صفحة جديدة في كتاب التاريخ.. تعليق مجدي عبد الغني على فوز الأهلي    رسالة شديدة اللهجة من خالد الغندو ل شيكابالا.. ماذا حدث فى غانا؟    اليوم.. جلسة محاكمة مرتضى منصور بتهمة سب وقذف عمرو أديب    تحذير دولي من خطورة الإصابة بالملاريا.. بلغت أعلى مستوياتها    للحماية من حرارة الصيف.. 5 نصائح مهمة من وزارة الصحة    «المركزية الأمريكية»: الحوثيون أطلقوا 3 صواريخ باليستية على سفينتين في البحر الأحمر    «حماس» تتلقى ردا رسميا إسرائيليا حول مقترح الحركة لوقف النار بغزة    محمد جبران رئيسا للمجلس المركزي للاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب    نتيجة انتخابات نادي القضاة بالمنيا.. عبد الجابر رئيسًا    "اتهاجمت أكثر مما أخفى الكرات ضد الزمالك".. خالد بيبو يرد على الانتقادات    د. محمد كمال الجيزاوى يكتب: الطلاب الوافدون وأبناؤنا فى الخارج    د. هشام عبدالحكم يكتب: جامعة وصحة ومحليات    ألاعيب سيارات الاستيراد.. واستفسارات عن التحويل للغاز    حقيقة انفصال أحمد السقا ومها الصغير.. بوست على الفيسبوك أثار الجدل    لدورة جديدة.. فوز الدكتور أحمد فاضل نقيبًا لأطباء الأسنان بكفر الشيخ    استشهاد شابين فلسطينيين في اشتباكات مع الاحتلال بمحيط حاجز سالم قرب جنين    شعبة البن تفجر مفاجأة مدوية عن أسعاره المثيرة للجدل    الدكتور أحمد نبيل نقيبا لأطباء الأسنان ببني سويف    الأهلي يساعد الترجي وصن داونز في التأهل لكأس العالم للأندية 2025    كولر : جماهير الأهلي تفوق الوصف.. محمد الشناوي سينضم للتدريبات الإثنين    "في الدوري".. موعد مباراة الأهلي المقبلة بعد الفوز على مازيمبي    رسميًا.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم السبت 27 إبريل بعد الانخفاض الآخير بالبنوك    والد ضحية شبرا يروي تفاصيل مرعبة عن الج ريمة البشعة    رسالة هامة من الداخلية لأصحاب السيارات المتروكة في الشوارع    بعد حادث طفل شبرا الخيمة.. ما الفرق بين الدارك ويب والديب ويب؟    2.4 مليار دولار.. صندوق النقد الدولي: شرائح قرض مصر في هذه المواعيد    عمل نفتخر به.. حسن الرداد يكشف تفاصيل مسلسل «محارب»    دينا فؤاد: الفنان نور الشريف تابعني كمذيعة على "الحرة" وقال "وشها حلو"    حضور جماهيري كامل العدد فى أولي أيام مهرجان الإسكندرية للفيلم القصير .. صور    أستاذ علاقات دولية: الجهد المصري خلق مساحة مشتركة بين حماس وإسرائيل.. فيديو    3 وظائف شاغرة.. القومي للمرأة يعلن عن فرص عمل جديدة    تنفع غدا أو عشا .. طريقة عمل كفتة البطاطس    مقتل 4 عمّال يمنيين بقصف على حقل للغاز في كردستان العراق    حريق يلتهم شقة بالإسكندرية وإصابة سكانها بحالة اختناق (صور)    الأمن العام يضبط المتهم بقتل مزارع في أسيوط    العراق.. تفاصيل مقتل تيك توكر شهيرة بالرصاص أمام منزلها    عاصفة ترابية وأمطار رعدية.. بيان مهم بشأن الطقس اليوم السبت: «توخوا الحذر»    "أسوشيتدبرس": أبرز الجامعات الأمريكية المشاركة في الاحتجاجات ضد حرب غزة    الرجوب يطالب مصر بالدعوة لإجراء حوار فلسطيني بين حماس وفتح    الترجي يحجز المقعد الأخير من أفريقيا.. الفرق المتأهلة إلى كأس العالم للأندية 2025    حمزة عبد الكريم أفضل لاعب في بطولة شمال أفريقيا الودية    في سهرة كاملة العدد.. الأوبرا تحتفل بعيد تحرير سيناء (صور)    علي الطيب: مسلسل مليحة أحدث حالة من القلق في إسرائيل    سعر السبيكة الذهب اليوم وعيار 21 الآن ببداية التعاملات السبت 27 إبريل 2024    رغم قرارات حكومة الانقلاب.. أسعار السلع تواصل ارتفاعها في الأسواق    السيسي محتفلا ب"عودة سيناء ناقصة لينا" : تحمي أمننا القومي برفض تهجير الفلسطينيين!!    