وزير العمل يصدر قرارًا وزاريًا بشأن تحديد العطلات والأعياد والمناسبات    مستشفى العودة في جنوب غزة يعلن توقف خدماته الصحية بسبب نفاد الوقود (فيديو)    بعد حذف ب"طلب منها"، البنتاجون يعدل بيانه بشأن الضربات ضد "داعش" في نيجيريا    القلاوي حكما لمباراة الأهلي والمصرية للاتصالات في كأس مصر    معركة العمق الدفاعي تشغل حسام حسن قبل مواجهة جنوب إفريقيا    تفاصيل جلسة حسام حسن مع زيزو قبل مباراة مصر وجنوب إفريقيا    غلق الطريق الصحراوي بالإسكندرية من البوابات بسبب شبورة تحجب الرؤية    إذاعي وسيناريست ورسَّام، أوراق من حياة الدنجوان كمال الشناوي قبل الشهرة الفنية    الطرق المغلقة اليوم بسبب الشبورة.. تنبيه هام للسائقين    45 دقيقة تأخير على خط «طنطا - دمياط».. الجمعة 26 ديسمبر 2025    ارتفاع أسعار الذهب اليوم الجمعة 26 ديسمبر في بداية تعاملات البورصة العالمية    ترامب: نفذنا ضربات قوية ضد «داعش» في نيجيريا    شعبة الأدوية: موجة الإنفلونزا أدت لاختفاء أسماء تجارية معينة.. والبدائل متوفرة بأكثر من 30 صنفا    الزكاة ركن الإسلام.. متى تجب على مال المسلم وكيفية حسابها؟    عمرو صابح يكتب: فيلم لم يفهمها!    وداعا ل"تكميم المعدة"، اكتشاف جديد يحدث ثورة في الوقاية من السمنة وارتفاع الكوليسترول    انفجار قنبلة يدوية يهز مدينة الشيخ مسكين جنوب غربي سوريا    الشهابي ورئيس جهاز تنمية المشروعات يفتتحان معرض «صنع في دمياط» بالقاهرة    ريهام عبدالغفور تشعل محركات البحث.. جدل واسع حول انتهاك الخصوصية ومطالبات بحماية الفنانين قانونيًا    استمتعوا ده آخر عيد ميلاد لكم، ترامب يهدد الديمقراطيين المرتبطين بقضية إبستين بنشر أسمائهم    سكرتير محافظة القاهرة: تطبيق مبادرة مركبات «كيوت» مطلع الأسبوع المقبل    أمن الجزائر يحبط تهريب شحنات مخدرات كبيرة عبر ميناء بجاية    مصدر سوري يرجح توقيع اتفاق أمني سوري إسرائيلي قريبا    زيلينسكي يبحث هاتفياً مع المبعوثَيْن الأميركيين خطة السلام مع روسيا    الفريق أحمد خالد: الإسكندرية نموذج أصيل للتعايش الوطني عبر التاريخ    اختتام الدورة 155 للأمن السيبراني لمعلمي قنا وتكريم 134 معلماً    وفاة الزوج أثناء الطلاق الرجعي.. هل للزوجة نصيب في الميراث؟    الإفتاء تحسم الجدل: الاحتفال برأس السنة جائزة شرعًا ولا حرمة فيه    وزير العمل: الاستراتيجية الوطنية للتشغيل ستوفر ملايين فرص العمل بشكل سهل وبسيط    ارتفاع حجم تداول الكهرباء الخضراء في الصين خلال العام الحالي    «الثقافة الصحية بالمنوفية» تكثّف أنشطتها خلال الأيام العالمية    حريق هائل في عزبة بخيت بمنشية ناصر بالقاهرة| صور    محمد فؤاد ومصطفى حجاج يتألقان في حفل جماهيري كبير لمجموعة طلعت مصطفى في «سيليا» بالعاصمة الإدارية    «اللي من القلب بيروح للقلب».. مريم الباجوري تكشف كواليس مسلسل «ميدتيرم»    كأس مصر - بتواجد تقنية الفيديو.. دسوقي حكم مباراة الجيش ضد كهرباء الإسماعيلية    أردوغان للبرهان: تركيا ترغب في تحقيق الاستقرار والحفاظ على وحدة أراضي السودان    الأقصر تستضيف مؤتمرًا علميًا يناقش أحدث علاجات السمنة وإرشادات علاج السكر والغدد الصماء    