فى أسلوب حاد وبليغ فى آن واحد، وبحبكة مشغولة ببراعة واتقان، صدرت مؤخرا، عن دار نشر "ألبان ميشال" الفرنسية رواية "كمال جنّ" للروائية اللبنانية دومينيك إدة ، تتناول فيها حكاية أسرة سورية وسط عالم أوشك على السقوط، هوعالم السلطة والفساد والترهيب الذي كبّل مصير الشعب السوري على مدى أربعين عاما، قبل أن تتزعزع أسسه في مارس 2011. وتوقّعت إدة في روايتها انهيارا وشيكا للنظام السوري قبل اندلاع الثورة السورية. لم تسع إدّة في روايتها إلى منحنا الأمل بقدر سعيها لكشف الأسباب التي تفسّر انسداد الأفق في شرقنا من خلال الأقدار القاتمة لشخصيات روايتها الكثيرة والغنية بالألوان. وتكمن مهارتها أولا في الطريقة التي تصوّر فيها الأحداث الأكثر خطورة وتعقيدا، كما لو أنها عادية في الظروف والأماكن التي تحصل فيها. ويسمح ذلك للقارئ بالتآلف مع طبيعة الحياة السياسية في شرقنا وبفهم الرابط القوي بين مفهوم السلطة ومفهوم العائلة. وفي هذا السياق، نعثر داخل نصّها على بعض محرّكات التراجيديا الإغريقية، كالخيانة وقتل الأخ، وعلى بعض خصوصيات الكتابة المسرحية. وتبدو مونولوجات الشخصيات وحواراتها ، هى التي تحرّك حبكة الأحداث المروية، بينما تمنح درجة التعقيد السيكولوجي لهذه الشخصيات حضورا قويا وملموسا. وإذ تنجح الروائية في وصف دقيق لذلك النموذج من البشر الذي ينتمي إليه الجلادون، تتناول أيضا نموذجا آخر من الناس يصونون طوعا، بأفعالهم ومعتقداتهم وانتماءاتهم العائلية، واقع العنف والاستبداد.