استئصال ورم سرطاني لمصابين من غزة بمستشفى سيدي غازي بكفر الشيخ    تهاني شم النسيم 2024: إبداع في التعبير عن المحبة والفرح    قلاش عن ورقة الدكتور غنيم: خلاصة فكره وحرية الرأي والتعبير هي درة العقد    البيت الأبيض: ليس لدينا أنظمة "باتريوت" متاحة الآن لتسليمها إلى أوكرانيا    تعرف علي موعد صرف راتب حساب المواطن لشهر مايو 1445    حظك اليوم برج العقرب السبت 27-4-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    أعراض وعلامات ارتجاج المخ، ومتى يجب زيارة الطبيب؟    "ذكرها صراحة أكثر من 30 مرة".. المفتي يتحدث عن تشريف مصر في القرآن (فيديو)    «أرض الفيروز» تستقبل قافلة دعوية مشتركة من «الأزهر والأوقاف والإفتاء»    تعرف على فضل أدعية السفر في حياة المسلم    تعرف على فوائد أدعية الرزق في حياة المسلم    خير يوم طلعت عليه الشمس.. 5 آداب وأحكام شرعية عن يوم الجمعة يجب أن تعرفها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمد صبحي: نحتاج صدمة كبري لكي نقوم من الموت


أول نجم كبير يصبح مستشاراً لوزارة الثقافة في مصر
محمد صبحي: نحتاج صدمة كبري لكي نقوم من الموت
عندما ذهبنا إليه اكتشفنا العديد من المفارقات أولها أن المهمة التي وافق عليها هي شغله الشاغل ليس الآن وانما منذ سنوات.. فهو يري أن المسرح مات لذا ظل يكتب علي جهاز الكمبيوتر الخاص به طوال السنوات الماضية توصيات ومناهج للتغيير لخصها هو في عدة نقاط موجزة ومعبرة مثل «التغيير الجزئي هو الد أعداء الإبداع والتطوير، اليد البطالة هي ملعب الشيطان والنفس اللوامة هي مرتع للشك والريبة والعقول الخاوية هي أطلال تسكنها الخفافيش وينعق فيها البوم والغربان، أن الإمساك بذيل الفيل لا يمنعه من التحرك، كما أن جذب ذيل الحصان بشدة يدفعه للتمرد».. ليس هذا فقط، فقد دفع الوضع الذي آلت إليه الثقافة المصرية بشكل عام «محمد صبحي» إلي طرح أسئلة علي نفسه يسعي إلي إيجاد إجابة لها ولكن «روزاليوسف» أعادت طرحها عليه في نهاية هذا الحوار وجعلته يجيب عنها بصراحة كاملة. في السطور التالية يعرض «محمد صبحي» لمشروع كامل يعيش في ذهنه من أجل إصلاح وإعادة هيكلة المسرح المصري وبعثه إلي الحياة مرة أخري.
«محمد صبحي» يحرص طوال الوقت أن يكون بينه وبين السلطة مسافة كبيرة، الأمر الذي يجعلنا نتساءل كيف ولماذا قبلت أن تكون مستشارا لوزارة الثقافة لشئون المسرح مع الأخذ في الاعتبار رفضك التام لأي منصب حكومي وإصرارك علي استقلالك كفنان؟
سأروي لكم القصة كاملة.. ما حدث هو أني كنت محبطا للغاية في الأشهر الستة الأخيرة، كان لدي غصة شديدة بسبب حالة المسرح، حالتي كفنان وكذلك حال البلد.. وأصبح لدي قناعة ثابتة أن المسرح مات وليس في وعكة كما نتصور، فالمريض تكون هناك دلالات علي أنه مازال علي قيد الحياة لكن المسرح المصري أصبح جثة هامدة، وما يحدث الآن مجرد قراءة علي روحه في المقابر.. لا يوجد نبض، لا يوجد أي دليل علي الحياة.
