كان “ازدواج الجنسية” هو السلاح، ذو النصل الحاد الذى يشهره النظام السابق فى وجه معارضيه، فبمنتهى البساطة يمكنك إقصاء خصم سياسى بالبحث عن جنسيته الثانية، فإذا كان يحملها بالفعل فهو -حتما- خارج قائمة المناصب الحساسة فى الدولة، حتى انتخابات مجلس الشعب كان يخرج منها، وهو ما حدث مع الشيخ حازم صلاح أبوإسماعيل الذى خرج من انتخابات الرئاسة كون والدته “ أمريكية الجنسية”. قنبلة ازدواج الجنسية انفجرت هذه المرة فى الفريق الرئاسى الخاص بالدكتور مرسى، إذ يحمل الدكتور عصام الحداد مساعد الرئيس لملف العلاقات الخارجية الجنسية الإنجليزية، فيما يحمل خالد القزاز سكرتير الرئيس وكاتم أسراره الجنسية الكندية .
الحداد حصل على الجنسية الانجليزية أثناء سفره إلى انجلترا لحصوله على درجتى الماجستير والدكتوراه بعد تخرجه فى كلية طب جامعة الإسكندرية كطبيب تحاليل، واشترك فى العديد من الأبحاث العلمية، كما حصل على ماجستير إدارة الأعمال من جامعة أستون، وقضى ما يزيد على عشر سنوات متصلة هناك، وعلى ذلك حصل على الجنسية.
أما المهندس خالد القزاز سكرتير الرئيس فحصل على الجنسية الكندية بعد سفره لاستكمال دراساته العليا فى مجال الهندسة بكندا، قبل انضمامه إلى جماعة الإخوان المسلمين، ليعود بعد إنهاء دراسته ويدير مجموعة مدارس والده الاخوانية “المقطم الدولية”، ويرتبط والده بعلاقات قوية بخيرت الشاطر حتى إن مدارسهم تستخدم كمقر لمحاضرات التنمية البشرية لشباب الجماعة فى الإجازة الصيفية يشارك فيها القزاز نفسه، وعلى ذلك اختاره الشاطر بعد ذلك ليكون أحد أعضاء حملته الرئاسية التى انتقلت إلى مرسى بعد استبعاد الأول، ليدخل مع مرسى القصر الرئاسى كسكرتير للرئيس.
ومن ناحيته قضى الدكتور أيمن على مستشار الرئيس لشئون المصريين فى الخارج، نحو ثلاثين عاما من عمره خارج مصر، إذ لم يمارس مهنته كطبيب بعد تخرجه سوى فترة قصيرة جدا - سنة تقريبا - سافر بعدها إلى البلقان كمنطقة صراع وكان له دوره الكبير فى دعم التنظيمات الإسلامية، وجماعة الإخوان المسلمين من خلال رئاسته للاتحاد الدولى للمنظمات الإسلامية وكان مستقرا فى النمسا قبل ثورة 25 يناير، ومن المرجح أن يكون قد حصل على الجنسية النمساوية، على أنه كان من المفترض أن يعود مباشرة إلى النمسا بعد انتهاء التأسيسية من وضع الدستور، إلا أنه تم اختياره مستشارا للرئيس.
ونظرا لكون عدد كبير من أعضاء جماعة الإخوان المسلمين، يحملون جنسيات أخرى تصر الجماعة على حذف شرط عدم ازدواج الجنسية للمرشح الرئاسى وإن كانوا لم ينجحوا فى ذلك حتى الآن، لكنهم حققوا المنشود فى قانون الانتخابات البرلمانية الذى نص على السماح لمزدوجى الجنسية بالترشح لمجلسى الشعب والشورى.
