طرح منتدى رفاعة الطهطاوى، تابعة لمؤسسة عالم واحد للتنمية، قراءة تحليلية لكلمة الرئيس محمد مرسى بمناسبة الاحتفال بليلة القدر.
إذ بداء التحليل بعرض للأحداث الجارية في الساحة المصرية وأحداث رفح الأخيرة، وردود فعل الرئيس مرسي تجاة هذه الأحداث، بالإضافة لإحالة المشير "طنطاوي والفريق عنان للتقاعد .
وقد جاء التحليل لخطاب الرئيس مرسي علي 13 ملاحظة بدأت بإختيار مرسي توقيت الخطاب والملاحظة الأخيرة هي دعاء الرئيس مرسي
حيث كانت الملاحظة الاولي هي اختيار التوقيت لدى الرئيس محمد مرسى للتهنئة بمناسبة ليلة القدر
عندما اختار مرسي وقت الاحتفال بليلة القدر لتهنئة المسلمين بهاو الامة العربية والاسلامية، ولكن لكي يتخذ أكثر القرارات جراءة والتى لم يكن يتوقعها أى فصيل سياسي أو حتى المفكرين والمحللين أو النخب السياسية .
وحتي يكون هذا اليوم من الأيام التى سيشهد لها التاريخ ليس فقط لأننا نحتفل بهذه المناسبة عقب تولى أول رئيس منتخب للجمهورية الثانية ولكن أيضا لأن هذا اليوم شهد قرارات يمكن وصفها بأنه لم يتوقعها أحد.
فقد اعتدنا طوال السنوات الماضية أن يتم الاحتفال بليلة القدر فى مساء يوم السادس والعشرين من شهر رمضان، ولكن الدكتور مرسى يريد إما إبراز رغبته فى أن يجعل له توقيتاته الخاصة فى الاحتفال بالمناسبات الدينية متعللاً بأنها ليلة من ليال الوتر العشر الأواخر من رمضان، وهى بالضرورة تعكس الخلفية الدينية للرئيس، أو لربما أراد الرئيس أن يجمع فى هذا اليوم بين اتخاذه لقرارات أثارت الجدل الواسع فى الأوساط السياسية ويتخذ من نفس اليوم فرصة للتهنئة بليلة القدر وتوضيح الأمور للجميع. فكلمة الرئيس لم تكن تهنئة فقط ولكنها جاءت ممزوجة بتوضيح لما تم اتخاذه من قرارات على المستوى السياسى.
بينما كانت الملاحظة الثانية هي أن الرئيس مرسى كان خطابه ارتجالاً فى مناسبة الاحتفال بليلة القدر
ارتجل الرئيس محمد مرسى خطابه فى هذه المناسبة، وساهم ذلك فى تقوية خطابه، كما أنه دعم خطابه بذكر العديد من الأيات القرأنية ومواقف من التاريخ وبعض أبيات الشعر. وبدا الخطاب متكاملا، كما بدا عليه التحضير الجيد .
الملاحظة الثالثة كانت عن الكلمات الإفتتاحية فى تهنئة الرئيس مرسى بليلة القدر.
وذلك عندما إفتتح الرئيس محمد مرسى تهنئته بالترحيب بالحضور من الوزراء ولكنه خص بالذكر رئيس الوزراء وشيخ الأزهر ووزير الأوقاف واستبق ألقابهم الوزارية بكلمة (الأخ)، وهذا يعيدنا إلى فكرة تغيير كلمات الرئيس مرسى وفقا للمناسبات التى يلقى فيها هذه الكلمات لأنه غير من أسلوب كلماته فبعد أن كانت أهلى وعشيرتى تطورت لشعب مصر العظيم وكذلك الحديث بجموع فئات المصريين ثم الآن الإخوة والأخوات. وأنه يشير بذلك إلى بروز السمة الإخوانية على كلماته خاصة ولذا يستخدم المصطلح الدارج لدى هذا التيار وتلقيب الأخرين بكلمة الأخ أو الأخت خاصة، وأنه وجه حديثه للحضور بالإخوة والأخوات (الأخ الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الأخ الدكتور هشام قنديل رئيس الوزراء الأخ وزير الاوقاف طلعت عفيفي السادة الوزراء الكرام السادة الحضور الإخوة والإخوات)، كذلك بدلا من أن يستخدم كلمة تحية الإسلام بمفردها أو استخدام لفظ التحية الخالدة استخدم هنا (أحييكم بتحية الاسلام الخالدة ..السلام عليكم.)،وذلك يعنى أنه قارئ جيد لما يوجه له من نقد أو تعديل، فربما هذه استجابة بشكل مبدئي لما سبق طرحه من اختلاف ألفاظ التحية التى يستخدمها فى خطاباته.
