الأموال حبيسة الشهادات مرتفعة العائد تبحث عن توظيف بعد أيام من انتهاء آجالها    اجتماع طارئ لجامعة الدول العربية غدا للرد على اعتراف إسرائيل بأرض الصومال    الأمم المتحدة تجدد دعوتها لجميع أطراف الصراع إلى خفض التصعيد في محافظة حضرموت    جوارديولا بعد الفوز على نوتينجهام: فقدت كل وزني الزائد خلال المباراة    الهدف ال1000.. رونالدو يواصل رحلة البحث عن حلمه الأكبر    المتحدة تعلن الملامح الأولى لخريطة دراما رمضان 2026    وزير الإسكان يتفقد مشروع "حدائق تلال الفسطاط" بمحافظة القاهرة    الجيش الملكي يعلن الاستئناف على عقوبات الكاف بعد مباراة الأهلي    خبراء: الاستيراد والتعاقدات طويلة الأجل ساهمت في استقرار أسعار القمح محليًا رغم الارتفاع العالمي    وزير الطاقة بجيبوتي: محطة الطاقة الشمسية في عرتا شهادة على عمق الشراكة مع مصر    انطلاق مبادرة لياقة بدنية في شوارع وميادين دمياط    القبض على شخصين إثر مشاجرة بينهما بسبب مرشح بسوهاج    تأجيل محاكمة المتهمين في قضية فتي الدارك ويب ل 24 يناير    صادر له قرار هدم منذ 22 عاما.. النيابة تطلب تحريات تحطم سيارة إثر انهيار عقار بجمرك الإسكندرية    «الوطنية للانتخابات» تتابع عمليات التصويت في جولة الإعادة بالدوائر الملغاة    ترامب يطالب بكشف "الملفات السوداء" لإبستين ويتهم الديمقراطيين بالتورط    هل يجوز المسح على الخُفِّ خشية برد الشتاء؟ وما كيفية ذلك ومدته؟.. الإفتاء تجيب    علاج حرقة المعدة المستمرة بالمنزل، ومتى تتحول إلى مرض مزمن؟    يصيب بالجلطات ويُعرض القلب للخطر، جمال شعبان يحذر من التعرض للبرد الشديد    القاهرة الإخبارية: الاحتلال يستخدم المدرعات والروبوتات المفخخة ويكثف قصفه شرق غزة    أمم إفريقيا - دوكو دودو ل في الجول: كنا نستحق نتيجة أفضل أمام الكونغو.. ونريد الوصول إلى أبعد نقطة    شوربة شوفان باللبن والخضار، بديل خفيف للعشاء المتأخر    بعزيمته قبل خطواته.. العم بهي الدين يتحدى العجز ويشارك في الانتخابات البرلمانية بدشنا في قنا    عمومية الطائرة تعتمد بالإجماع تعديلات لائحة النظام الأساسي وفق قانون الرياضة الجديد    الأرصاد: السحب تتشكل على جنوب الوجه البحري وتتجه للقاهرة وتوقعات بسقوط أمطار    محافظ البحيرة تتفقد لجان انتخابات النواب.. وتؤكد على الحياد أمام جميع المرشحين    الدكتور أحمد يحيى يشارك باحتفالية ميثاق التطوع ويؤكد: العمل الأهلى منظومة تنموية    انطلاق مباراة مودرن سبورت والقناة في كأس مصر    اليوم.. العرض الخاص لفيلم "الملحد" ل أحمد حاتم    مواعيد وضوابط التقييمات النهائية لطلاب الصفين الأول والثاني الابتدائي    الرقابة المالية تصدر نموذج وثيقة تأمين سند الملكية العقارية في مصر    قرار وزاري من وزير العمل بشأن تحديد ساعات العمل في المنشآت الصناعية    تطورات الحالة الصحية للفنان محمود حميدة    القبض على أجنبي لتحرشه بسيدة في عابدين    افتتاح مشروعات تعليمية وخدمية في جامعة بورسعيد بتكلفة 436 مليون جنيه    تعذر وصول رئيس اللجنة 40 بمركز إيتاي البارود لتعرضه لحادث    هيئة تنشيط السياحة: القوافل السياحية أداة استراتيجية مهمة للترويج للمنتج المصري    وزارة الدفاع العراقية: 6 طائرات فرنسية جديدة ستصل قريبا لتعزيز الدفاع الجوي    تواجد بنزيما.. تشكيل اتحاد جدة المتوقع أمام الشباب بالدوري السعودي    27 ديسمبر 2025.. أسعار الحديد والاسمنت بالمصانع المحلية اليوم    الغش ممنوع تماما.. 10 تعليمات صارمة من المديريات التعليمية لامتحانات الفصل الدراسي الأول    الداخلية: ضبط 866 كيلو مخدرات و157 قطعة سلاح ناري خلال 24 ساعة    إصلاح كسر خط مياه بشارع 17 بمدينة بنى سويف    روسيا: تنفيذ ضربة مكثفة ضد البنية التحتية للطاقة والصناعة الدفاعية الأوكرانية    انطلاق الدورة 37 لمؤتمر أدباء مصر بالعريش    البورصة تحقق أعلى مكاسب في تاريخها بأكثر من 780 مليار جنيه خلال 2025    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : المطلوب " انابة " بحكم " المنتهى " !?    المستشفيات الجامعية تقدم خدمات طبية ل 32 مليون مواطن خلال 2025    الصحة: فحص 9 ملايين و759 ألف طفل ضمن مبادرة الكشف المبكر وعلاج فقدان السمع لدى حديثي الولادة    تشكيل الأهلي المتوقع لمواجهة المصرية للاتصالات في كأس مصر    مفتي مصر بدين الهجوم على مسجد بحمص السورية    عشرات الشباب يصطفون أمام لجان دائرة الرمل في أول أيام إعادة انتخابات النواب 2025    121 عامًا على ميلادها.. «كوكب الشرق» التي لا يعرفها صُناع «الست»    زاهي حواس يرد على وسيم السيسي: كان من الممكن أتحرك قضائيا ضده    خبيرة تكشف سر رقم 1 وتأثيره القوي على أبراج 2026    أخبار × 24 ساعة.. موعد استطلاع هلال شعبان 1447 هجريا وأول أيامه فلكيا    لماذا لم يتزوج النبي صلى الله عليه وسلم على السيدة خديجة طيلة 25 عامًا؟.. أحمد كريمة يُجيب    خشوع وسكينه..... ابرز أذكار الصباح والمساء يوم الجمعه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يوم الرسول صلى الله عليه وسلم وليله
نشر في الفجر يوم 29 - 03 - 2013