عن ذلك يؤكد الدكتور محمد حامد الجمل رئيس مجلس الدولة الأسبق أن المبدأ الأساسى الذى يقره الدستور فى جميع الدول الديمقراطية يقضى بأنه يتعين على كل من يشغل وظيفة مهمة ألا يكون من مزدوجى الجنسية، والقانون الدولى العام وما يتضمنه من حقوق مدنية وسياسية يؤكد على ذلك، وبما أن مصر منضمة إلى تلك الاتفاقيات الدولية واتفاقية العهد الدولى للحقوق المدنية والسياسية فعليها أن تلتزم بذلك، وبالنسبة للوظائف فى الفريق الرئاسى للرئيس وغيرها من الوظائف العامة فى الدولة فهى تتبع فى نظامها القانونى نظام العاملين المدنيين والعسكريين الخاصة بالوظائف العامة، التى تؤكد أن يكون شاغلو هذه الوظائف الحساسة مصريين وهذا فى المقام الأول لمصلحة الأمن القومى لتعاملها مع أسرار ومعلومات عن الدولة يتحتم معها ضمان الولاء الكامل .
وأضاف الجمل أنه فيما ورد فى الدساتير المصرية اشترطت أن يكون الرئيس مصريا ومن أبوين مصريين وهو نفس الشرط الذى ينطبق على مساعديه لوقوعهم فى نفس نطاق حساسية المنصب وأهميته وما يتكشف لهم من معلومات فى إطار ما يتولونه من مناصب .
أما الدكتور شوقى السيد أستاذ القانون فقال : رغم أن المصلحة القومية العليا ترجح أن يكون الفريق الرئاسى من مساعدى وسكرتارية الرئيس مصرى الجنسية فإن هناك ثغرة تشريعية فى الدستور والقانون المصرى حيث لم يحدد بشكل قاطع أن تكون المناصب الحساسة قاصرة على حاملى الجنسية المصرية دون غيرها وهو ما يفتح الباب أمام المناصب الحساسة لمزدوجى الجنسية، لذا فالأمر يتطلب تشريع قانون ينص على أن يشترط فيمن يتقلد مناصب عليا فى الدولة أن يكون مصرى الجنسية ومن أبوين مصريين ولم يسبق له حمل جنسية دولة أخرى .
القيادى اليسارى أبوالعز الحريرى قال إن موضوع ازدواج الجنسية يبدأ من منصب رئيس الجمهورية، واستشهد الحريرى برأى المستشار الغريانى رئيس الجمعية التأسيسية الذى أثار جدلا واسعًا عند مناقشة المادة 136 التى تنص على أن يكون المرشح لرئاسة الجمهورية غير حامل لجنسية أجنبية عندما اعترض المستشار حسام الغريانى قائلا إن “لنا أبناء نرسلهم لتلقى العلم بالخارج وهناك من يسافر للعمل وحمل أبناؤه الجنسية بالمولد فكيف نحرمهم من حق الترشح وهذه الطريقة ستمنع أبناء علمائنا من الترشح للرئاسة”، واعترض الدكتور أيمن على عضو الجمعية عن المصريين بالخارج قائلا “إن الرسالة السلبية التى توجه للمصريين بالخارج بالشك فى الولاء والانتماء مرفوضة” غير أن جدالا حادا اشتعل أثناء مناقشة قانون الانتخابات أمام الشورى لإصرار أعضاء الحرية والعدالة والنور على الغاء شرط وحدوية الجنسية وهو ما يؤكد أن هذه القوانين تمرر بطريقة مقصودة لصالحهم وصالح مشروعهم.
وأضاف الحريرى أن ألمانيا تشترط على من يحمل جنسيتها ألا يحمل جنسية أخرى، ولابد أن يعمم شرط عدم حمل الشخص جنسية أجنبية فى المناصب المؤثرة مثل نواب مجلسى الشعب والشورى والموظفين العموميين والمناصب القيادية الحساسة والمؤثرة فى القرارات، ودلل أبو العز على أن إلغاء شرط الجنسية مقصود من الإخوان وأنهم لم يكتفوا بمحاولة تمريره فى الدستور كونه يخدم مشروعه الخاص.