وزير التعليم العالي يؤكد حرص مصر على تقديم كل أشكال الدعم للدول الإفريقية    خبراء استراتيجيون: الدولة وضعت خططا استراتيجية لتنطلق بسيناء من التطهير إلى التعمير    نقيب «أسنان القاهرة» : تقديم خدمات نوعية لأعضاء النقابة تيسيرا لهم    خبراء استراتيجيون: الدولة وضعت خططا استراتيجية لتنطلق بسيناء من التطهير إلى التعمير    الحكومة توافق على 11 قرارا مهما.. أبرزها شركة مشروع رأس الحكمة    الحكومة توافق على إنشاء منطقتين حرة واستثمارية وميناء سياحي بمدينة رأس الحكمة    محافظ بني سويف: إزالة 30 حالة تعد على أملاك الدولة بالمرحلة الثالثة    120 ألف وظيفة حكومية جديدة في تخصصات مختلفة.. اعرف موعد التقديم    الترويج للاستثمار في الطاقة الجديدة والمتجددة والربط الكهربائي لتحويل مصر لمركز إقليمي للطاقة    «القاهرة الإخبارية»: اعتداءات إسرائيلية على جنوب لبنان وحزب الله يرد ب10 عمليات    برنامج الغذاء العالمي: قطاع غزة سينزلق إلى المجاعة خلال 6 أسابيع    واشنطن تدعو العراق لاتخاذ «إجراءات لازمة» لحماية قواتها    «نيوزويك» عن متظاهري جامعة كولومبيا المنددين بحرب غزة: لن نشارك بمفاوضات مع إدارة الجامعة    البنتاجون: بدء بناء ميناء غزة مطلع مايو 2024    ثنائي مانشستر يونايتد يقتربان من الرحيل وسط ترقب سعودي    «كهرباء الإسماعيلية» يتقدم بشكوى احتجاجا على قرار لجنة المسابقات    جِمال الوادي الجديد تحصد مراكز متقدمة بمهرجان سباق الهجن بشمال سيناء.. صور    إصابة 16 شخصا في انقلاب سيارة ربع نقل ببني سويف    استعدادا لامتحانات النقل.. مصدر ب "التعليم": التصحيح داخل المدارس بعد إضافة أعمال السنة    العدل تبدأ الجلسة الرابعة ل"اختراعات الذكاء الاصطناعى وملكية الاختراع"    الحبس عامين لربة منزل تسببت في وفاة نجلها لضربه وتأديبه بالإسكندرية    ضبط 4 أشخاص بسوهاج لقيامهم بالحفر والتنقيب غير المشروع عن الآثار    أفلام موسم عيد الفطر تحقق 19 مليون جنيه خلال أسبوعها الثاني في دور العرض    قصور الثقافة تقيم احتفالية الذكرى 42 لتحرير سيناء في روض الفرج غدًا    جولة سينمائية للفيلمين الفلسطينيين «مار ماما» و«حمزة» في أميركا    توقعات برج الجدي في آخر أسبوع من إبريل 2024: «حدد أولوياتك للحفاظ على استقرارك المادي»    نقل الفنانة نوال الكويتية للمستشفى بعد تعرضها لوعكة صحية    فوز الدكتور محمد حساني بعضوية مجلس إدارة وكالة الدواء الأفريقية    قد تكون قاتلة- نصائح للوقاية من ضربة الشمس في الموجة الحارة    "تحليله مثل الأوروبيين".. أحمد حسام ميدو يشيد بأيمن يونس    أرض الفيروز بقعة مقدسة.. حزب المؤتمر يهنئ الرئيس السيسي بذكرى تحرير سيناء    القبض على 5 عصابات سرقة في القاهرة    كشف غموض العثور على جثة شخص بالقليوبية    "التجديد بشرطين".. مهيب عبد الهادي يكشف مصير علي معلول مع الأهلي    عمرو الحلواني: مانويل جوزيه أكثر مدرب مؤثر في حياتي    اسكواش - فرج: اسألوا كريم درويش عن سر التأهل ل 10 نهائيات.. ومواجهة الشوربجي كابوس    إبادة جماعية.. جنوب