حياةُ الجدِّ سر النجاح، وتنظيم العمل اليومي وسيلة وفرة الإنتاج؛ وإذا كان هذا ضروريًّا لعامة الناس في النطاق الضيق الذي يعيشون فيه والعمل الضئيل الذي يزاولونه، فهو ألزم للخاصَّة الذين يقومون بمختلف الأعمال الضخمة، ويحملون أعباء المهام الثقال.

وللرسول -صلوات الله وسلامه عليه- في ذلك المثل الأعلى؛ فمهمته إبلاغ رسالة عظمى إلى الخلق كافّة، وتكوين أمة حديثة، ومحاربة ضلالات متأصلة، وهداية أقوام شداد ذوي صلف وعناد، وقد سلخ من عمره أربعين عامًا؛ وأُمر بأن يصدع بأمر ربه ليكمل الدين ويؤدي الأمانة، فما أحوجه إلى تنظيم وقته حتى يتسع لهذه المهام! لذلك أُثر عنه صلى الله عليه وسلم في ليله ونهاره نظام بالغ الغاية في الدقة.

أما في الليل فقد كان من المفروض عليه التهجد فيه، فكان لا يدع قيام الليل في حضر ولا سفر تعبدًا لله تعالى؛ لذلك كان ينام أول الليل بعد صلاة العشاء إلا لضرورة توجبها مصلحة الأمة، فينام على فراش غير وثير من أدم وليف، ليكون أدعى إلى عدم الإطالة فيه، يقول عند نومه: «اللهم قني عذابك يوم تبعث عبادك». ثم يستيقظ إذا انتصف الليل أو قبْل منتصفه بقليل أو بعده بقليل فيقول: «لا إله إلا أنت سبحانك أستغفرك لديني وأسألك رحمتك، اللهم زدني علمًا ولا تزغ قلبي بعد إذ هديتني، وهب لي من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب».

ثم يستاك "وكان استعمال السواك عادة دائمة له" ويتوضأ ويصلي ما كتب الله له، ثم ينام وربما قام مرة أخرى وأعاد ذلك، حتى إذا أذن المؤذن للفجر خرج إلى الصلاة وهو يقول: «اللهم اجعل في قلبي نورًا، وفي لساني نورًا، واجعل في سمعي نورًا، وفي بصري نورًا، واجعل من خلفي نورًا، ومن أمامي نورًا، واجعل من فوقي نورًا، ومن تحتي نورًا، اللهم أعطني نورًا».

دعاءٌ جامعٌ ما أروعه! وما أنسبه بالوقت الذي ترفع فيه سِجْف الليل المظلم، وتبدو فيه تباشير نور الصباح المشرق! فيسأل فيه ربه مُقلِّب الليل والنهار أن يجعل له نورًا في قلبه وحواسه وجهاته حتى يغشاه النور ويحيط به من كل جانب في الباطن والظاهر، فيكون كله نورًا يسعى بين يديه فيكشف له أسرار الوجود ومعالم الحقائق، ويشرق في قلوب الناس فيستجيبون لدعوته ويهتدون برسالته، وما دعوته إلا الحق الأبلج، وما رسالته إلا الصراط المستقيم والدين القويم.

