الدكتور عبد الحليم قنديل يكتب عن : "إسرائيل" فى حساب التاريخ    فيلم "سيكو سيكو" يواصل التحليق في الصدارة ويقترب من رقم قياسي جديد    «تنمية للبترول» تحقق 533 مليون جنيه صافي ربح خلال 2024    «الضرائب» توضح تفاصيل خضوع المطاعم والكافيهات ل«القيمة المضافة» وتحذر من حملات تحريضية    تظلمات سكن لكل المصريين 5.. اعرف آخر موعد لاستقبال رسائل الأولوية    جهاز تنظيم الاتصالات يناقش أبرز تحديات المستخدمين في عصر الجيل الخامس    «الأعلى للجامعات» يعلن آليات اختبارات القدرات تنسيق 2025 (التفاصيل)    وزير الدفاع الباكستاني: قرارات مجلس الأمن تمنح شعب كشمير حق تقرير المصير ويجب احترامه    الأندية تصوت على إلغاء الهبوط.. 10 موافقة و5 ممتنعة    أتالانتا يتمسك بماتيو ريتيجي رغم اهتمام ميلان ويوفنتوس    النصر أم البرازيل؟.. رونالدو يخطط للاستمرار في الملاعب موسمين آخرين    متى وقفة عرفات وموعد عيد الأضحى 2025 في مصر؟.. تعرف على توقيت الإجازة الرسمي وأيام العطلة    تعليم الشيوخ تستكمل مناقشة مقترح تطوير التعليم الإلكتروني في مصر    مصر تسترد 20 قطعة أثرية من أستراليا    مصر تسترد 20 قطعة أثرية من أستراليا    أنغام تتألق في "ليلة العمر" بالكويت وتستعد لحفل عالمي على مسرح "رويال ألبرت هول" بلندن    أستاذة علوم سياسية: كلمة الرئيس السيسى ببغداد شاملة تتفق مع السياسة الخارجية المصرية    "جلسة جديدة".. بايرن ميونخ يكشف تطورات المفاوضات مع ساني    احتفالا بذكرى مجمع نيقية.. اجتماع ممثلي الكنائس الأرثوذكسية    إغلاق ميناء الغردقة البحري بسبب سوء الأحوال الجوية    محافظة الجيزة تزيل 3 أدوار مخالفة فى عقار بحى العجوزة    وزير الدفاع الباكستاني: تلقّينا عرضًا هنديًّا للتفاوض حول كشمير والإرهاب.. ولا يمكن تجاهل الدور الدولي    استعدادات «تعليم قنا» لامتحانات الفصل الدراسي الثاني    محافظ المنوفية يتفقد أعمال تطوير ورفع كفاءة كورنيش شبين الكوم    محافظ المنوفية يترأس اللجنة العليا للقيادات لاختيار مدير عام التعليم الفني    علاء عبد العال: "بيراميدز لا يلوم إلا نفسه"    هل تزوج عبدالحليم من سعاد حسني؟.. وثيقة تشعل الجدل وأسرة العندليب تحسم الأمر    رئيس الهيئة القومية لجودة التعليم: الفنون قوة مصر الناعمة في كل العصور    اقرأ وتدبر    شراء الذهب بالتقسيط    هيئة الدواء تعقد ملتقى للتعريف بالدليل الاسترشادي عن دور صيدلي الأورام في العلاج الإشعاعي    بدء التصويت في الانتخابات التشريعية بالبرتغال    توريد 200 ألف طن قمح لشون وصوامع البحيرة    تواضع رغم النجاح| 4 أبراج لا تغريها الأضواء وتسعى للإنجاز بصمت    بداية من اليوم.. السكة الحديد تتيح حجز تذاكر قطارات عيد الأضحى 2025    فصل التيار الكهربائي عن 5 مناطق بالعريش غدًا.. تعرف عليها    ما العيوب التي تمنع صحة الأضحية؟ الأزهر للفتوى يجيب    الحج رحلة قلبية وتزكية روحانية    حكم قراءة الفاتحة وأول البقرة بعد ختم القرآن؟.. علي جمعة يوضح    رئيس جامعة أسيوط الجديدة التكنولوجية يتفقد سير امتحانات نهاية العام -صور    هل الكركم ضار بالكلى؟    