أيام قليلة تفصل الجزائر عن أهم استحقاق سياسى فى تاريخها وهى الانتخابات الرئاسية التى تشهد هذه المرة حالة غير مسبوقة من الجدل والمعارضة ودعوات للمقاطعة وذلك بسبب رفض عدد من الاحزاب والشخصيات السياسية لترشح بوتفليقة لفترة رئاسة رابعة. ومن المقرر ان تنتهى الحملة الانتخابية رسميا اليوم /الاحد/ لتبدأ فترة الصمت الانتخابى حتى موعد الاستحقاق الرئاسى ...وقد بذل المرشحون الستة قصارى جهدهم لكسب أصوات الناخبين وتباروا فيما بينهم فى الوعود الانتخابية. فقد وعد عبد المالك سلال نيابة عن بوتفليقة بتنمية زراعية وصناعية شاملة ، كما وعد بتقليص الخدمة الوطنية من 18 شهرا إلى 12 شهرا ، والتزامه بمواصلة مسار تطوير اللغة الامازيغية ، وتعديل الدستور وعرضه على الشعب للاستفتاء عليه ، مع الحرص على التكرار أن بوتفليقة يجسد الاستقرار والسلم الإجتماعى وهو القادر على المحافظة على البلاد ومؤسساتها ومواصلة مسيرة البلاد نحو التقدم والازدهار. أما المرشح على بن فليس الذى يعد أقوى منافسى بوتفليقة فى هذا الاستحقاق والذى كسر عزلته السياسية بعد عشر سنوات فقد حاول كسب ود الطائفة الامازيغية عندما وعد من ولاية بجاية بإضفاء الطابع الرسمى على اللغة الامازيغية ، ووعد بتعديل الدستور ومحاربة العشائرية والمحسوبية والاقليمية .. كما وعد بالمحافظة على كافة التزامات الجزائر على الصعيد الدولى والثبات على مبدأ عدم التدخل فى الشئون الداخلية للدول الاخرى والذى يعد ركيزة اساسية فى السياسة الخارجية الجزائرية. فيما وصفت لويزة حنون مرشحة حزب العمال والتى كانت اول امرأة عربية ترشح نفسها للرئاسة عام 1999 حملتها الانتخابية بأنها الاقوى فى تاريخ حزب العمال كما وصفت برنامجها بالطموح ووعدت بإصلاح شامل وعميق لقطاع التعليم والاصلاح المؤسساتى والحفاظ على السيادة الوطنية والدعوة إلى تأسيس الجمهورية الثانية . ولكن كانت السمة الملحوظة فى كلمات حنون خلال التجمعات التى عقدتها على مدى الحملة الانتخابية هى الهجوم الذى شنته على شخصيات سياسية عديدة مثل المرشح بن فليس ورئيس حركة مجتمع السلم عبد الرزاق مقرى دون ان تتعرض بكلمة واحدة للرئيس الجزائرى عبد العزيز بوتفليقة او تعلق على ترشحه لفترة رئاسة رابعة او الجدل الدائر حول حالته الصحية .. وقد اكدت حنون التى تترشح للرئاسيات للمرة الثالثة نجاح حملتها الانتخابية . ولم تخل الحملة الانتخابية التى استمرت 21 يوما من الجنوح إلى العنف فى بعض المناطق حيث سجلت أقسام الشرطة والامن منذ بداية الحملة الانتخابية 29 حالة اعتداء سواء ضد المرشحين للرئاسيات أو ممثليهم أو للتنديد بالعهدة الرابعة عبر مختلف الولاياتالجزائرية ، حيث حطم العنف ضد ممثلى الحملة الانتخابية للمرشح عبد العزيز بوتفليقة أو المنددين بالعهدة الرابعة الرقم القياسى فى مجموع الحالات المسجلة. وبالرغم من جهود مصالح الشرطة والامن الوطنيين ورغم العمل بمخطط الطوارئ الخاص بتأمين الانتخابات الرئاسية والسير الحسن للحملة الانتخابية عن طريق نشر وتسخير جميع إمكاناتها البشرية والمادية بواسطة تشكيلاتها الثابتة والمتحركة ، إلا أن رئاسيات 2014 شهدت العديد من الانزلاقات وحالات العنف تسببت فى خسائر مادية وإصابات بشرية . ومن أبرز احداث العنف تلك التى وقعت فى ولاية غرادية التى تشهد عنفا طائفيا غير مسبوق بين العرب والامازيغ .. وكذلك فى ولاية بجاية التى حاصر سكانها دار الثقافة لمنع عبد المالك سلال مدير حملة بوتفليقة من عقد تجمع شعبى مما اضطره إلى الغائه والعودة برفقة الصحفيين المرافقين حيث تعرضوا للرشق بالحجارة مما ادى إلى إصابة حوالى 15 شخصا ... وكذلك فى ولاية البويرة التى اعتقلت فيها قوات الامن امس الاول عشرات الاشخاص الذين ينتمون إلى حركة "بركات" المناهضة لترشح بوتفليقة لفترة رئاسة رابعة وذلك اثناء إقامة احمد اويحى تجمعا لصالح بوتفليقة . وقد دفعت هذه الاعمال باللجنة الوطنية لمراقبة الانتخابات إلى التنديد بكل اشكال العنف والدعوة الى التعقل ليتمكن جميع المرشحين من تقديم برامجهم الانتخابية والتعبير عن أرائهم وأفكارهم بكل حرية وديمقراطية ... كما اجرت تحقيقات بشأن هذه الاحداث للتمكن من اتخاذ الاجرءات المناسبة بشأنها . ونتيجة لما يحاول البعض ترويجه بشأن "تزوير" الرئاسيات وحسم النتيجة مسبقا لصالح بوتفليقة ، لجأت السلطات الجزائرية إلى اثبات جديتها فى اجراء انتخابات نزيهة .. فقام رمطان لعمامرة وزير الخارجية الجزائرى خلال وجوده بالقاهرة الشهر الماضى بالتوقيع على اتفاق مع نبيل العربى الامين العام للجامعة العربية يقضى بإرسال وفد من مراقبى الجامعة العربية يمثل مختلف الدول العربية عدا الجزائر لمراقبة الانتخابات فى الولايات الثمانية والاربعين. على أن يعد الفريق تقريرا يتضمن كل ملاحظات المراقبين لرفعه إلى الامين العام للجامعة العربية الذى سيرسل بدوره تقريرا رسميا إلى الدولة الجزائرية بكافة الملاحظات دون استثناء ... ويتكون فريق مراقبى الجامعة العربى من حوالى 133 مراقبا .. بالاضافة إلى 200 مراقب من الاتحاد الاوروبى وعدد من الملاحظين الاووربيين حيث سيتم التنسيق الكامل بين المراقبين فى عملهم. يذكر فى هذا الصدد ان الانتخابات الرئاسية الجزائرية المرتقبة يوم 17 أبريل هى خامس انتخابات رئاسية تعددية فى تاريخ الجزائر ويتنافس فيها ستة مرشحين هم : عبد العزيز بوتفليقة ، على بن فليس ، لويزة حنون ، موسى تواتى ، فوزى رباعين وعبد العزيز بلعيد.