قداسة البابا تواضروس بعد أسبوع تبدأ رحلتك على عرش السماء، ولكن ما يهمنى هو مشاكل الأقباط على أرض الواقع. أعرف أن البابا شنودة تمسك بأقصى درجات الصبر، وكثيرا ما وضع مصلحة الوطن وأمنه القومى قبل غضبه مما أصاب بعض المواطنين الأقباط فى عهد الرئيس المخلوع بالاستياء.
وردا على بعض المطالب أو محاولات التدخل الأجنبى فى الملف القبطى أذكر أن قداسته كان يردد دوما لو يفضل أن يموت القبطى ويحيا الوطن.
وفى آخر سنوات مبارك والبابا شنودة تكاثرت الهموم والمظالم والمشاكل على مواطنين أقباط. وعجزت الكنيسة عن تحقيق الإنصاف لهؤلاء المواطنين.
ومع خالص تقديرى لوطنية البابا شنودة، فإننى كنت دوما أرفض هذه الفكرة، فلا يجب أن يدفع أى مواطن حياته بدعوى أنها تضحية للوطن. هذه الفكرة لا تجوز إلا فى الحروب، والأوطان تحيا وتتقدم بقدر ما يتقدم مواطنوها. وكل مواطن يهدر حقا من حقوقه أو يفقد حياته هو خصم من رصيد وطنه.
ولذلك فإن أخطر مهمة أمام قداسة البابا تواضروس هى تحقيق التوازن بين حرصه على حقوق المواطنين الأقباط من ناحية، وحرصه على الوطن من ناحية أخرى.
وأرجو من قداسة البابا ألا يبالغ فى الكلمات التقليدية عن علاقة الأقباط بالمسلمين، يكرر بعض المشاهد واللقاءات التى لم تكن تعكس فى حقيقة الأمر إلا محاولات إخفاء التوتر والغضب، حتى وصل الامر إلى أن بدا لى فى بعض الاحيان والمواقف أن الصور الفوتوغرافية تخفى شرخا فى جدار العلاقات.
ومن حيث المبدأ وفى الأسبوع الأول لم أكن أتوقع من قداستك سوى هذه الكلمات الطيبة والرقيقة. ولكن بعد حفل تنصيبك أمامك تراث طويل من المشاكل والغضب المكتوم منه والمعلن.
أمامك ياقداسة البابا أسلاك كهربائية مشكوفة منذ سنوات، وعلى امتداد محافظات ومناطق عدة فى مصر.
أمام قداستك ملف سارة الفتاة المختطفة أو بالأحرى القنبلة الموقوتة فى مرسى مطروح.. ولكن الأخطر هو فتح ملف أخوات سارة، فليس من المقبول أو المعقول أن تستمر قناعة بعض المواطنين الأقباط بأن هناك فتيات ونساء قبطيات يتعرضن للاختطاف بشكل ممنهج، وأن نتجاهل التحقيق الصريح والشفاف والعادل فى هذا الملف، فتجاهل قناعات فئات من المواطنين بحجة أو بدعوى أنها أوهام يحولها إلى حقائق.
لا يهم كثيرا كم مسئولاً أو وزيرًا أو كبيرًا سيحضر الاحتفال بتنصيبك، فربما كانت المشاركة بالاحتفال تتعدى مجرد الحضور.
وأتصور أن أفضل طريقة للتهنئة قد تكون بالإسراع فى حل أزمة سارة، فالفتاة قاصر ولا يوجد لا قانون أو حتى عرف فى مصر يؤيد زواج الفتيات القصر، ولذلك فإن الإسراع فى حل هذه المشكلة المتفجرة والساخنة والمشينة أخلاقيا وقانونا هو أفضل طريقة لتقديم تهنئة للبابا الجديد أرجوكم ترجموا التهانى والأمنيات الطيبة والبرقيات والورد إلى أفعال. فلاتزال أمامنا فرصة لحل المشاكل والتوترات. لاتزال أمامنا رغم كل المحن فرصة لإنقاذ ما تحقق فى ثورة 25 يناير.
ولكن الطريق لهذه الحلول يجب أن يمر بتسهيل مهمة البابا الجديد أرجوكم لا تحموا البابا تواضروس جبالا من الأعباء مثلما فعل نظام مبارك مع البابا شنودة.