أسامة كمال عن قضية السباح يوسف محمد: كنت أتمنى حبس ال 18 متهما كلهم.. وصاحب شائعة المنشطات يجب محاسبته    كشف لغز جثة صحراوي الجيزة.. جرعة مخدرات زائدة وراء الوفاة ولا شبهة جنائية    متابعة مشروع تطوير شارع الإخلاص بحي الطالبية    ناقد رياضي: تمرد بين لاعبي الزمالك ورفض خوض مباراة بلدية المحلة    نجم الأهلي السابق: تشكيل الفراعنة أمام جنوب إفريقيا لا يحتاج لتغييرات    بروتوكولي تعاون لتطوير آليات العمل القضائي وتبادل الخبرات بين مصر وفلسطين    محافظة الإسماعيلية تحتفل بالذكرى الخمسين لرحيل كوكب الشرق بحفل "كلثوميات".. صور    تطور جديد في قضية عمرو دياب وصفعه شاب    جلا هشام: شخصية ناعومي في مسلسل ميد تيرم من أقرب الأدوار إلى قلبي    40 جنيهاً ثمن أكياس إخفاء جريمة طفل المنشار.. تفاصيل محاكمة والد المتهم    "التعليم المدمج" بجامعة الأقصر يعلن موعد امتحانات الماجستير والدكتوراه المهنية.. 24 يناير    ساليبا: أرسنال قادر على حصد الرباعية هذا الموسم    أمم إفريقيا - لاعب مالي: نريد الفوز باللقب وإعادته إلى باماكو    واعظات الأوقاف يقدمن دعما نفسيا ودعويا ضمن فعاليات شهر التطوع    أخبار مصر اليوم: سحب منخفضة على السواحل الشمالية والوجه البحري.. وزير العمل يصدر قرارًا لتنظيم تشغيل ذوي الهمم بالمنشآت.. إغلاق موقع إلكتروني مزور لبيع تذاكر المتحف المصري الكبير    فاروق جويدة: هناك عملية تشويه لكل رموز مصر وآخر ضحاياها أم كلثوم    جراحة دقيقة بمستشفى الفيوم العام تنقذ حياة رضيع عمره 9 أيام    "إسماعيل" يستقبل فريق الدعم الفني لمشروع تطوير نظم الاختبارات العملية والشفهية بالجامعة    هل للصيام في رجب فضل عن غيره؟.. الأزهر يُجيب    الوطنية للانتخابات: إبطال اللجنة 71 في بلبيس و26 و36 بالمنصورة و68 بميت غمر    الأزهر للفتوى: ادعاء خصومات وهمية على السلع بغرض سرعة بيعها خداع محرم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمد صبحي: نحتاج صدمة كبري لكي نقوم من الموت


أول نجم كبير يصبح مستشاراً لوزارة الثقافة في مصر
محمد صبحي: نحتاج صدمة كبري لكي نقوم من الموت
عندما ذهبنا إليه اكتشفنا العديد من المفارقات أولها أن المهمة التي وافق عليها هي شغله الشاغل ليس الآن وانما منذ سنوات.. فهو يري أن المسرح مات لذا ظل يكتب علي جهاز الكمبيوتر الخاص به طوال السنوات الماضية توصيات ومناهج للتغيير لخصها هو في عدة نقاط موجزة ومعبرة مثل «التغيير الجزئي هو الد أعداء الإبداع والتطوير، اليد البطالة هي ملعب الشيطان والنفس اللوامة هي مرتع للشك والريبة والعقول الخاوية هي أطلال تسكنها الخفافيش وينعق فيها البوم والغربان، أن الإمساك بذيل الفيل لا يمنعه من التحرك، كما أن جذب ذيل الحصان بشدة يدفعه للتمرد».. ليس هذا فقط، فقد دفع الوضع الذي آلت إليه الثقافة المصرية بشكل عام «محمد صبحي» إلي طرح أسئلة علي نفسه يسعي إلي إيجاد إجابة لها ولكن «روزاليوسف» أعادت طرحها عليه في نهاية هذا الحوار وجعلته يجيب عنها بصراحة كاملة. في السطور التالية يعرض «محمد صبحي» لمشروع كامل يعيش في ذهنه من أجل إصلاح وإعادة هيكلة المسرح المصري وبعثه إلي الحياة مرة أخري.
