لا تدخر قطر وسعًا ولا مالًا في سبيل غسل يدها الملوثة بدماء ضحايا الإرهاب والعاصرة لأرواح العمال الأجانب، فبقدر حجم الجرائم التي تمارسها الدوحة تبذل أموالًا طائلة لشراء مواقف وسائل إعلام دولية ذائعة الصيت لتبييض وجهها والدفاع عن سياساتها. وبدأت منصات إعلامية أمريكية مؤخرًا، مثل شبكات NowThis وVox وSXSW وTED Talks، بالدخول في شراكة مع الحكومة القطرية لبث سلسلة من المناظرات حول قضايا سياسية واجتماعية تحظى باهتماما المواطن الأمريكي، في إطار برنامج "مناظرات الدوحة". وبحسب صحيفة "واشنطن إكزامينر"، فقد أنتجت مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع سلاسل سابقة من مناظرات الدوحة، أجريت بحضور جمهور لبثها على الإنترنت. وأضافت الصحيفة أن مناظرات الدوحة عادة ما كانت تدور حول قضايا ثقافية رفيعة المستوى تهم الجمهور الغربي، مثل مستقبل الرأسمالية والديمقراطية، لكن الغرض الحقيقي للمناظرات هو خلق ستار تأمل الدوحة أن يموه السياسات القطرية الداخلية والخارجية شديدة الرجعية. وتابعت الصحيفة أن مناظرات الدوحة لم تكن سوى حملة علاقات عامة خبيثة يديرها النظام القطري المتشدد، نجحت في جذب اهتمام النخبة التقدمية الغربية بسهولة. لقد برهنت مناظرات الدوحة على أن بعض المستثمرين في بيزنس الصحافة والإعلام قد باتوا يعتبرون القيم التقدمية مجرد هراء مبتذل يتم تقديمه إلى جمهور ساذج، وأن المال وحده هو من يحكم. وفي مقابل مبالغ طائلة، أصبحت المنصات الإعلامية المذكورة تتغاضى عن سجل قطر الحقوقي الشائن، وتمجد حكومة تنتهج سياسات مهينة تجاه العمال الأجانب والأقليات، تضعها في أدنى مراتب المجتمع الدولي. وصار من المألوف أن تستضيف الدوحة رموزًا محسوبة على التيار التقدمي، مثل المحلل بقناة MSNBC الأمريكية أناند جيريدهاراداس، الذي اكتسب شهرته من التنظير ضد المليارديرات الفاسدين، دون أن يجد غضاضة أو تناقضًا في الدفاع عن دولة تحكمها عائلة من المليارديرات تستثمر أموالها في دعم منظمات إرهابية ورشوة مسئولين أجانب. وذكرت الصحيفة أن الحكومة القطرية هي واحدة من أكبر العقبات التي تحول دون القضاء على العبودية في العصر الحديث، فنحو 90% من سكان قطر هم عمال أجانب يخضعون لممارسات مجحفة بحقوقهم في بيئة عمل بالغة القسوة تسجنهم داخل قطر وتحولهم إلى تابعين بلا حول ولا قوة لأصحاب الأعمال القطريين. ويتلقى العمال الأجانب في قطر أجورًا زهيدة للغاية مقابل أعمال شاقة وخطرة يضطرون للقيام بها، وتقول منظمة العفو الدولية إن عشرات الآلاف من العمال القادمين من جنوب شرق آسيا بالأساس يعملون تحت رحمة أصحاب أعمال مستغلين ويتعرضون باستمرار لانتهاك حقوقهم الإنسانية، بما في ذلك العمل القسري المعدود من أشكال العبودية الحديثة. وفي غضون عامين، تتجه أنظار العالم إلى قطر عندما تبدأ بطولة كأس العالم 2022، التي يعتقد مراقبون أن الدوحة فازت بحق استضافتها نتيجة حملة ضخمة من الرشوة والفساد، وفي سبيل تنظيم البطولة استقدمت الدوحة نحو مليوني عامل أجنبي يعملون في ظروف مروعة لتشييد البنية التحتية الضرورية لاستضافة البطولة، ويُقدر أن نحو 4 آلاف عامل معرضون لخطر الموت نتيجة بيئة الأعمال الخطرة التي يعملون فيها. ومن جانب آخر، توفر قطر ملاذات آمنة، بل وفاخرة، لعدد من رموز الإرهاب وقادة تنظيماته، فيما تبث وسائل الإعلام القطرية، وعلى رأسها شبكة "الجزيرة" مواد أعلامية ودعائية تروج فكر هذه التنظيمات وتغسل سمعتها. والمشكلة الآن أن أكثر وسائل الإعلام الأمريكية تشدقًا وصخبًا في تبني قيم المساواة والحرية والتنوع واحترام حقوق الإنسان أصبحت أقواها شراكة مع دولة تستعبد العمال الأجانب وتهين حقوق الإنسان. ودعت الصحيفة وسائل الإعلام الأمريكية التي دخلت في شراكة مع قطر لبث مناظرات الدوحة إلى الإفصاح عن حقيقة علاقتها مع قطر، والأموال التي دفعتها الأخيرة لشراء صمت وسائل الإعلام تلك عن سجلها الحقوقي الشائن.