وكم له صلى الله عليه وسلم في مقام العبودية ومواقف الضراعة إلى الله من الأدعية المأثورة ما له في الروعة والجلال ما يعجز له اللسان!

أما في النهار فقد كان يجلس لأصحابه كواحدٍ منهم يزيده الوقار جلالاً، والإحسان كمالاً، والتواضع جمالاً، يُعلّمهم ويرشدهم ويتفقد شئونهم، ويقضي حوائجهم، ويواسي مُعوِزهم، ويعود مريضهم، ويدير المصالح العامة للأمة ويتحدث ويخطب، وينذر ويبشّر ويقسم الأعطية، ويقابل الوفود، ويتلو آيات القرآن الكريم، لا يحجبه عن أحد حاجب، ولا يعرض عن سائل، ولا يلقى أحدًا بمكروه.

فإذا أوى إلى منزله جزَّأ زمنه فيه ثلاثة أجزاء: جزء لله تعالى يعبده فيه بالنوافل والطاعات، وجزء لأهله يدير فيه أمورهم ويصلح شأنهم ويشاركهم فيما يعملون، وجزء لنفسه ثم جعل في هذا الجزء جزءًا لخواصّ أصحابه وأهل السابقة منهم يدخلون إليه على قدر فضلهم في الدين، منهم ذو الحاجة ومنهم ذو الحاجتين ومنهم ذو الحوائج، فيعني بهم ويرشدهم إلى ما فيه خيرهم وصلاحهم، ويعهد إليهم أن يرفعوا إليه حوائج العامة الذين لا يستطيعون الدخول إليه ورفع حوائجهم بأنفسهم لكثرتهم وعدم سعة المكان لها، ويقضي فيها بما ينبغي أن يُقضى، ويكلف الخاصة إخبار العامة بذلك؛ فيرد على العامة بواسطة الخاصة، ولا يدخر عنهم شيئًا مما ينفعهم ويقول: «ليبلغ الشاهد منكم الغائب»، ويقول: «أبلغوني حاجة من لا يستطيع إبلاغي حاجته، فإنه من بلّغ سلطانًا حاجة من لا يستطيع إبلاغها، ثبت الله قدمه يوم القيامة»، وفي رواية: «آمنه الله يوم الفزع الأكبر».

ذلك نظامه وعمله وتوزيع وقته بين حق الله، وحق الأمة، وحق أهله، وحق نفسه، في ليله ونهاره في بيته وخارج بيته.

فكانت الأمة شغله الأكبر في حركته وسكونه، في نومه ويقظته حتى في وقت راحته، بل كان سكوته تفكيرًا في أمرها، وتدبيرًا لشئونها، مع قيامه بحق ربه في كل لحظة وحال.

عَنَى بالعامة وهو في منزله، ووقف راحته يحث الخاصة على إبلاغه حوائجهم إذا لم يستطيعوا إبلاغها بأنفسهم؛ لأنه راعٍ وكل راع مسئول عن رعيته، فقام الخاصة بالسفارة بينه وبين العامة، لا لزلفى ولا لجرِّ مغنم بل ابتغاء الله ورسوله.

ولم يكن إيثاره الخاصة لحب أو هوًى، ولا تقديم بعضهم على بعض لقربى أو مصاهرة أو تزلف، وإنما كان لوجه الله تعالى وعلى حسب تفاضلهم في التقوى وسابقة الإسلام والجهاد في سبيل الله.

بهذا كان المجتمع الإسلامي في عهده صلى الله عليه وسلم بريئًا من الأضغان، سليمًا من الشوائب، فلا أثرة ولا أنانية، ولا حقوق مهدورة، ولا مصالح مهملة، ولا إرشاد يدخر ولا نفع يؤخر.

إن في رسول الله صلى الله عليه وسلم لأسوة حسنة لكل من وَلِيَ أمرًا من أمور المسلمين، دقّ أو جلّ، وفي هديه نور يعصمه من الزلل، ويُمَكِّن له العمل، ويحبب إليه النفوس، ويعطف عليه القلوب، ثم يريح ضميره إذا خلا إلى نفسه فحاسبها على ما قدمت يداه في ليله ونهاره، وهل أدى حق الله تعالى وحق الأمة فيهما أو قصر عن ذلك؟ فعَلِم أنه وَفَى الحق ونهض بالعلم وأدى الأمانة وخرج من يومه طاهر اليد نقي العرض، موفور الكرامة، عدلاً في الولاية، لم يَجْن إثمًا ولم يعقب وزرًا.

والله يهدي إلى الحق وإلى طريق مستقيم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.