قالت مجلة "فورين أفيرز" الأمريكية إن السعودية والإمارات بصدد وضع نهاية لمسلسل من الإخفاقات العربية في مجال توطين الصناعات العسكرية على نحو شامل ومستديم. ونوهت،في تقريربثته على موقعها الإلكتروني،عن محاولات جادة قامت بها دول عربية عديدة منذ منتصف القرن العشرين على صعيد الاكتفاء الذاتي في مجال الصناعات العسكرية. وأشارت المجلة في هذا الصدد إلى إنفاق دول الخليج مبالغ طائلة في شراء الأسلحة الأمريكية والأوروبية الأكثر تطورا، ولكن تنقصها الخبرة اللازمة للتعامل مع تلك الأسلحة وصيانتها. وقالت "فورين أفيرز" يبدو أن السعودية والإمارات اقتربتا جدا من هذا الحلم العربي، مشيرة إلى أنه على مدار العقد الماضي عملت كل من الدولتين على تطوير قدراتها في مجال الصناعات العسكرية حتى تمكنتا اليوم من تصنيع وتطوير مركبات عسكرية وأجهزة اتصال وطائرات بدون طيار وغير ذلك.. إضافة إلى ذلك، حسنت الدولتان الخليجيتان قدراتهما على أعمال صيانة وإصلاح وتحديث الطائرات، وبمساعدة من أمريكا، استطاعت السعودية والإمارات تدريب جيشيهما على تشغيل بعض أنظمة الأسلحة الأكثر تطورا في العالم، بما في ذلك صواريخ أرض-جو من طراز "هوك". وقالت المجلة إذا كانت السعودية والإمارات لا تزلان على الطريق نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي في هذا المجال، فإن أكثر حلفاء أمريكا تقدما لا يزالون يعتمدون بشكل كبير على التقنية العسكرية الأمريكية التي لا يمتلك أحد سواها سر صنعتها. وأضافت: "إن كلتا الدولتين استفادتا من الشراكة الاستراتيجية مع كبريات الشركات الدفاعية العابرة للأطلسي حتى وقفتا على آخر المستجدات في هذا المجال وذلك عبر إبرام "اتفاقيات مقاصة" أو تعويضية والتي تلزم المزودين الأجانب بالاستثمار في مشاريع محلية حتى تتمكن الدولة الممنوحة من تعويض المبالغ الضخمة التي أنفقتها في شراء الأسلحة". ورأت المجلة أن أمثال هذه البرامج والاتفاقيات أسهمت في ربط القطاعات الدفاعية المحلية للسعودية والإمارات بجهات إنتاج السلاح العالمية، ومن ثم فتحت الباب صوب اكتساب معرفة وتقنيات خاصة بالصناعات الدفاعية. ونوهت المجلة الأمريكية عما أحدثته الثورة المعلوماتية في سوق الدفاع العالمية حيث أصبحت سهلة الدخول أمام الجميع، على نحو تمكنت معه السعودية والإمارات من التعامل مع العقبات التكنولوجية وأحيانا التغلب عليها. ورأت "فورين أفيرز" أن سعي الرياض وأبو ظبي على صعيد تطوير الصناعات العسكرية إنما يعكس رغبتهما في الحد من اعتمادهما السياسي على الولاياتالمتحدة.. هذا مفهوم تماما؛ لا توجد دولة ترغب في الاعتماد كلية على غيرها لحماية نفسها ومصالحها.. لكن الجنوح إلى التصرفات أحادية الجانب من قبل شركاء أمريكا وحلفائها يمكن أن يقوض مصالح الأمن الأمريكي، على سبيل المثال، التصرفات العسكرية الإسرائيلية أحادية الجانب في لبنان وسوريا والأراضي الفلسطينية. وأوضحت المجلة أن واشنطن طالما حبّزت ودعت إلى التوصل لحلول إقليمية للعديد من المشاكل الأمنية الإقليمية، وأنها (واشنطن) سترتاح إذا ما استخدمت كل من السعودية والإمارات مواردهما الجديدة في العمل على نزع فتيل الأزمات في المستقبل. ورأت أنه في ظل ما تتمتع به السعودية من مكانة وحجم وريادة في منطقة الخليج، وفي ظل تحفظها حاليا على السياسات الأمريكية في الشرق الأوسط، فإنه في حال لم تتحسن العلاقات بين الرياضوواشنطن، فإن أي تحركات أحادية الجانب من قبل المملكة ذات النظام الدفاعي المتطور، كفيل بتشكيل تهديد على العلاقات الأمريكية الأخرى في منطقة الخليج. يختلف الحال مع الإمارات العربية المتحدة في هذا الصدد؛ فعلى الرغم من أن القوات المسلحة الإماراتية أكثر تطورا وكفاءة وجهوزية قتالية من الجيش السعودي إلا أن القادة الإماراتيين أقل اهتماما بالاضطلاع بدور فاعل خارج سياق ائتلافات تقودها أمريكا، بحسب المجلة. وعلى صعيد تصدير السعودية والإمارات للمنتجات العسكرية بشكل مستديم، رجحت "فورين أفيرز" أن يستغرق هذا الأمر فترة لا تقل عن خمس سنوات ولا تزيد على خمسة عشر عاما.