قالت دار الإفتاء إنه لا يجوز شرعًا استخدام المُرتَهِن للعين المرهونة إلَّا إذا دفع قيمة المنفعة التي حَصَّلَها ولو ضِمن الثمن إذا كان رهنًا لثمن مبيع، وإلَّا كان أكلًا لأموال الناس بالباطل؛ وقد نهى الله تعالى عن ذلك في قوله سبحانه: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرًا﴾ [النساء: 29-30]، ولأنَّ هذا يكون من باب الدَّين الذي يَجُرُّ نَفعًا؛ وهو رِبًا. حكم الرهان.. ورد إلى دار الإفتاء سؤالاً يقول: هل الرهان والمقامرة، والرهان على الخيول المتسابقة، يتفق مع مبادئ الشريعة الإسلامية، أو لا؟ حكم الرهان وقالت الإفتاء في ردها على السائل، إن الله سائلٌ كلَّ إنسانٍ عن ماله: من أين اكتسبه، وفيمَ أنفقه، مشيرة إلى أن الرهانات ضياع للمال الذي جعل الإسلام الحِفاظُ عليه وإنفاقُه في الوجوه المشروعةِ من الضروريات في الإسلام واستشهدت الدار بقول الله تعالى: ﴿وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ [البقرة: 188]، وقال سبحانه: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا * وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرًا﴾ [النساء: 29-30]، وقال عز وجل: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ﴾ [المائدة: 90-91]. قال أهل الفقه بلغة العرب: إن اسم الميسر في أصل اللغة إنما هو للتجزئة، وكل ما جزَّأْتَه فقد يسَّرْتَه، ويقال للجازر: الياسر؛ لأنه يُجَزِّئُ الجَزُور، والميسر: الجَزُور نفسه إذا تجزأ، وكانوا ينحرون جزورًا ويجعلونه أقسامًا يتقامرون عليها بالقداح على عادةٍ لهم. انظر: "أحكام القرآن" للجصاص (1/ 388). وتابعت: قالوا إن اشتقاق لفظِ الميسر من اليُسْر بمعنى السهولة؛ لأنه أخذُ الرَّجُل مالَ غيره بيُسرٍ وسهولةٍ من غير كدٍّ ولا تعبٍ. أو من اليسار؛ لأنه سَلَبَ يسارَه. انظر: "الكشاف" للزمخشري (1/ 261)، موضحة أن الذي يؤخذ من هذا أن اشتقاق لفظ الميسر إما من يَسر إذا وجب، أو من اليُسر بمعنى السهولة؛ لأنه كسبٌ بلا مشقة، أو من اليَسار وهو الغِنى؛ لأنه سببٌ للرِّبح، أو من اليسر بمعنى التجزئة والاقتسام، قال أهل اللغة: كل شيءٍ فيه قمارٌ فهو من الميسر. انظر: "لسان العرب" (5/ 298)، يقال: قامر الرجل مقامرة وقمارًا: راهنه، وهو التقامر والقمار والمقامرة، وتقامروا: لعبوا القمار. انظر: "لسان العرب" (5/ 115)، ويقال في اللغة: الرهان والمراهنة المخاطرة، وقد راهنه وهم يتراهنون ... وراهنت فلانًا على كذا مراهنة: خاطرته، والمراهنة والرهان: المسابقة على الخيل، وغير ذلك. أما الرَّهن: فهو ما وضع عند الإنسان مما ينوب مناب ما أخذ منه. انظر: "لسان العرب" (13/ 188). وأضافت: قد اتفقت كلمة فقهاء المسلمين على أن الميسر وكلَّ قمارٍ محرَّمٌ؛ بالآية الكريمة: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ [المائدة: 90]، المرقومة أخيرًا إلا ما أباحه الشَّرع -على ما يأتي بيانه.