لأول مرة يقدم الكاتب الكبير محمد سلماوي كتابا ساخرا، وهو الذي صدر حديثا عن الهيئة العامة للكتاب، تحت عنوان "العفريتة"، وهو ما يذكرنا بمقالات آرت بوكوالد الشهيرة فى جريدة "نيويورك تايمز". جاء الكتاب فى 320 صفحة، ويضم مقالات ينتقد فيها سلماوى بعض الأوضاع السياسية والاجتماعية محليا ودوليا، ومنها قضية التطرّف الدينى والصراع العربى الإسرائيلى وحرية التعبير والأوضاع الصحفية وبعض السياسات الحكومية. وجاء فى تقديم الكتاب: "هذا الكتاب يختلف عن بقية إصدارات الكاتب الكبير محمد سلماوى الذى عرفناه أديبًا روائيا جادا وكاتبا مرموقا للمقال الصحفى الرصين، أما هذا الكتاب فيقدم بعض أجرأ كتابات محمد سلماوى التى تبدو فى بعض الأحيان صادمة ويبدو فيها وكأنه يتبنى الدفاع عن الأوضاع المغلوطة فى حياتنا السياسية والثقافية والدينية، حيث يبدو الأبيض أسودا والأسود أبيضا، كما فى عفريتة (نجاتيف) الصورة الفوتوغرافية، وهو يمضى فى دفاعه عن سلبيات حياتنا إلى حد التطرف كي يكشف لنا في النهاية فسادها".
ورغم أن هذه المقالات النادرة كتبت كلها في فترة ما قبل الثورة، إلا أنها تتحدث عن أوضاع مازلنا نعانى منها في حياتنا اليوم. الكتاب مقالات نشرها المؤلف عبر عقدين أو يزيد، اعتمد فيها تكنيك مفاجأة القارئ بعبارات معاكسة للمعنى، كأن يمدح قاصدا الانتقاد، ويهاجم مستهدفا الثناء، تعبيرا عن أساه للتراجع العربي الشامل، يقول: لا تقل الوطن العربي وإنما الشرق الأوسط الكبير. وردا على نغمة مطالبة الفلسطينيين بالقبول بما يُعرض عليهم، يكتب: ليت الفلسطينيين يقبلون الاحتلال والحصار لإرضاء العرب أصحاب الحكمة بأثر رجعى. في حديثه عن الصحافة، يلاحظ سيادة قاعدة المدح الشديد والتهجم الأشد، بينما التفكير والتوثيق والمعلومات غائبة، كتابات أقرب لزفرات وليس حتى خواطر. يتطرق كذلك لصحافة الفهلوة، تنشر خبرا كاذبا اليوم وتنفيه غدا وتسُب شخصا ثم تعتذر له. إنها الصحافة المحلولة، أى كل شىء محلول، ولا مشكلة. ظواهر اجتماعية عديدة، تناولها الكتاب، كالحجاب واستخدام الدين بشكل تجارى مقيت كتأليف كتب عن الإسلام و إنفلونزا الطيور وربما كورونا والفتاوى اللوذعية من إرضاع الكبير إلى حظر اختلاء المرأة بالتليفزيون أو الانترنت دون محرم.