أنا علي سبيل المثال لي أكثر من 30 عاماً أطالب بتغيير الجسد، وعام بعد عام يزداد إحساسي بالإحباط خاصة عندما أعلم أننا في السنوات الأخيرة خسرنا 23 مسرحاً في القاهرة و5 في الإسكندرية. وأذكر أنني في كلمتي أمام وزير الثقافة أثناء تكريمي في مهرجان المسرح التجريبي قلت له: «مثلما تقوم بترميم الآثار أرجو أن تقوم أيضا بترميم المسرح».. ويبدو أنه وضع هذه الكلمة في الاعتبار.
ولكن هل كانت علاقتك كمبدع به كوزير للثقافة علي ما يرام؟
علي أن أعترف أنني كنت علي خصومة لفترة من الزمن معه، كان ذلك في التسعينيات عندما قال إن مصر بها أزمة إبداع، وقتها ثرت واعتبرت ما قاله إهانة، بعد تلك الواقعة بخمس سنوات بحثت عن رقمه واتصلت به هاتفيا لأقول له: «أسف، كان عليك أن تقول إن الأزمة أزمة إبداع ومبدعين أيضا».. فضحك.
ظللنا علي اتصال بين الحين والآخر، أذكر أنني أكثر من مرة قلت له لابد أن تفعل شيئا لأجل المسرح فكان دائما يجيبني بقوله «هل مطلوب مني أن أمثل وأخرج وأكتب نصوصا للمسرح؟ أعطني مثالا لفنان واحد يستطيع أن يقول أنني منعته من تقديم ما يريد». وفي إحدي المرات قال لي «لقد تابعتك كثيرا وعرفت أنك علي حق وأتصور أن لديك الحل لأزمة المسرح».
أنا مقتنع أن أزمة المسرح المصري ليست في البشر بدليل أنه تولي زمامه الكثير من الأسماء المهمة وكتب له كتاب مهمون، إذن الأزمة ليست في الأفراد وإنما الأزمة هي عدم وجود استراتيجية حقيقية للمسرح، أليس المنتخب المصري يسير وفقا لخطة حتي يصل إلي الفوز والكأس؟ لماذا لا نفعل نفس الشيء.. خاصة أننا أصبحنا في زمن الكرة، لست ضد انجازاتنا الكروية ولكن أذكر أننا في طفولتنا كانت لدينا هذه الانجازات جنبا إلي جنب السينما والمسرح الذي كان بحق في فترة ازدهار.. ما أريد أن أقوله إنني ضد احادية الإبداع.
خواء فكري
ولكن لا تستطيع أن تنكر أن الكرة هي المجال الذي أصبح يشهد إنجازات تعطي الثقة للمواطن المصري؟
إذن نستطع علي الأقل أن نقول إننا أصبحت لدينا حالة خواء فكري، لم يعد لدينا سوي الكرة، لماذا لا يصبح لدي المسرحيين المصريين نفس الروح ونفس الرغبة في أن ترتفع راية المسرح المصري مثلما يرتفع العلم المصري في المباريات.
حتي الآن لم تذكر كيف جاء الاتفاق بينك وبين الوزير؟
الوزير يعلم جيدا أني مقتنع بأن المسرح أصبح مؤسسة استشري فيها الفساد الفني.. والغريب أني أسمع أصواتا ظلت تقول بعد إعلاني مستشارا للوزارة أن محمد صبحي لم يعمل يوما في هيئة للمسرح أو حتي في مسرح الدولة. هذه الأصوات تناست أني أعلم جيدا عيوب مسرح الدولة وأعرف كيف أعالجها وما لا يعلمه الكثير من الناس أني رشحت لمنصب رئيس الهيئة من قبل ولكني لم أوافق. لأني أرفض الوظيفة في الفن.