«محمد صبحي» يحرص طوال الوقت أن يكون بينه وبين السلطة مسافة كبيرة، الأمر الذي يجعلنا نتساءل كيف ولماذا قبلت أن تكون مستشارا لوزارة الثقافة لشئون المسرح مع الأخذ في الاعتبار رفضك التام لأي منصب حكومي وإصرارك علي استقلالك كفنان؟
سأروي لكم القصة كاملة.. ما حدث هو أني كنت محبطا للغاية في الأشهر الستة الأخيرة، كان لدي غصة شديدة بسبب حالة المسرح، حالتي كفنان وكذلك حال البلد.. وأصبح لدي قناعة ثابتة أن المسرح مات وليس في وعكة كما نتصور، فالمريض تكون هناك دلالات علي أنه مازال علي قيد الحياة لكن المسرح المصري أصبح جثة هامدة، وما يحدث الآن مجرد قراءة علي روحه في المقابر.. لا يوجد نبض، لا يوجد أي دليل علي الحياة.
أنا علي سبيل المثال لي أكثر من 30 عاماً أطالب بتغيير الجسد، وعام بعد عام يزداد إحساسي بالإحباط خاصة عندما أعلم أننا في السنوات الأخيرة خسرنا 23 مسرحاً في القاهرة و5 في الإسكندرية. وأذكر أنني في كلمتي أمام وزير الثقافة أثناء تكريمي في مهرجان المسرح التجريبي قلت له: «مثلما تقوم بترميم الآثار أرجو أن تقوم أيضا بترميم المسرح».. ويبدو أنه وضع هذه الكلمة في الاعتبار.
ولكن هل كانت علاقتك كمبدع به كوزير للثقافة علي ما يرام؟
علي أن أعترف أنني كنت علي خصومة لفترة من الزمن معه، كان ذلك في التسعينيات عندما قال إن مصر بها أزمة إبداع، وقتها ثرت واعتبرت ما قاله إهانة، بعد تلك الواقعة بخمس سنوات بحثت عن رقمه واتصلت به هاتفيا لأقول له: «أسف، كان عليك أن تقول إن الأزمة أزمة إبداع ومبدعين أيضا».. فضحك.
ظللنا علي اتصال بين الحين والآخر، أذكر أنني أكثر من مرة قلت له لابد أن تفعل شيئا لأجل المسرح فكان دائما يجيبني بقوله «هل مطلوب مني أن أمثل وأخرج وأكتب نصوصا للمسرح؟ أعطني مثالا لفنان واحد يستطيع أن يقول أنني منعته من تقديم ما يريد». وفي إحدي المرات قال لي «لقد تابعتك كثيرا وعرفت أنك علي حق وأتصور أن لديك الحل لأزمة المسرح».
