■ انتصارات الأهلى تحمى كرة القدم المصرية من البطش بها . ■ الحسينى أبوضيف: خليك بطل للنهاية وفى انتظارك معنا قريباً .
هذه الفرحة الطاغية التى اجتاحت الشارع المصرى بعد فوز الأهلى الأول فى كأس العالم للأندية باليابان تحتاج إلى وقفة كى نفسرها ونفهم مدلولها خصوصاً أنها تأتى وسط حالة من الحزن الشديد تعم كل المصريين عما آل إليه حال البلاد من انقسامات وخلافات لم نعهدها أبداً فى مصر مع الوضع فى الاعتبار أن هناك فصيلاً ليس بالقليل يتهم الأهلى بأنه السبب الأول فى إيقاف النشاط الكروى فى مصر ولكن دعونا نحاول أن نفسر لماذا فرح الناس بهذه الطريقة الهسيتيرية، وتحليلى أن الفرحة ليست لفوز الأهلى فقط ولكنها ترى أن هذا الفوز بمثابة إنقاذ للكرة المصرية التى يعتبرها الملايين من أبناء هذا الشعب المتعة الوحيدة لهم منذ سنوات بعيدة.. وليس خافياً على أحد الاحتفالات الصاخبة التى عمت الشارع المصرى بعد الفوز المتتالى بالبطولة الإفريقية لمنتخب مصر لدرجة أن الكثيرين قالوا إن بطولة 2006 التى نظمتها مصر أعادت الانتماء للمصريين ولو من خلال بوابة كرة القدم ولكن أجزم بأن فوز الأهلى بالبطولة الإفريقية ثم نجاحه فى كأس العالم للأندية قد منع القائمين على الحكم بالدولة من إلغاء نشاط الكرة، حيث يعتبرها البعض لهواً ولعباً بينما ينظر إليها البعض الآخر أنها مضيعة للوقت والمال وإن كان ولابد من استمرارها فلتكن للهواية وليس لجلب المال أو إضاعة الوقت.. فالدولة لديها ما هو أهم بكثير من أن تنفق أموالاً فى لعبة يجرى خلفها بعض المتهورين ولا عائد منها على الإطلاق وهو ما اتضح تماماً من تصريحات نائب رئيس حزب الحرية والعدالة عصام العريان من أنه لن يسمح أن تكون كرة القدم مهنة وأنه يراها فقط مجرد تسلية للناس وأيضاً سياسة وزير الشباب وأحد قيادات الإخوان أسامة ياسين الذى أعلن صراحة أنه لن يسمح بأن يكون هناك نشاط كروى بمراكز الشباب التابعة له بل الأكثر هو ما علمته من أن هناك نية لدى كل القيادات بإلغاء أى مساعدات أو دعم للعبات الرياضية وعلى الأندية والاتحادات أن تدعم نفسها بنفسها لأن الدولة لديها التزامات أهم بكثير من التهريج المسمى بالرياضة التى تمارس الآن والأفضل أن يتم توجيه كل الدعم للرياضات التى يمارسها الإخوان منذ زمن مثل «الجوالة» أى الكشافة والدليل أن السيد رئيس الوزراء ذهب إلى معسكر أبى قير بالإسكندرية بصحبة أكثر من نصف الحكومة لافتتاح مهرجان كشفى يحتضن عدداً كبيراً من شباب الإخوان هناك بالإضافة إلى زملائهم الاعزاء من فتيان وشباب حركة حماس وألقى يومها رئيس الوزراء كلمة أشاد فيها بهذه الرياضة ثم ألقى وزيرالشباب كلمة حماسية عن «الجوالة» وفائدتها ودورها العظيم فى تاريخ الإخوان.. إذن لم تكن سعادة الناس العفوية بفوز الأهلى رد فعل طبيعياً بل جاءت لتعلن للجميع أنهم متمسكون بالمتعة والانتصارات وأنهم لن يسمحوا لأحد بأن يحرمهم من آخر أمل لديهم وهو كرة القدم وأنهم سيكرمون الأهلى وإنجازاته بطريقتهم الخاصة حتى وإن تجاهلته كل قيادات الدولة عقاباً له على الفوز ببطولة إفريقيا وتحقيق نتائج ممتازة فى كأس العالم للأندية.
■■■
توقفت كثيراً أمام فوز هانى أبوريدة بعضوية المكتب التنفيذى للاتحاد الدولى بالتزكية وانسحاب مرشح جنوب إفريقيا دانى جوردان من أمامه وقارنت بين ما حدث له فى الانتخابات المحلية بمصر لاتحاد الكرة ومحاولة إهانته وتحطيم صورته أمام الاتحاد الدولى لدرجة استبعاده بصورة مهينة من انتخابات اتحاد الكرة المصرية مع إطلاق بعض الأبواق مدفوعة الثمن عليه فى كل الاتجاهات تكريسا للحكمة المأثورة التى تقول إنه «لا كرامة لنبى فى وطنه».. ورغم أن أبوريدة آثر الصدام واستعمل لغة الحكمة والعقل فى التعامل مع الأزمة وقرر الابتعاد عن هذه الأجواء المريضة، إلا أن رد الاعتبار جاءه هذه المرة من الخارج وبإجماع أكثر من 54 دولة إفريقية معلنة تأييدها له بالتزكية وهو بالمناسبة ليس وصياً على أحد منها فهو مصرى ولا يعمل بأى من هذه الدول ولكنها فقط الثقة التى نجح أبوريدة فى كسبها من خلال تواجده فى الدورة السابقة، وأتصور أنه نجح فى تقديم نفسه بصورة مشرفة فضمن حب الناس وثقتهم فيه، لذلك فاز بالتزكية وهو أمر نادر الحدوث فى هذه الانتخابات التى دائماً ما تكون مشتعلة، لذلك نبارك للرجل هذا الفوز ونأمل أن تستفيد منه مصر فى المرحلة المقبلة الذى يبدو فى الأفق أنه سيكون له دور كبير فيها فى مكان أهم بكثير بعيداً عن الحكومات والحكام.