المهم أنه منذ ما يقرب من شهر وجدت الوزير يتحدث إلي هاتفيا، قال لي لقد سمعتك في حوارات كثيرة وأعرف أن لك رؤية في المسرح خاصة أنك رجل مسرحي نجحت في أن تخلق تجربة مسرحية متكاملة وضعت لها نظاما الكل يعرفه عن ظهر قلب خاصة فيما يتعلق بأدبيات علاقة الممثل علي خشبة المسرح بالجمهور لماذا لا نتقابل ونتحدث حول موضوع مهم؟
التقيت الوزير وعرض علي أن أكون مستشارا له لشئون المسرح وأخبرته بأني لا أحب أن أكون موظفا، خاصة أنني مقتنع بأن الإمساك بذيل الحصان لن يمنعه من التمرد.. أخبرته عن ذلك وأخبرته أيضا أن المسرح المصري في حاجة إلي البناء من جديد وليس الترميم والذي سيبدو كعملية شاقة.
أيضا تحدثت مع الوزير في جزئية مهمة وهي أن شيئا لن يتغير إذا حاولنا إصلاح عنصر من عناصر كثيرة أي أنه ما جدوي أن أكون مديرا ناجحا لمسرح من المسارح في حين أن الوضع نفسه فاسد. الحالة أصبحت صعبة للغاية، نحن ينقصنا قانون داخلي ينظم وضع المسرح.
بعد هذا اللقاء ذهبت إلي سوريا وعندما عدت التقيت بالوزير مرة أخري منذ حوالي 20 يوما.. في هذا اللقاء أخبرته أني سعيد بأن أخدم المسرح الذي أعشقه ولكن بشروط محددة منها ألا يكون هناك تعاقد وأن تكون هذه المهمة بدون عائد مادي ولكن الشرط الأهم ألا أكون مؤلفا أو مخرجا أو ممثلا علي مسرح الدولة وأن يتم إعلان ذلك بشكل واضح وصريح.
أما مهمتي فستكون التناقش مع كبار المسرحيين الموجودين الآن والاستفادة من الأجيال الشابة والقديمة من أجل الاستفادة من جميع الخبرات في التغيير والإصلاح.
مسارح مضاءة
يبدو أنك متحمس للغاية، ما أهم ملامح الإصلاح الذي تتصوره؟
ما أنشده هو أن تظل المسارح مضاءة ومتاحة للجميع طوال العام، طموحي أن نبدل الجسد الميت بآخر مليء بالحياة، أن نعلم الناس مرة أخري ارتياد المسرح، دون أن يصادفوا أي نوع من البلطجة خاصة من قبل العاملين حتي في البوفيه أو الأمن.. أريدهم أن يحصلوا علي أفضل خدمة مسرحية ممكنة، أن أعيد إلي المسرح هيبته وصورته.. الأمر ليس سهلا ومليئا بالعناصر المرتبطة أشد الارتباط ببعضها البعض. أحلم أن نضع خطة لا تتغير بتغير الأشخاص.
أيضا من العقبات التي علينا أن نتخطاها فقدان هوية المسارح، أحلم بأن تعود لكل مسرح هويته بدلا من حالة العشوائية التي أصبحنا نراها.
لن أحقق هذا وحدي بالطبع وإنما أحتاج إلي فرقة تصبح هي القوام الأساسي لهذه الخطة، علي أن تشمل هذه الخطة الجميع بدءا من رئيس قطاع الإنتاج الثقافي د. أشرف زكي وصولا إلي المسئولين عن كل مسرح.
مهمتي خلال الفترة القادمة أن أجلس مع كل القيادات الموجودة، أن نضع أيدينا علي العيوب ثم نعرضها علي الوزير لتبدأ القيادات بعد ذلك في التعامل كل حسب دوره ومهمته.. أي أنني لن أصبح موظفا بالشكل الذي يتخيله البعض، مهمتي هي وضع يدي علي العيوب.
خطة إنقاذ
بعد أن تجلس مع كل القائمين علي المسرح هل من المفترض أن تصل لخطة ما؟
نعم وسنعلن هذه الخطة في مؤتمر صحفي أو مؤتمر عام حتي يصبح الجميع بدءا من الوزير مرورا بالقيادات والعاملين ووصولا إلي النقاد والصحفيين والإعلاميين علي علم بما سينفذ وبدقة.
هوية المسارح هي العقبة الأهم أليس كذلك؟
كما قلت عروض المسارح اختلطت ببعضها البعض، الغد أصبح مثل العرائس مثل البالون،.. أذكر أننا منذ سنوات طويلة كان لكل مسرح شخصيته المستقلة، كان هناك مسرح عالمي، مسرح للربرتوار، مسرح للواقعية المسرحية، وآخر للكوميديا.