أنا مقتنع أن أزمة المسرح المصري ليست في البشر بدليل أنه تولي زمامه الكثير من الأسماء المهمة وكتب له كتاب مهمون، إذن الأزمة ليست في الأفراد وإنما الأزمة هي عدم وجود استراتيجية حقيقية للمسرح، أليس المنتخب المصري يسير وفقا لخطة حتي يصل إلي الفوز والكأس؟ لماذا لا نفعل نفس الشيء.. خاصة أننا أصبحنا في زمن الكرة، لست ضد انجازاتنا الكروية ولكن أذكر أننا في طفولتنا كانت لدينا هذه الانجازات جنبا إلي جنب السينما والمسرح الذي كان بحق في فترة ازدهار.. ما أريد أن أقوله إنني ضد احادية الإبداع.
خواء فكري
ولكن لا تستطيع أن تنكر أن الكرة هي المجال الذي أصبح يشهد إنجازات تعطي الثقة للمواطن المصري؟
إذن نستطع علي الأقل أن نقول إننا أصبحت لدينا حالة خواء فكري، لم يعد لدينا سوي الكرة، لماذا لا يصبح لدي المسرحيين المصريين نفس الروح ونفس الرغبة في أن ترتفع راية المسرح المصري مثلما يرتفع العلم المصري في المباريات.
حتي الآن لم تذكر كيف جاء الاتفاق بينك وبين الوزير؟
الوزير يعلم جيدا أني مقتنع بأن المسرح أصبح مؤسسة استشري فيها الفساد الفني.. والغريب أني أسمع أصواتا ظلت تقول بعد إعلاني مستشارا للوزارة أن محمد صبحي لم يعمل يوما في هيئة للمسرح أو حتي في مسرح الدولة. هذه الأصوات تناست أني أعلم جيدا عيوب مسرح الدولة وأعرف كيف أعالجها وما لا يعلمه الكثير من الناس أني رشحت لمنصب رئيس الهيئة من قبل ولكني لم أوافق. لأني أرفض الوظيفة في الفن.
المهم أنه منذ ما يقرب من شهر وجدت الوزير يتحدث إلي هاتفيا، قال لي لقد سمعتك في حوارات كثيرة وأعرف أن لك رؤية في المسرح خاصة أنك رجل مسرحي نجحت في أن تخلق تجربة مسرحية متكاملة وضعت لها نظاما الكل يعرفه عن ظهر قلب خاصة فيما يتعلق بأدبيات علاقة الممثل علي خشبة المسرح بالجمهور لماذا لا نتقابل ونتحدث حول موضوع مهم؟
التقيت الوزير وعرض علي أن أكون مستشارا له لشئون المسرح وأخبرته بأني لا أحب أن أكون موظفا، خاصة أنني مقتنع بأن الإمساك بذيل الحصان لن يمنعه من التمرد.. أخبرته عن ذلك وأخبرته أيضا أن المسرح المصري في حاجة إلي البناء من جديد وليس الترميم والذي سيبدو كعملية شاقة.
أيضا تحدثت مع الوزير في جزئية مهمة وهي أن شيئا لن يتغير إذا حاولنا إصلاح عنصر من عناصر كثيرة أي أنه ما جدوي أن أكون مديرا ناجحا لمسرح من المسارح في حين أن الوضع نفسه فاسد. الحالة أصبحت صعبة للغاية، نحن ينقصنا قانون داخلي ينظم وضع المسرح.
بعد هذا اللقاء ذهبت إلي سوريا وعندما عدت التقيت بالوزير مرة أخري منذ حوالي 20 يوما.. في هذا اللقاء أخبرته أني سعيد بأن أخدم المسرح الذي أعشقه ولكن بشروط محددة منها ألا يكون هناك تعاقد وأن تكون هذه المهمة بدون عائد مادي ولكن الشرط الأهم ألا أكون مؤلفا أو مخرجا أو ممثلا علي مسرح الدولة وأن يتم إعلان ذلك بشكل واضح وصريح.
