عندما أتعمق فى التفكير بين مبادىء وشعارات تيار الاستقلال أجدها مبادىء وأحلام كل القضاة فلن تجد قاضى مثلا يؤيد فكرة تبعية التفتيش لوزير العدل ، أو يؤيد اى تدخل لوزارة العدل فى شئون القضاة بل يعتبر ذلك تدخلا يحد من إستقلاله كقاضى ، ولكن ما حدث على أرض الواقع شىء آخر. فالمبادى والافكار التى تطور من العمل القضائى وتحسن أداءه هى أفكار جميع القضاة وليست حكرا على تيار وهى كثيرة وقابلة للنقاش مع كل القضاة بل مع كل المجتمع يأخدوا منها ما يجتمعوا عليه ويظنون انه يطور أداء عمل القاضى ويزيد من إستقلاله ويؤدى الى زيادة الشعور بالثقة فى القضاء أو يؤدى الى الحد من مشكلة بطىء التقاضى دون إخلال بحق المتقاضى ، مثل تخصص القاضى والشرطة القضائية و الاكاديمية القضائية ، وكيفية عمل التفتيش القضائى ، وتبعية النائب العام الى مجلس القضاء الاعلى ، وإستقلال النيابة العامة من التدرج الرئاسى ، والتوسع فى الاوامر الجنائية وأشياء كثيرة قابلة للنقاش بين جموع المجتمع وليس القضاة فحسب. ولكنى أجد أن الفترة السابقة كانت فترة عصيبة بكل تأكيد على القضاة فأجد قاضى من رموز قضاة الاستقلال لا يعبء بأن يقول وهو بالبرلمان " لو أننا - ويقصد الثوار- هجمنا على القصر الجمهورى وقتلنا حسنى مبارك وقتلنا عمر سليمان كنتو حتقدروا تكلمونا " كيف هذا الخلط بين الثورة وبين القتل ، وكيف لرجل قانون يمكن أن يقبل بالقتل دون حساب حتى ولو كانت ثورة ، أى مبادىء تلك التى تعتبر القتل التى حرمها الله عمل ثورى حتى إن كان المقتول فاسدا فى نظره .
ثم أرى أخر من رموز التيار ينادى بملء الفم الا يتم تقليد القاضى لمنصب وزارى الا بعد مدة معينة قيل وقتها بسنتين على الاقل ثم يأتى المنصب فينسى كل شىء ويقبل المنصب. ثم أرى أخر يشارك فى عمل دستور يعزل قضاة من أعلى محكمة - المحكمة الدستورية - وينتقص من قدرها وهو يعلم جيدا أن الهدف من العزل هو الانتقام والترصد ويشارك فى ذلك العمل ولا يهتم بعزل زملائه - القضاة الغير قابلين للعزل - بل لم يتم وضع فترة تمهيدية حتى خروجهم سن المعاش ، وقابلا العزل السياسى دون محاكمات. كل ذلك لم يكن ابدا من مبادىْ القضاة يوما واحدا ، بل إن القضاة أيدوا فقط الافكار والشعارات التى تخدم القضاة والمتقاضين وتزيد من الاستقلال و التى ظنوا انكم بترديدكم لها انكم ستحافظون عليها وخاب ظنهم فى ظل معارك سياسية ادخلتمونا فيها بقصد أو بغير قصد نالت من ثقة الناس فى القضاء أمام العامة. فيجب على القائمين على شئون العدالة الحفاظ على الكيان القضائى العظيم بكل حسم حتى يدرك القاضى والمتقاضى معنى الحياد الذى لا يتأثر فيه القاضى بالاحداث السياسية و يقيم قضاءه على ينص عليه القانون فحسب ومناقشة الافكار التى تعمل على تطوير أدائه . وأن يحمى الاستقلال وتهيئة المناخ للقاضى لإقامة العدل ولا يسمح مطلقا للعبث وخلط الاوراق .