* الحيثيات: مدير الأمن أصر على إقامة المباراة رغم علمه بخطورتها * المحكمة تستعين بالقانونين الألماني والأنجلو أمريكي لشرح التكييف القانوني لأفعال المتهمين * المحكمة فى أسباب حكمها ببراءة 28 متهما: الأحكام الجنائية تبنى على أدلة قطعية وليس الاحتمال أودعت محكمة جنايات بورسعيد برئاسة المستشار صبحى عبد المجيد حيثيات حكمها في قضية مجزرة بورسعيد التي راح ضحيتها نحو 74 شابا وأصيب المئات في أعقاب مباراة كرة القدم بين ناديي الأهلي والمصري، حيث قضت بإعدام 21 متهما وبرأت 28 آخرين وبالمؤبد ل5 وبالسجن المشدد 15 عاما ل10 بينهم مدير أمن بورسعيد السابق وبالسجن 10 سنوات ل6 والسجن 5 سنوات لمتهمين والحبس عام لمتهم. واستهلت المحكمة أسبابها مؤكدة أن "قضاء مصرالشامخ لم ولن يكون قضاءً للثورات أو قضاءً للأنظمة الحاكمة، وإنما هو قضاء شعب مصر جميعه، وسوف يذكر التاريخ أن هذا القضاء هو الذي لملم أحشاء مصر خلال فترة الثورة كما حمى جيشها العظيم أبناء الوطن وحافظ على سلامة أراضيه". وتطرقت المحكمة الحيثيات للحديث عن ظاهرة الألتراس والإعلام الرياضي، موضحة أنه "تلاحظ في السنوات الأخيرة انتشار ظاهرة روابط تشجيع الأندية الرياضية (الألتراس) والتي انتقلت إلى مصر من الملاعب الأوروبية وأمريكا الجنوبية". وأوضحت في أسبابها أنه "نظرا لعدم التعامل مع تلك الظاهرة وبحث أسباب انتشارها واستثمارها في النهوض بالرياضة المصرية بتوجيههم الوجهة الصحيحة، صارت وسيلة ضغط على الأندية وتدخلت في شئونها". كما سردت المحكمة تفاصيل وقائع ما دار في استاد بورسعيد وما استندت اليه في إدانة المتهمين، وأشارت إلى أنه "عندما أعلن عن تحديد مباراة كرة القدم بين ناديي الأهلي والمصري في الأول من فبراير العام الماضي، بدأت الحرب الكلامية تشتد بين جمهور الفريقين نظرا لحالة الاحتقان الشديد الدائم بينهماط. وأضافت: "رصدت الأجهزة الأمنية ببورسعيد كل ذلك الشحن والذي ينذر بعواقب وخيمة وأبلغت المتهم الثاني والستين عصام الدين سمك، مدير أمن بورسعيد السابق، إلا أنه أصر على إقامة المباراة في موعدها"، واستعرضت المحكمة الإصابات التي أودت بحياة المجني عليهم وإصابة البعض الآخر. وبالنسبة لأسباب حكمها بإدانة مدير الأمن وآخرين، قالت المحكمة إن "الثابت في الأوراق أن مدير الأمن السابق أصر على إقامة المباراة رغم علمه اليقيني بخطورة إقامتها مما توافر لديه من معلومات أُبلغ بها تؤكد عزم المتهمين على الاعتداء على المجني عليهم". وأضافت المحكمة أن "المتهم أخذته العزة بالإثم دون مقتضى، لا لشيء إلا ليثبت لقياداته أنه محل ثقتهم وكان نتيجة قراره الخاطئ ما حدث". وتابعت المحكمة فى الحيثيات: "إنه من الثابت بمطالعة أمر الخدمة الذي أصدره لتأمين المباراة، أنه لم ينفذ إلا على الورق فقط، إذ لو قام بتنفيذ ما جاء ببنوده كتفتيش الجماهير لما وقعت الكارثة، فضلا عن عدم