أما مهمتي فستكون التناقش مع كبار المسرحيين الموجودين الآن والاستفادة من الأجيال الشابة والقديمة من أجل الاستفادة من جميع الخبرات في التغيير والإصلاح.
مسارح مضاءة
يبدو أنك متحمس للغاية، ما أهم ملامح الإصلاح الذي تتصوره؟
ما أنشده هو أن تظل المسارح مضاءة ومتاحة للجميع طوال العام، طموحي أن نبدل الجسد الميت بآخر مليء بالحياة، أن نعلم الناس مرة أخري ارتياد المسرح، دون أن يصادفوا أي نوع من البلطجة خاصة من قبل العاملين حتي في البوفيه أو الأمن.. أريدهم أن يحصلوا علي أفضل خدمة مسرحية ممكنة، أن أعيد إلي المسرح هيبته وصورته.. الأمر ليس سهلا ومليئا بالعناصر المرتبطة أشد الارتباط ببعضها البعض. أحلم أن نضع خطة لا تتغير بتغير الأشخاص.
أيضا من العقبات التي علينا أن نتخطاها فقدان هوية المسارح، أحلم بأن تعود لكل مسرح هويته بدلا من حالة العشوائية التي أصبحنا نراها.
لن أحقق هذا وحدي بالطبع وإنما أحتاج إلي فرقة تصبح هي القوام الأساسي لهذه الخطة، علي أن تشمل هذه الخطة الجميع بدءا من رئيس قطاع الإنتاج الثقافي د. أشرف زكي وصولا إلي المسئولين عن كل مسرح.
مهمتي خلال الفترة القادمة أن أجلس مع كل القيادات الموجودة، أن نضع أيدينا علي العيوب ثم نعرضها علي الوزير لتبدأ القيادات بعد ذلك في التعامل كل حسب دوره ومهمته.. أي أنني لن أصبح موظفا بالشكل الذي يتخيله البعض، مهمتي هي وضع يدي علي العيوب.
خطة إنقاذ
بعد أن تجلس مع كل القائمين علي المسرح هل من المفترض أن تصل لخطة ما؟
نعم وسنعلن هذه الخطة في مؤتمر صحفي أو مؤتمر عام حتي يصبح الجميع بدءا من الوزير مرورا بالقيادات والعاملين ووصولا إلي النقاد والصحفيين والإعلاميين علي علم بما سينفذ وبدقة.
هوية المسارح هي العقبة الأهم أليس كذلك؟
كما قلت عروض المسارح اختلطت ببعضها البعض، الغد أصبح مثل العرائس مثل البالون،.. أذكر أننا منذ سنوات طويلة كان لكل مسرح شخصيته المستقلة، كان هناك مسرح عالمي، مسرح للربرتوار، مسرح للواقعية المسرحية، وآخر للكوميديا.
أول مهمة ستكون إعادة الهوية لكل مسرح، سأعيد مسرح الربرتوار، ومسرح الواقعية، أيضا سأخصص دارا مسرحية مفتوحة طوال العام ل4 مهرجانات، مهرجان للجامعات، وآخر لطلبة الثانوية، مهرجان ثالث لطلبة الإعدادية ومهرجان رابع لطلبة الابتدائي علي أن يضم هذا المهرجان كل أشكال الفنون «رقص، غناء، تمثيل» لأن هذه المهرجانات هي التي ستمنحنا المواهب والمبدعين الذين سيكونون مكسبا حقيقيا لمصر.
أما الجائزة فلن تذهب إلي فرد بل إلي الجامعة مثلا التي فازت بحيث تصبح جائزتها هي لدعم وتطوير مسرحها فهذا هو الإنجاز الحقيقي.
نعم.. للرقابة
بالمناسبة قبل الحوار كنت تتحدث عن العلاقة بين ارتفاع مستوي الحرية لأقصي حد وانخفاض مستوي الأخلاق. ماذا تقصد؟
ما أقصده هو أنه لا يجوز أن نعتبر «الشتيمة» شكلاً من أشكال حرية الإبداع، لأنها في النهاية قلة أدب والذي يسمح بها هو أكثر انحرافا من الذي أقدم عليها.