إفريقيا تدعو إلى تحقيق عاجل في المقابر الجماعية بغزة    7 أيام خلال 12 يومًا.. تفاصيل أطول إجازة للعاملين بالقطاع العام والخاص    عند الطقس الحار.. اعرف ما يقال من الذكر والدعاء في شدة الحرّ    للقضاء على كثافة الفصول.. طلب برلماني بزيادة مخصصات "الأبنية التعليمية" في الموازنة الجديدة    « إيرماس » تنفذ خطة لتطوير ورشة صيانة الجرارات بتكلفة 300 مليون جنيه    بالصور- وصول 14 فلسطينيًا من مصابي غزة لمستشفيات المنيا الجامعي لتلقي العلاج    أليجري يوجه رسالة قوية إلى لاعبي يوفنتوس بعد الهزيمة أمام لاتسيو    بالسعودية.. هشام ماجد يتفوق على علي ربيع في الموسم السينمائي    الزفاف يتحول إلى جنازة.. اللحظات الأخيرة في حياة صديقة عروس كفر الشيخ    النقل: تقدم العمل بالمحطة متعددة الأغراض بميناء سفاجا    حظر سفر وعقوبات.. كيف تعاملت دول العالم مع إرهاب المستوطنين الإسرائيليين بالضفة الغربية؟    الحج في الإسلام: شروطه وحكمه ومقاصده    نائب وزير الإسكان يفتتح معرض إدارة الأصول في نسخته الخامسة    «خيال الظل» يواجه تغيرات «الهوية»    ريانة برناوي أول رائدة فضاء سعودية ضيفة «يحدث في مصر» الليلة    رئيس «المستشفيات التعليمية»: الهيئة إحدى المؤسسات الرائدة في مجال زراعة الكبد    رئيس هيئة الرعاية الصحية: خطة للارتقاء بمهارات الكوادر من العناصر البشرية    دعاء العواصف والرياح.. الأزهر الشريف ينشر الكلمات المستحبة    مصطفى الفقي: مصر ضلع مباشر قي القضية الفلسطينية    ‏هل الطلاق الشفهي يقع.. أزهري يجيب    ما حكم تحميل كتاب له حقوق ملكية من الانترنت بدون مقابل؟ الأزهر يجيب    أجمل مسجات تهنئة شم النسيم 2024 للاصدقاء والعائلة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بوح الأنامل
نشر في صدى البلد يوم 12 - 02 - 2012

أجلسّتُ ابنتي إلى جواره؛ ثم انحنيت حين الجلوس كي آخذ لقطة من محياه؛ اطمئن منها لحاله، كان ينظر للنافذة غيرُ مكترث، لم تتثن لي رؤيته وإن بدا طيباً!، كما رأيت كرمه من خلال ساعته - التي ارتداها في يمناه - ومعطفه.. وضعت يدي اليسرى حول خصر ابنتي وتشاغلت بالطريق. لست معتادة على ركوب سيارات الأجرة، وإن كان جوها مريحاً قليلاً، كانت صفحة السماء رائقة، لم تعد تشغلني، تشاغلت بالأرض أكثر مما يجب، فليس هناك الآن ما يدعو للتأمل!، الحياة على وتيرة واحدة كما عهدتها منذ زواجي.. شعرت بحركة خفيفة، نظرت نحو صغيرتي، وجدتها تعبس بمعطفه، بدا غير مهتماً غير إن ابتسامة رضا ندت عن وجهه. ليس بدينا ولا نحيفاً، منطوياً أو هكذا ظننت.. لازالت أناملها تمرح في معطفه وعينيه مادة سهامها في الفراغ الغويط، ليس مفكراً أو ما شابه!، فيم يشرد إذن؟!. ضغطت براحتها على إصبع يده، احتّضَن أناملها بكفه الكبير دون أن يحرك رمشاً، اغتظت من حركته وبروده، لماذا لا يفصح عن وجهه؟، ذلك الكائن الغريب!، أنظر لصغيرتي؛ فأجد ابتسامة لم أرها من قبل طرأت على وجنتيها... ارتبت في شعورها، تقبل عليه كما لم تقبل على أحد من قبل، في البداية حسبتها تعبس، لكنها بدت جادة..