والملاحظة الرابعة هي إصرار الرئيس مرسى على إبراز مرجعيته الإسلامية
عندما عزز الدكتور مرسى خطاباته دائما بكلمات تشير إلى عدم القدرة عن فصله بين مرجعيته الإسلامية وبين كونه رئيس دولة مدنية مصرية يحتفى فيها كافة طوائف المجتمع بشكل موحد بدون تحديد فئة عن دونها، ففى حديثه ذكر (يا أهل السنة والجماعة),( يا أهل السنة والجماعة يا رجال الازهر يا علماء الامة يا اصحاب الهمة والارادة)، فهذا تخصيص نسمعه لأول مرة يطلق على علماء الأزهر فدائما ما يلقبوا بصفاتهم العلمية كعلماء دارسين لعلوم الأزهر الشريف وليس بمذاهبهم الدينية. ومن ثم فإن هذا التخصيص يحتمل أكثر من تفسير، فربما يكون بهدف التفريق بين السنة والشيعة أو التأكيد على سنية الدولة وانحيازه للسنة واعتبار الأزهر هو القلعة الحامية للسنة فى العالم, وانه ربما لو أقام علاقات مع دولة شيعية فى المستقبل مثل إيران سيكون انحيازه لسنيته، و فى العرف الدارج ربما يكون هذا الحديث للناس الأكثر التزاماً وتديناً علاوة على أننا لم نعرف ماذا يقصد بالجماعة هنا فهل يقصد بها جماعة الإخوان المسلمين أم ماذا؟
الملاحظة الخامسة هي أشادة الرئيس بمكانة علماء الأزهر الشريف وتاريخ هذه المؤسسة
حيث اتضح خلال خطاب الرئيس رغبته فى أن تستعيد مؤسسة الأزهر وعلماؤها دورها الريادى الذى طالما قامت به وهذا من الأمور الهامة التى يهدف إليها الرئيس مرسى من خلال مشروعه النهضوى، فهو يريد إعادة الدور القوى الذى يتسم به الأزهر الشريف منذ نشأته فى عهد الفاطميين كمنارة للعلم والثقافة، ولذا شدد مرسى على أهمية هذا الصرح بعلمائهم مذكرهم بدورهم فى التاريخ, خاصة وأن مؤسسة الأزهر الشريف ربما تكون هى المؤسسة الأولى التى ستدعم الرئيس فى المرحلة القادمة وتساعده فى بناء مصر الإسلامية التى يسعى لتأسيسها ويخطو خطوات سريعة فى هذا الاتجاه نحو أسلمة الدولة بالكامل، خاصة وأن التاريخ يشهد أن مؤسسة الأزهر وعلماؤها هم أول من وقفوا بجانب الحركات الثورية وتضامنوا معها، حيث اشترك الأزهر فى الثورة العرابية 1882 وكذلك ثورة 1919 والتى ناضل فيها الأزهر ضد الاحتلال الأجنبي، فذكر الدكتور مرسى فى خطابه (يا رجال الازهر يا علماء الامة يا اصحاب الهمة والارادة يا من قدمتم لهذه الامة لأكثر من الف سنة رجالا أشداء أعليتم القيمة وأديتم الواجب وكنتم خير خلف لخير سلف)، ( إن مصر وتاريخ مصر يشهد بأن علماء الازهر كانوا منارات الازهر كانوا قادة للنهضة التنوير والعلم والمقاومة).
بينما كانت الملاحظة السادسة هي أشارة مرسي لأحداث سيناء فى خطاب التهنئة بليلة القدر
وذلك عندما أشار الرئيس محمد مرسى خلال كلمته فى التهنئة بليلة القدر إلى الأحداث فى سيناء، واعتبر ما يحدث الآن من تطهير داخل سيناء هى انتفاضة لشعب مصر وانتصار جديد على أعداء مصر فى الداخل والخارج، منوها لوجود بعض العناصر داخل مصر وخارجها من المتأمرين، كما ربط بين ما يقوم به الآن من حركات التطهير داخل سيناء والقضاء على البؤر الإرهابية وما اتخذه من قرارات بإقالة محافظ شمال سيناء وما تبعه من تغييرات أمنية.