أول مهمة ستكون إعادة الهوية لكل مسرح، سأعيد مسرح الربرتوار، ومسرح الواقعية، أيضا سأخصص دارا مسرحية مفتوحة طوال العام ل4 مهرجانات، مهرجان للجامعات، وآخر لطلبة الثانوية، مهرجان ثالث لطلبة الإعدادية ومهرجان رابع لطلبة الابتدائي علي أن يضم هذا المهرجان كل أشكال الفنون «رقص، غناء، تمثيل» لأن هذه المهرجانات هي التي ستمنحنا المواهب والمبدعين الذين سيكونون مكسبا حقيقيا لمصر.
أما الجائزة فلن تذهب إلي فرد بل إلي الجامعة مثلا التي فازت بحيث تصبح جائزتها هي لدعم وتطوير مسرحها فهذا هو الإنجاز الحقيقي.
نعم.. للرقابة
بالمناسبة قبل الحوار كنت تتحدث عن العلاقة بين ارتفاع مستوي الحرية لأقصي حد وانخفاض مستوي الأخلاق. ماذا تقصد؟
ما أقصده هو أنه لا يجوز أن نعتبر «الشتيمة» شكلاً من أشكال حرية الإبداع، لأنها في النهاية قلة أدب والذي يسمح بها هو أكثر انحرافا من الذي أقدم عليها.
لا أذكر أني اختلفت مع الرقابة من قبل إلا مرة واحدة وقت عرض «فارس بلا جواد» وسبب الاختلاف لم يكن أخلاقيا. طالما دافعت ومازلت أدافع عن حرية الفكر والإبداع ولكن في حدود فهمنا لهما. وإلا فلنتحدث إذن عن المثلية الجنسية وغيرها من الأشياء التي أصبح الكلام عنها وبفجاجة شيئا عاديا.. مازلت اتصور أن الرقابة دورها هو حماية الأخلاق بالمناسبة أذكر واقعة مميزة في علاقتي بالرقابة.. كان ذلك وقت عرض مسرحية «أنت حر». وقتها لم تعترض الرقابة علي أي كلمة في النص الذي قدمته والذي عرض بأوائل الثمانينيات أثناء حكم الرئيس السادات. كانت الأمور علي ما يرام إلي أن جاءت ليلة البروفة العامة التي تشاهد فيها الرقابة النص.
كانت المسرحية تتضمن منولوجا يتحدث عن كيف أننا نعيش أزهي عصور الديمقراطية في ذلك الوقت إلي آخر المنولوج وفجأة وبعد أن أنهي المنولوج يري الجمهور مدفعا مصوبا نحو ظهري.. وقتها ثارت الرقابة وقامت الدنيا ولم تقعد ولكني قلت بمنتهي البساطة أن هذه هي لعبة مخرج وبالتالي ليس من حق أحد الاعتراض طالما حصل النص علي الموافقة الرقابية.. أقولها الآن نحن في حاجة إلي الرقابة لأننا إذا كنا نريد أن نبدأ من جديد لا يجوز أن نبني علي باطل.. أحترم تحرر الفكر والعقل ولكني مقتنع بأن المبدع الحقيقي قادر علي الحديث حتي عن الجنس دون أن يكون مبتذلا.
ومازلت مقتنعا أنه لا يجوز أن يقدم القطاع العام أسوأ ما لدي القطاع الخاص أخلاقيا. للأسف لقد فقد الفنان البوصلة التي من المفترض أن توجهه. ربما علي فنانينا أن يتذكروا أن المسرح فن رخيص جدا في تكلفته غالي التوجه.
الهجرة
ما الذي حدث لفناني المسرح المصري؟
الممثلون هاجروا من المسرح للسينما والتليفزيون، عليهم أن يقتنعوا بأهمية ما يقدمونه.. مشكلتنا أننا لسنا مقتنعين بأن السينما والمسرح يبنيان أجيالا ويهدمان أجيالآ.. لذا أنوي أن أحقق لا مركزية المسرح بحيث تطوف كل المسرحيات جميع المحافظات. علينا ألا نقلق من موضوع الإيرادات.. فقد ثبت أنه لا تعارض بين مخاطبة عقل المشاهد وبين تقديم المتعة له والربح. مازلت أذكر أن «ماما أمريكا» حققت وقتها أكثر من 18 مليون جنيه في السنة.
