علي مدي الستين عاماً الماضية.. ظل التعليم في مصر حقل تجارب سواء في التعليم الجامعي أو قبل الجامعي. وفي رواية لكمال الدين حسين عضو مجلس قيادة الثورة أنه عندما كان وزيراً للتربية والتعليم تقدم ببيان عن سياسة وزارته لمجلس الأمة "مجلس الشعب حالياً" وبعد مناقشته أقبل إلي اللجنة المختصة وتمت الموافقة عليه.. وفجأة نما إلي علمه أن عدداً من أعضاء المجلس يحاولون حشد رأي عام في المجلس للموافقة علي فتح باب الانتساب في الجامعات بدون قيد أو شرط.. أي أن يسمح بقبول من حصلوا علي مجموع أقل من 50% في الثانوية العامة.. وكانت الوزارة قد أصدرت قراراً بإلغاء الحد الأدني للنجاح والحصول علي الثانوية العامة وهو 50% واعتبروا كل من نجح في جميع المواد.. "ناجحين".. ويقول أيضاً.. أن يهتم بمحاولات الاعضاء.. ولكن في أحد إجتماعات مجلس الوزراء برئاسة جمال عبدالناصر وبعد أن أن انتهت الجلسة.. تحدث معه الرئيس قائلاً بالحرف الواحد "يا أبوكمال. ماتسيب باب الانتساب في الجامعات مفتوح للجميع.. عايزين الناس تبقي مبسوطة". وكان الرد "لا يمكن يا ريس لقد حددنا القبول لمن نجح وحصل علي 50% أما غيرهم فلن يكون هناك مجال لاستيعابهم.. لا أساتذة.. ولا مدرجات لا امكانيات حتي لو منعنا حضورهم المحاضرات". وقال أيضاً: لقد اعتبرنا من حصلوا علي مجموع أقل من 50% ناجحين في الثانوية العامة وذلك إرضاء للجماهير.. وبالتأكيد هذا كان له رد فعل سلبي علي المستوي التعليمي.. المهم أن جمال عبدالناصر قال له "بكره مجلس الأمة سيتصرف في هذا الموضوع". وبالفعل فوجئ كمال الدين حسين بمشروع قرار برغبة بإباحة الانتساب للكليات النظرية في الجامعات الثلاث التي كانت قائمة في ذلك الوقت وهي القاهرة وعين شمس والاسكندرية دون التقيد بالمجموع. وعرض المشروع علي المجلس فحصل علي موافقة الأغلبية ورأي الوزير أن هذا القرار ضد الصالح العام وقرر الاستقالة ولكن عبدالناصر رفضها قائلاً أن الانتساب سيرضي الجماهير!! هكذا كان نظام التعليم.. قام علي إرضاء الجماهير دون النظر إلي تطويره أو نهضته وكان الهدف اتاحة الفرص للجميع للتعليم الجامعي علي اساس أن الشهادة الجامعية هي للوجاهة الاجتماعية وبالتالي أقبل الشباب علي الجامعات.. ولم يعد هناك من يتقدم إلي التعليم الفني والصناعي.. وأثر ذلك علي الأيدي العاملة وظهرت البطالة بين خريجي الجامعات واستمرت عمليات المجاملات في نظام التعليم لدرجة أن جمال عبدالناصر قال لوزير التربية والتعليم الدكتور حلمي مراد سنة ..1968 أن مستوي التعليم قد انحدر والدورس الخصوصية زادت.. والامتحانات تتسرب. ووصل الأمر بعد ذلك خصوصاً في السنوات الماضية عندما لعبت المجاملات في نظام التعليم الابتدائي والثانوية العامة مما سهل القبول في بعض الكليات بعد تغيير الأنظمة لتتوافق مع الرغبات غير المشروعة. وأخيراً ظهر التعليم الجامعي الانتظامي أو الانتسابي والنتيجة مستوي هابط في تعليم منحدر وزيادة في عدد خريجي الجامعات.. وأيضاً تضخم في البطالة.