وجدير بالذكر أنه وصف ما قام به رجال الشرطة والجيش من حملات داخل سيناء بالإنجازات ولم يقر بالموقف المتخاذل الذى ظهر فى بداية ما حدث. كما ان المعلومات الأولية عن الحادث لم تكن متوافرة لدينا بالرغم من توافرها لدى الجانب الإسرائيلى قبل وقوع الحادث بعدة ساعات، (ها هي مصر تنتفض لتقود الامه بعد ان طغي عليها اعداءها وتآمر عليها من جاءوا من خارجها ووجدوا من يعيش علي ارضها من يتعاون معهم مصر تنتفض في رمضان، لقد كان نصر العاشر من رمضان نصرا للأمة الإسلامية). (ما يحدث في سيناء والحملة التي اقودها بنفسي لا يمكن أن تكون ضد اهالي سيناء وانما هي ضد من بغي وطغي وتآمر وخطط وقتل، هؤلاء الخونة والمجرمين لن تاخدنا فيهم رأفة ولا شفقة) وبهذا يوجه الرئيس العديد من رسائل الطمأنة إلى أهالى سيناء فى الوقت الذى أغفل فيه نعى شهداء سيناء وتكريم أسرهم.
الملاحظة السابعة عندما جعل مرسى من ثورة يناير ثورة العمائم البيضاء .
وذلك عندما جامل الرئيس مرسى علماء الأزهر وقياداته، و أراد أن يشعرهم بأن الثورة كانت هى ثورة العمائم البيضاء، ليؤكد بذلك على الدور الهام لعلماء الأزهر وكذلك يوجههم لضرورة تواجدهم فى أى تظاهرات لأنهم شريك أساسى فيها وداعم قوى من خلالها. ( عندما قامت ثوره يناير حققت بعض اهدافها ومازالت تتحقق بقيتها بارادتها الحره بإرادات حددها ربها.. الثوره البيضاء المباركه التي ظهرت فيها العمائم البيضاء.). كما اشار إلى أن ثورة يناير الثورة البيضاء - كما أطلق عليها- حققت بعض من أهدافها، ويرى البعض أن المكاسب التى حصل عليها تيار الاخوان المسلمين هى الاهداف الوحيدة التى تحققت من الثورة خاصة فى ظل عدم وجود تغيير بعد نظام مبارك .
الملاحظة الثامنة هي تكريس مرسي لمفهوم الدولة الدينية من خلال الدعوة للتوكل على الله فى كل شيء
ظهرت خلال عبارات الرئيس كلمات تدل على ان الدولة الإسلامية هى الدولة المثالية (نحن نتوكل علي الله في كل امورنا "والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا". الاسلام فيه كل ما نحتاج اليه نحن نسعي للاستقرار والامن والامان والنهضه والتنميه، نسعي للانتاج لنأكل من عمل ايدينا، لنتقن ما نفعل في كل المجالات الثقافه والتعليم والصحه والزراعه، نتحرك نحو غد افضل، لا تقلقلوا لان الله يرعي هذه الامه ليست بيدي وانما باراده الله وبارادة الشعب الذي هو في الاسلام مصدر السلطة، وليت عليكم وليس بخيركم، أعينوني بقوة كي نمضي لمستقبل أفضل) كما غلبت المفاهيم الدينية على المفاهيم المدنية فى هذه الفقرة مثل مفهوم التوكل على الله مما يبدو أنها دعوة ضمنية للحكم الدينى.
والملاحظة التاسع عندما أشار مرسى إلى قراراته السياسية التى أتخذها عصر يوم الاحتفال بليلة القدر
حيث أشار الدكتور مرسى خلال كلمته إلى القرارات السياسية التى اتخذها عصر يوم الاحتفال بليلة القدر نظرا لما واجهته هذه القرارات من ردود أفعال متباينة بين مؤيد ومعارض، كما أنها أثارت علامات استفهام عدة حول ما إذا كانت القرارت المتعلقة بإحالة المشير طنطاوى والفريق سامى عنان للتقاعد هى عبارة عن انقلاب ناعم أم انها خروج آمن لهم؟ وهل سبق اتفاق عليها أم أنها جاءت مفاجئة للجميع؟، خاصة وأنها جاءت فى أعقاب زيارة أمير دولة قطر للرئيس مرسي.
ولذا أراد الرئيس أن يوضح أن هذه القرارات ما جاءت إلا لمصلحة البلاد وليس المقصود منها أشخاص بعينهم، خاصة أنه مع حركة التغييرات التى أقرها وقيامه بإلغاء الإعلان الدستورى المكمل واعادة كافة السلطات والصلاحيات فى يد رئيس الجمهورية، (ما اتخدت اليوم من قررات لم يوجه لاشخاص او مؤسسات ولا يمكن ان يكون هدفي التضييق علي حريه من خلقهم الله احرارا.... لم أقصد من قراراتي التي اتخذها اليوم الطغيان او قهر احد وانما نهضه الوطن العمل سويا لما يقود الامه للامام.)
