احتراق اليونان احتجاجًا على تنفيذ خطة التقشف يثير الحقد في نفسي تجاه اليونانيين الذين تربوا على العز بينما نحن ربانا "عز". وبرغم القاسم المشترك في توازي الحضارة الفرعونية والإغريقية إلا أن الفارق شاسع بين بلد تحترق احتجاجًا على التقشف وبلد تتقشف احتجاجًا على الاحتراق. الشعب المصري يثبت يوميًا بالدليل القاطع أنه أكثر الشعوب صبرًا ومثابرة وأن الجينات الأيوبية بداخل كل مصري هي من صبرته 30 سنة على نظام تقشفي بحت، ومالا يعلمه اليونانيون أن المصريين تعددت مجالات تقشفهم ولم يتوقف عند حد الفول والعدس، بل امتد إلى الرأي والسياسة والأدب وناهيك عن التقشف في الأدب، وهو نوع من التقشف لا يحمد عقباه. المصريون اعتادوا حياتهم كما هي وأحبوها بتقشفها واخترعوا نظريات للتسرية عن أنفسهم فلن تجد بلدًا في العالم فيه "لقمة هنية تكفي مية" أو "بصلة المحب خروف" أو "محدش بينام من غير عشا" أو "إصرف ما في الجيب يأتيك ما في الغيب". لن تجد ذلك إلا في مصر. وما زال فضولى يدفعني إلى معرفة خطة تقشف الحكومة اليونانية ومقارنتها بين خطة النغنغة المصرية مع ثقتي المسبقة بأن حقدي على اليونانيين سيزداد فما يسمى تقشفا باليوناني في مصر يسمونه فضل ونعمة. وفي ظل شائعات هبوط الاقتصاد وتأرجح البورصة ورفع المعونة الأمريكية بدأت أخاف على فضل ونعمة من تحرشات الحكومة برغيف الخبز وأسطوانات البوتاجاز أو طرح قوانين تقشف تزيد الطينة "بلة".