الصدع الذى شهدته العلاقات بين دول الخليج يمثل اختبارًا محوريًا للمجلس الذى وحد نظم الحكم الإقليمية فى مواجهة العدو المشترك، فالدول الست الأعضاء فى مجلس التعاون لدول الخليج العربية تكافح منذ سنوات، لتحويل هذا التحالف من معاهدة أمنية بسيطة إلى اقتصاد متكامل، لكن خطط تكوين اتحاد جمركى وربط شبكات الكهرباء وتشكيل قيادة عسكرية مشتركة لم تخرج إلى حيز النور أو تكتمل حتى الآن. ويقول محللون إنه إذا لم يعد باستطاعة الحلفاء التوصل لاتفاق عام على كيفية التعامل مع المشاكل السياسية فى المنطقة فإن الشكوك ستحيط بالغرض الأساسى من هذا التحالف. وتمكن المجلس الذى يضم فى عضويته إلى جانب السعودية وقطر كلا من الكويت والبحرين والإماراتوعمان من البقاء موحدا فى أوقات الخطر من الثورة الإيرانية إلى اجتياح العراق، والآن تبدو الدول الأعضاء أكثر انقساما من أى وقت مضى حتى فى الوقت الذى يزدهر فيه الاقتصاد فى دول المجلس الذى يرى فى نفسه صورة نادرة للاستقرار فى منطقة مضطربة. وتشعر السعودية والإمارات باستياء لدعم قطر لجماعة الإخوان المسلمين التى تعتبرانها عدوا سياسيا خطيرا، كما غضبت الدولتان من تأييد الدوحة للجماعات الإسلامية المتشددة فى سوريا، وفى فبراير الماضى، استدعت الإمارات السفير القطرى بعد أن ندد الداعية الإخوانى يوسف القرضاوى بالإمارات ووصفها بأنها تعارض الحكم الإسلامى وهو ما اعتبرته الإمارات إهانة. ونقلت وسائل إعلام إماراتية عن وزير الخارجية القطرى خالد العطية قوله، إن تعليقات الشيخ القرضاوى لا تعكس وجهة النظر الرسمية لقطر، وقالت مصادر مقربة من القرضاوى إنه لن يتوقف عن التعبير عن آرائه. ومن ثم فإن قرار استدعاء السفراء اتخذ بعد اجتماع لوزراء خارجية مجلس التعاون الخليجى اتضح فيه أن قطر لن تغير نهجها، وبعد هذا الاجتماع قررت السعودية والإمارات والبحرين اتخاذ هذه الخطوة"، وأضاف "هى خطوة سلبية للغاية فى تجربتنا كمجموعة فى هذه المنظمة". وقد سبق أن حدثت خلافات بين الأسر الحاكمة فى الدول الست لكنها لم تصل إلى هذا الحد من العلانية أو ظهرت فى مثل هذه الأوقات العصيبة. وعلى النقيض مما كان يحدث فى الماضى فليس بوسع دول الخليج أن تعول على حلفاء عرب أقوياء بجيوش كبيرة لدرء المخاطر الخارجية. وشهدت السعودية وقطر بصفة خاصة سلسلة من النزاعات وصلت إلى حد اشتباك حدودى عام 1992 أدى إلى سقوط عدد من القتلى، بالإضافة إلى عدم وجود سفير سعودى فى الدوحة لمدة خمس سنوات بدءًا من 2002 بعد خلافات، بسبب ما تبثه قناة الجزيرة. ووقع خلاف أيضا بين قطروالإمارات فى التسعينات عندما منحت دبى حق الإقامة لأمير قطر الأسبق الذى أطيح به عام 1995 كما وقع اشتباك بين قطر والبحرين، وحدثت خلافات على نطاق أصغر من آن لآخر بين السعودية وسلطنة عمانوالإمارات. وكثيرا ما أدت هذه الخلافات بالإضافة إلى بطء وتيرة المجلس فى العمل على إنشاء اتحاد أقوى إلى خلل أساسى يتمثل فى ضخامة عدد سكان المملكة العربية السعودية الذى يتجاوز سكان بقية الدول مجتمعة.