لا أذكر أني اختلفت مع الرقابة من قبل إلا مرة واحدة وقت عرض «فارس بلا جواد» وسبب الاختلاف لم يكن أخلاقيا. طالما دافعت ومازلت أدافع عن حرية الفكر والإبداع ولكن في حدود فهمنا لهما. وإلا فلنتحدث إذن عن المثلية الجنسية وغيرها من الأشياء التي أصبح الكلام عنها وبفجاجة شيئا عاديا.. مازلت اتصور أن الرقابة دورها هو حماية الأخلاق بالمناسبة أذكر واقعة مميزة في علاقتي بالرقابة.. كان ذلك وقت عرض مسرحية «أنت حر». وقتها لم تعترض الرقابة علي أي كلمة في النص الذي قدمته والذي عرض بأوائل الثمانينيات أثناء حكم الرئيس السادات. كانت الأمور علي ما يرام إلي أن جاءت ليلة البروفة العامة التي تشاهد فيها الرقابة النص.
كانت المسرحية تتضمن منولوجا يتحدث عن كيف أننا نعيش أزهي عصور الديمقراطية في ذلك الوقت إلي آخر المنولوج وفجأة وبعد أن أنهي المنولوج يري الجمهور مدفعا مصوبا نحو ظهري.. وقتها ثارت الرقابة وقامت الدنيا ولم تقعد ولكني قلت بمنتهي البساطة أن هذه هي لعبة مخرج وبالتالي ليس من حق أحد الاعتراض طالما حصل النص علي الموافقة الرقابية.. أقولها الآن نحن في حاجة إلي الرقابة لأننا إذا كنا نريد أن نبدأ من جديد لا يجوز أن نبني علي باطل.. أحترم تحرر الفكر والعقل ولكني مقتنع بأن المبدع الحقيقي قادر علي الحديث حتي عن الجنس دون أن يكون مبتذلا.
ومازلت مقتنعا أنه لا يجوز أن يقدم القطاع العام أسوأ ما لدي القطاع الخاص أخلاقيا. للأسف لقد فقد الفنان البوصلة التي من المفترض أن توجهه. ربما علي فنانينا أن يتذكروا أن المسرح فن رخيص جدا في تكلفته غالي التوجه.
الهجرة
ما الذي حدث لفناني المسرح المصري؟
الممثلون هاجروا من المسرح للسينما والتليفزيون، عليهم أن يقتنعوا بأهمية ما يقدمونه.. مشكلتنا أننا لسنا مقتنعين بأن السينما والمسرح يبنيان أجيالا ويهدمان أجيالآ.. لذا أنوي أن أحقق لا مركزية المسرح بحيث تطوف كل المسرحيات جميع المحافظات. علينا ألا نقلق من موضوع الإيرادات.. فقد ثبت أنه لا تعارض بين مخاطبة عقل المشاهد وبين تقديم المتعة له والربح. مازلت أذكر أن «ماما أمريكا» حققت وقتها أكثر من 18 مليون جنيه في السنة.
مجرد إحباط
هناك مقولة تتردد كثيرا تشير إلي أن الوزير ربما يكون قد نجح في عمل بنية حقيقية للثقافة ولكنه لم ينجح في فرض ثقافة تواجه الثقافات العشوائية الأخري المسيطرة علي المجتمع ما رأيك؟
ربما يكون قد أحبط، أذكر أننا قديما كان لدينا نموذج الوزير الذي يقرر من يمثل ماذا، ولكن الوزير الحالي ليس كذلك ولكنه في الوقت نفسه ربما يكون قد ترك الساحة أكثر مما ينبغي بسبب شعوره بالإحباط مما يحدث.
