الأزمة الاقتصادية لليونان تحولت إلي أزمة اجتماعية! ثمة فئات اجتماعية عديدة أغضبها برنامج التقشف المالي الذي التزمت به حكومة اليونان لتنال مساعدات وقروضا مالية تعينها علي تجاوز أزمتها وسداد ديونها.. وصارت حكومة اليونان الآن واقعة في مأزق كبير؛ فهي لا تستطيع رفض الشروط المفروضة عليها والتي تلزمها بتقشف صارم وتخفيضات واسعة في الانفاق.. وفي ذات الوقت يمكن ان تتعرض للسقوط إذا ما تصاعدت الاحتجاجات الاجتماعية والاعتصامات العمالية التي تشهدها اليونان الآن احتجاجا علي تخفيض الرواتب وتخفيض المزايا الاجتماعية. حتي الآن لم تحصل حكومة اليونان علي يورو واحد سواء من الأوروبيين أو من صندوق النقد الدولي.. ولن تحصل علي أي قدر من المساعدات أو القروض التي تقررت لها إلا بعد تنفيذ ما التزمت به.. وقررت الدول الأوروبية مع صندوق النقد فرض رقابة صارمة علي الحكومة اليونانية للتأكد من تنفيذها برامج التقشف التي تعهدت بها.. وبالتالي سوف تحصل اليونان علي القروض المقررة تدريجيا وليس دفعة واحدة وسيقترن الحصول علي هذه القروض بما تنفذه علي أرض الواقع من تقشف وإلا تم إغلاق صنبور المساعدات كما هددت وزيرة الخزانة الألمانية وحكومة اليونان ذاتها مقتنعة بأنها لابد أن تنفذ برامج التقشف.. وأن هذه البرامج هي السبيل الوحيد لخروج اليونان من أزمتها الاقتصادية.. وهذا ما أكده رئيس الحكومة اليونانية لكل المسئولين الأوروبيين الذين التقاهم خلال الفترة الماضية. لكن علي الجانب الآخر هذا التقشف الصارم والواسع مؤلم لفئات اجتماعية واسعة في اليونان وهذه الفئات تشكو الآن منه رغم أنه لم يتم بعد تنفيذ كل برامج التقشف، وكل ما تم تنفيذه هو مجرد بدايات فقط. وتشهد اليونان الآن العديد من الاحتجاجات الاجتماعية الواسعة والاعتصامات والاضرابات العمالية والمسيرات الجماهيرية التي تحتج وتعترض علي برامج التقشف التي سوف تنفذها حكومة اليونان وتطالب بوقف تنفيذ هذه البرامج.. والأرجح أن هذه الاحتجاجات والاعتصامات والاضرابات سوف تتزايد وتتسع أكثر وأكثر مستقبلا. هنا تبدو حدة المأزق الذي تجد حكومة اليونان الحالية نفسها قد وقعت فيه رغم أنها ليست مسئولة عن الأزمة الحادة التي يعانيها الاقتصاد اليوناني التي تهدد اليونان بالإفلاس، فالمسئول عن هذه الأزمة هي الحكومة السابقة التي أخفت بيانات ومعلومات العجز في الموازنة والديون التي اثقلت كاهل الاقتصاد اليوناني. وقد لجأ رئيس الحكومة اليونانية باباندريو الي مخاطبة اليونانيين بالعقل والمنطق.. يناشدهم الصبر؛ لانه لا بديل أمام اليونان عن ذلك.. ويطالبهم بتحمل عناء التقشف لبضع سنوات، حتي يعود الاقتصاد اليوناني إلي حالته الطبيعية ويسترد عافيته ويعود اليونانيون الي الاستمتاع بمستوي معيشة مناسب. لكن، هل يستجيب اليونانيون له؟ هذا ما ستجيب عليه الأيام القادمة.. وان كان المعلوم حتي الآن انهم مازالوا يحتجون ويعتصمون ويضربون. عبدالقادر شهيب