسنين هيكل كان يجلس معى فى مكتبى بالقصر الجمهورى بالقبة واستمع إلى ما دار فى هذه الجلسات وأخذ نقاطاً كاملة بما دار فيها.

تاسعاً: النقاط التى دارت حولها المواجهات بين الرئيس جمال عبدالناصر والأستاذ الدكتور محمد حلمى مراد تتركز حول العناصر الآتية دونما الدخول فى تفاصيل احتفظ بها للوقت المناسب:

الحد من الدعاية الشخصية من جانب السادة الوزراء ولتتحدث الأعمال.

«وفى أول مواجهة لم يسمّ الرئيس جمال عبدالناصر أحداً بالاسم، وإن كان جميع الحضور فهموا من هو المقصود».

عدم إفشاء أسرار ما يدور فى قاعة مجلس الوزراء تحت أى مسمى وبأى وسيلة.

لقد كان الأستاذ الدكتور محمد حلمى مراد من أكثر الوزراء الذين يتصلون بالرئيس جمال عبدالناصر تليفونياً وربما أكثر من مرة فى اليوم الواحد، بالإضافة إلى المقابلات الرسمية وغير الرسمية وفى منزل الرئيس بمنشية البكري.

استخدام بعض وسائل الإعلام كوسيلة لفرض آراء أو الترويج لوجهات نظر بعينها.

ضرورة التنسيق العرضى بين الوزراء وخصوصاً الذين كانوا اعضاء فى لجنة متابعة تنفيذ بيان 30 مارس.

والأستاذ الدكتور محمد حلمى مراد استخدم أسلوباً حزبياً قديماً بأن اتخذ من هذه اللجنة وسيلة لمراقبة أعمال زملائه الوزراء ومهاجمتهم.

عاشراً: التقرير الذى تقدم به الأستاذ الدكتور محمد حلمى مراد متعلقاً بالأوضاع فى نادى القضاة كان خارج إطار تكليفات مجلس الوزراء بل كان تكليفاً خاصاً وكان إجراء تطوعياً من جانب الأستاذ الدكتور محمد حلمى مراد وافق عليه الرئيس جمال عبدالناصر.

حادى عشر: لقد كان باب الرئيس جمال عبدالناصر ومكتبه مفتوحين فى أى وقت وفى أى ساعة لمقابلة الأستاذ الدكتور محمد حلمى مراد كما كانت تعليمات الرئيس للسيد محمد أحمد السكرتير الخاص للسيد الرئيس ولى شخصياً أن يتم توصيل أى مكالمة يطلبها هو أو غيره من الوزراء مع الرئيس.

ثانى عشر: الأستاذ الدكتور محمد حلمى مراد كان قد أسرع فى الوصول إلى مكتبى فى منشية البكرى طالباً مقابلة الرئيس جمال عبدالناصر عقب انتهاء جلسة مجلس الوزراء والتى قال فيها للأستاذ الدكتور محمد حلمى مراد «أن التعاون معه أصبح غير ممكن».

ثالث عشر: كلفنى الرئيس جمال عبدالناصر فى نفس الليلة بالاتصال بالأستاذ الدكتور محمد حلمى مراد وقد طلبته فى صباح اليوم التالي، ولكنه لم يكن موجوداً بمنزله وتم الاتصال به فى منزل المرحوم الأستاذ أحمد حسين وأبلغته بأن الرئيس أمر بمداومة الاتصال به، واتفقنا على اللقاء يوم الأحد التالى وتم فعلاً هذا اللقاء، ثم انقطع سيادته إلى أن أصدر الرئيس جمال عبدالناصر قراراً باسناد الإشراف على الرسائل الجامعية فى جامعة عين شمس للأستاذ الدكتور محمد حلمى مراد، كما صدرت التعليمات لوزارة الخارجية لمنح سيادته جواز سفر دبلوماسي.

رابع عشر: أما ما أشار إليه الأستاذ الدكتور محمد حلمى مراد من خطابات بعث بها للرئيس جمال عبدالناصر فإنى آمل أن تكون موثقة، فالمعروف أن أى أحد يستطيع أن يدعى أنه بعث برسالة لأى شخص ليسجل بها موقفاً الآن وبعد مرور ربع قرن دونما يتوفر لديه ما يثبت صحة هذه الرسالة فى ذلك الوقت.

خامس عشر: أخيراً فإنى بتأكيد ما سبق، أعتقد أننى قد وضحت كثيراً من الأمور التى لم يتناولها الحوار الذى أجراه معى الأستاذ عبدالله إمام والذى صدر فى شكل كتاب «كيف كان عبد الناصر يحكم مصر» والذى لم يشمل كل الوقائع ولا كل التفاصيل، فإنى اعتبر أن باب التعليقات فى هذا الأمر من جانبى منتهياً، فى المرحلة الحالية، بهذا الإيضاح.

كما أرجو أن أكون قد وضعت أمام الأستاذ الدكتور محمد حلمى مراد بعض الحقائق التى ربما يكون قد نسيها لطول المدة.

ومع كل تقدير للزميل الأستاذ الدكتور محمد حلمى مراد، أرجو أن أكون قد وفقت فى الإيضاح.

توقيع سامى شرف

وزير شئون رئاسة الجمهورية الأسبق

مصر الجديدة فى 23 أكتوبر 1996

وقد عقب الأستاذ الدكتور محمد حلمى مراد على ردى عليه بقوله: إن السيد سامى شرف مازال يتمتع بذاكرة قوية جداً، وما كنت أعتقد أنه مازال يذكر هذه التفاصيل بعد هذه المدة الطويلة.

وأختم كلامى بجملة مختصرة مؤداها أن الرئيس جمال عبدالناصر كتب خطاباً دورياً بخط يده حول ميل بعض الوزراء للتحدث إلى الصحف بطريقة مبالغ فيها ولأهداف الدعاية الشخصية، وحدد فى هذا التوجيه كيفية التعامل مع أخبار الوزارات بشكل واضح.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.