إحباط من العاملين سواء موظفين أو ممثلين الذين يريدون أن تظل المسارح هكذا.
ألا تخشي أنت أيضا من هذا الإحباط؟
من الممكن أن أحبط إذا كنت أتعامل مع الموضوع علي أنه منصب أريد التمسك به أو إذا كنت أريد أن أنجح بالذراع مثل الكثيرين ولكني لست خائفا لأنه ببساطة أنا سأكتب روشتة فإذا رفضها المريض مازلت أملك عملي الذي أحبه.
أنا سأفعل ما علي أن أفعله، سأستمع إلي جميع المشاكل، وكل الاقتراحات من الفنانين المحترمين الذين يعانون من نفس الاكتئاب الذي أعاني منه، لقد استقبلت اتصالات تليفونية من كثيرين قالوا لي لقد سمعنا أنك فقط ستقدم الاستشارة، لماذا؟ وردي عليهم هو أنه لكي أنجح بحق يجب أن يكون وضعي هكذا.
نتصور أنه في ضوء هذه الخطة لا يصح أن تظل مصر بلا مسرح قومي.. هل في ذهنك شيء؟ - مما لا شك فيه أن افتتاح المسرح القومي والذي أعلم أنه سيكون في نهاية هذا العام لابد أن يكون حدثا عالميا.
ولكن الأمر لايجب أن يقف عند حد المسرح القومي، فمثلا أتصور أنه لابد أن يكون هناك حدث سنوي يضم كل فرق الأوبرا «الأوركسترا، الباليه» وغيرهما من الفرق ويكون مكانه هو الصوت والضوء لدي الأهرامات ولكن ليس لتقديم «عايدة» كما نفعل كل عام وإنما من أجل تقديم مشروع قومي يتلخص في تقديم جزء من تراثنا الفرعوني علي خشبة المسرح كل عام بحيث تراه الأجيال الجديدة.
دعونا نتصور عرضا يضم محسنة توفيق، عايدة عبدالعزيز، وسميحة أيوب مع أجيال من الممثلين والممثلات الشباب في ملحمة مسرحية عند الصوت والضوء، بحيث يصبح الأمر احتفالية ثقافية سنوية نعلم من خلاله أولادنا تاريخهم الذي يجب أن يعرفوه.
أما فيما يتعلق بالمسرح القومي فأنا أتصور أنه لابد أن يكون متخصصا في تقديم الواقعية المصرية بالإضافة إلي إعادة عرض أهم المسرحيات المصرية القديمة.
المسرح القومي في حاجة إلي كتابات جديدة، ودم جديد وإذا تصادف لم يجد جديدا صالحا عليه ألا يقبل أعمالا ضعيفة وأن يعود إلي التاريخ حتي لا يضل الطريق. عليه ألا يقبل عروض «نص نص».
عودة المسرح القومي إلي الحياة أيضا يجب أن تكون قوية، فعودته ستكون تدشينا لخطة خمسية جديدة تماما وبنظام مختلف.
وماذا عن مسرح «صبحي» متي ستكون عودته؟
سأعود بعد العيد.. فبعد الاعتذار عن «كليوباترا» أصبحت متفرغا لمواصلة مشروع المسرح للجميع بحيث نقوم بعرض رواية كل ليلة.. وبعد ذلك نسلم شرائط المسرحيات إلي التليفزيون بحكم الاتفاقية التي عقدناها معه.
أما عن ال 6 أو ال 5 مسرحيات فهي «غزل البنات»، «الملك سيام»، «أوديب» والتي ستكون بمثابة جزء ثانٍ من «كارمن»، «الأستاذ» لسعد الدين وهبة والتي كانت رغبة من رغباته قبل الوفاة أن أجسدها علي خشبة المسرح. هذه المسرحية بالمناسبة ستكون أول لقاء بيني وبين «سميحة أيوب» علي خشبة المسرح وبالمناسبة فانها ستلعب أيضا دور البطولة أمامي في «أوديب» وأيضا هناك «خيبتنا» والتي ستضم ممثلين عربا، يمكنك القول أن المسرحيات جميعها وجوه لعملة واحدة وأزمة واحدة هي الديمقراطية.