تدخله بإصدار أوامر لمرؤوسيه وقواته بالعمل على التصدي لما حدث من هجوم أو التقليل منه، بينما قام الضابط المكلف بالخدمة على باب الاستاد بغلقه وترك مكان خدمته محتفظا بمفتاح الباب معه ولم يتركه لأحد الضباط". وأضافت: "رغم علمه بالأحداث لم يبادر بالإسراع بالعودة إلى مكان خدمته بل اختبأ تحت أحد المظلات تاركا المجني عليهم محشورين خلف الباب، بينما قام المتهم المسئول عن الكهرباء بإطفاء الإضاءة في الاستاد مخالفا بذلك تعليمات الإضاءة التي توجب عدم إطفاء الأنوار إلا بعد التأكد من خلو الاستاد من الجماهير، ورغم مشاهدته الأحداث فعل ذلك". وانتهت المحكمة إلى أن "المتهمين الثلاثة ساهموا بأفعالهم في ارتكاب الجريمة"، وشرحت ما استندت إليه في نصوص القانون المصري والألماني والأنجلوأمريكي، حيث التكييف القانوني لأفعال المتهمين. واستعرضت المحكمة أسباب ما استندت إليه ببراءة 28 متهما، حيث أكدت أن تقدير الأدلة من شأن المحكمة، كما أكدت القاعدة القانونية بأن "الأحكام الجنائية ينبغي أن تبنى على الثبوت بأدلة قطعية وليس مجرد الاحتمال والظن". وأضافت أنه "من استقراء وقائع الدعوى، فإن أدلة الثبوت التي ساقتها النيابة العامة بالنسبة للمتهمين جاءت قاصرة لما شابها من شك وغموض، حيث خلت المشاهد المصورة لأحداث المباراة من ظهور أي من هؤلاء المتهمين على مسرح الحادث، كما لم يوجد شاهد على المتهمين". وأوضحت أنه "بالنسبة للمتهمين "ضباط شرطة"، فقد جاءت الأوراق خالية من دليل تطمئن المحكمة لإدانتهم به". وأشارت المحكمة إلى أن دليلها في ذلك أن "هؤلاء المتهمين أبلغوا مدير الأمن بحالة الاحتقان الشديد والشحن المعنوي الزائد بين المتهمين والمجني عليهم وما تم رصده علي المواقع الإلكترونية من معلومات حول ذلك، إلا أن الأخير أصر على إقامة المباراة، أما بالنسبة للمتهمين الأخيرين (من بينهم قيادي بالنادي المصري)، فقد خلت أوراق القضية من دليل إدانة لهما، كما أن كلا منهما ليس له دور في تأمين المباراة". وأشارت المحكمة في أسبابها في الرد على الدفوع المبداة من دفاع المتهمين والتي جاء أبرزها الدفع بعدم دستورية المادة 375 مكرر من قانون العقوبات الذي ردت عليه المحكمة قائلة إنها تغاضت عنه، موضحة أنه "دفع غير جدي ولم يقصد به سوى تعطيل الفصل في الدعوى". وأشارت إلى أنه "بالنسبة للدفع المبدى ببطلان القبض والتفتيش لعدم وجود المتهمين في حالة تلبس، فالمحكمة ترى أن ما أجراه مأمور الضبط القضائي من ضبط المتهمين والجريمة ما زالت مستعرة وجثث المجني عليهم متناثرة في مسرح الحادث وفي محيطه والتوقيت الذي أجرى فيه، قد وقع صحيحا، وأما عن الدفع ببطلان إجراءات تفريغ محتوى كاميرات المراقبة الموجودة بغرفة التحكم، فمردود عليه بأن الثابت بالأوراق أن المحكمة انتدبت لجنة فنية ثلاثية مختصة لإجراء مضاهاة فنية على الأسطوانات المدمجة المقدمة من النيابة العامة".