ان الله عز وجل خلق الخلق ، وجعل لكل صنف منهم حاجة عند الآخ ر، فالفقير محتاج للغني ، والغني يحتاج للفقير، والخلق يحتاج بعضهم إلى بعض رأى الامام أحمد رجل يدعوا الله " اللهم لا تحجني إلا إليك " قال الإمام أحمد: دعا على نفسه بالموت ، ولذلك لا يحتقر شيء من مخلوقات الله لا لصغر جسمه ولا لضعفه ، فله منافعه في هذه الدنيا. ومن هذا المنطلق أبحث وأستقصي عن خلق من مخلوقات الله ألا وهو الطير ومن أسباب تقديم الطير على جميع الحيوانات الأسباب التالية: 1- إن أكثر الطيور غذائها الحشرات التي يتأذى منها بنو آدم ، فلوا انقرضت الطيور لانتشرت هذه الحشرات ولأدي ذلك إلى أذيتنا. 2 -أن لحمه طعام للإنسان في الدنيا والآخرة ، كما ذكر الله سبحانه وتعالى. 3 -أنها تبعث للإنسان الراحة كلما رآها بألوانها الباهرة. 4 -أنه كان يستخدم في نقل الرسائل في الماضي قبل وسائل النقل الحديثة. ومن العجيب أن الاختراعات الحديثة تحاكي ما هو موجود في الطبيعة ، ومن هذه الاختراعات اختراعهم لطائرات فهم يحاكون خلقة الطير في رأسه وأجنحته وكيف يطير وكيف يهبط . والطيور انواع وجماعات منها المهاجر ومنها المستقر ومنها الجارح ومنها غير الجارح، والطير يطلق على ما يطير في السماء. وأول ما أبداء من أصناف الطيور هو "الهدهد".وقد ورد ذكر الهدهد في القرآن في موضع واحد قال تعالى: {وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ}... (النمل) : 20. الهدهد: طائر ذات اللون البندقي المحمر ، والمنتهي ريشاتها بالسواد وبمنقاره المقوس، ريش الرأس والرقبة بندقي محمر ، والرداء يميل إلى البني . الظهر والكتف والجناحان مقلمة بمناطق سوداء وعسليّة عريضة ، العجز أبيض ، والذنب أسود يقطعه من الوسط شريط أبيض عريض. طوله 25-26 سنتم ، وبسطته 44-47 سنتم ، ووزنه 51-80 جراماً ، منقاره طويل معقوف إلى الأدنى ، يقتات الخنافس ، والديدان، والعناكب، والحشرات. أسماؤه: الهدهد ، الهُداهد ، النّباح ، أبو الأخبار ، أبو سجاد ، أبو ثمامة ، صوته: الهَدهَدة، العَندَلة، القَرقَرة، النُباح. قال ابن عباس وهو يحدث عن الهدهد ، حدث يوما عبد الله بن عباس وفي القوم رجل من الخوارج يقال له نافع ابن الأزرق وكان كثير الاعتراض على ابن عباس فقال له قف يا ابن عباس غلبت اليوم قال ولم ، قال إنك تخبر عن الهدهد أنه يرى الماء في تخوم الأرض وإن الصبي ليضع له الحبة في الفخ ويحثو على الفخ ترابا فيجئ الهدهد ليأخذها فيقع في الفخ فيصيده الصبي فقال ابن عباس لولا أن يذهب هذا فيقول دررت على ابن عباس لما أجبته ثم قال له ويحك إنه إذا نزل القدر عمى البصر وذهب الحذر فقال له نافع والله لا أجادلك في شيء من القرآن أبداً ومن الفوائد التي يستاقها المؤمن من الهدهد وقصة سليمان عليه السلام ما يلى :- أ- إنكار الهدهد لمّا رأى أمرآه تقود رجال ، وهذه من الأمور التي جعلها الله فطرة في الإنس والجن ، أن الرجل هو الذي يقود النساء. وفيها أيضاً حسن التدرج في الإبلاغ فقد أبلغ الهدهد سليمان من الأصغر إلى الأكبر من قيادة المرآة لرجال إلى الشرك بالله وهذا فيه حسن أدب وفطنة. ب- عندما رأى الهدهد قوم سبأ يشركون بالله ذهب مباشرة إلى سليمان داعياً إلى الله ، واليوم يرى العالم أقوام يعبدون البقر . ت- نقل الهدهد الصورة كما كانت ولم يحكم عليهم ، بل ترك الحكم لسيدنا سليمان عليه السلام ث- ولما أرسله سيدنا سليمان إلى قوم بلقيس لم يحرف ولم يبدل بل أدى الرسالة كما كانت ج- ولنتأمل أنهم أشركوا بالله وسجدوا للشمس ومع ذلك لم يشتمهم ولم يقبحهم ، لأن السب ليس من صفات الداعية المسلم ، فهوا هدفه الأول أن يقيم التوحيد ح- واستخدم الهدهد في هذه الآية القاعدة الفقهية المشهورة "إذا تزاحمت المصالح يقدم الأعلى من المصالح " فقدم الدعوة إلى الله على الحضور عند سيدنا سليمان خ- وفي الآيات دليل على أن الذي يعلم حجة على الذي لا يعلم د- وفي الآيات دليل على سموا أخلاق نبي الله سيدنا سليمان عليه السلام ، في تواضعه في قبول خبر الهدهد وحسن ظنه عندما قال {سَنَنظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ}..(النمل27)). ذ- قال القرطبى: فيه دلالة على أن الأنبياء لا يعلمون الغيب ر- قال ابن العربي: وفي الآيات دليل على أن الحد على قدر الذنب لا على قدر الجسد. ز- كتاب سيدنا سليمان لبلقيس قال: {إِنَّهُ مِن سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}. (النمل : 30)، {أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ}... (النمل : 31). مع كونه ملك لم يذكر مدحاً له قبل الاسم أو بعد الاسم ، بل ذكر اسمه فقط وهذا من كمال تواضعه. س- ذكر الهدهد {أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ}... (النمل : 25)، فيه أن الهدهد أعظم ما يعلم هذا الأمر فلذلك لا يرى أعظم منه في نظره. ش- لم يعاقبه لأنه اعتذر له ولا أحد أحب إليه العذر من الله ولذلك بعث النبيين مبشرين ومنذرين. ص- قال العلماء فعل سيدنا سليمان يدل على تفقده أحوال الرعية والمحافظة عليهم فانظروا إلى الهدهد وإلى صغره فإنه لم يغب عنه حاله فكيف بعظائم الملك.