وسط الامواج العاتية التي تكاد تغرق شواطئ الوطن، وبينما بعض مدن المحروسة شمالاً تتأمل في حلاوة الانفصال، ودلتا النيل العظيم ما زالت زاويةً تترواح بين الحدة والانفراج، والصعيد الصامد من الجيزة الي حلايب هادئ هدوءاً مريباً لعله يسبق العاصفة، اتصل بي صديقي المخرج المسرحي البورسعيدي الكبير طالباً ان أتناسي هذه المهزلة لأكتب له مسرحية من عشرة فصول عن تعدد الزوجات. وكأنني كنت انتظر مخرجاً من النفق المظلم. وافقت في الحال. والحق اني كتبت بإسهاب عن سيد الذي تزوج من اربعة نسوة صواريخ من طراز ارض- جو. وهن بالترتيب سيدة وستهم وتحسين ورشا. ولكن العيب ان المسرحية قصيرة جداً حيث ان الاحداث المتسارعة بينت ان سيدة طلعت في ليلة الدخلة غير ما تم الاتفاق عليه وخرجت بطلقة ثلاثية. وبالنسبة الي ستهم وتحسين فقد ظهر انهما شقيقتان، وهو حرام شرعاً. والفلاش باك يظهر ان اباهما كان قد تزوج من امرأتين احداهما سمينة والأخرى رشيقة. الاولي عرفياً في الاسكندرية والأخرى مسياراً في اسوان قبل ان ينجب البنتين اللتين احبتا نفس الرجل في مفارقة ميلودرامية ولا حسن الامام. ولعلهما لم يجدا في الدنيا رجال كثيرين. الله أعلم. اما رشا فقد اثبت الفحص البيولوجي في ليلة الزفاف انها للأسف رجل كامل الرجولة. والرجولة صفة عظيمة، غير انها مرفوضة في هذه الظروف. ولعل السياق يقتضي ان اشير الي انه لما اتصلت بصديقي لأعطيه المسودة الاولي للمسرحية وجدته يناشدني ان انقذه من الضياع. سألته عن السبب فأوضح ان الاحوال في بورسعيد أصبحت شديدة الغرابة حيث الناس يستخدمون البوتاجاز في تثليج المأكولات، والثلاجة في طهيها. والغريب ان القطط اصبحت صديقات للفئران وتوم وجيري أمسيا رفيقين بينما العسكر والشرطة والمتظاهرون مشغولون جداً في حرب ضد عدو مجهول. والمأساة ان زوجته خرجت تفض الخناقة الكبيرة ولم تعد. ولن تعود. ذكرته بانه طلب مني مسرحية عن تعدد الزوجات فقال انه للأسف غير رأيه ويريد مسرحية من فصل واحد عن "الزواج في زمن الاخوان". ووافقت في الحال. المزيد من أعمدة طه سيف الله