مجرد إحباط
هناك مقولة تتردد كثيرا تشير إلي أن الوزير ربما يكون قد نجح في عمل بنية حقيقية للثقافة ولكنه لم ينجح في فرض ثقافة تواجه الثقافات العشوائية الأخري المسيطرة علي المجتمع ما رأيك؟
ربما يكون قد أحبط، أذكر أننا قديما كان لدينا نموذج الوزير الذي يقرر من يمثل ماذا، ولكن الوزير الحالي ليس كذلك ولكنه في الوقت نفسه ربما يكون قد ترك الساحة أكثر مما ينبغي بسبب شعوره بالإحباط مما يحدث.
إحباط من العاملين سواء موظفين أو ممثلين الذين يريدون أن تظل المسارح هكذا.
ألا تخشي أنت أيضا من هذا الإحباط؟
من الممكن أن أحبط إذا كنت أتعامل مع الموضوع علي أنه منصب أريد التمسك به أو إذا كنت أريد أن أنجح بالذراع مثل الكثيرين ولكني لست خائفا لأنه ببساطة أنا سأكتب روشتة فإذا رفضها المريض مازلت أملك عملي الذي أحبه.
أنا سأفعل ما علي أن أفعله، سأستمع إلي جميع المشاكل، وكل الاقتراحات من الفنانين المحترمين الذين يعانون من نفس الاكتئاب الذي أعاني منه، لقد استقبلت اتصالات تليفونية من كثيرين قالوا لي لقد سمعنا أنك فقط ستقدم الاستشارة، لماذا؟ وردي عليهم هو أنه لكي أنجح بحق يجب أن يكون وضعي هكذا.
نتصور أنه في ضوء هذه الخطة لا يصح أن تظل مصر بلا مسرح قومي.. هل في ذهنك شيء؟ - مما لا شك فيه أن افتتاح المسرح القومي والذي أعلم أنه سيكون في نهاية هذا العام لابد أن يكون حدثا عالميا.
ولكن الأمر لايجب أن يقف عند حد المسرح القومي، فمثلا أتصور أنه لابد أن يكون هناك حدث سنوي يضم كل فرق الأوبرا «الأوركسترا، الباليه» وغيرهما من الفرق ويكون مكانه هو الصوت والضوء لدي الأهرامات ولكن ليس لتقديم «عايدة» كما نفعل كل عام وإنما من أجل تقديم مشروع قومي يتلخص في تقديم جزء من تراثنا الفرعوني علي خشبة المسرح كل عام بحيث تراه الأجيال الجديدة.
دعونا نتصور عرضا يضم محسنة توفيق، عايدة عبدالعزيز، وسميحة أيوب مع أجيال من الممثلين والممثلات الشباب في ملحمة مسرحية عند الصوت والضوء، بحيث يصبح الأمر احتفالية ثقافية سنوية نعلم من خلاله أولادنا تاريخهم الذي يجب أن يعرفوه.
أما فيما يتعلق بالمسرح القومي فأنا أتصور أنه لابد أن يكون متخصصا في تقديم الواقعية المصرية بالإضافة إلي إعادة عرض أهم المسرحيات المصرية القديمة.
المسرح القومي في حاجة إلي كتابات جديدة، ودم جديد وإذا تصادف لم يجد جديدا صالحا عليه ألا يقبل أعمالا ضعيفة وأن يعود إلي التاريخ حتي لا يضل الطريق. عليه ألا يقبل عروض «نص نص».
عودة المسرح القومي إلي الحياة أيضا يجب أن تكون قوية، فعودته ستكون تدشينا لخطة خمسية جديدة تماما وبنظام مختلف.
وماذا عن مسرح «صبحي» متي ستكون عودته؟
سأعود بعد العيد.. فبعد الاعتذار عن «كليوباترا» أصبحت متفرغا لمواصلة مشروع المسرح للجميع بحيث نقوم بعرض رواية كل ليلة.. وبعد ذلك نسلم شرائط المسرحيات إلي التليفزيون بحكم الاتفاقية التي عقدناها معه.
