إذا كنا جادين في مسألة وضع أقدامنا على خريطة السياحة الدولية، والعربية ، فإن علينا بعد تحقيق الأمن بنصر من الله وفضله أن نشرح للناس – كل الناس – كيف يكونون أدوات وعوامل مساعدة لجذب السائح، وتحريضه على أن يضع يده في جيبه وينفق طواعية في أى مجال يختاره، حتى يضخ الدماء في شرايين الاقتصاد المصري، الذي نريد له جميعا أن يرسخ أقدامه على أرض صلبة ليتحقق الرخاء لي ولك ولابنك وابنتي.. من أجل ذلك علينا أن نتوقف من الآن عن الإعلانات السخيفة التي تطالب السائح أن يأتي إلينا ليشاهد الرقص الشعبي ويتسوق ويمتطي الجمل! مطلوب اغراء السائح ليزيد من لياليه السياحية وأن يبقى بيننا أطول فترة ممكنة، عن طريق البرامج السياحية الموضوعة بذكاء واتقان، بدلا من أن يزور مدينة سياحية واحدة لساعات محدودة ويسارع بالعودة الى بلاده على طريقة ( خالتي عندكوا لأ مجتش ) كما يقولون في الريف المصري للشخص المتعجل. لابد أن نكون فخورين بالتنوع الهائل الذي حبانا به الخالق للمنتج الساحي، فلماذا لا تقام عروض أوبرا عايدة عدة مرات في السنة، ولماذا لا تعرض فرق النوبة للفلكلور في موطنها طوال العام، ولماذا لا توضع شجرة مريم ورحلة العائلة المقدسة إلى جانب الآثار الاسلامية الفريدة، ولماذا لا تدرج المحميات الطبيعية وعلى رأسها رأس محمد، وأين الوادي الجديد بأثاره المبهرة وحياة البداوة والفطرة من السياحة العالمية، لقد قال لي مرشد سياحي صديق أنه زار الوادي الجديد عشرات المرات مع وفود ألمانية ونمساوية خلال سنوات الازدهار السياحي وفي كل زيارة يكتشف أن هناك قديم جديد لم يراه سابقا وأن انبهاره بروعة كنوز الطبيعة الخلاقة تفوق بكثير انبهار الأجانب مما يجعله يشعر بالفخر والزهو.. نحن مقصرون تماما في حق السياحة المصرية وخاصة سياحة الصحراء التي لا تقتصر على الطبيعة الخلابة فقط ولكن أيضا على الآثار التي تبحث عمن يعيد اكتشافها. والمثير أننا نكتفي بالاعلان عن أنفسنا عبر قنواتنا المصرية فقط وكأننا نخاطب أنفسنا، فنحن نفترض أن السائح يفضل قنواتنا ويشاهدها بدلاً من السي ان ان واليورونيوز وديسكفري وال ام تي في واليورونيوز، وديسكفري و ، وغيرهم من القنوات، ثم من هو السائح الذي سيأتي ليتسوق من عندما البضائع الصينية بما فيها النماذج المقلدة من آثارنا المصنوعة في الصين لتنافس منتجاتنا ومشغولاتنا اليدوية الصناعة وفي تصوري أنه لا توجد بلد سياحية في الدنيا تبيع تذكاراتها من صنع بلد آخر، حتى أننا كنا في احدى مدن فرنسا ووجدت منتج بسيط للغايه هو أمشاط الكبريت يبيعونه لك بعد ان يضعوا عليه صورة السائح نفسه وطبعا يتحول ذلك الى بضاعة رائجة لأن كل سائح يشتري منه كمية.. ولكنك لن تجد بائع يريد أن يفترس السائح، ويصفه بأنه زبون " طياري" أى مش هايشوفه تاني، وبالتالي يغالي في الأسعار! أذكر أننا كنا في إيطاليا نمضي بضعة أيام، وهناك أشاروا علينا أن نذهب إلى بلدة صغيرة أقرب إلى القرية، يحكمها عمدة، وهى بالقرب من مدينة صناعية إسمها "مودينا" وهناك استقبلنا ممثل عن العمدة ، واحتفوا بنا احتفاء غير عادي، وعلى مائدة الطعام في مطعم ريفي أنيق، وجدنا صاحب المعطم وابنتيه يشتركون من أجلنا في فقرات فنية ممتعة طريفة ومبهجة.. وضحكنا واستمتعنا معهم مما يجعل الرحلة في أذهاننا طازجة، .. ثم أصرت ابنة صاحب المطعم على أن تهدينا كعكة من الحلوي على سبيل الهدية.. دفعنا الكثير .. نعم..وتكررت أمور شبيهة في زيارات لبلدان عربية وأوروبية، دفعنا كثير..نعم ولكننا كنا سعداء وننتظر تكرار الزيارة ، تلك هى السياحة .. [email protected]