الداخلية تواصل تيسير الإجراءات للحصول على خدمات الجوازات والهجرة    ترحيل المهاجرين لسوريا وأفغانستان.. محادثات وزيري داخليتي النمسا وفرنسا غدا    تأجيل محاكمة 4 متهمين بقتل طبيب التجمع لسرقته    «مأزق جديد».. بيراميدز يدرس عدم خوض مباراة سيراميكا ويلوح بالتصعيد    رئيس «تعليم الشيوخ» يقترح خصم 200 جنيه من كل طالب سنويًا لإنشاء مدارس جديدة    أشرف العربى: تحسن ملموس فى مستوى التنمية فى مصر    التعليم العالي: قافلة طبية من المركز القومى للبحوث تخدم 3200 مريض فى 6 أكتوبر    حماس: الإدارة الأمريكية تتحمل مسئولية المجازر الإسرائيلية بغزة    وفاة بالسرطان.. ماقصة "تيفو" جماهير كريستال بالاس الخالدة منذ 14 عامًا؟    محافظ الدقهلية يفتتح الوحدة الصحية بالشيخ زايد بمدينة جمصة    أوكرانيا تعلن ارتفاع عدد قتلى وجرحى الجيش الروسي إلى 973 ألفا و730 فردا    السلطات السعودية تحذر الحجاج من ظاهرة منتشرة تعيق حركة الطائفين والمصلين    التريلا دخلت في الميكروباص.. إصابة 13 شخصًا في حادث تصادم بالمنوفية    فيديو.. لحظة اصطدام سفينة بجسر في نيويورك ومقتل وإصابة العشرات    النائب عبد السلام الجبلى يطالب بزيادة حجم الاستثمارات الزراعية فى خطة التنمية الاقتصادية للعام المالي الجديد    «الرعاية الصحية» تعلن اعتماد مجمع السويس الطبي وفق معايير GAHAR    مصطفى عسل يهزم علي فرج ويتوج ببطولة العالم للإسكواش    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كوبونات السحب على الجوائز .. المفتي يوضح حكم البيع بأساليب الترويج المختلفة
نشر في صدى البلد يوم 20 - 12 - 2020

تلقت دار الإفتاء سؤالا بخصوص" إنشاء شركة بيع منتجات خاصة بنا عبر تطبيق وموقع إلكتروني، مع إمكانية فوز كل مستهلك بجوائز مالية بعد حصول المشتري على كوبون يتيح له الدخول في سحب معلن للفوز بجوائز مادية ومعنوية.. وبمطالعة الأوراق المرفقة تبين أن الشركة المسئول عنها تمارس نشاطها عبر الإنترنت، وهي تمنح لكل عميل يشتري منتجًا واحدًا كوبونًا واحدًا، مع تخييره أنه عند تنازله عن استلام المنتج والتبرع بقيمته لصالح أحد الأعمال الخيرية (التي سيتم عرضها على العملاء بشكل دوري ومنتظم) سيتم منحه كوبونًا آخر، وبالتالي يتوفر له فرصة الدخول في السحب بكوبونين اثنين.
والجوائز مقسمة على حسب قيمة كل منتج يتم شراؤه؛ فمثلًا: في حالة شراء منتج بسعر معين يدخل العميل السحب على جائزة تتناسب مع قيمة المنتج وفق الطريقة السليمة والقانونية المتعارف عليها، وطبقًا لقانون 181 لسنة 2018م من قانون حماية المستهلك الجديد.
علق الدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية، إن هذه المعاملة التي تقوم بها الشركة تشتمل على عدة صور من المعاملات الفقهية، ولكل صورة من هذه الصور حكمها الفقهي الخاص بها: فالصورة الأولى: هي البيع عن طريق التطبيق الإلكتروني، والذي يسبقه الترويج للمنتجات بما يُرغِّب في شرائها؛ كإعطاء المشترى كوبونًا لجوائز مادية ومعنوية، مضيفا أن البيع والترويج للمنتجات بأساليب الترويج المختلفة التي لا تشتمل على غرر ولا ضرر، ولا غبن ولا غش: مباح شرعًا؛ قال تعالى: ﴿وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا﴾ [البقرة: 275].
قال الإمام الشافعي في "الأم" (3/ 3، ط. دار المعرفة): [فأصل البيوع كلها مباح إذا كانت برضا المتبايعين الجائزي الأمر فيما تبايعا، إلا ما نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم منها، وما كان في معنى ما نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم محرم بإذنه داخل في المعنى المنهي عنه، وما فارق ذلك أبحناه بما وصفنا من إباحة البيع في كتاب الله تعالى] اه.