■■■
رحل صديقى عمار الشريعى بعد صراع عنيف مع قلبه انتصر فيه عمار كثيراً ولكنه فى النهاية لم ينتصر على انقسامات الوطن ولم يصدق ما يحدث من القائمين على الحكم تجاهه.. وعمار لمن لا يعرف وإن كان الجميع يعرف أنه كان من أوائل الثوار فى ميدان التحرير، حيث نزل وغنى وخطب وتكلم بأعلى صوت فى الميدان بالنداء الشهير «ارحل» وعمار كان من القلائل الذين خرجوا عبر الشاشات ليطلب من مبارك الرحيل ولا أنسى مداخلته الشهيرة مع منى الشاذلى وهو يقول للرئيس السابق مبارك أنا ابنك عمار الذى لحن معظم أوبريتات انتصار أكتوبر أقول لك بأعلى صوت ارحل واترك الحكم لأن الشعب يريدك أن ترحل ولمن لا يعلم لم يترك عمار فرصة ولا مظاهرة إلا وكان متواجداً بها يطلب فيها إسقاط النظام وتوقع عمار خيراً من النظام، الجديد ليس لنفسه ولكن لمصر كلها ليس رداً للجميل ولكن رداً لعطاء السنين ولمئات الألحان التى تربى عليها جيل تعلم منها معنى الحرية والنقاء فألهب الناس من كلمات المبدع سيد حجاب والموهوب عبدالرحمن الأبنودى وقبلها المصرى الصميم عبدالرحيم منصور والمتألق أيمن بهجت قمر وغيرهم من المبدعين الذين صاغوا حب الوطن فى كلمات لم يقدر على ترجمتها إلا عمار الشريعى إلى أن سقط مريضاً بقلبه الذى استسلم أكثر من 27 مرة لمشرط الجراح لدرجة أنه حكى لى مرة أن قلبه كان أمامه وقال إنه تمنى فقط فى هذه اللحظة أن يرى ما يحدث له إلا أن بصيرته كانت ترى وتعرف ما يحدث لقلبه بمشرط الجراح.. سقط عمار من شدة الألم وتوقع أن يسارع رجال الحكم بدءاً من الرئيس بعلاجه على نفقة الدولة وطالب زميله وصديق عمره رضا رجب كل المسئولين فى الدولة بمساندة عمار فى رحلته الأخيرة إلى باريس، إلا أنه فوجئ بصمم الآذان وقال لى عمار إنه لم يكن يتوقع أبداً هذا التجاهل بل والإهمال من القائمين على الحكم وقال لى كلاماً كثيراً أهمه أن هذا الزمن لن يكون زمنهم بل إنى ولأول مرة شعرت بالاستسلام فى نبرات صوته وهو الذى قهر المرض مليون مرة لقوته الرهيبة ولقدرته اللامعقولة على الوقوف فى وجه قلبه المريض إلا هذه المرة وعبثاً حاولت أن ألمح له أن الجميع بجواره وأن الفلوس الخاصة بعملية زراعة القلب ستكون تحت أمره فى أى وقت يشاء خصوصاً أنه صرف كثيراً جداً فى الآونة الأخيرة إلا أنى وجدته رافضاً تماماً لمجرد فكرة أن يتولى علاجه أصدقاؤه وأكد أن أموره على أفضل ما يكون.. رحل عمار بعد أن قدم لمصر كل شىء من فنه وعلمه وموسيقاه وضنت عليه حتى بالعلاج فى أيامه الأخيرة.. رحل عمار الشريعى حزيناً على قتل المصرى لأخيه المصرى.. رحل عمار الشريعى غير مصدق أننا أصبحنا فريقين يقتل ويحارب كل منا الآخر.. رحل عمار الشريعى وهو نادم على سوء اختياره وعلى أن وقفته فى ميدان التحرير ذهبت أدراج الرياح لأن مصر لم تحصل على ما تستحقه وما تمناه لها عمار الشريعى.. رحل أبو مراد صديقى وصديق مصر كلها موسيقار الألم فى بحر النغم ولكن والله سيبقى اسم عمار خالداً فى قلوب كل المصريين وسيذهب من ظلموه وأهملوه وتجاهلوه إلى المكان الى يستحقونه قريباً جداً.. يا أجمل وأعظم موسيقار .. يرقد الزميل العزيز الحسينى أبو ضيف الآن على السرير فى أحد المستشفيات يصارع الموت ويناضل من أجل أن يعود إلى الميدان .. ميدان الكرامه يهتف بأعلى صوتة ضد الظلم.. سيحييا الحسينى أبو ضيف بدعوات الملايين وصلواتهم.. سينهض الحسينى لانه يعرف أن الجميع بانتظاره.. يا حسينى خليك بطل الكل فى انتظارك.