بينما كانت الملاحظة العاشرة علي خطاب مرسي هي تعيين المشير طنطاوى والفريق عنان مستشارين لرئيس الجمهورية مكافأة لوفائهم.
وذلك عندما حرص الرئيس مرسى على توضيح سبب تعيين المشير محمد حسين طنطاوى والفريق سامى عنان كمستشارين له معللاً ذلك بأنه نوع من الوفاء للأوفياء الذين خدموا بلادهم على مدار فترات طويلة (لابد من الوفاء لمن كانوا أوفياء لا اقصد أن أوجه لأحد او لشخص أى رسالة سلبية)، والرئيس بذلك يحصن نفسه من أية اتهامات بوجود صفقات بينه وبين العسكرى أو بوعود للخروج الآمن لهم ولكنه اعتبر ذلك نوع من رد الجميل بسبب ما بذلوه من جهد وعناء فى خدمة وطنهم مصر. وهو فى نفس الوقت يلمح دائما لوجود أسباب وراء اختياراته للشخصيات التى تشغل المناصب المعاونة لرئيس الجمهورية، فهو فعل ذلك أيضاً مع الدكتور كمال الجنزورى حيث كرمه و منحه قلادة الجمهورية، وحرصا من الرئيس مرسى على الحفاظ بعلاقاته بالقوات المسلحة وجه لهم خصيصا التحية، وذلك لأنه يعلم أن منهم الكثيرين الذين قد يتعاطفون مع المشير فهو يريد لم شمل القوات الملسحة خاصة بعد ترقية اللواء عبد الفتاح السيسى إلى رتبة فريق أول، وتوليه منصب وزير الدفاع والإنتاج الحربى وقائداً عاماً للقوات المسلحة.
الملاحظة الحادية عشر هي وضع الرئيس قيودا على طريقة تعبير أصحاب المظالم
وذلك عندما حذر الرئيس مرسى من قطع الطرق والتى تكررت فى الفترة الأخيرة أكثر من مرة ليعبر فيها أصحاب المظالم عن مطالبهم.
وأكد على التصدى لقطع الطريق لأنها جريمة، حيث اصدر تعليماته لرجال الشرطة والجيش لمواجهة هذه الجريمة من وجهة نظره، حيث قال: (وجهت المسئولين في الشرطة والجيش بالتصدي لقطاع الطريق لأنها جريمة، من لديه مظلمة فانني آثم اذا لم استمع إليه ولكن لا نقطع الطرق ولا نستخدم أساليب العنف والقهر لابد ان يعيش الناس في أمن واستقرار وهذه مسئولتينا.) وهذا يعد تقييد على طرق تعبير أصحاب المظالم، فهو هنا يصف قطع الطريق بالجريمة ولم يقدم البديل لطريقة التعبير, حتى قوله أنه يأثم إذا لم يستمع لأصحاب المظالم فإنها طريقة غير عملية لحل مشاكل هؤلاء الأفراد.
وكانت الملاحظة الثانية عشر هي ذكر مرسي للفقراء فى ليلة القدر
حيث أن الرئيس لم ينس فى كلمته أن يذكر فى النهاية التأكيد على عدم نسيان الفقراء حيث قال: (لا تنسوا الفقراء )، ولكنه نسى أن الفقراء قد ازداد وضعهم سوءاً فى الفترة الأخيرة بسبب كثرة السرقات وارتفاع الاسعار بدون المراقبة عليها وغياب المحليات وضعف المرافق العامة وسوء الخدمات الصحية. فمازال الفقراء يحتاجون أكثر من مجرد ذكرهم فى خطابه فهم يحتاجون للعمل الجاد من أجلهم.
بينما كانت الملاحظة الأخيرة هي ختام الخطاب بالدعاء والحضور يؤمنون
وذلك عندما اختتم الرئيس مرسى خطابه بعدد من الدعوات فى إطار هذه المناسبة، وأمن خلفه الحضور جميعهم، على خلاف أياً من الرؤساء السابقين في مقاربة منه للرموز الدينية أكثر من كونها سمة للقادة السياسيين، (اللهم دبر لنا أمرنا فإننا لانحسن التدبير-اللهم إنا نبرأ إليك من حولنا وقوتنا إلى حولك وقوتك –اللهم أرزق الأمة الخير)