مثلت الخطوة التي أقدمت عليها الدول الثلاث الإمارات والسعودية والبحرين بسحب سفرائها من قطر تحركًا غير مسبوق في تاريخ مجلس التعاون الذي يمتد إلى ثلاثة عقود، فيما اعتبره محللون مؤشرًا على وجود صدع بين بعض دول الخليج، والدوحة، المؤيدة لجماعة "الإخوان المسلمين" في مصر، والتي تستهدف وضع قطر في عزلة عن محيطها، لاسيما الخليجي، إن لم تتراجع عن سياستها المتبعة حاليًا، والتي تراها تلك الدول مضرّة بالأمن القومي العربي. ولم تكن التطورات في مصر بعيدة عن هذا التحرك، الذي يأتي في إطار ممارسة مزيد من الضغط الخليجي على قطر لوقف دعمها للإخوان، بعد إخفاق الضغوط التي تم ممارستها في هذا الإطار، مع رفض الدوحة إجراء أي تغيير على سياستها الخارجية، وتجفيف منابع الدعم للجماعة من خلال استضافة عدد من رموز "الإخوان" وحلفائها وعدد كبير من مساعدي الرئيس المعزول محمد مرسي على أراضيها، وتجاهلها للضغوط الخليجية المطالبة بتحييد فضائية "الجزيرة" في الصراع الدائر في مصر. وقالت مصادر دبلوماسية، إن الخلافات القطرية مع السعودية والإمارات كانت حاضرة بقوة خلال القمة الخليجية الأخيرة، بعد أن عرضت الدوحة مبادرة تعيد دمج "الإخوان" في الحياة السياسية في مصر، مقابل الضغط على الجماعة لطي صفحة الرئيس المعزول محمد مرسي، وهو ما لم يجد صد لدى دول الخليج، بعد أن وجد أمير قطر تميم بن حمد آل ثان صدودًا من العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبدالعزيز، وهو ما ردت عليه قطر بتصعيد اللهجة ضد المجلس العسكرى الحاكم فى مصر. وأكدت المصادر أن قطر سعت وعبر مقربين من الولاياتالمتحدة وفى مقدمتهم الدكتور سعد الدين إبراهيم، رئيس مجلس أمناء مركز بن خلدون للدراسات الإنمائية للبحث عن تسوية للأزمة من خلال المبادرة التي طرحتها قطر وهو ما اكتشفته السعودية أخيرًا، التي انتقدت النهج القطري وقررت ومعها كل من الإمارات والبحرين سحب السفراء بعد تحفظ كل من الكويت وسلطنة عمان على طلب سعودي إماراتي بتجميد عضوية قطر فى مجلس التعاون الخليجي. وقالت المصادر إن خطوة سحب السفراء تمهد لخطوات تصعيدية الأسابيع القليلة القادمة، منها استبعاد قطر من قوات درع الجزيرة، التى قد تشهد مفاجأة من العيار الثقيل خلال المرحلة القادمة بضم مصر خلال الفترة القادمة لهذه القوات في ظل تنامي التعاون العسكري المصري مع دول الخليج عبر تدريبات "زايد1" مع الإمارات، وتنظيم مناورات عسكرية مع السعودية والبحرين خلال المرحلة القادمة. في الوقت الذي كثفت فيه الرياض من ضغوطها على كل من الكويت وسلطنة عمان لاتخاذ قرار بسحب سفيريها من الدوحة وهى الخطوة التى كانت تؤجلها العاصمتان الخليجيتان إلى ما بعد أعمال القمة العربية التى ستستضيفها الكويت نهاية الشهر القادم وتعول عليه لتسوية الخلافات بين قطر وأشقائها الخليجيين. أما على الجانب القطري، فلم تصدر أية إشارات حتى الآن على إمكانية التراجع، إذ أكدت الدوحة على أنها لم تتدخل البتة في أي شأن داخلي لدول الخليج، حتى تكون خطوات سحب السفراء مبررة وهو ما بدا تجاهلاً قطريًا للضغوط الخليجية في ظل تعويلها الشديد على دعم أمريكي في مواجهة الغضب السعودي. إلا أن تصريحات خرجت من الدكتور سعد الدين إبراهيم، والمقرب من الشيخة موزة، والدة أمير قطر عن صدور تعليمات قطرية للشيخ يوسف القرضاوي رئيس "الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين" بالكف عن استخدام المنابر القطرية لكيل الانتقادات لمصر ولدول الخليج، محذرة إياه من قرارات سلبية ضده فى حالة استمراره على النهج الحالى وهو ما يعكس الرغبة فى احتواء التوتر مع مصر ودول الخليج دون التراجع عن الدعم الاستراتيجي لجماعة "الإخوان". في مقابل ذلك، جاء القرار الذي أصدرته المملكة العربية السعودية مؤخرًا بتصنيف "الإخوان المسلمين" ك "جماعة إرهابية"، ليشكل أحدث خطوة في إطار التصعيد ضد الجماعة ومحاولات فرض الحصار عليها. وردت الجماعة ببيان قالت فيه إنه فاجأها بيان وزارة الداخلية للمملكة العربية السعودية بإدراج اسمها في قائمة الجماعات الإرهابية، ونأت بنفسها عن أي علاقة بالإرهاب أو تدخل فى شئون الدول العربية والإسلامية، مطالبة السعودية بمراجعة قراراتها والاستماع لمطالب الشعب المصرى والكف عن دعم الانقلاب الدموي، بحسب البيان. وقال الدكتور شعبان عبدالعليم الأمين العام المساعد لحزب "النور" السلفي، إن قرار المملكة العربية السعودية بإعلان جماعة الإخوان فى مصر جماعة إرهابية سيكون له تأثير سلبي على وضع الجماعة فى مصر ودول العالم لما للمملكة من ثقل روحي وسياسي. وأوضح أن هذا القرار يفرض على جماعة الإخوان المسلمين مراجعة مواقفها والاستفادة من الأخطاء التى وقعت فيها لتلافى مخاطر مثل هذا القرار والعمل على إزالة أى تداعيات سلبية له على الجماعة وعلى أى تأثير سياسي. واعتبر أن القرار جاء ردًا على عدد من التجاوزات التى ارتكبتها جماعة الإخوان ومنسجمًا مع سعى السعودية للحفاظ على أمنها القومى ومن المؤكد أنها استندت لأسباب قوية دفعتها لاتخاذ هذا القرار.