وأضاف إذا تحققت أركان البيع؛ من العاقدين (البائع والمشتري) والمعقود عليه (الثمن والمثمن) والصيغة (الإيجاب والقبول)، وخلا مما يفسده أو يبطله: فقد صح العقد.
قال العلامة الخرشي في "شرح مختصر خليل" (5/ 5، ط. دار الفكر): [اعلم أن للبيع أركانًا ثلاثة: الصيغة، والعاقد وهو البائع والمشتري، والمعقود عليه وهو الثمن والمثمن] اه، ولا يقدح في تمام البيع كونه عن طريق التطبيق الإلكتروني؛ لما نص عليه الفقهاء من انعقاد البيع بالمراسلة إن تباعد المتبايعان.
قال الإمام بدر الدين العيني الحنفي في "البناية شرح الهداية" (8/ 10، ط. دار الكتب العلمية): [وإن تعاقدا عقد البيع وهما يمشيان أو يسيران على دابة واحدة أو دابتين، فإن أخرج المخاطب جوابه متصلًا بخطاب صاحبه: تم العقد بينهما] اه.
وقال العلامة شيخ زاده الحنفي في "مجمع الأنهر في شرح ملتقى الأبحر" (2/ 7، ط. دار إحياء التراث): [وفي "القنية" رجل في البيت فقال الذي في السطح: بعته منك بكذا، فقال: اشتريت، صح إذا كان كل واحد منهما يرى صاحبه ولا يلتبس الكلام للبعد، وكذا إذا تعاقدا وبينهما النهر والسفينة كالبيت] اه.
وقال الإمام النووي الشافعي في "المجموع" شرح المهذب (9/ 181، ط. دار الفكر): [وإذا تناديا وهما متباعدان وتبايعا صح البيع بلا خلاف] اه.
فإذا تم العقد مستوفيًا شروطه وأركانه صار صحيحًا لازمًا للطرفين، ما لم يكن لأحدهما حق الخيار؛ فلا يمكن لأحدهما فسخُه إلا برضا الطرف الثاني، وصار المنتج من حق المشتري، والثمن من حق البائع، وهذه الصورة هي الشق الأول في المعاملة.
وأوضح المفتي أن الصورة الثانية التي اشتملت عليها المعاملة: هي تابعة للصورة الأولى؛ وهي: تخييرُ البائعِ المشتريَ بين أخذ المنتج أو التنازل عنه والتبرع بقيمته.
وهذه الصورة لا تتم إلا إذا كانت قيمة المنتج ملكًا للمشتري، ولا يكون ذلك إلا بإقالته ما اشتراه، فإذا قبل الطرفان الإقالة، وأصبح من حق المشتري استرداد قيمة المنتج: جاز له التصرف فيها بشتى أوجه التصرف.
قال الإمام محمد بن الحسن الشيباني في "الأصل" (11/ 187، ط. دار ابن حزم): [وإذا اشترى الرجل من الرجل سلعة ونقد الثمن أو لم ينقد أو كان الثمن إلى أجل ولم يقبض السلعة حتى اصطلحا على أن أقاله البيع بنقصان من رأس المال أو بزيادة أو برأس المال فإن أبا حنيفة ومحمدًا قالا في ذلك: الإقالة جائزة] اه.
وقال الإمام الكمال بن الهمام الحنفي في "فتح القدير" (6/ 486، ط. دار الفكر): [(قوله الإقالة جائزة في البيع بمثل الثمن الأول) عليه إجماع المسلمين؛ لقوله صلى الله عليه وآله وسلم «مَنْ أَقَالَ نَادِمًا بَيْعَتَهُ، أَقَالَ اللهُ عَثْرَتَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ»] اه.
وتبع: لا يشترط في الإقالة أن تكون بلفظها؛ بل تصح بكل ما يدل على المفاسخة والمتاركة، فإن قبلا استحق المشتري الثمن والبائع المبيع، وإن تعذر ذلك بقي البيع على أصله.
قال الإمام الكمال بن الهمام الحنفي في "فتح القدير": (6/ 488): [وتنعقد بفاسختك وتاركت، وجه قول محمد (أن اللفظ) أي: لفظ الإقالة وضع (للفسخ والرفع) بدليل الاستعمال فإنه (يقال: أقلني عثرتي) بمعنى: أسقط أثرها باعتبارها عدمًا بعد وجودها، وهو المراد بالفسخ إذ حقيقته رفع الواقع عن أن يكون واقعًا غير ممكن بعد الدخول في الوجود (فيوفر عليه قضيته، وإذا تعذر) الفسخ (يحمل على محتمله؛ وهو البيع)] اه.
