من منا لم يحلم بامتلاك العصا السحرية تلك القطعة الخشبية التى تلوح بها فى الهواء فتحقق كل أمانيك التى طالما حلمت بها, هى تلك الطريق المختصر الذى يبلغك قمة طموحاتك دون أى مجهود أو عناء يذكر. قلائل هم من لم يحلموا بمثل هذا الحلم الوهمى سواء تمثل فى عصا سحرية أو خاتم سليمان أو أى من تلك الادوات التى ترمز إلى العديد من الصفات السلبية التى يمكن أن يتصف بها إنسان يسعى إلى تحقيق أحلامه و طموحاته مثل التواكل والاعتماد على الغير والاستسهال واللجوء الى أسهل الطرق و أقلها عناءً. وما أثار انتباهى بشدة هو تفشى تلك الظاهرة بين قطاع كبير من المصريين إن لم يكن كنهج عام فى حياتهم الخاصة فهو يظهر بشدة فى تعاملهم مع وضع سياسى راهن, فهناك عدد ليس بالقليل رأى أن يضع تلك العصا السحرية بيد رجل و يوكلوه فى تنفيذ وتحقيق أمانيهم التى عجزوا عن تحقيقها بأنفسهم، ووضعوا كل الأمور على كاهل رجل واحد وكأنه يملك بالفعل عصا سحرية وعن المشير السيسى. والعصا السحرية التى يسعى البعض إلى وضعها بيده رغماً عنه أتحدث والبعض يتصور أن الرجل معه عصا سيحركها فى الهواء يميناً فينصلح حال التعليم ثم يشير بها يساراً فينصلح حال القطاع الصحى، ثم يلوح بها جهة الشمال فينصلح حال الصناعة، ثم يشير جنوباً فينصلح حال الزراعه ثم يختتم ذلك بحركة دائرية سريعة فينصلح حال المواطن المصرى ويمارس عمله بمنتهى الذمه والضمير!!! ومن تعتريه تلك الأضغاث والأوهام عليه أن يفيق ويدرك حقيقة الأمر, فمهما بلغت حنكة وقدرة فرد واحد فلن يستطيع النهوض بجتمع بمفرده وإنما على أفراد المجتمع أن يساعدوه على القيام بذلك, وإذا رجعنا إلى الوراء قليلا فى مجرى سير التاريخ المصرى الحديث سنجد أن بانى مصر الحديثة ومؤسس نهضتها محمد على باشا، ورغم ما اتسم به من قوة وذكاء و رؤية سياسية لم يستطع النهوض بالدولة منفرداً، وإنما ساعده على ذلك الشعب الذى وضع يده فى يد قائده و اتبع رؤيته، وأحس الناس بمسئوليتهم تجاه الوطن، ودأبوا على العمل الجاد وهكذا نهضت مصر فى التاريخ الحديث. فعلينا جميعا أن نعى حقيقة الامر فالوضع العام للدولة أصبح فى منتهى الخطورة، وإن لم يقم كل فرد فى المجتمع بالدور المنوط به على أكمل وجه فلن ينصلح حالنا، وآن الاوان أن نتخذ العمل سبيلا لتحقيق أحلامنا وطموحاتنا، وأن نضع جانباً العصا السحرية الوهمية, فالمجد لا يصنع إلا بالعرق والكفاح.