لماذا تأخرت وفعلت بى كل هذا.. اهذا جزاء صبرى وشوقى اليك؟ اهذا نتاج عنادى للظروف ووقوفى بتحدى أمام كل من قالوا لى أنك لن تأتى ابدا؟! لو كان تأخرك يا عزيزى مرواغة منك لاختبار مدى قوتى فأننى أعترف بأن قواى قد اُنهكت فى عز نضارتها وطاقتى اُستهلكت وهى بانتظارك .. لقد علقت عليك أحلامى ولم أطلب منك ان تمنحنى شيىء ثمين, فقط تمنيت ان تهدينى صفحة بيضاء أنقش عليها تصوراتى الجمالية ولكنك خذلتى وتأخرت .. تجاهلت انتظارى وكأنه حلم تافه غير مشروع . لماذا أيها الغد الذى اعتقدنا ان شروقه قريب ؟؟ لماذ ارتديت ثوب العناد وقررت ان تنصرف عن مصر والمصريين قبل ان تلوح لهم بمجيئك؟ لقد تصور هذا الشعب ان حضورك بات شيىء سهل عندما خرجوا فى مشاهد مهيبة عكست اتحاد ارادتهم على هدف واحد وكلمة واحدة لكنهم تراجعوا فيما بعد وأصبحوا يتقاتلوا فيما بينهم لاقتناص الزعامة وأخيرا بلغت مرارة الامر ذروتها عندما لم يصعب على المصريين ان يقتلوا بعضهم البعض فتروى دمائهم أرض تعطشت الخير من أجل مباراة كرة قدم! لماذا أيها الغد الذى تصورنا ان الفرج معك لم تأتى؟ رغم ان طيفك وعد بأمان ظهر جانب منه عندما وقف المصريين بمختلف أطيافهم الاجتماعية وانتماءاتهم الدينية يحمون بعضهم ومنشآتهم فى الايام الاولى للثورة وما تلاها لكن سرعان ما بات المشهد قاتم عندما اشعل المصريين النار بمنتهى البرود فى تراثهم وتحول بعضهم لجماعات مسلحة تسطو على البنوك والمنازل لتروع الامنين. الم تستفزك بعد كلماتى ايها الغد لكى تأتى؟ لو كنت تتقاعس عن المجيىء احتجاجا على ان ينعم بك هؤلاء الجاحدين المستفيدين من وراء خراب الوطن أعلم ان هناك آخرين ليس لديهم سبيل سوى البقاء على أرض هذا البلد لانهم لا يملكون الامكانية المادية ولا القدرة النفسية على الهروب لارض أخرى تستوعبهم وليسوا بمأجورين سيجدون من يحيطهم بالحماية عند سقوطهم. فقط قد اعذرك أيها الغد اذا كان عزوفك عن المجيىء رغبة منك فى ان تكشف لنا فشل الراعى عن تحمل مسؤولية رعيته..استهتاره وربما تجاهله بحماية أرواح البشر الذين سقط أكثر من 70 منهم فى أقل من ساعة وكأنهم كانوا يحاربون بساحة قتال .. عدم تخطيطه الحكيم وهو على يقين بأن غالبية التجمعات الجماهيرية هذه الايام تسفر عن وقوع كوارث. فقط قد اعذرك أيها الغد اذا كان تأخرك محاولة لمكاشفة المصريين بحقيقة بعضهم وازالة الغبار عن العقول والقلوب التى تتعاطف احيانا مع حفنة عملاء منهم " بهاوات وهوانم " ومنهم " غلابة وقاطعى طرق" العار الحقيقى ان يحملوا جنسية هذا الوطن. أرجوك ان تأتى ايها الغد لتخلع عنا ملابس الحداد على الوطن الذى يتسرب من بين ايدينا والذى اخشى ان يصير مجرد حكاية أسطورية أرويها لاولادى بعد عشر سنوات من الان لاقول لهم: فى يوم من الايام كان فى بلد اسمها مصر! أرجوك تعالى يا بكرة .. كفاية دم لحد كده.. كفاية ضحايا وعاجزين.. كفاية خوف ورعب .. كفاية ريبة من انتظار المجهول.. أرجوك تعالى واثبت للدنيا انك حقيقة مش سراب.