ولا يمنع من صحة الإقالة عدم رجوع المشتري بالكوبون الذي حصل عليه حين شرائه المنتج والذي يتيح له الدخول في السحب للحصول على جوائز مادية أو معنوية، إذا كان ذلك متفقًا عليه بين الطرفين؛ لأن تقديم الشركة تلك الكوبونات إنما هو من قبيل الدعاية لمنتجاتها، وليس جزءًا من المبيع، وليس له مقابل من الثمن. فإذا قبل المشتري ترك السلعة واسترداد الثمن جاز له حينئذ توكيل الشركة في التبرع بالثمن الذي ما زال في حيازته للجهات الخيرية المتفق عليها بينهما.
أما عرض الشركة كوبونات سحب للفوز بجوائز لمن يقوم بالتبرع بقيمة السلعة للجهات الخيرية المتفق عليها، تشجيعًا منها لمبدأ التبرع الخيري، وفتحًا لباب التسابق في فعل الخيرات، وترغيبهم في ذلك بما سيحصلون عليه من جوائز، فذلك داخل في عمل الخير المندوب إليه شرعًا؛ قال تعالى: ﴿فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ﴾ [البقرة: 148]، وقال سبحانه: ﴿سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ﴾ [الحديد: 21].
وكان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يحرض المؤمنين على التسابق في التصدق وفعل الخيرات بترغيبهم فيما يترتب على ذلك من جزيل العطاء، فقال: «مَنْ يَحْفِرْ بِئْرَ رُومَةَ فَلَهُ الجَنَّةُ»، فَحَفَرَهَا عُثْمَانُ، وقال: «مَنْ جَهَّزَ جَيْشَ العُسْرَةِ فَلَهُ الجَنَّةُ» فَجَهَّزَهُ عثمان. أخرجه البخاري في "صحيحه".
وأشار إلى أن رصد الجوائز عن طريق إعطاء كوبون على شراء المنتجات، وكوبون آخر على التبرع بقيمتها لصالح الجهات الخيرية: هو من قبيل التبرع الجائز -بل المندوب إليه- شرعًا؛ ويشترط في ذلك أن يكونَ الاشتراك في عمليات السحب اختياريًّا للمشتري، وأن تكون الجوائز المذكورة لتشجيع الأفراد على شراء المنتجات من كسب الشركة لا من مال المشتري؛ بحيث لا يُلزَم المشترون بدفع شيء نظير هذه الجوائز، بل يدفعون ثمن السلعة وحده.
ولا يؤثر في صحة عقد البيع أو التبرع احتمالُ قصد المشتري أو المتبرع الحصولَ على الجوائز المرصودة لذلك؛ لما تقرر من أن الأحكام إنما تبنى على الظاهر منها لا على بواطنها.
جاء في "مجلة الأحكام العدلية" (ص: 17، ط. نور محمد): [الأصل في الكلام الحقيقة.. لا عبرة للدلالة في مقابلة التصريح] اه.
وقال الإمام النووي الشافعي في "المجموع شرح المهذب" (9/ 961، ط. دار الفكر): [الاعتبار عندنا بظاهر العقود، لا بما ينويه العاقدان، ولهذا يصح بيع العِينة ونكاحُ مَن قَصَدَ التَحلِيلَ، ونظائرُه] اه.
وبناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: أكد المفتي أنه لا مانع شرعًا من بيع منتجات الشركة بالطريقة المذكورة في السؤال، بشرط أن يكون تنازل المشتري عن قيمة المبيع والتبرع به للجهات الخيرية اختياريًّا؛ إن شاء فعله، وإن شاء لم يفعله، وأن يكون إعطاء الكوبونات على شراء المنتجات أولًا، وعلى التبرع بها ثانيًا: من قبيل التبرع المحض من الشركة، لا من مال المشتري، وأن يكون الاشتراك في السحب اختياريًّا، والجوائز المتاحة به من أموال الشركة، دون أن يُلزم المشترى بدفع نظير لها.
هذا كله ما لم يكن في هذه المعاملة المسؤول عنها مخالفة للقوانين واللوائح المنظمة في هذا الشأن، مع التنبيه المؤكد على ضرورة التقيد في جمع التبرعات والهبات للمساهمة في الأعمال الخيرية بإذن الجهات المختصة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.