أما عن ال 6 أو ال 5 مسرحيات فهي «غزل البنات»، «الملك سيام»، «أوديب» والتي ستكون بمثابة جزء ثانٍ من «كارمن»، «الأستاذ» لسعد الدين وهبة والتي كانت رغبة من رغباته قبل الوفاة أن أجسدها علي خشبة المسرح. هذه المسرحية بالمناسبة ستكون أول لقاء بيني وبين «سميحة أيوب» علي خشبة المسرح وبالمناسبة فانها ستلعب أيضا دور البطولة أمامي في «أوديب» وأيضا هناك «خيبتنا» والتي ستضم ممثلين عربا، يمكنك القول أن المسرحيات جميعها وجوه لعملة واحدة وأزمة واحدة هي الديمقراطية.
خاص وعام
لم تتحدث نهائيا عن المسرح الخاص.. ما وجهة أزمته من نظرك؟
المسرح الخاص تحكمه 100 عقلية ناهيك عن العشوائية والاجتهادات الفردية، المسرح الخاص يفسد لو وضعته في إطار مؤسسي.
إذا كان مسرح الدولة قد مات فما هو الوضع إذن مع المسرح الخاص؟
المسرح الخاص لم يمت فقط وإنما نحن نسير في جنازته الآن، وإن كنت أريد الإشارة إلي أنني لست أحبذ كلمة مسرح قطاع خاص ومسرح قطاع عام لأنه ببساطة إما أنه يوجد مسرح أو لايوجد مسرح، والدليل علي ذلك أني أفكر في مشروع يقوم علي تخصيص دار عرض نكافئ بها أي مسرحية قطاع خاص ناجحة ومحترمة بحيث تقوم بالعرض لمدة شهر مثلا في هذه الدار.
أزمة المسرح ليست منفصلة عن أزمة المجتمع كله أليس كذلك؟
لا نستطيع أن نأخذ عنصرا من عناصر المجتمع علي حدة ونعتبره فاسدا فالسينما ماتت مثلما مات المسرح، كذلك مات التعليم.. المنظومة أصبحت في وضع سيئ المناخ هو الذي يفرز العبقريات فلنتخيل أم كلثوم مثلا وهي قادمة من قريتها، بالطبع كان عليها أن تقابل قيمة فنية وأدبية ما أكبر لتوفر لها المناخ الذي تحتاجه.
هناك أمل بالطبع ولكن لابد من حدوث صدمة أو شيء جلل حتي تفوق الناس من غفوتهم، لقد تم اللعب في جيناتنا وأصبح اللهاث والدونية هما من المفاهيم الواضحة في مجتمعنا، لست أدعي أنني يساري ولكنني مؤمن ببعض الأفكار اليسارية، فالاتحاد السوفيتي كان يعلمك أنك من الممكن أن تهادي صديقا ما بكتاب مثلا أما الرأسمالية فتقتل فيك الإنسان.
كيف تكون البداية من وجهة نظرك؟
أول محطة هي التعليم.. أول مجرم هو التعليم.. هو المفتاح للمنظومة الثقافية ككل.
دعنا نسألك سؤالآ من الأسئلة التي تحاول البحث عن إجابة لها بين أوراقك.. هل المبدعون الآن فقدوا الطريق والثقة أم تائهون فقدوا الإبداع أم مبدعون فقدوا المناخ؟
أتصور أن الأنواع الثلاثة موجودة وإن كنت أتصور أني أنتمي إلي النوع الثالث فقد فقدت المناخ.

أفكار...من جهاز الكمبيوتر الشخصي لمحمد صبحي
- إن اليد البطالة هي ملعب الشيطان.. والنفس اللوامة هي مرتع للشك والريبة.. والعقول الخاوية هي أطلال تسكنها الخفافيش وينعق فيها البوم والغربان.
- التغيير الجزئي هو ألد أعداء الإبداع والتطوير.
- يبدأ التغيير بالتفكير خارج نطاق المألوف وبعيدا عن البديهيات وأحيانا خارج حدود المنطق.
- إن الإمساك بذيل الفيل لا يمنعه من التحرك كما أن جذب ذيل الحصان بشدة يدفعه للتمرد.
- عندما يكون أمامنا طريقان أحدهما صعب والآخر سهل فعلينا أن نفكر في الطريق الصعب مرتين أما الطريق الأسهل فعلينا أن نفكر عشرات المرات لتفادي الفخاخ.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.