خاص وعام
لم تتحدث نهائيا عن المسرح الخاص.. ما وجهة أزمته من نظرك؟
المسرح الخاص تحكمه 100 عقلية ناهيك عن العشوائية والاجتهادات الفردية، المسرح الخاص يفسد لو وضعته في إطار مؤسسي.
إذا كان مسرح الدولة قد مات فما هو الوضع إذن مع المسرح الخاص؟
المسرح الخاص لم يمت فقط وإنما نحن نسير في جنازته الآن، وإن كنت أريد الإشارة إلي أنني لست أحبذ كلمة مسرح قطاع خاص ومسرح قطاع عام لأنه ببساطة إما أنه يوجد مسرح أو لايوجد مسرح، والدليل علي ذلك أني أفكر في مشروع يقوم علي تخصيص دار عرض نكافئ بها أي مسرحية قطاع خاص ناجحة ومحترمة بحيث تقوم بالعرض لمدة شهر مثلا في هذه الدار.
أزمة المسرح ليست منفصلة عن أزمة المجتمع كله أليس كذلك؟
لا نستطيع أن نأخذ عنصرا من عناصر المجتمع علي حدة ونعتبره فاسدا فالسينما ماتت مثلما مات المسرح، كذلك مات التعليم.. المنظومة أصبحت في وضع سيئ المناخ هو الذي يفرز العبقريات فلنتخيل أم كلثوم مثلا وهي قادمة من قريتها، بالطبع كان عليها أن تقابل قيمة فنية وأدبية ما أكبر لتوفر لها المناخ الذي تحتاجه.
هناك أمل بالطبع ولكن لابد من حدوث صدمة أو شيء جلل حتي تفوق الناس من غفوتهم، لقد تم اللعب في جيناتنا وأصبح اللهاث والدونية هما من المفاهيم الواضحة في مجتمعنا، لست أدعي أنني يساري ولكنني مؤمن ببعض الأفكار اليسارية، فالاتحاد السوفيتي كان يعلمك أنك من الممكن أن تهادي صديقا ما بكتاب مثلا أما الرأسمالية فتقتل فيك الإنسان.
كيف تكون البداية من وجهة نظرك؟
أول محطة هي التعليم.. أول مجرم هو التعليم.. هو المفتاح للمنظومة الثقافية ككل.
دعنا نسألك سؤالآ من الأسئلة التي تحاول البحث عن إجابة لها بين أوراقك.. هل المبدعون الآن فقدوا الطريق والثقة أم تائهون فقدوا الإبداع أم مبدعون فقدوا المناخ؟
أتصور أن الأنواع الثلاثة موجودة وإن كنت أتصور أني أنتمي إلي النوع الثالث فقد فقدت المناخ.

أفكار...من جهاز الكمبيوتر الشخصي لمحمد صبحي
- إن اليد البطالة هي ملعب الشيطان.. والنفس اللوامة هي مرتع للشك والريبة.. والعقول الخاوية هي أطلال تسكنها الخفافيش وينعق فيها البوم والغربان.
- التغيير الجزئي هو ألد أعداء الإبداع والتطوير.
- يبدأ التغيير بالتفكير خارج نطاق المألوف وبعيدا عن البديهيات وأحيانا خارج حدود المنطق.
- إن الإمساك بذيل الفيل لا يمنعه من التحرك كما أن جذب ذيل الحصان بشدة يدفعه للتمرد.
- عندما يكون أمامنا طريقان أحدهما صعب والآخر سهل فعلينا أن نفكر في الطريق الصعب مرتين أما الطريق الأسهل فعلينا أن نفكر عشرات المرات لتفادي الفخاخ.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.