سرى دفء غريب بينهما لا أدري كنهه، إنه يداعب راحتيها برقة كابنته، أظنه غير متزوج، حاولت التلصص على يسراه لأرى حالته دون جدوى.. ارتبت في نفسي، أخذني الود تجاهه، أحدث جلبة، وارتطم فؤادي برهة.. لم أطاوع هواجسي، كلها دقائق وينصرف، وأمضي.. حاولت العودة للطريق من جديد بلا فائدة. يبدو مشغولاً بأمر ما، لماذا يتفاعل معها؟ ألم تفسد خلوته، ألمح ابتسامة عذبة تصافح خده المقابل لنا، ليس مهموماً بالطبع، أو يكون من ذلك النوع الذي يبتسم دائما، هكذا كنت قبل الزواج، لكن المسئولية تحتم علينا.. تحتم ماذا؟، مؤانسة النكد والهم والكلام القليل!!، كنت أظن الحياة أبسط من ذلك، لكن زوجي يراها معركة.. ينتابني هاجس الفزع من قولي، كيف أجسر على قول ذلك؟، بل كيف يجرؤ هو ويعطي هذا الحنان لطفلة لا يعرفها؟!، أحتضن ابنتي في فزع؛ تحتضنني وهي متشبثة بيده، أنزعها، تضيع ابتسامتها، أهمس إليها في رجاء جاد أن تدعه وشأنه، لكنها تذوب في نوبة بكاء، أنظر نحوه؛ فأجد وجهه قد تجمد، أعيدها إليه ثانية في ارتياب.. تلهو من جديد بأناملها في أظافره.. تلامس نبضه.. ساعته.. ثم لا تلبث أن تعود إلى كفه الكبير تجاهد في رسم شجرة زرعتها على بيت فقدته!!. وأنا، ما بي؟، لاشيء مطلقاً!.. اقتطع السائق صمت السيارة وهواجسي طلباً للأجرة، أين كنت يا رجل منذ زمن؟!.. تهيأت لرؤيته، واتتني وعكة حين جذب يمناه بخفة، وأخرج الأجرة الذي أعدها مسبقاً وأعطاها لصديق الكرسي الأمامي دون أن يلتفت، وأعادها كما جذبها لتحتوي طفلتي وتشعل النار في عقلي المسكين.
أغمضت عيني، هرشت ذاكرتي.. أبحث فيها عن شيء يشغلني، فلا أجد غير شريط طويل باهت، ألوانه متشابهة، خطوطه متشابكة، خليط من الأفراح القليلة، والآلام المتربة التي تركتها تترسب في طرقات وأروقة عقلي، حتى بدا الخلاص منها أقرب لتنظيف خزان صرف ليستوعب مكانه ماءً نقياً.. أتخبط، أفتح عيني ببطء، أترنم بالأخضر الذي ملأ حواف النهر الساكن، ألطم أمواج ذاكرتي، أدعوها أن تكف أو ترحل للأبد، تنشق المياه عن عيني، تسيل كأنها على حافة منحدر، أزدرد ريقي، اسمع صوتاً مبحوحاً بجواري، فتشت عن شيء يجفف دموعي فلم أجد، نظرت في توجس نحو طفلتي، وجدت جار الكرسي يبتسم ماداً يده نحوي بمنديل، جففت دموعي.. تطلعت إليه.. كان وسيماً بحق، من بين دموعي لانت ابتسامة، شكرته من خلالها.. لكنه أشار نحو صغيرتي، لم أفهم مغزى تلك الإشارة، ربما يخجل من الحديث لئِلا يسمعه أحد.. حاولت استدراجه مبسطة أساريري؛ لكنه أشار أن انتظري.. خط ورقة كتب عليها بخط منمق.. "اشكري طفلتك على السعادة التي منحتني إياها.. ولا تحزني فالحياة التي نحياها سبيلُ لدنيا أرحب تستوعب خرسي! ورضاكِ"..
أسامة شوك


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.