قليل من النجوم له مذاق خاص في حياتي، على الرغم من انفتاحي على كل أهل الفن من مختلف الأجيال، ولكن القليل منهم استطاع أن يترك بصمته على وجداني، ولست بحاجة لأن أدعي صداقتي لأحد فالأمر ملك لهم يقررون درجة القرب أو البعد، ولست انطباعيا لأتحمس لهذا الفنان أو تلك النجمة بحسب قربي أو بعدي عنها، ومن قرأوا لي قالوا إن أفضل حواراتي كان مع سيدة الشاشة العربية فاتن حمامة على الرغم من أنني التقيتها لمدة ساعتين فقط، في حين أن الراحل الموهوب أحمد زكي كان يمكن ان اراه 3 مرات في الاسبوع ولكنه من أصعب الناس عندما تحاوره ومن الصعب جدا ان تنقل انفعالاته وهو يتكلم وهي اهم من كلماته. وكلما أردت أن أرتقي عشر درجات ابحث عن محمود عبد العزيز فصدقه يسهل عليك الصياغة، وشيء قريب من هذا في توافق الكيمياء حدث بيني وبين نجمة لها شعبيتها الطاغية هي الفنانة شريهان وذلك لأني تعاطفت معها، وكل نجوم الطرب والغناء الأصلاء تمتعت بصداقتهم لأني قدرت فنهم وتمايلت معهم طربا كمستمع قبل أن أحمل القلم، حواراتي مع يسرا قليلة ولا تتناسب مع احترام كلينا للاخر وبشدة..إذ ما يهمني أن تتسم علاقات الصداقة بالاحترام وليس بالانتهازية ! مقدمة طويلة نسبيا لا بأس وليعذرني الجميع، ومنها أنطلق إلى الاعتراف بأن علاقتي بالنجم الكبير محمد صبحي الذي زرت مدينته مدينة سنبل هذا الأسبوع، علاقتي به لم ترق إلى مرتبة الصداقة ولكنها حلقت في آفاق أرحب من الاحترام، خاصة بعد أن راجعت البدايات فوجدتها تعود إلى 24 عاما مضت على أول لقاء صحفي جمعني به وقبل ذلك بعشر سنوات أخرى كمرتاد لمسرحه، ومن أعوام قليلة التقينا في نفس المكان مدينة سنبل وقت أن سجلنا معه لقاء لفضائية الجزائر الشقيق مع زميلتي الاعلامية الجزائرية عاشقة مصر "سابرينا" شفاها الله، في اللقاء الأول طغت مراهقتي الصحفية. فسألته: أنت لست أنت في السينما، فكان كريما أن اعترف قائلا أنه في السينما هو لا يملك كل خيوط اللعبة، قلت له: في المسرح أنت ديكتاتور، أيضا أجاب بنعم، والتقطها زملائي فصنعوا منها عنوانا للحوار، ونقل عنا كثيرون وأظن أن التكرار أغضب صبحي، أما في الحوار التليفزيوني فقد آثرنا أن نقترب من صبحي الفنان المفكر الوطني القومي المهموم بالانسان، الثائر في هدوء، صاحب الاحلام الملونة التي لا تنتهي، الذي لا يشغل باله كثيرا بأولئك الذين سيشبكون أياديهم في يديه، هو سينطلق بحلمه مهما صادفه من عثرات، يرى الأمل في الصغار الذين لم يتلوثوا بعد في زمن ومجتمع يحرض على مخالفة القيم، صغار لم ييأسوا، أحلامهم البكر الغضة لا تتطلب سوى أن يفرد لها ذراعيه، ليحملهم عليها طائرا كبساط الريح في الأسطورة الشهيرة، محمد صبحي الذي يناديه المقربون " صبحي" لو كان وجد اهتماما من أمنا الدولة، لازدهر الفن ولعدنا هوليوود الشرق وقبلة الابداع، ولكان نصف مبدعينا من أولادنا أطفال الشوارع. وأتعجب بلا سخرية أننا لدينا في كل اقليم ما يسمى بقصور الثقافة، وقد رأيت معظمها واستمعت لهم من الدلتا الى الصعيد الجواني والوادي الجديد، أتعجب أن مشروعا تحت أحد كباري العاصمة جمع عشرات الاضعاف ممن عجزت عن جذبهم أروقة وزارة الثقافة وكسبوا منهم عشرات الملايين، في الوقت الذي فيه صبحي يحاول بمفرده أن يقدم المواهب بلا مقابل، وأن تضم مدينته خدمات حقيقية للفن من بلاتوه للتصوير ومنطقة مفتوحة ومتحف وقريبا مسرح، ويطلق مبادرته في سماء الابداع لوجه الوطن، ويا للعجب أننا لا نمد أيدينا له، وهي نفس فلسفة صبحي التي جعلته يرفض منصبا مرموقا كوزير للثقافة، الآن أشعر بأنك محق؛ فالعمل الجماعي مصيره الفشل في مصرنا، في حين أن المبدع الديكتاتور هو الحل! [email protected]